نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نصف تركيب الوصلة العصبية العضلية، وهي موضع التقاء الجهازين العصبي والعضلي. وسنلخص العمليات التي تحدث عند الوصلات العصبية العضلية، ونشرح نظرية الخيوط المنزلقة التي تقترح آلية تصف كيف تتفاعل الخيوط البروتينية المختلفة للتسبب في انقباضات العضلات.
هل تساءلت يومًا لماذا نرتجف عندما نشعر بالبرد؟ الارتجاف في الحقيقة عبارة عن انقباض العضلات لإطلاق المزيد من الحرارة لتدفئتنا. وفي الواقع، انقباض العضلات مسئول عن نحو 85 بالمائة من إجمالي الحرارة التي ينتجها الجسم. وسبب هذا هو أن الخلايا العضلية تؤدي العديد من عمليات التنفس الخلوي لإطلاق الطاقة اللازمة للانقباض، وينتج عن هذه العملية إطلاق حرارة. ويفيد ذلك في تفسير سبب ارتفاع درجة حرارتنا عند ممارسة التمارين الرياضية؛ نظرًا لأن الكثير من عضلاتنا تواصل الانقباض والتنفس.
وعلى الرغم من أن تحريك أذرعنا لرفع الأثقال يعد فعلًا إراديًّا نختار تأديته بوعي منا، فإن الارتجاف عادة ما يوصف بأنه فعل لا إرادي؛ لأننا لا يمكننا اتخاذ قرار للقيام به، ولا يمكننا ببساطة اتخاذ قرار بالتوقف عن فعله. توصف أيضًا حركات العضلات التي تقوم بهذه الأفعال بأنها إما إرادية أو لا إرادية. عادة ما تكون العضلات الهيكلية هي المسئولة عن تنفيذ الحركات الإرادية، وقد سميت بهذا الاسم لاتصالها بعظام الهيكل العظمي، كما هو الحال في الذراع. بينما تعد جميع العضلات الملساء عضلات لا إرادية، ونجدها في جدران بعض أعضاء الجهاز الهضمي. على سبيل المثال، يمكن أن تنقبض العضلات الملساء في جدران الأمعاء وتنبسط لدفع الطعام.
تعد العضلات القلبية نوعًا آخر من العضلات اللاإرادية، وهي توجد في القلب فقط، وتنقبض وتنبسط لتنظيم ضربات القلب. وبالنظر إلى أن كلًّا من العضلات الملساء والعضلات القلبية تنقبض وتنبسط دون أن يتطلب ذلك منا التفكير بالأمر، فإنها توصف بأنها عضلات لا إرادية. في هذا الفيديو، سنركز على العضلات الهيكلية. لذا دعونا نلق نظرة فاحصة على كيفية حدوث الحركة في هذا النوع من العضلات. يتضمن ذلك تنسيقًا بين الجهاز العصبي والهيكلي والعضلي. يشارك الجهاز الهيكلي في معظم الاستجابات الإرادية نظرًا لاتصال العضلات الهيكلية بالعظام. وتوفر العظام مكانًا يسمح باتصال العضلات بها، وتتيح المفاصل الموجودة بين العديد من العظام مرونة الحركة الناتجة عن انقباض العضلات.
بتكبير جزء من هذه العضلة، يمكننا رؤية حزمة ألياف عضلية مكونة من عدة ألياف عضلية منفردة. يلعب الجهاز العصبي أيضًا دورًا شديد الأهمية في أي نوع من أنواع الانقباض العضلي. توصل الخلايا العصبية، مثل هذه الخلية العصبية الحركية الموضحة هنا باللون الوردي، نبضات كهربية تسمى جهد الفعالية، والتي تحفز الألياف العضلية. جهد الفعالية هو تغير مفاجئ ومنتشر في فرق الجهد الكهربي أو فرق الجهد عبر غشاء الخلية العصبية أو الألياف العضلية عند تحفيزها. يعمل جهد الفعالية على إزالة استقطاب الألياف العضلية؛ مما يؤثر على الشحنات الكهربية داخل الخلايا العصبية الحركية وخارجها، وهو ما يحفز الألياف العضلية على الانقباض. وسنتناول عملية إزالة الاستقطاب بمزيد من التفاصيل في موضع لاحق من هذا الفيديو.
