نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعرف على المادة والأشكال أو
الحالات الشائعة التي يمكن أن تتخذها عادة، وهي
الصلبة والسائلة والغازية. وسوف نتعلم كيف نصف العمليات التي تتحول من
خلالها المادة من حالة لأخرى. وسندرس نموذجًا يساعدنا على تفسير سلوك المواد الصلبة
والسائلة والغازية، وهو ما يعرف بالنظرية الجزيئية
أو النظرية الحركية.
المادة هي كل ما له كتلة. فالحذاء مادة، والنجم مادة، والإلكترون مادة. لكن الموجات الكهرومغناطيسية، مثل الأشعة السينية
والضوء المرئي، ليس لها كتلة، وبالتالي فهي ليست
مادة. والتعريف الأدق للمادة هو أنها كل ما يشغل حيزًا في
الفراغ وله كتلة في حالة سكون. لعلك تعرف بالفعل عدة أشكال مختلفة للمادة. فالخشب الذي صنعت منه الطاولة يختلف تمامًا عن الماء
الذي تشربه وعن الهواء الذي تستنشقه. وكل هذه أشكال قد تتخذها المادة. فما السبب وراء اختلاف هذه الأشكال؟
قبل فهمنا للذرة بفترة طويلة، كان الناس على دراية
بأن الأشكال المختلفة للمادة لها خصائص مختلفة. إذا ضغطت على طاولة، فستجد أنها صلدة. فشكلها لا يتغير. لكنك إذا حركت يدك في الماء أو الهواء، فسيتحركان
بعيدًا عن موضع يدك. ما يمكننا قوله حاليًّا، بناء على معرفتنا، هو أن
الطاولة لها حجم وشكل ثابتان دائمًا، إلا إذا قطعنا
أحد أرجلها أو ما شابه. وبالتالي، فإن حجمها الكلي لا يتغير. الماء أيضًا له حجم ثابت، لكن شكله ليس ثابتًا. فهو يأخذ شكل الوعاء الذي يحتويه. لكن الهواء مختلف تمامًا. فيمكنك احتجازه في حقنة وضغطه بدرجة كبيرة، لكن
حجمه سيظل كما هو بالضبط. فهو يشغل ببساطة الحجم المتاح له. وإذا فعلنا الأمر نفسه مع الطاولة أو كوب الماء، فلا
يبدو على الإطلاق أن ذلك سيجعلهما أصغر حجمًا. ومن ثم، يمكننا القول إن الطاولة والماء غير قابلين
للانضغاط، بينما الهواء قابل لذلك. و«القابلية للانضغاط» تعني أنه يمكن جعل الشيء يشغل
حجمًا أقل من خلال تعريضه للضغط.
من الواضح إذن أن للمادة ثلاثة أشكال، لكل منها
سلوك مميز للغاية. وخلصنا إلى مسميات لهذه الأشكال المختلفة
للمادة. فالطاولة مادة صلبة، والماء سائل، والهواء غاز. وهذا ما نطلق عليه حالات المادة. بالإضافة إلى معرفة أن للمادة حالات مختلفة، لوحظ
كذلك إمكانية تحول بعض المواد من حالة إلى أخرى. تتساقط، على سبيل المثال، قطرات الثلج الصلبة من
السماء وتتجمع في كومات تحافظ على شكلها. وتحول شمس الصباح هذا الثلج إلى ماء متدفق سرعان ما
يتجمع في صورة برك، ثم يتلاشى تدريجيًّا في الهواء
بحلول الظهيرة. استغرق الأمر منا وقتًا طويلًا لفهم ما يحدث، لكننا
كنا ندرك أن ثمة تغيرًا كبيرًا يحدث.
