نسخة الفيديو النصية
موضوعنا في هذا الفيديو هو الميكانيكا المدارية. تتناول الميكانيكا المدارية كيفية وصف حركة الأجسام التي تتحرك في مدارات؛ كالكواكب، والأقمار، والأقمار الصناعية، وصفًا رياضيًا. كما سنتعرف على معادلتين تصفان هذه الحركة، وسنستخدمهما أيضًا. هيا نبدأ إذن. نتذكر مما عرفناه من قبل أن هناك نوعين من المدارات. النوع الأول هو المدار الدائري، حيث يظل الجسم على مسافة ثابتة من الجسم الذي يدور حوله. والنوع الثاني هو المدارات الإهليجية حيث تتغير المسافة بين الجسمين بمعدل ثابت.
في هذا الدرس سنركز تحديدًا على المدارات الدائرية. وفي هذه الحالة يكون نصف قطر المدار، الذي نطلق عليه 𝑟، قيمة ثابتة في المدار كله. وهذا معنى أن يكون المدار دائريًا. والآن عند التفكير في المدار الدائري عن قرب يمكننا أن نرى ارتباط عدد من البارامترات به. فقد رأينا بالفعل أن هناك نصف قطر للمدار، وبالإضافة لذلك فإننا نعرف أن الجسم الذي يتحرك في مدار تكون له سرعة مدارية قياسية. ونطلق على هذه السرعة القياسية 𝑠.
نقول هنا إن هذا الجسم يتحرك في مدار لأنه يكرر حركته في المسار نفسه. فبمجرد أن ينهي الجسم دورة كاملة، يبدأ بالحركة في المسار نفسه مرة أخرى. كما نرى أن طول هذا المسار يساوي محيط الدائرة التي قيمة نصف قطرها 𝑟. وينقلنا هذا إلى أول علاقة رياضية تصف الحركة المدارية.
إذا أردنا معرفة محيط المدار الدائري، الذي نطلق عليه 𝑐، فإننا نضرب اثنين في 𝜋 في نصف قطر المدار. وبالنظر إلى هذه المعادلة يمكننا تذكر أنها معادلة محيط الدائرة، سواء أكانت هناك حركة مدارية أم لا. وتساعدنا هذه المعادلة لأنها تخبرنا بالمسافة التي يقطعها الجسم خلال دورة واحدة في مداره.
سبق أن وضحنا أن هذا الجسم له سرعة قياسية ثابتة، أطلقنا عليها 𝑠، عندما يتحرك في هذا المدار. كما عرفنا الآن أنه خلال الدورة الواحدة يقطع مسافة نطلق عليها 𝑐. إذن لدينا سرعة قياسية ثابتة ومسافة يقطعها الجسم الذي يتحرك بهذه السرعة. وربما يذكرنا هذا بالمعادلة التي تربط بين السرعة القياسية والمسافة ومتغير ثالث، وهو الزمن. نتذكر بشكل عام أن السرعة القياسية المتوسطة للجسم تساوي المسافة التي يقطعها هذا الجسم مقسومة على الزمن المستغرق لقطع هذه المسافة.
في هذه الحالة لدينا السرعة القياسية 𝑠. وهي السرعة القياسية للجسم المداري. ويمكننا أن نقول إن المسافة، 𝑑، التي يقطعها الجسم تساوي محيط الدائرة التي يتحرك فيها. إذا أردنا إعادة كتابة معادلة السرعة المتوسطة لتطبيقها على مثال الحركة المدارية الدائرية، يمكننا أن نكتب أن السرعة تساوي المسافة، أي اثنين في 𝜋 في 𝑟، على الزمن. حين يتعلق الأمر بالزمن في هذه المعادلة نرى أن الزمن هو المدة التي يستغرقها الجسم كي يتحرك في المسار الدائري دورة واحدة. ولدينا مصطلح يعبر عن هذه الفترة من الزمن تحديدًا. وهو الفترة المدارية. ولا نرمز له عادة بحرف 𝑡 صغير بل بحرف 𝑇 كبير.
