نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، نتحدث عن مفهوم التيار الكهربي. التيار الكهربي هو تدفق الشحنة الكهربية. وأمامنا هنا ثلاثة أمثلة على هذا النوع من التدفق. مصباح مضيء في دائرة كهربية، وإصبع تتعرض لصدمة كهربية صغيرة عندما يقترب من مقبض باب، وصاعقة برق، وهي كلها أمثلة على تحرك الشحنات الكهربية.
قبل أن نتحدث عن التيار الكهربي، دعونا نفكر في تيار مألوف أكثر لنا. لنفترض أن لدينا مجرى يتدفق فيه الماء، وهذا التدفق من اليسار إلى اليمين كما رسمناه. الماء الذي يتدفق على هذا النحو، ويتحرك كله في الاتجاه نفسه، يسمى تيارًا. وعوضًا عن وصف حركة التيار بالسريعة أو البطيئة أو متوسطة السرعة، من الممكن في الواقع قياسها كميًّا. فيمكننا القول إن شدة التيار، الذي يمثل مجموعة من الأشياء التي تتدفق معًا مثل تدفق الماء في هذا المجرى، تساوي كمية المادة المتدفقة مقسومة على فترة زمنية ما.
لنفترض، على سبيل المثال، أننا وقفنا عند نهاية هذا المجرى وعددنا باستخدام ساعة إيقاف فترة زمنية معنية، ولنقل إنها ثانية واحدة. ولنفترض أيضًا أننا خلال تلك الفترة الزمنية، تمكنا من جمع كل المياه التي تدفقت خارج المجرى المائي. في هذه الحالة، يمكننا قياس كمية المادة المتدفقة التي تتحرك في هذا المجرى خلال فترة زمنية معينة. وبمعرفة هاتين الكميتين وحساب النسبة بينهما بهذه الطريقة، يمكننا حساب شدة التيار المتدفق في هذا المجرى. وتنطبق هذه الطريقة على أي نوع من أنواع التيار، سواء كان ماء متدفقًا أو غازًا من نوع ما أو حتى شحنة كهربية.
عندما نتحدث عن الماء، نعرف أن الجاذبية هي التي تتسبب في تدفق هذه المادة. لكن عندما نتحدث عن الشحنات الكهربية، السالبة والموجبة، فهناك قوة مختلفة تمامًا تحركها. عندما تكون لجسم ما شحنة كهربية، فإن هذا الجسم يكون مجالًا كهربيًّا حول نفسه. وهذا المجال، الذي يشير إلى الداخل للشحنات السالبة وإلى الخارج للشحنات الموجبة، له تأثير على أي أجسام أخرى مجاورة مشحونة كهربيًّا.
والآن دعونا نتخيل أن هذين الجسمين المشحونين ثابتان في مكانيهما. لا يمكنهما التحرك. لكن لنفترض أننا وضعنا بينهما شحنة كهربية حرة الحركة، وأن هذه الشحنة الكهربية موجبة. بسبب المجال الكهربي الذي توجد هذه الشحنة داخله، فإنها تتأثر بقوة كهربية. إذا تذكرنا القاعدة التي تنص على أن الشحنات المتشابهة تتنافر والشحنات المختلفة تتجاذب، فسنلاحظ أن هذه الشحنة الموجبة ستنجذب إلى الشحنة السالبة وتنفر من الشحنة الموجبة. والآن لنفكر فيما سيحدث إذا زدنا المسافة الفاصلة بين الشحنتين الثابتتين، ووضعنا كذلك المزيد من الشحنات الموجبة بينهما.
ستنجذب كل شحنة من هذه الشحنات مجددًا إلى الشحنة السالبة، وتنفر من الشحنة الموجبة. ستبدأ هذه الشحنات في التدفق جماعيًّا من اليمين إلى اليسار. نلاحظ أنه عند تحرك هذه الشحنات، يصبح لدينا تيار. هذه المرة، يتكون التيار من شحنات كهربية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكننا معرفة شدة هذا التيار وفقًا لهذه العلاقة. لنفترض أننا وضعنا خطًّا متقطعًا يقطع مسار الشحنات الكهربية المتحركة. وبعد ذلك، خلال فترة زمنية معينة من اختيارنا، ولتكن ثانية واحدة، نعد الشحنات الموجبة التي ستعبر هذا الخط.