الماء، أو H٢O، يوجد في الحالة الصلبة وهي الجليد أو
الثلج، وفي الحالة السائلة وهي ما نطلق عليها عادة
الماء، والحالة الغازية وهي البخار أو بخار الماء. هذان المصطلحان يختلفان قليلًا في المعنى، لكن ذلك ليس
مهمًّا في سياق حديثنا هنا. الماء ليس له لون مميز في حد ذاته. لذا، فإن البخار في الواقع غير مرئي. إلا أن مصطلح «البخار» يستخدم أحيانًا بطريقة غير
صحيحة للإشارة إلى الدخان أو قطرات الماء الصغيرة
للغاية الموجودة في الضباب.
إذا أخذت مكعبًا من الثلج وعرضته لحرارة كافية،
فستلاحظ أنه يتحول من الثلج إلى ماء سائل. ونطلق على عملية تحول مادة صلبة إلى سائل
انصهارًا. وإذا تابعت تسخين الماء السائل، فسيغلي ويصدر فقاعات،
ثم يختفي في النهاية. نطلق على هذه العملية التي يتحول فيها السائل
تلقائيًّا إلى غاز غليانًا. يمكن أن تتحول السوائل إلى غازات عند درجات حرارة
أقل. ويطلق على هذه العملية التبخر. لكن ماذا يحدث إذا عكسنا هذه العملية؟ إذا أخذنا بعض البخار وبردناه، فسوف يتحول من غاز
إلى سائل. ونطلق على هذه العملية التكثيف أو التكاثف. وإذا تابعنا عملية التبريد، فسيتحول من سائل إلى
مادة صلبة. نطلق على هذه العملية التجمد.
لكن ماذا يطلق على ذلك؟ هل سبق أن استيقظت على مشهد الثلج وهو يكسو النوافذ
من الخارج؟ أمر غريب. فلم تمطر السماء ليلة أمس، لكن ثمة ثلجًا متراكمًا
على النوافذ. من أين أتى؟ في الليالي الباردة، يمكن أن يتحول بخار الماء الموجود
في الهواء إلى ثلج حتى دون المرور بالحالة السائلة
أولًا. فيترسب الغاز في صورة مادة صلبة. نطلق على هذه العملية الترسب. لكن العملية العكسية لها يصعب ملاحظتها بعض
الشيء. فلا نلاحظ عادة اختفاء الثلج دون انصهاره أولًا. لكن ذلك يحدث بالفعل، خاصة على ارتفاعات الجبال
الشاهقة، حيث تساهم أشعة الشمس الطفيفة وضغط الهواء
المنخفض في تيسير ذلك إلى حد ما. ونطلق على العملية التي تتحول فيها مادة صلبة إلى
غاز دون المرور بالحالة السائلة أولًا التسامي.
من الأمور التي لوحظت أيضًا أن تغيرات الحالة لبعض
المواد تحدث عند نفس درجة الحرارة تقريبًا في كل
مرة. فيبدأ الثلج في التحول إلى ماء سائل عند صفر درجة
سلزية تقريبًا. وما إن تصبح درجة حرارة الماء كله أعلى من صفر درجة
سلزية حتى يصير كله سائلًا. وعند ١٠٠ درجة سلزية، يتحول
الماء السائل إلى بخار. بالطبع، يتبخر الماء ببطء عند درجات أقل من ١٠٠ درجة سلزية، لكنه لا يتحول
كله إلى غاز دفعة واحدة إلا عند ١٠٠ درجة سلزية. فبمجرد الوصول إلى درجات أعلى من ١٠٠ درجة، يصبح كل الماء غازًا. نصف درجة الحرارة التي تتحول عندها حالة المادة
بكلمة «درجة». وبالتالي، فإن صفر درجة سلزية هي درجة انصهار الماء؛
لأن الماء يتحول عندها من الحالة الصلبة إلى
السائلة. لكننا نستخدم أحيانًا مسميات أخرى، بناء على إذا ما
كنا نضيف طاقة أم العكس. فالصفر درجة سلزية هي أيضًا درجة تجمد الماء
السائل. و١٠٠ درجة سلزية هي درجة غليان
الماء السائل ودرجة تكثيف البخار.
