نسخة الفيديو النصية
في هذا الدرس، سوف نتعلم كيف يتولد فرق الجهد الكهربي للبطارية نتيجة الفصل بين الشحنات داخلها. وبعد ذلك، سنتعلم كيف نحسب فرق الجهد الكهربي هذا وفقًا لكمية الشغل المبذول للفصل بين هذه الشحنات.
لنبدأ بتذكر أنه عندما يتعلق الأمر بالشحنة الكهربية، فإن الجسمين اللذين لهما إشارة الشحنة نفسها، سواء أكانت موجبة أم سالبة، سيتنافران، في حين أن الجسمين اللذين لهما شحنتان متعاكستان، إحداهما سالبة والأخرى موجبة، سيتجاذبان. ومن حيث القوى، يمكننا القول إن القوة الكهربية تدفع الشحنات المتشابهة بعيدًا بعضها عن بعض، وتجذب الشحنات المتعاكسة قريبًا بعضها من بعض.
والآن، دعونا نتناول ما قد يحدث إذا أردنا تحريك هذه الأجسام المشحونة. وتحديدًا، دعونا نتناول ما قد يحدث إذا قربنا جسمين لهما الشحنة نفسها أحدهما من الآخر. بما أنه توجد بالفعل قوة كهربية تدفع هذين الجسمين بعيدًا أحدهما عن الآخر، فإن محاولة تقريبهما ستؤدي إلى تحريكهما عكس اتجاه هذه القوة. وهذا يتطلب طاقة. ذلك يشبه وجود كرة مستقرة على سطح الأرض. تجذب قوة الجاذبية الكرة لأسفل. وعليه، سيتطلب رفع الكرة عن سطح الأرض طاقة؛ لأننا نحركها عكس اتجاه قوة الجاذبية.
من ناحية أخرى، إذا أسقطنا كرة فوق سطح الأرض، فستسقط الكرة بطبيعة الحال مباشرة لأسفل. في واقع الأمر، رفع الكرة عن سطح الأرض يشبه تمامًا ما يحدث مع جسمين لهما شحنتان متعاكستان. يجذب هذان الجسمان أحدهما الآخر، ومن ثم فإن محاولة دفعهما بعيدًا أحدهما عن الآخر يعني تحريكهما عكس اتجاه القوة الكهربية، وهو ما يتطلب طاقة. ما نلاحظه في كلتا الحالتين هو أن تحريك الجسمين عكس اتجاه القوة الكهربية يتطلب إضافة طاقة إلى النظام لمقاومة هذه القوة.
هذه الطاقة تسمى الشغل. على وجه التحديد، إذا كانت هناك قوة تؤثر على جسم ما، فإن مقدار الشغل المبذول هو مقدار الطاقة المستهلكة لتحريك الجسم في الاتجاه المعاكس للقوة، أو الطاقة المكتسبة بتحرك الجسم في اتجاه القوة نفسه. فيما تبقى من هذا الدرس، سنركز بالأساس على الفصل بين الأجسام ذات الشحنات المتعاكسة. إذن الحقيقة التي نحتاج إليها هي أن الفصل بين الشحنات يتطلب شغلًا.
لا يتطلب الفصل بين شحنتين إحداهما موجبة والأخرى سالبة بذل شغل بسبب قوى الجذب بينهما فحسب، بل إن الفصل بين هاتين الشحنتين يولد أيضًا فرق جهد. ففرق الجهد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بطاقة النظام. وكما نعرف، يتطلب فصل الشحنات شغلًا. والشغل هو طريقة أخرى لوصف التغير في طاقة النظام. وبما أن فصل الشحنات يتطلب شغلًا ويولد فرق جهد، فلنا أن نتوقع وجود علاقة ما بين الشغل وفرق الجهد.
وبالفعل توجد علاقة بينهما. فرق الجهد المتولد من الفصل بين الشحنات يساوي بالضبط الشغل المبذول للفصل بين الشحنات مقسومًا على المقدار الكلي للشحنة المفصولة. ويمكننا كتابة ذلك في صورة صيغة كالآتي: ﺟ، أي فرق الجهد، يساوي ﺵ، أي الشغل المبذول للفصل بين الشحنات، مقسومًا على ﻙ، أي الشحنة الكلية المفصولة. ووحدات القياس الملائمة المستخدمة لقياس هذه الكميات هي الفولت لفرق الجهد، والجول للشغل، والكولوم للشحنة.