تسمى العضلات في بعض الأحيان بالمستجيبات؛ لأنها تتسبب في حدوث تأثير يسمى أحيانًا بالاستجابة. وعادة ما تكون الاستجابة في العضلات هي الحركة. وتحفز جميع الألياف العضلية بواسطة الخلايا العصبية الحركية. دعونا نلق نظرة سريعة على تركيب هذه الخلية العصبية الحركية. يتولد جهد الفعالية أولًا في الزوائد الشجيرية للخلية العصبية الحركية، وتحفزه إشارة من الدماغ أو الحبل الشوكي. وفور تجمع هذه الإشارات معًا، فإنها تنتقل على امتداد تركيب طويل خيطي الشكل يسمى المحور العصبي. ينتهي المحور العصبي بنهايات محورية تربط الخلية العصبية بالليفة العضلية. يطلق على النقاط التي تلتقي فيها النهايات المحورية بالألياف العضلية اسم الوصلات العصبية العضلية. تسمح الوصلات العصبية العضلية لجهد الفعالية بإزالة استقطاب الألياف العضلية، وتحفيزها على الانقباض.
الوحدة الحركية هي الوحدة الوظيفية للعضلات الهيكلية، وهي تتكون من خلية عصبية حركية وجميع الألياف العضلية التي تحفز عن طريقها. في البشر، يمكن أن تصل الوحدة الحركية الواحدة ما بين خمسة إلى أكثر من 1000 ليفة عضلية عند الوصلات العصبية العضلية. وهذا يعني أن جميع الألياف العضلية تتلقى التحفيز في وقت واحد، ولهذا تنقبض في الوقت ذاته أيضًا. يؤدي تحفيز جميع الخلايا العصبية الحركية في العضلة معًا إلى تضافر يوفر انقباضًا قويًّا.
دعونا نلق نظرة عن كثب على وصلة عصبية عضلية. إن الطريقة التي تمرر بها الخلايا العصبية الرسائل إلى الألياف العضلية تشبه الطريقة التي تمرر بها الخلايا العصبية الرسائل فيما بينها، حيث يحدث كلاهما في التشابكات العصبية. التشابكات العصبية هي وصلات بين خليتين عصبيتين أو بين خلية عصبية ومستجيب مثل هذه الليفة العصبية، والتي يمكننا رؤية جزء منها في هذه الصورة المكبرة للوصلة العصبية العضلية. أصبحنا الآن على علم بأن المثير الوارد من الدماغ أو الحبل الشوكي يتسبب أولًا في توليد جهد فعالية ينتشر إلى النهايات المحورية في طرف الخلية العصبية الحركية. ولكن ما الذي يحدث لاحقًا؟
مثلما هو الحال في الاتصال بين عصبين، تسمى المنطقة الموجودة في طرف النهاية المحورية باسم الزر التشابكي. وعندما يصل جهد الفعالية إلى الزر التشابكي الموجود في نهاية محور الخلية العصبية الحركية، فإنه يزيل استقطابها. في حالة الراحة، يكون الجزء الداخلي للخلية العصبية الحركية مشحونًا بشحنات سالبة أكثر من تلك الموجودة خارج الخلية العصبية الحركية. تعكس إزالة الاستقطاب هذا التوزيع للشحنات، ويعني ذلك أن الجزء الداخلي من الخلايا العصبية الحركية يصبح مشحونًا بشحنات موجبة أكثر من تلك الموجودة في الحيز الخارجي. يؤدي ذلك إلى فتح قنوات أيونات الكالسيوم المبوبة بفرق الجهد المطمورة في الغشاء قبل التشابكي. ويمكن لأيونات الكالسيوم الآن الانتشار في الخلية العصبية الحركية. تذكر أن الانتشار هو حركة الجزيئات، مثل أيونات الكالسيوم هذه، من منطقة ذات تركيز مرتفع للجزيئات إلى منطقة ذات تركيز منخفض.