يمكننا استخدام تلك الدرجات لتوقع الحالة التي ستكون
عليها المادة عند درجة حرارة معينة. فعندما تكون درجة الحرارة أقل من درجة الانصهار،
تكون المادة صلبة. بالتالي، عند درجة حرارة أقل من صفر درجة سلزية،
يكون الماء صلبًا. وعندما تكون المادة بين درجة انصهارها ودرجة
غليانها، تكون سائلة. بالتالي، عندما يقع الماء بين صفر درجة سلزية و١٠٠ درجة سلزية، يكون سائلًا
غالبًا. من المفترض أن يجعلنا ذلك لا نقلق بشأن المقدار
القليل من بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي. فعند درجة حرارة أعلى من درجة الغليان، تصبح هذه
المادة غازية. وبالتالي، عند درجة حرارة أعلى من ١٠٠ درجة سلزية، يصير الماء غازًا.
تتأثر درجات الغليان بالضغط. لذا، فإن الماء يغلي عند حوالي ٧١ درجة سلزية فقط على قمة جبل إيفرست،
الذي يرتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي ٩٠٠٠ متر. وفي البحر الميت، تحت مستوى البحر بنحو ٤٠٠ متر، يغلي الماء عند ١٠١ درجة سلزية تقريبًا. وأخيرًا، نعلم أنه في بعض الأحيان لا تنصهر المواد،
وإنما تتسامي. تكون هذه المواد صلبة عندما تكون أدنى درجة حرارة
التسامي، وتصبح غازية عندما تكون أعلى درجة حرارة
التسامي.
تعد عمليتا الانصهار والغليان وغيرهما أمثلة على
التغيرات الفيزيائية، التي تتصرف فيها المادة على
نحو مختلف، لكن دون التأثير على روابطها الداخلية. فقد تتباعد جزيئات الماء عند تبخرها، لكنها تظل
جزيئات H٢O. والتغير الكيميائي هو إحدى الطرق التي نستخدمها
لتكوين مادة جديدة. لكننا لا نكون مواد جديدة من خلال التغيرات
الفيزيائية. وإنما نلاحظ فقط تغيرات في شكل المادة وحجمها
وحالتها.
بوصولنا إلى هذه المرحلة، صرنا نعرف الكثير من
المعلومات. فنحن نعلم الآن أسماء الحالات الثلاث الأكثر شيوعًا
للمادة وأسماء العمليات التي تتحول بها من إحدى
هذه الحالات إلى حالة أخرى. ويمكننا وصف الأشياء، لكننا ما زلنا بحاجة إلى فهمها
بدقة. لذلك، علينا دراسة النظرية الجزيئية للمادة. افترض أنه طلب منك تفسير إمكانية وجود الماء في صورة
مادة صلبة قاسية أو سائل متدفق أو غاز متمدد. من أين تبدأ تفسيرك؟ لحسن الحظ، توجد بالفعل نظرية وافية لتفسير ذلك. ويطلق عليها النظرية الجزيئية للمادة، التي تعرف
أيضًا بالنظرية الحركية أو النظرية الجزيئية
الحركية للمادة. تقوم هذه النظرية على فرضية أن المادة مكونة من
جزيئات يجذب بعضها بعضًا. وهذه الجزيئات لا تكون ذرات بالضرورة، وإنما مجرد
أجزاء منفردة صغيرة للغاية. فالحجم غير مهم في هذه النظرية. والنقطة الأخرى التي تنص عليها هذه النظرية هي أن
الجزيئات تتحرك باستمرار.