أصبحنا جاهزين الآن لفهم كيف تولد البطاريات فرق جهد من الفصل بين الشحنات، وكيف ينتج عن هذا الفصل بين الشحنات تيار عبر الدائرة الكهربية. سنبدأ بمثال مبسط ثم ننتقل بالتدريج إلى دائرة كهربية كاملة.
لدينا صندوقان متطابقان. ويوجد داخل كل صندوق عدة ذرات. نوى الذرات الموجبة الشحنة ممثلة بنقاط حمراء كبيرة، والإلكترونات السالبة الشحنة ممثلة بنقاط زرقاء صغيرة. في البداية، يحتوي الصندوقان على عدد الذرات نفسه، ما يعني أن كلًّا منهما يحتوي على الكمية نفسها من الشحنات الموجبة والسالبة. وبما أن الشحنة الكلية واحدة في الصندوقين، فهذا يعني أنه لا يوجد فصل بين الشحنات، وعليه، لا يوجد فرق جهد.
دعونا نحرك الآن بعض الإلكترونات من الصندوق الموجود على اليسار إلى الصندوق الموجود على اليمين. إذا كانت الشحنة الكلية داخل الصندوقين تساوي صفرًا في البداية، فإن تحريك بعض الإلكترونات من اليسار إلى اليمين سيولد شحنة كلية سالبة في الجانب الأيمن وشحنة كلية موجبة في الجانب الأيسر. بعبارة أخرى، أحدثنا فصلًا بين شحنتي الصندوقين، ما نتج عنه فرق في الجهد بينهما. دعونا نفتح الآن مسارًا بين هذين الصندوقين كي تستطيع الإلكترونات أن تتدفق بينهما بحرية.
والآن بعد أن أصبح بإمكان الإلكترونات التدفق بحرية بين هذين الصندوقين، فإن الشحنة الكلية السالبة داخل الصندوق الأيمن ستدفع الإلكترونات بعيدًا عنها، في حين ستجذب الشحنة الكلية الموجبة داخل الصندوق الأيسر الإلكترونات إليها. دعونا إذن نراقب ما يحدث. لنتأمل ما يجري هنا. يؤدي الفصل بين الشحنات إلى توليد قوى كهربية تجذب الإلكترونات من الجانب ذي الشحنة الكلية السالبة إلى الجانب ذي الشحنة الكلية الموجبة. تذكر أنه كلما حدث فصل بين الشحنات، يتولد فرق جهد. ونظرًا لأن فرق الجهد هذا تنتج عنه قوى تتسبب في تحريك الإلكترونات، فإننا نطلق عادة على فرق الجهد القوة الدافعة الكهربية. ونرمز غالبًا إلى القوة الدافعة الكهربية بالاختصار ق.د.ك. اليسار. وهو مصطلح نستخدمه غالبًا عند الحديث عن فرق الجهد في الدوائر الكهربية.
بالعودة إلى الإلكترونات المتحركة، إذا انتظرنا وقتًا كافيًا، فستتحرك جميع الإلكترونات الزائدة في نهاية المطاف من المنطقة ذات الشحنة الكلية السالبة إلى المنطقة ذات الشحنة الكلية الموجبة. وعندما يحدث ذلك، ستتوقف الإلكترونات عن الحركة بين الجانبين نظرًا لحدوث توازن بين الشحنتين. بعبارة أخرى، لم يعد هناك فصل بين شحنتي هذين الصندوقين.
في الدوائر الإلكترونية، يكون عادة مسار الإلكترونات الذي تحدثنا عنه سلكًا معدنيًّا بسيطًا يكون موصلًا للكهرباء، ومن ثم يتيح تدفق الشحنة بحرية. إذن ما تعلمناه هو أنه عندما يمكن تبادل الشحنة بين جانبي منطقة الفصل بين الشحنات، على سبيل المثال، إذا كان هذان الجانبان متصلين بموصل، فإن الفصل بين الشحنات سيتضاءل في نهاية المطاف حتى يصل إلى الصفر، ولن تتحرك أي شحنات أخرى بعد ذلك. أصبحنا نعلم الآن كل ما نحتاج إليه لكي نفهم كيف تزود البطاريات الدوائر الإلكترونية بقوة دافعة كهربية.
في أي بطارية، توجد شحنة سالبة زائدة عند الطرف السالب، وشحنة موجبة زائدة عند الطرف الموجب. بعبارة أخرى، يحدث فصل بين الشحنات داخل البطارية. ويمكننا ملاحظة ذلك بصريًّا في هذا الرسم الواقعي للبطارية على اليسار، ورمز البطارية في الدائرة الكهربية المرسوم على اليمين. وكما رأينا، ينتج عن هذا الفصل بين الشحنات قوة دافعة كهربية يمكن حسابها عبر قسمة الشغل المبذول للفصل بين الشحنات على المقدار الكلي للشحنة المفصولة.