عندما يتكون التيار من ماء متدفق مثلما رأينا قبل قليل، لا نحتاج إلى قياس عدد جزيئات الماء المنفردة كي نتمكن من قياس التيار الكلي. ذلك لأن المادة المتدفقة في هذه الحالة هي الماء. لكن الذي يتدفق هنا هو الشحنة الكهربية، لذا سيكون من المهم أن نعرف بالضبط مقدار الشحنة الكهربية لكل من هذه الشحنات المتحركة. لنفترض أن كل شحنة لها شحنة بروتون. وسنطلق عليها 𝑞𝑝.
تقاس الشحنة الكهربية بوحدة كولوم، ويرمز لها بحرف 𝐶 كبير. وشحنة البروتون تساوي 1.6 في 10 أس سالب 19 كولوم. إذن كل شحنة من هذه الشحنات الموجبة لها شحنة كلية تساوي 1.6 في 10 أس سالب 19 كولوم، وهذه الشحنات تتجاوز الخط، ونحاول أن نعدها. لنفترض أنه بعد مرور ثانية واحدة، وهو مقدار الزمن الذي سنستخدمه لحساب شدة التيار، نحسب عدد الشحنات الموجبة التي سنشير إليها بـ 𝑁. و𝑁 قد يساوي خمسة أو 10000 أو أي عدد صحيح آخر. إنه عدد الشحنات الموجبة التي تتجاوز الخط المتقطع في ثانية واحدة.
والآن إذا أردنا أن نقسم 𝑁 على ثانية واحدة بهذا الشكل، فسنحسب شدة التيار في هذه الحالة بدلالة عدد الأجسام المتحركة الموجبة الشحنة. لكن ما نريده حقًّا، بدلًا من ذلك، هو حساب شدة هذا التيار الكهربي بدلالة التدفق الكلي للشحنات. بعبارة أخرى، نريد أن يكون البسط هو الشحنة الكهربية الكلية التي تعبر الخط المتقطع في الثانية الواحدة.
وبما أن كل شحنة من الشحنات المتحركة لها شحنة تساوي الشحنة الكلية للبروتون، فهذا يعني أنه يمكننا ضرب 𝑁 في 𝑞𝑝، وهذا سيساوي الشحنة الكلية التي تعبر الخط في ثانية واحدة. وإذا جعلنا حاصل ضرب 𝑁 في 𝑞𝑝 يساوي الرمز 𝑄 حرفًا كبيرًا، فإن قيمة 𝑄 ستمثل الشحنة الكلية التي عبرت بهذه النقطة. إذن مقدار الشحنة الكلية المتدفقة التي لدينا هو 𝑄، والمقدار الكلي للزمن المنصرم هو ثانية واحدة. إذن 𝑄 مقسومًا على ثانية واحدة يساوي شدة تيار الشحنات الكهربية، أي الشحنة التي تتدفق بين هذه الشحنة الموجبة الثابتة وهذه الشحنة السالبة الثابتة.
حسنًا، عرفنا أننا عندما نتحدث عن التيار الكهربي، فإن المادة التي نتحدث عن تدفقها هي الشحنات الكهربية. وعرفنا أيضًا أن هذه الشحنة تقاس بوحدة تسمى الكولوم. إذا كانت هناك شحنة كهربية مقدارها كولوم واحد تمر بنقطة كل ثانية، فسنحصل على تيار كهربي شدته أمبير واحد، ونرمز للأمبير بحرف 𝐴 كبير. ومثلما أن الكولوم هو وحدة قياس الشحنة الكهربية والثانية هي وحدة الزمن الأساسية في النظام الدولي للوحدات، فإن الأمبير هو الوحدة الأساسية لقياس شدة التيار في النظام الدولي للوحدات.
لكن بشكل عام عندما نتحدث عن شدة التيار الكهربي، لن يكون لدينا شحنة مقدارها كولوم واحد تمر كل ثانية. بدلًا من ذلك، سيكون لدينا كمية من الشحنة نسميها 𝑄، وكذلك فترة من الزمن يمكننا تسميتها 𝑡. وهذه النسبة، 𝑄 مقسومًا على 𝑡، تساوي شدة التيار الكهربي 𝐼. ومن معادلة الوحدات الموجودة بالأسفل، يمكننا كتابة أن التيار المقيس بوحدة الأمبير يساوي الشحنة الكلية المقيسة بوحدة الكولوم مقسومة على الزمن الكلي المقيس بوحدة الثانية.
