نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعرف على مكونات الجينوم البشري. أولًا: سنتعرف على كيفية تنظيم معلوماتنا الوراثية في الحمض النووي (DNA). وبعد ذلك، سنلخص المغامرة العلمية الهادفة لكشف أسرار DNA والجينوم. وأخيرًا، سنرى كيف غيرت هذه الاكتشافات فهمنا لعلوم الحياة والطب والتطور تغييرًا جذريًّا. لذا، دعونا نبدأ في تعلم المزيد عن الجينوم البشري.
الجينوم هو كل المعلومات الوراثية للكائن الحي، ويعد مكونًا ضروريًّا في تكويني أنا وأنت، وهذا الشخص الموضح بالشكل الصغير هنا. تحتوي معظم خلايا أجسامنا على الجينوم داخل النواة في صورة DNA. وإذا استخرجنا كل DNA من نواة إحدى الخلايا ومددناه، فسيصل طول هذا الحمض النووي إلى حوالي مترين. وهذان المتران من DNA مرتبان في 46 قطعة تسمى الكروموسومات. نصف هذه الكروموسومات البالغ عددها 46 يأتي من الحيوان المنوي للأب البيولوجي، في حين يأتي النصف الآخر من بويضة الأم البيولوجية. عند تخصيب البويضة بواسطة حيوان منوي، يتكون جنين يحمل 46 كروموسومًا. وهذا هو السبب في احتواء خلايا أجسامنا على 46 كروموسومًا.
لكي ندرس الكروموسومات، يمكننا ترتيبها باستخدام النمط الكروموسومي. في النمط الكروموسومي، ترقم الكروموسومات البشرية من واحد إلى 22. ويعتمد هذا الترتيب على الحجم، ومن ثم فإن الكروموسوم رقم واحد أكبر من الكروموسوم رقم 22. ولدينا زوج من كل كروموسوم؛ لأننا نرث أحد هذه الأزواج من الأب البيولوجي، والآخر من الأم البيولوجية، كما رأينا للتو. يسمى الزوج رقم 23 بالكروموسومات الجنسية نظرًا لأنهما يحددان جنسنا البيولوجي. حيث يؤدي وجود نسخة واحدة من كل من الكروموسومين X وY إلى تكون ذكر، في حين يؤدي وجود نسختين من الكروموسوم X إلى تكون أنثى.
الآن، دعونا نلق نظرة فاحصة على أحد أزواج الكروموسومات هذه، على سبيل المثال، الكروموسوم رقم تسعة. كما سيتضح لنا، فإن الكروموسومين الموجودين في أي زوج ليسا متطابقين تمامًا. فهما لا يحتويان على المعلومات نفسها بالضبط. لذلك، علينا أولًا فك DNA الذي تتكون منه هذه الكروموسومات. تتكون الكروموسومات من الكروماتين، وهو مكون من DNA ملتف حول بروتينات تسمى الهستونات، التي تساعد في تكثيف DNA وحمايته. وإذا استطعنا فك هذا الكروماتين المكثف والنظر إليه عن قرب، فسنجد أن DNA يأخذ شكل لولب مزدوج. وسوف نعود إلى دراسة هذا التركيب بعد قليل. تحتوي بعض المقاطع في الكروموسومات على معلومات تخبر الخلية بكيفية إنتاج بروتينات معينة أو وحدات وظيفية أخرى. وهذه المقاطع من DNA تسمى الجينات.