لمعرفة الفترة المدارية للجسم المداري يمكننا أن نفعل شيئًا كهذا. بمعلومية موضع محدد لهذا الجسم، وهو ما يمكن أن نطلق عليه موضع البداية، يمكننا ضبط ساعة إيقاف. وبعدها عندما يبدأ الجسم في الحركة في مداره الدائري، ننتظر حتى يعود إلى موضع البداية. وعند هذه اللحظة نوقف ساعة الإيقاف، فيكون الزمن المنقضي هو الفترة المدارية للجسم. ومعنى هذا أن لدينا الآن علاقة رياضية تربط بين السرعة القياسية والمسافة والزمن، ولكن بدلالة الحركة المدارية. 𝑇 هي الفترة المدارية واثنان في 𝜋 في 𝑟 هو طول المدار، أي محيط الدائرة التي تمثله، و𝑠 هي السرعة المدارية القياسية كما رأينا.
من الأسباب التي تجعلنا نتحدث عن السرعة المدارية القياسية وليس السرعة المتجهة المدارية هو أن السرعة تكون ثابتة في أثناء حركة هذا الجسم في مداره. وذلك لأن السرعة القياسية كمية قياسية. إذ لا يوجد اتجاه مرتبط بها، بل إن لها فقط قيمة أو مقدارًا. ومعنى هذا أنه حتى إذا كان الجسم المداري يتحرك حول المسار الدائري، تكون سرعته ثابتة أيضًا. فهو سيقطع دائمًا العدد نفسه من الأمتار لكل ثانية أو الكيلومترات لكل ثانية. ولكن السرعة المتجهة لهذا الجسم تتغير بمعدل ثابت. وذلك لأن السرعة المتجهة، بوصفها كمية متجهة، تضع في اعتبارها تغييرات الاتجاه. ونرى هنا أن اتجاه هذا الجسم المداري يتغير باستمرار.
إذن، في المدارات الدائرية كالمدار الموجود لدينا هنا، تكون السرعة القياسية للجسم المداري ثابتة، في حين تتغير السرعة المتجهة. وهذه السرعة القياسية تساوي اثنين في 𝜋 في نصف قطر المدار مقسومًا على الفترة المدارية، أي الزمن الذي يستغرقه الجسم لإتمام دورة كاملة واحدة. بعد أن عرفنا هذه الخصائص الرياضية لكيفية حركة الأجسام في المدارات الدائرية، هيا نتدرب على هذه المعادلات من خلال بعض الأمثلة.
لنأخذ هذا المثال.
كوكب يتحرك حول نجم في مدار دائري. نصف قطر هذا المدار يساوي 6.0 في 10 أس سبعة كيلومترات، والزمن الذي يستغرقه الكوكب في الدورة الكاملة في مداره هو 210 أيام. هذه هي الفترة المدارية. بعد أن عرفنا كل هذا لنقل إننا نريد إيجاد سرعة هذا الجسم المداري، ويمكننا أن نطلق عليها السرعة المدارية 𝑠.
لإيجاد 𝑠 يمكننا أن نتذكر المعادلة العامة للأجسام التي تتحرك بسرعة قياسية ثابتة. وتوضح هذه العلاقة أن سرعة الجسم القياسية تساوي المسافة التي يقطعها الجسم مقسومة على الزمن المستغرق. في هذا المثال نريد حساب السرعة المدارية القياسية 𝑠. ولنتمكن من هذا علينا معرفة المسافة التي يقطعها الجسم خلال دورة كاملة واحدة، وكذلك الزمن المستغرق لقطعها. حسنًا، أعطانا السؤال قيمة الزمن. وهو الفترة المدارية، التي نرمز لها بحرف 𝑇 كبير. لكننا لا نعرف بعد المسافة المدارية المقطوعة. ولكن بالنظر مرة أخرى إلى المدار سنرى أن هذه المسافة ستساوي محيط الدائرة التي نصف قطرها 𝑟.
