نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نستكشف الأمراض المختلفة الناتجة عن الخلل الوظيفي للغدد الصماء في جسم الإنسان. عادة ما تتكيف الهرمونات التي تفرزها الغدد الصماء تكيفًا مثاليًّا لتلائم احتياجات الجسم. ولكن، توجد عدة عوامل سنوضحها معًا يمكن أن تتسبب في حدوث خلل وظيفي للغدد الصماء. كما سنرى، فحتى الاختلالات الطفيفة قد يكون لها عواقب وخيمة على صحتنا. ولحسن الحظ، توجد علاجات لمعظم الحالات، وسنستعرض بعضًا منها. لكن أولًا، دعونا نذكر أنفسنا سريعًا بماهية الغدد الصماء ووظيفتها.
عادة ما تتكون الغدد الصماء من مجموعة من الخلايا التي تفرز الهرمونات. والهرمونات هي نواقل كيميائية تفرز في الدم وتدور في جميع أنحاء الجسم حتى تعثر على الخلايا المستهدفة. بمجرد دخول الهرمون إلى الخلية المستهدفة، يمكن أن يغير نشاط هذه الخلية. حيث يمكن أن يدفعها إلى استهلاك الطاقة، أو الانقسام، أو إفراز هرمونات أخرى، وهذه فقط بعض الأمثلة. وبهذه الطريقة، يمكن للهرمونات تنظيم وظائف الجسم المختلفة، والتأقلم مع التغيرات في بيئتنا. هذا التكيف المستمر للجسم لكي يظل في حالة اتزان يسمى الاتزان الداخلي. والآن، لنلق نظرة على بعض أمثلة الغدد الصماء التي تساهم في عملية الاتزان الداخلي.
سنذكر أولًا الغدة النخامية، وهي غدة مهمة جدًّا تقع تحت الدماغ. تنظم الغدة النخامية العديد من الوظائف عن طريق إفراز هرمونات يمكنها تنظيم نشاط خلايا معينة في الجسم بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. ويمكن أن تؤثر الغدة النخامية على الغدد الصماء الأخرى لإفراز هرمونات. وتؤثر هذه الهرمونات بدورها على خلاياها المستهدفة. ونظرًا لأن الغدة النخامية تنظم نشاط الغدد الصماء الأخرى، فإنها تسمى أحيانًا سيدة الغدد.
إحدى الغدد الصماء التي تتحكم فيها الغدة النخامية هي الغدة الدرقية. وهي تقع في الجانب الأمامي من الرقبة. الغدة الدرقية واحدة من أكبر الغدد في الجسم. وهي تلعب دورًا رئيسيًّا في عملية الأيض والنمو والنضج. وذلك عن طريق إفراز هرمونات الغدة الدرقية.
البنكرياس غدة صماء مهمة أخرى في الجسم. عندما نتناول الطعام، يتكسر الطعام ويتحول إلى جلوكوز يطلق بعد ذلك في الدم. ويمكن للبنكرياس عندئذ أن يفرز هرمونات للتحكم في مستويات الجلوكوز في الدم. إذا لم يتحكم البنكرياس في مستويات الجلوكوز في الدم، فقد ترتفع بدرجة أكثر من اللازم، وقد يكون ذلك في غاية الخطورة. لذا، فإن إفراز القليل جدًّا أو الكثير جدًّا من هذه الهرمونات، سواء من البنكرياس أو من أي غدة صماء أخرى، قد يعيق عملية الاتزان الداخلي. وقد يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية خطيرة، ما يؤدي إلى إصابتنا بمجموعة من الأمراض التي أحيانًا ما يكون لها عواقب طويلة الأمد.