دعونا نتخيل أن مقطع DNA الموجود في زوج الكروموسومات رقم تسعة يحمل شفرة إنتاج بروتين خاص بالعينين يحدد إذا ما كانت أعيننا زرقاء أم خضراء. تسمى النسختان المختلفتان من الجين نفسه بالأليلات. ومن ثم، على سبيل المثال، قد يورث الأب البيولوجي أليل العيون الزرقاء، في حين قد تورث الأم البيولوجية أليل العيون الخضراء. وثمة قوانين محددة في علم الوراثة تحدد كيفية التعبير عن الأليلات الموروثة من الوالدين لكل جين. يوجد عدد ضخم من الجينات في كروموسومات الإنسان البالغ عددها 46 كروموسومًا، والتي تؤثر على كل صفة من صفات أجسامنا، مثل لون العينين. ولهذا السبب نبدو جميعًا وكأننا نحمل مزيجًا من صفات والدينا.
والآن بعد أن تعرفنا على كيفية تنظيم DNA ووراثته، دعونا نتعرف على تركيبه الجزيئي. لدينا هنا مقطع من DNA، وكما نلاحظ، فهو يحتوي على شريطين. بين هذين الشريطين، توجد أزواج من القواعد المختلفة. دعونا نكبر الصورة حتى نتمكن من إلقاء نظرة فاحصة. يتكون DNA من وحدات فرعية متكررة تسمى النيوكليوتيدات، ونحن ننظر هنا إلى واحدة منها. تحتوي كل نيوكليوتيدة على مجموعة فوسفات، وسكر، وقاعدة نيتروجينية، تسمى عادة بالقاعدة، ويمكن أن تتكون إما من الجوانين، أو G اختصارًا، الموضح هنا باللون البرتقالي، أو السيتوزين، الموضح باللون الأزرق، أو الأدينين، الموضح باللون الأخضر، أو الثايمين، الموضح باللون الوردي. ويمكن أن ترتبط هذه النيوكليوتيدات معًا لتكوين بوليمر، وهو عبارة عن شريط منفرد من DNA. ويطلق على التركيب الموضح باللون الأسود اسم هيكل السكر والفوسفات.
عند النظر الآن إلى الشريط الثاني، يمكننا أن نرى كيف ترتبط هذه النيوكليوتيدات بعضها مع بعض. ويتحقق ذلك بازدواج القواعد المتكاملة؛ حيث تقترن إحدى القواعد النيتروجينية مع قاعدة أخرى. يزدوج الجوانين دائمًا مع السيتوزين، في حين يزدوج الأدينين دائمًا مع الثايمين. وتزدوج أزواج القواعد هذه بواسطة روابط هيدروجينية. حيث تنشأ ثلاثة روابط هيدروجينية بين الجوانين والسيتوزين، في حين تنشأ رابطتان بين الأدينين والثايمين. وهذه الروابط الهيدروجينية هي التي تربط شريطي DNA معًا وتساعد في تكوين هذا التركيب الذي يأخذ شكل اللولب المزدوج. ويمكن لهذه القواعد المختلفة في نيوكليوتيدات DNA أن تكون تتابعًا محددًا من شأنه توفير المعلومات التي يحملها جين معين. لذلك، إذا نظرنا مرة أخرى إلى الشكل الموجود على اليسار وأردنا تحديد تتابع هذا الشريط، فسنرى أنه GTT وTGA وGGA.
كان مشروع الجينوم البشري أحد مشروعات البحث العلمي الضخمة، وكان يهدف إلى تحديد تتابع أزواج القواعد التي يتكون منها DNA البشري. لكن ما كان لهذا الهدف أن يتحقق دون بعض الاكتشافات المهمة الأخرى في تاريخ DNA. دعونا نبدأ باكتشاف تركيب اللولب المزدوج لـ DNA.