وبعد أن عرفنا هذا نتذكر أن محيط الدائرة، أي 𝑐، يساوي اثنين في 𝜋 في نصف قطر الدائرة. والمحيط في هذه الحالة هو المسافة 𝑑 التي نريد استخدامها في معادلة إيجاد السرعة المدارية القياسية. إذن هذا هو ما يمكننا كتابته. السرعة المدارية القياسية للجسم، وهي ما نريد إيجاد قيمته، تساوي المسافة التي يقطعها الجسم، أي مسافة الدورة الواحدة في المدار الدائري، وهي اثنان في 𝜋 في 𝑟، الكل مقسومًا على الفترة المدارية، ونرمز لها بحرف 𝑇 كبير. وبالنظر للقيم المعلومة سنرى أننا نعرف قيمتي 𝑟 و𝑇. إذن يمكننا التعويض بهاتين القيمتين في معادلة السرعة المدارية القياسية 𝑠.
وبعدها نرى أنه عند إيجاد قيمة هذا الكسر ستكون وحدة القياس هي الكيلومتر لكل يوم. وستكون هذه هي وحدة القياس التي نحسب بها السرعة المدارية. عند الحديث عن الأجرام السماوية كهذا الكوكب الذي يدور حول نجم، ليس من الغريب أن نترك وحدة قياس المسافة بالكيلومتر؛ لأن المسافات في الفضاء كبيرة جدًا. ولكن من غير الشائع أن نترك الزمن بوحدة الأيام. وعليه فإنه بدلًا من التعبير عن الزمن بهذه الوحدة، دعونا نعبر عنه باستخدام الوحدة الأساسية للزمن وفقًا للنظام الدولي للوحدات، وهي الثانية.
لفعل ذلك علينا تحويل وحدة الزمن هذه. فيما يلي ما يمكننا تذكره كي يساعدنا في ذلك. يمكننا تذكر أن اليوم الواحد يساوي 24 ساعة من الزمن، وأن الساعة تساوي 3600 ثانية. ذكرنا أن الساعة الواحدة تساوي 3600 ثانية؛ لأن الساعة تساوي 60 دقيقة، ويوجد 60 ثانية في كل دقيقة. وعليه فإننا إذا ضربنا 60 دقيقة في 60 ثانية لكل دقيقة، فسنحصل على 3600 ثانية. نريد الآن التعبير عن 210 أيام بوحدة الثواني. ويمكننا كتابة ذلك بالطريقة التالية. يمكننا ضرب القيمة الأصلية، أي 210 أيام، في عدد الساعات في اليوم الواحد، ثم ضرب الناتج في عدد الثواني في الساعة الواحدة.
لاحظ أن هذين الكسرين، أي 24 ساعة في اليوم و3600 ثانية في الساعة، نتجا عن تذكرنا لطريقة تحويل وحدات الزمن المختلفة. وعند ضرب القيمة الأصلية، وهي 210 أيام، في هذين الكسرين لاحظ ما سيحدث للوحدات. أولًا فكر في وحدة الأيام. تتكرر هذه الوحدة في البسط وفي المقام أيضًا، ومعنى هذا أنهما سيحذفان عند الضرب. ولدينا كذلك وحدة الساعة في البسط والمقام. إذن ستحذف هذه الوحدة أيضًا. يتبقى لنا إذن وحدة الثانية، وهي وحدة الزمن التي نريدها.
إذن للتعبير عن الفترة المدارية البالغة 210 أيام بالثواني علينا ضرب 210 في 24 في 3600. عند إعادة كتابة المقدار بهذه الطريقة، نرى الآن أنه عند إيجاد قيمة هذا الكسر سنحصل على السرعة القياسية بوحدة الكيلومترات لكل ثانية. وعند إدخال هذه القيم على الآلة الحاسبة سنجد أن السرعة المدارية لهذا الكوكب المداري، لأقرب رقمين معنويين، تساوي 21 كيلومترًا لكل ثانية. وهذه هي السرعة التي يتحرك بها الجسم في مداره.
هيا الآن نتناول مثالًا آخر على الميكانيكا المدارية.