لنتخيل الآن بعض هذه الجزيئات التي تتضمن كمية
كبيرة من الطاقة تدفعها للحركة. الجاذبية ضعيفة جدًّا. وبالتالي، تتحرك الجزيئات بحرية في الأرجاء. وقد تصطدم بعضها ببعض من حين لآخر. لكن بالرغم من أنها قد تلتصق قليلًا بعضها ببعض،
فإنها تتضمن كمية كبيرة من الطاقة تجعلها ترتد
بعيدًا بعضها عن بعض. يبدو ذلك نموذجًا جيدًا للغازات مثل الهواء. فإذا كانت الغازات مكونة من جزيئات صغيرة للغاية
تتحرك في مساحة شبه فارغة على نحو يكاد يكون
عشوائيًّا، فمن المفترض أن نتمكن من ضغطها والاحتفاظ
بها في مساحة صغيرة. ويمكننا، بدلًا من ذلك، وضعها في وعاء أكبر وملاحظة
انتشار الجزيئات لملء الفراغ. يثبت ذلك بوضوح صحة نظرية الجزيئات فيما يخص تفسير
سلوك الغازات. لكن ماذا عن السوائل؟
لنفترض أن الجزيئات تبدأ في فقدان طاقتها. وتصل إلى مرحلة لا تملك فيها طاقة كافية للتغلب على
قوى الجذب التي تتعرض لها عندما تكون قريبة بعضها من
بعض. وسرعان ما تلتصق الجزيئات ذات الطاقة الأقل بعضها
ببعض مكونة جزءًا واحدًا. ومن ثم، يصبح لدينا تجمع واحد من الجزيئات. تنجذب الجزيئات بعضها إلى بعض. فتصبح قريبة بعضها من بعض، لكنها تظل قادرة على
التحرك بعضها حول بعض وبعضها فوق بعض. وبالتالي، فإن المادة ككل تتدفق استجابة للضغط
المؤثر عليها، فتملأ الوعاء الذي يحتويها أيًّا كان. وتتحرك جميع الجزيئات في الأرجاء كثيرًا، لكنها تكون
صغيرة للغاية بحيث يصعب رؤيتها. لذا، يبدو السائل ساكنًا تمامًا ما لم ندفعه إلى
الحركة. من الواضح إذن أن نظرية الجزيئات تنطبق جيدًا على
الغازات والسوائل، ولم يتبق سوى حالة واحدة فقط
لنتحقق منها.
افترض أن الجزيئات تفقد قدرًا كبيرًا من الطاقة بحيث لا
يمكنها الحركة بعضها حول بعض. تظل الجزيئات قريبة بعضها من بعض، لكنها تصبح
مستقرة في مكانها. تظل الجزيئات المنفردة تتحرك قليلًا في الأرجاء، مع
الاهتزاز في مكانها. لكنها لا يكون لديها الطاقة الكافية للتغلب على قوى
جذب الجزيئات المجاورة. يبدو أن ذلك يفي بالغرض المراد إيضاحه. فالمادة مكونة من جزيئات يجذب بعضها بعضًا، وتتضمن
قدرًا كبيرًا أو ضئيلًا أو متوسطًا من الطاقة. وذلك يفسر سلوك المواد الصلبة والسائلة
والغازية. فطريقة رص الجزيئات معًا في المواد الصلبة تعني أنه
من الصعب للغاية أن تنضغط هذه المواد. والأمر ذاته ينطبق على السوائل. بصفة عامة، نعتقد أن السوائل والغازات غير قابلين
للانضغاط. لكن ذلك غير صحيح إلى حد ما. فيجب تعريض هذه المواد لدرجات ضغط مرتفعة للغاية
كي يتسنى لنا ملاحظة الاختلافات الطفيفة التي تحدث
لها. ومن ثم، فإننا نتغافل عنها عادة.
وهذه إحدى النقاط التي تحتاج إلى تعديل في نموذج
الجزيئات بحيث يأخذ في الاعتبار حقيقة أن المواد
الكيميائية ليست مجرد كرات مصمتة. فهي جزيئات حقيقية ذات أشكال معقدة وأحجام مختلفة،
وقابلة للانضغاط والتفاعل بعضها مع بعض بطرق
مختلفة. لكن بصفة عامة، النظرية الجزيئية للمادة تفسر على
نحو جيد جدًّا أسس سلوك كل من المواد الصلبة
والسائلة والغازية. ويمكننا تطبيق النظرية الجزيئية للمادة على
تغيرات الحالة أيضًا.