والآن بعد أن تحدثنا عن تدفق الشحنة الكهربية بوجه عام، دعونا نتحدث عنها في حالة محددة، وهي عندما تتحرك هذه الشحنة عبر أسلاك كهربية. لدينا هنا ملف من السلك، وقد كبرنا قطعة منه، وهي هذا الجزء هنا، لنتمكن من فحصها عن قرب. هذا السلك، مثل كل الأسلاك الكهربية، مصنوع من مادة موصلة، والتي تكون عادة مادة فلزية. هذا يعني أننا عندما نفكر في الذرات التي يتكون منها السلك، فسنجد أنها تتكون من نواة وعدد من الإلكترونات المرتبطة بهذه النواة.
ويوجد إلكترون واحد على الأقل يدور حول النواة في الوقت الحالي، لكن يسهل سحبه بعيدًا عن هذه الذرة ببعض الطاقة. هذا يعني أننا لا نحتاج إلى قدر كبير من الطاقة لنزع هذا الإلكترون بعيدًا عن الذرة وجعله يتحرك حولها بحرية. إذن هذا هو تركيب ذرات الفلزات. وإذا أخذنا صورة مقربة توضح طريقة ترتيب الذرات في السلك، نرى نوى هذه الذرات التي توجد فيها جميع البروتونات الموجبة الشحنة مرتبة في نمط شبكي مستقر نسبيًّا. هذه النوى ثابتة في مكانها إلى حد كبير. لا يمكنها التحرك. لكن ما يمكن أن يتحرك بسهولة عبر هذا السلك هو الإلكترونات الحرة التي تساهم بها كل ذرة موصلة.
تذكر أن جميع القطع الأخرى في هذا السلك تشبه تمامًا القطعة التي رسمناها بصورة مكبرة هنا. فعلى امتداد هذا الملف كله، توجد نوى موجبة الشحنة في نمط شبكي، وإلكترونات سهلة النزع متصلة بهذه النوى. في وقت سابق، رأينا أن المجال الكهربي هو شيء يمكن أن يؤثر بقوة كهربية ويحدث حركة في الشحنات الكهربية. وهذه بالضبط الطريقة المستخدمة للحصول على تدفق شحنة كهربية في دائرة كهربية.
ما يوفر عادة هذا المجال الكهربي هو بطارية يمكننا وضعها في الدائرة الكهربية. وكما رسمنا هنا، الطرف الأيسر من هذه البطارية موجب الشحنة والطرف الأيمن سالب الشحنة. ووجود هذه البطارية مع هذين الطرفين المتضادي الشحنة ينتج مجالًا كهربيًّا بطول السلك كله. رأينا منذ قليل أن اتجاه المجالات الكهربية يشير من الشحنات الموجبة إلى الشحنات السالبة. بعبارة أخرى، توضح هذه المجالات لنا الاتجاه الذي تدفع فيه الشحنات الموجبة. وهو نفس الاتجاه الذي تشير إليه المجالات الكهربية خلال الدائرة الكهربية كلها. فهي تشير في اتجاه دوران عقارب الساعة، أي من الموجب باتجاه السالب.
وكما رأينا سابقًا، لهذا المجال تأثير على حركة الشحنات الحرة الموجودة في السلك. تذكر أن هذه الشحنات هي إلكترونات؛ لأن جميع البروتونات الموجبة الشحنة مرتبطة داخل نوى الذرات. ولا يمكنها التحرك كثيرًا، لكن الإلكترونات سهلة النزع يمكنها ذلك. وهكذا تبدأ الإلكترونات الحرة في التحرك، لكن في أي اتجاه؟ حسنًا، بما أن لديها شحنة كهربية سالبة، فإنها تنجذب إلى الشحنة الموجبة وتنفر من الشحنة السالبة. هذا يعني أن متوسط حركة هذه الشحنات السالبة يكون عكس اتجاه عقارب الساعة. وهذه الشحنات السالبة المتحركة هي ما يكون تيارًا في السلك، وهو تدفق مستمر من الشحنة الكهربية.