لدينا في هذا المثال قمر صناعي في مدار دائري حول الأرض. خلال حركته في دورة كاملة واحدة، يقطع القمر الصناعي مسافة 4.0 في 10 أس 10 أمتار. ما نصف قطر مداره؟
في هذه الحالة إذا كان هذا هو كوكب الأرض، فإن القمر الصناعي يقع في مدار دائري حول الأرض. ومع دورانه دورة كاملة واحدة في مداره، أي دورة كاملة واحدة في هذه الدائرة، فإنه يقطع مسافة كلية مقدارها 4.0 في 10 أس 10 أمتار. بناء على هذه المعلومات نريد إيجاد نصف قطر المدار، وهو ما نسميه 𝑟. عند إيجاد قيمة نصف القطر هذا نلاحظ وجود علاقة رياضية بين محيط الدائرة ونصف قطرها. هذه العلاقة توضح أن محيط الدائرة، أي 𝑐، يساوي اثنين في 𝜋 في نصف قطر الدائرة، أي 𝑟.
وبما أن القمر الصناعي يتحرك في مدار دائري، فإن هذا يعني أن المسافة المقطوعة تساوي محيط المسار الدائري الذي يتحرك فيه. ويعني هذا أنه يمكننا استخدام هذه العلاقة لإيجاد نصف قطر الدائرة، 𝑟. وهذه هي الطريقة التي يمكننا أن نفعل بها هذا. سنبدأ بإعادة ترتيب هذه المعادلة ليصبح 𝑟 المتغير التابع في المعادلة. يعني هذا أن يكون بمفرده في طرف من طرفي المعادلة. لنصل إلى ذلك، يمكننا قسمة طرفي المعادلة على اثنين في 𝜋. وعندها سيحذف اثنان في 𝜋 من الطرف الأيمن. وتتبقى لنا المعادلة 𝑐 على اثنين 𝜋، أي محيط الدائرة مقسومًا على اثنين 𝜋، يساوي نصف قطر الدائرة. وهذا تحديدًا ما نريد إيجاده.
وبينما نفكر الآن في التعويض في الطرف الأيسر من المعادلة لإيجاد قيمة 𝑟، نتذكر أن 𝜋 في المقام هو ثابت. وذلك لأن 𝜋 يساوي 3.1415 وهكذا مع توالي الأرقام. إذن سنستخدم قيمة مقربة لـ 𝜋. وسنتعامل على أنها 3.14 بالضبط. كما أننا نعلم 𝐶، أي محيط الدائرة، من معطيات المسألة. وهو يساوي 4.0 في 10 أس 10 أمتار. قبل المتابعة وحساب 𝑟، لاحظ أن الوحدة المستخدمة في هذا المقدار هي الأمتار، وهي وحدة المسافة. إذن سيكون نصف القطر بوحدة الأمتار أيضًا. عند إيجاد قيمة الكسر لأقرب رقمين معنويين، سنحصل على النتيجة 6.4 في 10 أس تسعة أمتار. وهذه هي قيمة نصف قطر مدار القمر الصناعي.
لنلخص الآن ما تعلمناه حول الميكانيكا المدارية. رأينا في البداية أن الأجسام الموجودة في أي مدار قد تتحرك في دائرة كهذه أو إهليج كهذا. في المدارات الدائرية رأينا أنه إذا كان 𝑐 محيط هذا المدار الدائري، أي المسافة التي يقطعها الجسم المداري في دورة كاملة واحدة في مداره، وإذا كان 𝑟 هو نصف قطر المدار، فإن 𝑐 يساوي اثنين في 𝜋 في 𝑟.
وعند التفكير في الجسم المداري الذي يتحرك بسرعة قياسية يمكن أن نطلق عليها 𝑠، رأينا أن السرعة المدارية القياسية تساوي محيط المدار، أي اثنين في 𝜋 في نصف القطر، الكل مقسومًا على حرف 𝑇 الكبير، الذي يرمز للفترة المدارية وهي الزمن الذي يستغرقه الجسم المداري للقيام بدورة كاملة واحدة. تنطبق هاتان العلاقتان على المدارات الدائرية تحديدًا ويمكننا استخدامهما لإيجاد الفترة المدارية والسرعة المدارية القياسية ونصف قطر المدار والمسافة التي يقطعها الجسم خلال الحركة في مداره.