فعندما تنصهر المواد الصلبة، تنتقل كمية كافية من
الطاقة إلى الجزيئات المنفردة لتتيح لها الحركة بعضها
فوق بعض. وفي العملية العكسية، وهي التجمد، نلاحظ أن
الجزيئات تفقد الطاقة حتى تصير غير قادرة على التغلب
على كل قوى جذب الجزيئات المجاورة. وعلى نحو مماثل، عندما تغلي السوائل، تنتقل كمية
كافية من الطاقة إلى الجزيئات المنفردة لتتمكن من
التغلب على قوى جذب الجزيئات المجاورة بصورة
كاملة. وفي العملية العكسية، وهي التكثيف، نلاحظ أن
الجزيئات تفقد الطاقة حتى تلتصق بعضها ببعض دون
ارتداد.
والأمر نفسه ينطبق على عمليتي الترسب والتسامي. يعتمد الأمر فيما إذا كانت المادة تنصهر أم تتسامى
على عدة عوامل، مثل شدة قوى الجذب وضغط الهواء
المحيط. وتعتمد شدة قوى الجذب على ماهية المادة. لكن وجود هذه القوى هو الذي يساعدنا على تفسير حدوث
الانصهار والتجمد والغليان والتكثيف وغيرها من
العمليات الأخرى عند درجات حرارة معينة. فكلما زادت قوى الجذب، زادت الحاجة إلى طاقة أكبر
لتنتقل المادة من الحالة الصلبة إلى السائلة أو من
السائلة إلى الغازية أو من الصلبة إلى الغازية.
تتناسب طاقة حركة الجزيئات المنفردة مع درجة
الحرارة. لذلك، نحتاج إلى درجة حرارة معينة تمنح الجزيئات
مقدارًا معينًا من الطاقة للتغلب على قوى الجذب ذات
الصلة. تفسر النظرية الجزيئية للمادة كذلك خاصية أخرى
للغازات. إذا صار غاز ما في وعاء أكثر سخونة، فستزيد طاقة
جزيئاته. وهذا يعني أن جزيئات الغاز في الوعاء الأكثر سخونة
تصطدم بجوانبه بمزيد من القوة. وبالتالي، فإن الضغط المؤثر على جوانب الوعاء الأكثر
سخونة أعلى منه في الوعاء الأكثر برودة.
الآن وبعد أن ألقينا نظرة على المواد الصلبة
والسائلة والغازية وفسرنا السبب وراء السلوك الذي
يتخذه كل منها، فلنتناول بعض التدريبات.
ينصهر عنصر الزئبق عند سالب ٣٨٫٨
درجة سلزية ويغلي عند ٣٥٦٫٧ درجة
سلزية. ماذا ستكون حالة مادة الزئبق عند صفر درجة سلزية؟
الزئبق فلز انتقالي. رمزه الكيميائي Hg. ونظرًا لأنه فلز، فإننا نتوقع وجوده في سبيكة من
الذرات المنتظمة الثابتة في مكانها، أو بعبارة أخرى
في صورة صلبة. لكن السؤال ذكر أن الزئبق ينصهر عند سالب ٣٨٫٨
درجة سلزية. وهذا يعني أنه إذا عرضنا الزئبق الصلب إلى كمية
كافية من الطاقة، فستبدأ الجزيئات المنفردة فيه
بالتحرك بعضها فوق بعض. وتصبح المادة بأكملها مائعة أو سائلة. ودرجة الحرارة التي يحدث عندها ذلك هي سالب ٣٨٫٨
درجة سلزية. وبالتالي، أدنى هذه الدرجة، يكون الزئبق صلبًا. وأعلى منها، يكون سائلًا.