كان اكتشاف تركيب DNA نقطة تحول في تاريخ العلم. توصل العالمان جيمس واتسون وفرانسيس كريك إلى هذا الاكتشاف في عام 1953، وقدمت روزاليند فرانكلين أدلة رئيسية على تركيب اللولب المزدوج. وبعد ذلك، واصل العلماء الكشف عن الأسس التي تحدد كيفية ترجمة معلومات DNA إلى بروتينات. يسمى هذا بالشفرة الوراثية، وقد توصل العلماء إلى حلها في عام 1966. وفي عام 1975، طورت أول طريقة لتحديد تتابع DNA لمعرفة تتابع القواعد في جزيء DNA. وباستخدام هذه الطريقة، أصبح من الممكن تحديد تتابع الجين المسبب للاضطراب الوراثي المسمى مرض هنتنجتون. وبناء على ذلك، تمكنا من تحديد موضع هذا الجين في الجينوم البشري. وأوضح لنا هذا مدى الفائدة التي ستعود على الطب من تحديد تتابع جميع الجينات وموقعها في الجينوم البشري. ولهذا السبب انطلق تعاون دولي بين العلماء سمي بمشروع الجينوم البشري في عام 1990 لإنجاز هذه المهمة الضخمة.
في عام 2003 كشف العلماء عن أول خريطة كاملة للجينات وتتابعاتها في جينوم بشري مرجعي. لكن ظلت هناك فجوات بين الجينات ومناطق مختلفة من الجينوم يصعب تحديد تتابعها. ولم يكتمل تحديد التتابع الكامل للجينوم البشري إلا في عام 2021. والآن، دعونا نلق نظرة على بعض النتائج التي توصل إليها مشروع الجينوم البشري. استغرق العلماء 13 عامًا كي يقدموا تتابعًا وخريطة لجميع الجينات البشرية الموجودة في 23 كروموسومًا. ويمثل ذلك إجمالًا ثلاثة مليارات نيوكليوتيدة. وهذا عدد ضخم للغاية. فلو تطلب الأمر ثانية واحدة لقراءة كل نيوكليوتيدة، سوف نحتاج إلى حوالي 100 عام لقراءة التتابع الكامل للجينوم البشري. ما المكاسب الأخرى التي حصلنا عليها من هذا المشروع؟
أولًا: تمكن العلماء بفضل العمل في هذا المشروع من تحسين طرق تحديد التتابعات، وتحليلها، وتكلفة هذه الطرق. وأصبح من الممكن الآن تحديد تتابع الجينوم البشري بالكامل في يوم واحد فقط مقابل جزء بسيط من تكلفة الطرق القديمة. ثانيًا: ساعد الجينوم البشري في تقدم العديد من مجالات الطب والأبحاث الطبية الحيوية، على سبيل المثال، الكشف عن الاضطرابات الوراثية والجينات التي تشارك في إحداث بعض الأنواع من مرض السرطان. كما أن تحديد تتابع جينوم الخلايا يمكن أن يساعد الأطباء في إجراء التشخيصات وتقديم علاجات أكثر تكيفًا. بالإضافة إلى ذلك، ساعد مشروع الجينوم البشري في فهم المزيد عن كيفية تطور الجنس البشري. والآن، بعد أن تعرفنا على الجينوم البشري، لنجرب حل سؤال تدريبي.
أي العبارات الآتية تنطبق على الكروموسومات البشرية؟ (أ) يحتوي كل كروموسوم من كروموسومات الخلية الجسمية على الجينوم البشري كاملًا. (ب) جميع الكروموسومات متساوية في الحجم وتحتوي على عدد الجينات نفسه. (ج) تحتوي الخلايا الجسمية على نصف عدد الكروموسومات التي يحتويها الجاميت (الخلية الجنسية). (د) يمكن للكروموسوم الواحد أن يحمل من مئات إلى آلاف الجينات.