هناك فراغ صغير عند كل وصلة عصبية عضلية، يوجد بين الخلية العصبية والليفة العضلية، يسمى الشق التشابكي. ونظرًا إلى أن تركيز أيونات الكالسيوم كان أعلى في الشق التشابكي مقارنة بتركيزها في النهاية المحورية للخلية العصبية الحركية، يمكنها الانتشار عن طريق النقل السلبي. توجد حويصلات داخل الزر التشابكي تحتوي على مادة تسمى الأسيتيل كولين. الأسيتيل كولين هو ناقل عصبي يوجد في الوصلات العصبية العضلية في العضلات الهيكلية. والناقل العصبي هو مادة كيميائية تنقل المعلومات عبر التشابك العصبي من خلية عصبية لأخرى أو من خلية عصبية إلى مستجيب. وفي هذه الحالة، المستجيب هو الليفة العضلية.
يحفز انتشار الكالسيوم في الخلية العصبية الحركية هذه الحويصلات التي تحتوي على الأسيتيل كولين على التحرك تجاه الغشاء البلازمي للخلية العصبية الحركية. يعرف هذا أيضًا باسم الغشاء قبل التشابكي لأنه يسبق الشق التشابكي. بعد ذلك تلتحم الحويصلات مع الغشاء قبل التشابكي وتطلق الأسيتيل كولين داخل الشق التشابكي. ويحدث ذلك من خلال عملية تسمى الإخراج الخلوي «exocytosis». فالبادئة «exo-» تعني خارج، والمقطع «-cyto» يعني خلية، وهذه العملية تصف كيف يمكن لمادة مثل الأسيتيل كولين، الخروج من الخلية بكميات كبيرة. وبمجرد إطلاق الأسيتيل كولين من الخلايا العصبية الحركية، فإنه ينتشر عبر الشق التشابكي باتجاه الليفة العضلية. يسمى الغشاء البلازمي لليفة العضلية باسم الساركوليما.
في حالة الراحة، يكون الحيز الموجود خارج الساركوليما مشحونًا بشحنات موجبة أكثر من الحيز الموجود داخل الليفة العضلية. ويشار إليه في هذه المرحلة بأنه مستقطب. توجد قنوات أيونات الصوديوم، التي تظهر هنا باللون الوردي، مطمورة في ساركوليما الليفة العضلية. تحتوي قنوات أيونات الصوديوم هذه على مواقع ارتباط الأسيتيل كولين. وبمجرد انتشار الأسيتيل كولين، الذي يظهر هنا باللون الأحمر، عبر الشق التشابكي، فإنه يرتبط بمواقع الارتباط تلك؛ مما يؤدي إلى فتح قنوات أيونات الصوديوم. يسمح هذا لأيونات الصوديوم التي تظهر هنا في شكل نقاط وردية اللون، بالانتشار من الشق التشابكي حيث تكون ذات تركيز مرتفع، إلى الألياف العضلية، حيث تكون ذات تركيز أقل نسبيًّا.
ونظرًا إلى أن مواقع ارتباط الأسيتيل كولين توجد فقط على الساركوليما وليس في الخلية العصبية الحركية نفسها، فإن هذا يضمن انتقال الإشارة في اتجاه واحد فقط. وعندما تنتشر أيونات الصوديوم في الليفة العضلية، فإنها تتسبب في زيادة الشحنة الموجبة داخل ساركوبلازم الليفة العضلية. وعندما تنتشر كمية كافية من أيونات الصوديوم، تصبح الساركوليما غير مستقطبة. وهذا يولد جهد فعالية جديدًا في الليفة العضلية. وفور تولد جهد فعالية جديد، يكسر الأسيتيل كولين بواسطة إنزيم يسمى الأسيتيل كولين إستيريز في الشق التشابكي، ويتحول إلى الكولين وحمض الإيثانويك، ويظهران هنا في هيئة نقاط صغيرة برتقالية اللون. بعد ذلك، يعاد امتصاص هذه النواتج داخل الزر التشابكي للخلية العصبية الحركية. وهناك، يمكن إعادة تدويرها مرة أخرى إلى أسيتيل كولين باستخدام الطاقة التي تطلقها العديد من الميتوكوندريا الموجودة في الخلية العصبية الحركية.