دعونا نستعرض عدة أمثلة على هذه الاضطرابات، بدءًا بأحد الاضطرابات التي تنتج عن الخلل الوظيفي للغدة النخامية. لكن أولًا دعوني أسألكم، هل سمعتم عن لاعب كرة القدم ليونيل ميسي؟ إنه أحد أفضل اللاعبين على مر العصور. نجح ميسي في أن يصبح لاعب كرة قدم مذهلًا على الرغم من تشخيصه في سن العاشرة بإصابته باضطراب يسمى نقص هرمون النمو، وهو ما يسمى أحيانًا بالتقزم النخامي. كيف يظهر هذا المرض؟
هرمون النمو (أو GH) هو هرمون تفرزه الغدة النخامية على مدار حياتنا. وفي مرحلة الطفولة والمراهقة، يلعب دورًا مهمًّا في نمو ونضج عظامنا وعضلاتنا. ذلك لأن هرمون النمو يحفز الخلايا على الانقسام والتجدد. في بعض الأحيان، بسبب طفرة جينية أو الإصابة بمرض السرطان على سبيل المثال، قد لا تنتج الغدة النخامية هرمون النمو بكفاءة. في الأطفال، يؤدي ذلك إلى توقف النمو، بينما في البالغين فقد يتسبب في فقدان الكتلة العضلية أو ضعف العظام.
ولحسن الحظ، يوجد علاج يمكنه تصحيح ذلك. يتضمن العلاج حقن المرضى بهرمون النمو البشري. في الماضي، كنا نحصل على هذا الهرمون من متبرعين فارقوا الحياة. وحاليًّا، يمكن إنتاج هرمون النمو البشري من بكتيريا معدلة وراثيًّا. في هذه البكتيريا، يجري إدخال الجين البشري المسئول عن إنتاج هرمون النمو في الحمض النووي (DNA) للبكتيريا. وعندما يحدث ذلك، تتمكن البكتيريا من إنتاج كميات كبيرة من هرمون النمو يمكن جمعها. ويمكن بعد ذلك حقن هذا الهرمون بأمان في المرضى لعلاج نقص هرمون النمو.
في بعض الأحيان، يمكن أن يتسبب خلل وظيفي في الغدة النخامية في زيادة هرمون النمو. عند إنتاج كميات كبيرة جدًّا من هرمون النمو خلال مرحلة الطفولة، يتسبب ذلك في زيادة نمو العظام الطويلة، وهو ما ينتج عنه حالة تسمى العملقة. وقد يصل طول الأطفال المصابين بالعملقة إلى مترين أو أكثر. السبب الأكثر شيوعًا للعملقة هو وجود ورم غير سرطاني في الغدة النخامية. وعادة ما يتضمن علاج العملقة تدمير الورم باستخدام الليزر. حيث يعمل ذلك على إيقاف الإفراز المفرط لهرمون النمو. كما رأينا للتو، فإن عواقب اختلال هرمون النمو قد تؤثر على العديد من أنواع الخلايا المختلفة. وبالمثل، تؤثر الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية على العديد من الخلايا أيضًا. لنلق نظرة على الأمراض التي يسببها الخلل الوظيفي للغدة الدرقية.
تفرز الغدة الدرقية هرمونات، مثل هرمون الثيروكسين. يتحكم هرمون الثيروكسين في سرعة استخدام الجسم للطاقة، وسرعة إنتاج البروتينات، وكيفية تطور الدماغ ووظائفه. ويمكن أن يتسبب كل من فرط إفراز هرمون الثيروكسين ونقص إفرازه في تضخم الغدة. أحيانًا تسمى حالة تضخم الغدة الدرقية بالجويتر. يتحكم في الغدة الدرقية هرمون يسمى الهرمون المنشط للغدة الدرقية، أو المعروف بالاختصار TSH. ويفرز هذا الهرمون من الغدة النخامية. بالإضافة إلى تحكم الغدة النخامية بالغدة الدرقية، فإن الغدة الدرقية تحتاج إلى معدن اليود لتؤدي وظائفها على نحو سليم. نحصل في الغالب على اليود من نظامنا الغذائي، وخاصة من الأطعمة البحرية، أو منتجات الألبان، أو البيض، أو ملح الطعام. وإذا كان النظام الغذائي لا يحتوي على كمية كافية من اليود، فسوف تقل قدرة الغدة الدرقية على إفراز هرمون الثيروكسين.