في البداية، تظل الجزيئات المشحونة منفصلة بعضها عن بعض، لأنها لا تستطيع التحرك داخل البطارية نفسها. ولكن عند توصيل جانبي منطقة الفصل بين الشحنات بمجموعة من الموصلات، سواء كانت أسلاكًا أو مكونات كهربية أخرى، فلن يكون اتجاه المسار مهمًّا؛ إذ يمكن للشحنة أن تتحرك من أحد طرفي البطارية إلى طرفها الآخر. تذكر أن التيار هو مجموعة من الشحنات المتحركة. ومن ثم، فإن التيار المار في دائرة كهربية هو الشحنات التي تتحرك من أحد جانبي منطقة الفصل بين الشحنات داخل البطارية إلى جانبها الآخر.
عندما تصل إحدى هذه الشحنات، ولنفترض أنها شحنة سالبة، إلى الجانب ذي الشحنة الموجبة من البطارية، فإن جزءًا من الشحنة الموجبة يتحد مع هذه الشحنة السالبة لتكوين وحدة متعادلة كهربيًّا. ويكون الناتج هو فصلًا أقل بين الشحنات بوجه عام داخل البطارية. ولكن الفصل الأقل بين الشحنات بوجه عام يعني انخفاضًا في فرق الجهد الكهربي. إذن كلما مر تيار عبر الدائرة الكهربية، قل الفصل بين الشحنات داخل البطارية بمرور الزمن، وانخفضت القوة الدافعة الكهربية للبطارية.
أخيرًا، نعلم أنه عند تدفق الشحنة من أحد طرفي البطارية إلى طرفها الآخر مرورًا بالمصباح، سيضيء المصباح. وقد أصبحنا الآن قادرين على فهم مصدر الطاقة اللازمة لإنارة هذا المصباح. تذكر أنه لتوليد فرق الجهد الابتدائي داخل البطارية، كان علينا الفصل بين الشحنات، الأمر الذي تطلب بذل شغل لأنه كان علينا استهلاك طاقة لتحريك الشحنات عكس اتجاه القوة الإلكترونية الجاذبة. ولكن نظرًا لأن الشغل بذل على الشحنات في البداية للفصل بينها، فعندما تتجمع الشحنات مرة أخرى، يمكنها أن تبذل شغلًا على أشياء أخرى.
وهذا بالضبط ما يحدث في هذه الدائرة الكهربية. الشغل الذي تبذله الشحنات لتتجمع مرة أخرى يوفر الطاقة التي تضيء المصباح. في الواقع، يمكننا التفكير في الدوائر الإلكترونية باعتبارها إعادة تدوير للشغل المبذول في البداية لتوليد فرق الجهد داخل البطارية لتوفير الشغل اللازم لأداء مهام أخرى مفيدة.
والآن بعد أن تعرفنا على العلاقة بين فرق الجهد الذي تولده البطارية والفصل بين الشحنات داخلها، دعونا نتناول بعض الأمثلة.
توضح الصورة الإلكترونات والنوى الذرية الموجودة في جزء من مادة. لا تتمكن الإلكترونات من التدفق عبر هذه المادة. تمثل الدوائر الزرقاء الإلكترونات، وتمثل الدوائر الحمراء النوى الذرية. الجزء الأول: أي طرفي المادة تتراكم عنده الإلكترونات؟ الجزء الثاني: أكمل الفراغ. يؤدي تراكم الإلكترونات عند أحد طرفي المادة إلى توليد (فراغ) في هذا الجزء من المادة. (أ) تيار كهربي، (ب) فرق جهد كهربي.
يخبرنا السؤال بأنه في هذه الصورة تمثل الدوائر الحمراء نوى ذرية، وتمثل الدوائر الزرقاء إلكترونات. مهمتنا الأولى هي تحديد أي من طرفي المادة تتراكم عنده الإلكترونات. بعبارة أخرى، أي من طرفي المادة يحتوي على عدد إلكترونات أكبر من الطرف الآخر. بالنظر إلى الصورة، يمكننا ملاحظة أن عدد الدوائر الزرقاء عند الطرف الأيمن من المادة أكبر من عددها عند الطرف الأيسر. وبما أن الدوائر الزرقاء تمثل إلكترونات، نلاحظ تراكم الإلكترونات عند الطرف الأيمن.