يتكسر الأسيتيل كولين في الشق التشابكي، وبهذا لا يظل مرتبطًا بالمستقبلات الموجودة في الساركوليما ويتسبب في التنبيه المفرط للعضلات. دعونا نلق نظرة على كيفية تحفيز جهد الفعالية الجديد للتغييرات التي تحدث داخل الألياف العضلية بعد ذلك. الأنيبيبات المستعرضة هي تجاويف في الساركوليما تسمح بانتقال جهد الفعالية إلى الشبكة الساركوبلازمية، التي تحيط بالعضيات التي تسمى اللييفات العضلية وتحتوي على مخزون من أيونات الكالسيوم. وعند تحفيزها بواسطة جهد الفعالية، تفتح قنوات أيونات الكالسيوم في غشاء الشبكة الساركوبلازمية، وتنتشر أيونات الكالسيوم إلى داخل الساركوبلازم. تتفاعل أيونات الكالسيوم بعد ذلك مع الخيوط البروتينية الموجودة داخل اللييفات العضلية لتحفيز انقباض العضلات.
ولكن كيف يحدث هذا بالضبط؟ لنفهم ذلك، دعونا نلق نظرة سريعة على التركيب الأساسي للوحدات المتكررة من اللييفات العضلية التي تسمى القطع العضلية. القطعة العضلية هي الوحدة الوظيفية للييفة العضلية، وتعرف بأنها المسافة بين خطي Z، مثلما يتضح في هذا الشكل. تحتوي كل قطعة عضلية على خيوط رفيعة تسمى الأكتين، والتي تظهر في هذا الشكل باللون الأزرق، وتتكون من شريطين يلتف كل منهما حول الآخر. تحتوي القطعة العضلية أيضًا على خيوط أكثر سمكًا تسمى الميوسين، والتي تتكون من ألياف طويلة عصوية الشكل ذات رءوس كروية بارزة للخارج. تحتوي اللييفات العضلية أيضًا على خيوط رفيعة تسمى التروبوميوسين، وهي موضحة في هذا الشكل باللون الوردي.
ينظم التروبوميوسين تفاعل الأكتين والميوسين للتحكم في انقباض العضلات. باستطاعة العضلات الانتقال بين حالتي الانبساط والانقباض. استخدم عالم يدعى هكسلي مجهرًا إلكترونيًّا لفحص الألياف العضلية في حالتي الانبساط والانقباض، ويمكننا مشاهدة القطعة العضلية في الحالتين في صورة مبسطة على يمين الشاشة. وقد لاحظ انزلاق خيوط الأكتين والميوسين بعضها فوق بعض عندما تحفز الألياف العضلية باستخدام أيونات الكالسيوم لتشكيل روابط بين الخيطين. وأطلق على هذه النظرية اسم نظرية الخيوط المنزلقة، وهو التصور الأكثر قبولًا على نطاق واسع لوصف كيفية حدوث الانقباض العضلي. يمكنك أن تلاحظ في العضلة المنقبضة أن القطعة العضلية يقل طولها، حيث تقل المسافة بين خطي Z مقارنة بطولها في العضلة المنبسطة.