لأسباب تاريخية، كان يعتقد أن الشحنات المتحركة في دائرة كهربية ليست سالبة الشحنة، ولكن موجبة الشحنة. لو كان هذا صحيحًا، أي كانت الشحنات الموجبة قادرة على التحرك خلال الأسلاك الموصلة، لكنا لاحظنا في هذه الدائرة الكهربية أن الشحنات الموجبة تتحرك في اتجاه عقارب الساعة. وذلك لأن هذا الاتجاه هو الذي سيجعل الشحنة الموجبة تتحرك نحو الطرف السالب للبطارية وبعيدًا عن الطرف الموجب.
ومع أننا نعرف الآن أن الإلكترونات السالبة الشحنة هي التي تتحرك وتكون التيار في السلك، فنظرًا لأن المفاهيم الأولية لتدفق الشحنة في الدائرة الكهربية أشارت إلى أن الشحنة الموجبة هي التي تتحرك، فإن تدفق الشحنة في هذا الاتجاه يشار إليه، حتى في يومنا هذا، بالتيار الاصطلاحي. يمكننا القول إن اتجاه التيار الاصطلاحي هو الاتجاه الذي كانت الشحنة الموجبة ستتدفق فيه بالسلك، هذا إذا حدث هذا التدفق. نفهم من ذلك أنه في الأسلاك، يتكون تدفق الشحنة الفعلي أو التيار الحقيقي من حركة الشحنات السالبة أو الإلكترونات. وبطبيعة الحال، يكون هذا التدفق في الاتجاه المعاكس للتيار الاصطلاحي.
من المهم أن نفهم هذا الاختلاف، لأنه في كثير من الأحيان سنرى أمثلة تعطينا اتجاه التيار فقط. عندما نسمع ذلك، فإن المقصود هو تدفق التيار الاصطلاحي، أي حركة الشحنات الموجبة. بوجه عام، عندما لا نتقيد بالحديث عن تدفق الشحنة عبر الأسلاك، يمكن أن تتحرك الشحنات الموجبة والسالبة ضمن التيار الكهربي. لكن الغالبية العظمى من الحالات التي ستصادفها ستتضمن تدفقًا للشحنات في الأسلاك. وفي هذه الحالة، سيكون من المفيد تذكر أن الشحنات الموجبة لا تتحرك في هذه الدوائر الكهربية. وإنما الشحنات السالبة، أي الإلكترونات، هي التي تتحرك.
ومن الجدير بالملاحظة أن كل إلكترون من هذه الإلكترونات المتدفقة له شحنة كهربية مساوية في المقدار لشحنة البروتون ومضادة لها. ومن ثم، إذا أطلقنا على شحنة الإلكترون 𝑞𝑒، فإن هذه الشحنة تساوي سالب 1.6 في 10 أس سالب 19 كولوم. ومجموع كل هذه الإلكترونات المتدفقة يساوي مقدارًا إجماليًّا من الشحنة المتحركة خلال مدة زمنية معينة، وهو ما يحدد شدة التيار الذي يسري في الدائرة الكهربية.
والآن لنلخص ما تعلمناه عن التيار الكهربي. في البداية، وبالنظر إلى التيار من منظور أوسع، رأينا أنه يمكن تعريف شدة التيار بأنها كمية من مادة ما تتدفق خلال مدة زمنية. وعرفنا بعد ذلك أن هذه المادة المتدفقة يمكن أن تكون شحنة كهربية، وأن المجالات الكهربية هي التي تؤثر بقوة كهربية على الأجسام المشحونة، ما يجعلها تتحرك. وعرفنا كذلك أن الشحنة الكهربية تقاس بوحدة تسمى كولوم، والكولوم لكل ثانية يساوي وحدة قياس التيار الكهربي، وهي الأمبير. ويمثل الأمبير مقدارًا من الشحنة الكهربية تتدفق عبر نقطة ما كل ثانية.
وانطلاقًا من هذا، عرفنا أن التيار الكهربي 𝐼 بوحدة الأمبير يساوي مقدار الشحنة الكلية 𝑄 بوحدة الكولوم مقسومًا على الزمن الإجمالي بوحدة الثانية. وأخيرًا، رأينا أنه في دائرة كهربية تعمل ببطارية، فإن الاتجاه الذي ستتدفق فيه الشحنات الموجبة، في حال تدفقها في مثل هذه الدائرة الكهربية، يسمى اتجاه التيار الاصطلاحي، بينما اتجاه تدفق الإلكترونات، وهي الشحنات التي تتحرك بالفعل في دائرة كهربية مثل تلك، يكون عكس اتجاه التيار الاصطلاحي. وهذا ملخص التيار الكهربي.