ذكر السؤال أيضًا أن الزئبق يغلي عند ٣٥٦٫٧ درجة سلزية. وهذا يعني أنه عندما تكون درجة الحرارة ٣٥٦٫٧ درجة سلزية، فسيبدأ السائل كله في
اكتساب طاقة كافية للتغلب على قوى الجذب بين
الجزيئات. وسيتحول إلى غاز. ودرجة الحرارة التي يحدث عندها ذلك هي ٣٥٦٫٧ درجة سلزية. يوجد إذن انصهار، وهو الانتقال من الحالة الصلبة إلى
السائلة، وغليان، وهو الانتقال من الحالة السائلة إلى
الغازية. فالزئبق يكون سائلًا أدنى ٣٥٦٫٧ درجة سلزية، وغازًا أعلى هذه الدرجة. ما نحتاج لمعرفته الآن هو حالة المادة التي يكون
عليها الزئبق عند صفر درجة سلزية.
صفر درجة سلزية أكبر من درجة انصهار الزئبق وأقل
من درجة غليانه. وبالتالي، فإن حالة المادة التي يكون عليها الزئبق
عند صفر درجة سلزية هي الحالة السائلة.
في السؤال التالي، سنلقي نظرة عن قرب على خصائص المواد
الصلبة.
أي مما يلي ليس من خصائص المواد الصلبة؟ (أ) تتكون من جزيئات ساكنة تمامًا، (ب) لها شكل ثابت، (ج)
تتحول إلى سائل عند درجة انصهارها، (د) تتكون من
جزيئات قريبة للغاية بعضها من بعض، (هـ) تتحول إلى غاز
عند درجة تساميها.
يمكننا استخدام النظرية الجزيئية لفهم خصائص
المواد الصلبة. لنبدأ بحقيقة أن المواد الصلبة لها شكل ثابت. يشرح ذلك من خلال تمثيل المادة الصلبة في صورة
مجموعات من الجزيئات المنفردة. وتوجد قوى جذب بين كل جزيء والآخر، ما يمنح الجزيئات
شكلها المتماسك. لكن المواد الصلبة لا يمكن أن تكون درجة حرارتها
صفرًا إلا نظريًّا فقط. لذلك، حتى المواد الصلبة شديدة البرودة تتضمن قدرًا
من الطاقة، وجزيئاتها المنفردة تهتز قليلًا في
مكانها. وعلى هذا الأساس، نتوقع أن تكون الإجابة على السؤال هي
«تتكون من جزيئات ساكنة تمامًا». وذلك لأننا نعلم أنه حتى لو كانت المادة الصلبة
شديدة البرودة، فستقوم الجزيئات المنفردة بمقدار
ضئيل من الحركة.
نعلم أن المواد الصلبة لها شكل ثابت. ونعلم أيضًا أن درجة الانصهار هي التي تتحول عندها
المادة الصلبة إلى سائل. وكذلك نعلم أن الجزيئات قريبة للغاية بعضها من بعض
نظرًا لتلامسها معًا. وتتحول الجزيئات إلى غاز عند درجة التسامي، وهي درجة
الحرارة التي تتحول عندها المادة الصلبة إلى الحالة
الغازية مباشرة دون المرور بالحالة السائلة أولًا. وبالتالي، فإن الخاصية التي لا تعد من خصائص المواد
الصلبة هي أنها تتكون من جزيئات ساكنة تمامًا.
في الختام، دعونا نلق نظرة على النقاط الرئيسة التي
تناولناها. حالات المادة هي الصلبة والسائلة والغازية. خصائص المواد الصلبة والسائلة والغازية يمكن فهمها
من خلال النظرية الجزيئية. وتعلمنا أنه يمكننا تفسير الشكل الثابت للمواد
الصلبة بقولنا إن الجزيئات ثابتة في مكانها مع وجود
قوى جذب تربطها معًا. والسوائل تتدفق نظرًا لأن الجزيئات، رغم تقاربها، لا
تملك طاقة كافية تمكنها من الهروب. لذلك فهي تتحرك بعضها حول بعض ولكن ليس بعيدًا
بعضها عن بعض. أما الغازات، فتتميز بإمكانية الانضغاط أو التمدد،
وذلك لكونها جزيئات حرة. ومن ثم، فهي تملأ الفراغ. تعلمنا كذلك أسماء عمليات التحول بين الحالات
الصلبة والسائلة والغازية.