المنطقة شبه المضيئة (H) هي منطقة موجودة في منتصف القطعة العضلية وتحتوي فقط على خيوط الميوسين السميكة، ويقل طولها عندما تنقبض العضلة. وسبب ذلك هو أن خيوط الميوسين تسحب خيوط الأكتين تجاه الخط M الموجود في منتصف القطعة العضلية. ولكن كيف تحركت جزيئات الأكتين والميوسين للتقلب بين هاتين الحالتين؟ الأدينوسين الثلاثي الفوسفات، أو ATP اختصارًا، هو جزيء يخزن الطاقة الكيميائية في الكائنات الحية. ويتألف من الأدينين المرتبط بسكر ريبوز وثلاث مجموعات فوسفات. يوصف جزيء ATP أحيانًا بأنه عملة الطاقة في خلايا الكائنات الحية؛ لأنه يخزن الكثير من الطاقة الكيميائية في الرابطة بين مجموعتي الفوسفات الطرفيتين.
يتكون الأدينوسين الثنائي الفوسفات، أو ADP اختصارًا، من خلال التحلل المائي للأدينوسين الثلاثي الفوسفات. ويتسبب التحلل المائي في كسر الرابطة عالية الطاقة بين مجموعتي الفوسفات الطرفيتين في جزيء ATP، وينتج عن ذلك إطلاق مجموعة فوسفات وطاقة يمكن للخلايا استخدامها. هذه الطاقة مفيدة بشكل خاص في الخلايا العضلية حيث يمكن استخدامها لتحريك خيوط الأكتين والميوسين اللازمة لحركة العضلات. ومن خلال إضافة الطاقة المستمدة عادة من الطعام ومجموعة الفوسفات غير العضوية، يعاد تكوين جزيئات ATP من جزيئات ADP. تحدث هذه الدورة داخلنا باستمرار بسرعة كبيرة جدًّا. ولكن كيف يستخدم هذا التحول بين الأدينوسين الثلاثي الفوسفات والأدينوسين الثنائي الفوسفات في نظرية الخيوط المنزلقة لانقباض الألياف العضلية؟ دعونا نلق نظرة فاحصة على هذا الأمر.
عندما تكون الألياف العضلية منبسطة، تلتف خيوط تسمى التروبوميوسين، والموضحة هنا باللون الوردي، حول جميع خيوط الأكتين. يعمل التروبوميوسين على حجب مواقع الارتباط بالميوسين الموجودة على جزيء الأكتين. يمكننا تمييز جزيء الميوسين لأن له رءوسًا كروية بارزة للخارج. عند انبساط الألياف العضلية، يرتبط كل رأس ميوسين بجزيء ADP، ومجموعة فوسفات غير عضوية. وعند إطلاق أيونات الكالسيوم من الشبكة الساركوبلازمية، فإنها تتسبب في انسحاب التروبوميوسين بعيدًا عن مواقع ارتباط الميوسين الموجودة على جزيء الأكتين وكشفها. وهذا يتيح لرءوس الميوسين الارتباط بخيط الأكتين عن طريق تشكيل جسر عرضي، يسمى أحيانًا رابطة عرضية. يربط هذا الجسر العرضي مؤقتا خيوط الأكتين والميوسين معًا.
يطلق هذا الارتباط جزيء فوسفات غير عضوي من كل رأس من رءوس الميوسين. بعد ذلك تتغير زاوية رأس الميوسين، بحيث يسحب خيط الأكتين بالكامل. هذه العملية، التي تعرف أحيانًا باسم شوط القوة، تطلق ADP من رءوس الميوسين. ويتيح انفصال ADP عن الميوسين، ارتباط ATP بالميوسين بدلًا منه. وعندما يرتبط ATP برأس الميوسين، يتسبب ذلك في كسر الجسر العرضي بين خيطي الأكتين والميوسين؛ مما يؤدي إلى انفصال رءوس الميوسين. وسبب هذا هو أن رأس الميوسين فقد انجذابه إلى خيوط الأكتين؛ لذلك يعود الرأس إلى موضعه الأصلي. ولكن الآن أصبحت جميع رءوس الميوسين أكثر بعدًا عن خيوط الأكتين مما كانت عليه في السابق بعد أن انسحبت خيوط الأكتين إلى الجانب.