ثلاث من هذه العبارات الأربع خاطئة، ونحن نحاول معرفة العبارة الصحيحة فيما يتعلق بالكروموسومات البشرية. حسنًا، ما هو الكروموسوم بالضبط؟ تحتوي كل خلية من خلايا الجسم البشري، أو الخلايا الجسمية، على جميع المعلومات الوراثية اللازمة لتكوين الإنسان. وتخزن هذه المعلومات الوراثية في أنوية الخلايا في صورة DNA مكثف. إلا أن هذا الجزيء ليس متصلًا. ففي البشر، ينقسم هذا الجزيء إلى 46 قطعة تسمى الكروموسومات. وتمثل هذه الكروموسومات البالغ عددها 46 كرموسومًا جميع المعلومات الوراثية في خلايانا، ونسميها الجينوم البشري. إذن، يمكننا استبعاد العبارة (أ) بالفعل؛ وذلك لأن الجينوم بأكمله ليس موجودًا في كروموسوم واحد، بل في مجموعة من هذه الكروموسومات البالغ عددها 46.
هذه الكروموسومات البالغ عددها 46 كرموسومًا مرتبة في 23 زوجًا من الكروموسومات. ترتب الكروموسومات من واحد إلى 22 حسب الحجم، ومن ثم فإن الكروموسوم رقم واحد هو الأكبر، والكروموسوم رقم 22 هو الأصغر. أما الزوج 23 من الكروموسومات، المكون من الكروموسومين X وY، فهو يمثل الكروموسومات الجنسية المسئولة عن تحديد الجنس البيولوجي للفرد. تحمل الكروموسومات الموجودة داخل كل زوج عددًا متشابهًا جدًّا من الجينات. والجينات هي مقاطع من الكروموسومات تشفر لإنتاج وحدة وظيفية، مثل البروتين. يحمل الكرموسوم الأكبر، وهو الكروموسوم رقم واحد، ما يزيد قليلًا عن 2000 جين، في حين يحتوي الكروموسوم رقم 22، وهو الكرموسوم الأصغر، على نحو 500 جين. إذن، يمكننا استبعاد خيار الإجابة (ب) هذا؛ لأن جميع الكروموسومات ليست بالضرورة بالحجم نفسه أو تحتوي على العدد نفسه من الجينات.
بالإضافة إلى خلايا الجسم أو الخلايا الجسمية، يمكن لجسم الإنسان أيضًا إنتاج الخلايا الجنسية. وهذه الخلايا الجنسية، التي تسمى أيضًا الجاميتات، لا تحتوي على 46 كروموسومًا. ولكنها تحتوي على كروموسوم واحد فقط من كل زوج، أي 23 كروموسومًا فقط في المجمل. وهذا يعني أنه عندما تتحد الخلايا الجنسية أثناء الإخصاب، يحمل الجنين الناتج العدد الصحيح من الكروموسومات في كل خلية من خلاياه، أي 46 كرموسومًا إجمالًا. إذن، العبارة (ج) أيضًا غير صحيحة؛ لأن الجاميتات هي التي تحتوي على نصف عدد الكروموسومات، لا الخلايا الجسمية. وعليه، يتبقى لدينا هذه العبارة (د)، وهي العبارة الصحيحة؛ لأن الكروموسومات يمكن أن تحمل من مئات إلى الآلاف من الجينات.
دعونا الآن نستعرض النقاط الأساسية التي تناولناها في هذا الفيديو. الجينوم البشري هو كل المعلومات الوراثية الموجودة داخل الخلية البشرية. يتكون الجينوم البشري من DNA، وهو مكون من النيوكليوتيدات، التي تشكل لولبًا مزدوجًا مكثفًا في صورة كروموسومات. يوجد 46 كروموسومًا في معظم الخلايا البشرية. الجينات هي مقاطع من DNA تشفر لإنتاج وحدات وظيفية، مثل البروتينات. توجد نسخ مختلفة من الجينات تسمى الأليلات. مشروع الجينوم البشري كان مشروعًا دوليًّا ضخمًا يهدف إلى تحديد تتابع الجينوم البشري وتحديد مواقع جميع الجينات المختلفة الموجودة بداخله. تشمل بعض النتائج الرئيسية التي حققها مشروع الجينوم البشري العديد من التطورات في مجال الطب، والوصول إلى فهم أفضل لتطور الجنس البشري.