للإجابة عن السؤال الثاني، تذكر أن الفصل بين الشحنات يولد فرق جهد. وبالنظر إلى الصورة مجددًا، نلاحظ أنه بما أن عدد الإلكترونات أكبر من عدد النوى الموجودة في الطرف الأيمن، فستوجد شحنة كلية سالبة عند هذا الطرف. وفي الطرف الأيسر، يزيد عدد النوى عن عدد الإلكترونات. إذن توجد شحنة كلية موجبة. ومن ثم، ينتج عن تراكم الإلكترونات فصل بين الشحنات، وهو ما يولد فرق جهد. إذن فرق الجهد الكهربي هو الإجابة التي نبحث عنها.
نعلم أيضًا أن الخيار الآخر، وهو التيار الكهربي، لا يمكن أن يكون صحيحًا؛ لأنه كما ذكر في معطيات السؤال، لا تتمكن الإلكترونات من التدفق عبر هذه المادة. والتيار الكهربي، طبقًا لتعريفه، هو تدفق للشحنة. وبما أن الشحنة لا يمكن أن تتدفق هنا، فلا يمكن أن يكون التيار الكهربي هو الإجابة الصحيحة.
في هذا المثال، استخدمنا فهمنا النوعي للعلاقة بين فرق الجهد والفصل بين الشحنات. في المثال التالي، سنستخدم فهمنا الكمي لهذه العلاقة.
تبذل بطارية شغلًا مقداره 20 جول لفصل شحنة مقدارها أربعة كولوم. ما مقدار فرق الجهد الناتج عن ذلك بين طرفي البطارية؟
المطلوب منا في هذا السؤال هو حساب فرق الجهد. والمعطيات التي لدينا هي مقدار الجهد المبذول لفصل مقدار معين من الشحنة. بالنظر إلى ما نريد إيجاده وما لدينا من معطيات، يمكننا تذكر صيغة تربط بين هذه الكميات الثلاث. تنص الصيغة التي نحتاج إليها على أن فرق الجهد عبر طرفي البطارية يساوي الشغل المبذول لفصل الشحنات مقسومًا على المقدار الكلي للشحنة المفصولة.
عندما نعوض عن الشغل بـ 20 جول وعن الشحنة بأربعة كولوم، نجد أن فرق الجهد يساوي 20 جول مقسومًا على أربعة كولوم. ولمعرفة قيمة ذلك في صورة فرق جهد، علينا أولًا أن نقسم 20 على أربعة، وهو ما يساوي خمسة. ثم نلاحظ أن وحدة القياس في البسط هي الجول، ووحدة القياس في المقام هي الكولوم. وإذا كان لدينا بسط بوحدة الجول مقسومًا على مقام بوحدة الكولوم، فإن الناتج يكون بوحدة الفولت. إذن فرق الجهد الذي نبحث عنه هو خمسة فولت.
بعد أن تناولنا بعض الأمثلة، دعونا نراجع ما تعلمناه في هذا الدرس. تعلمنا أولًا أن فصل الشحنات يولد فرقًا في الجهد. وعندما يكون فرق الجهد هذا لبطارية، فإننا نسميه عادة القوة الدافعة الكهربية.
تعلمنا أيضًا أنه أثناء تحرك الشحنات بحرية عبر الموصلات، فإنها غالبًا ما تؤدي إلى معادلة أي فصل بين الشحنات، وتقليصه حتى يساوي صفرًا. وهذا يفسر أيضًا لماذا تتوقف البطاريات عن العمل في نهاية المطاف. فالتيار الذي يتدفق في دائرة كهربية تعمل ببطارية هو تدفق الشحنة عبر هذه الدائرة من أحد طرفي البطارية إلى طرفها الآخر. وفي نهاية المطاف، يؤدي تدفق هذه الشحنة إلى انخفاض الفصل بين الشحنات حتى يساوي صفرًا. وعندما لا يوجد فصل بين الشحنات داخل البطارية، فإن هذا يعني عدم وجود أي قوة دافعة كهربية لتزويد الدائرة الكهربية بها.
وأخيرًا، تعلمنا كيف نستخدم الصيغة ﺟ يساوي ﺵ مقسومًا على ﻙ لحساب فرق الجهد عبر طرفي البطارية بمعلومية الشغل المبذول للفصل بين الشحنات داخلها والمقدار الكلي للشحنة المفصولة.