بعد ذلك يتحلل جزيء ATP المرتبط برأس الميوسين مائيًّا مرة أخرى، ويتحول إلى جزيء ADP وفوسفات غير عضوي. تتضمن هذه العملية إنزيمًا يسمى إنزيم تحليل ATP. يعتمد نشاط إنزيم تحليل ATP على وجود أيونات الكالسيوم، لأن هذا الإنزيم ينشط فقط عند اتحاد رءوس الميوسين مع خيوط الأكتين، وهذا لا يحدث إلا عندما تحفز أيونات الكالسيوم التروبوميوسين على الانسحاب بعيدًا عن مواقع الارتباط هذه. ينتج عن التحلل المائي للأدينوسين الثلاثي الفوسفات إطلاق الطاقة اللازمة ليكون رأس الميوسين جاهزًا لشوط قوة آخر. ستكون رءوس الميوسين جاهزة الآن للارتباط بموقع ارتباط آخر على طول جزيء الأكتين لتكرار العملية مرة أخرى وسحب خيوط الأكتين إلى مسافة أبعد.
إجمالًا، تتسبب هذه العملية في تقليل طول المنطقة شبه المضيئة (H) في القطعة العضلية المنقبضة؛ مما يقلل المسافة بين خطي Z خلال هذه الدورة المستمرة لربط وفصل رءوس الميوسين؛ مما يؤدي إلى تقريب خيوط الأكتين بعضها باتجاه بعض. عندما يحدث هذا لآلاف القطع العضلية دفعة واحدة، فإنه يتسبب في تقليل طول العضلة بأكملها وانقباضها. يستمر حدوث ذلك ما دام تحفيز العضلة مستمرًّا. وعندما يتوقف التحفيز، تعود القطع العضلية إلى حالتها المنبسطة وتصبح العضلات أقل سمكًا وأكثر طولًا. هناك نوعان مختلفان من التنفس الخلوي ينتجان جزيئات ATP اللازمة للانقباض العضلي، وهما: التنفس الهوائي والتنفس اللاهوائي.
كلا التفاعلين يتسبب في تكسير الجلوكوز لإطلاق جزيئات ATP. يتطلب التنفس الهوائي أيضًا وجود الأكسجين في حين لا يتطلب التنفس اللاهوائي وجوده. يطلق التنفس اللاهوائي كمية أقل بكثير من ATP، إلا أنه يطلق أيضًا ناتجًا ثانويًّا يسمى حمض اللاكتيك. في حالة الراحة، يكون إمداد العضلات بالأكسجين كافيًا لحدوث التنفس الهوائي. تحتوي العضلات أيضًا على مخزون من الجليكوجين، والذي يمكن تكسيره إلى جزيئات الجلوكوز عند الحاجة. وعندما يكون إمداد الخلايا العضلية بالأكسجين عن طريق الدم غير كاف لتوفير متطلبات التنفس الهوائي، يمكن استخدام هذا الجلوكوز فقط في التنفس اللاهوائي. إذا زاد معدل حدوث التنفس اللاهوائي في الخلايا العضلية، يتراكم حمض اللاكتيك في هذه الخلايا؛ مما قد يؤدي إلى إجهاد العضلات.
التنفس اللاهوائي المفرط يعني أيضًا أن كمية أقل من جزيئات ATP ستطلق بشكل عام. لعلك تتذكر أن رءوس الميوسين تحتاج جزيئات ATP كي تنفصل عن خيوط الأكتين. وفي حالة نقص جزيئات ATP، لا ينفصل الميوسين، وهو ما يعني أن العضلات تظل منقبضة؛ مما يؤدي إلى تشنجات عضلية مؤلمة وربما يتسبب في تمزق العضلات وحدوث نزيف لاحق.
لنلخص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الفيديو. يكون انقباض العضلات إراديًّا أو لا إرادي. يتطلب انقباض العضلات الهيكلية تنسيقًا بين الجهاز العضلي والهيكلي والعصبي. تنتقل النبضات الكهربية من العصب إلى الليفة العضلية عند الوصلة العصبية العضلية. تصف نظرية الخيوط المنزلقة انقباض العضلات نتيجة تفاعل خيوط الأكتين والميوسين.