عندما تنخفض مستويات هرمون الثيروكسين، تزيد الغدة النخامية من إفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم الهرمون المنشط للغدة الدرقية داخلها. ويتسبب ذلك في تضخم الغدة الدرقية وإصابتها بالتضخم البسيط. نظرًا لانخفاض مستويات هرمون الثيروكسين، تقل الطاقة المتاحة للجسم لكي يؤدي وظائفه بشكل سليم، وقد تنخفض الكتلة العضلية، وتتراجع وظائف الدماغ الطبيعية. يمكن أن يسبب ذلك إعاقات ذهنية لدى الأطفال، أو يمكن أن يبطئ وظائف المخ لدى البالغين. ويمكن علاج نقص هرمون الثيروكسين عن طريق تناول المزيد من الأطعمة التي تحتوي على اليود أو تناول أدوية تعوض هذه الهرمونات.
إذن، هذا ما يحدث عندما تنخفض مستويات هرمون الثيروكسين، لكن ماذا يحدث عندما ترتفع؟ يمكن أن يحدث خلل وظيفي في الغدة الدرقية يؤدي إلى إنتاج مستويات مرتفعة من هرمون الثيروكسين. وعادة ما يحدث ذلك بسبب مهاجمة جهاز المناعة للغدة الدرقية عن طريق الخطأ. قد تتورم الغدة الدرقية وتتضخم مثلما ذكرنا من قبل. ولكن هذه الحالة تسمى التضخم الجحوظي؛ وذلك لأن جهاز المناعة يهاجم الأنسجة المحيطة بالعينين، ما يجعلهما تبدوان جاحظتين. الجحوظ هو مصطلح طبي يصف بروز العينين. وجود كمية كبية جدًّا من هرمون الثيروكسين قد يؤدي إلى زيادة إنتاج الجسم للطاقة وزيادة استهلاكه لها. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان الوزن واختلال وظيفة العضلات. لعلاج ذلك، يمكن إزالة جزء من الغدة الدرقية جراحيًّا لتقليل الإفراز المفرط للثيروكسين. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من المفيد تغيير النظام الغذائي للمساعدة في تقليل نسبة اليود.
والآن، لنتحدث عن مرض متعلق بالبنكرياس. عندما نتناول الطعام أو نتناول مشروبًا سكريًّا، فإنه يتكسر ويتحول إلى جلوكوز. ويذوب هذا الجلوكوز في الدم. وإذا قسنا مستويات الجلوكوز في الدم، فسنلاحظ أن تركيزه يصل إلى ذروته بعد ساعة تقريبًا. وهذا الجلوكوز مهم جدًّا، وتستخدمه خلايا مثل الخلايا العضلية لإنتاج الطاقة. لكن هذه الخلايا لا تتمكن من امتصاص الجلوكوز إلا في وجود هرمون خاص يسمى «الإنسولين». وينتج الإنسولين في البنكرياس. يتميز البنكرياس بقدرته على رصد مستويات الجلوكوز. فعندما تكون مرتفعة، يفرز البنكرياس المزيد من الإنسولين. وبهذه الطريقة، تتمكن الخلايا من امتصاص الجلوكوز للحصول على الطاقة. يصل الجلوكوز إلى ذروته بعد ساعة من تناول أي مشروب سكري. ثم يفرز الإنسولين، مما يسمح للخلايا بامتصاص الجلوكوز. وتنخفض مستويات الجلوكوز على مدار الساعات القليلة التالية.
هذا ما يحدث في الأشخاص الأصحاء. ولكن، في الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، تظل مستويات الجلوكوز هذه مرتفعة لفترة أطول. نظرًا لأن البنكرياس لا يعمل على نحو سليم، ولا يمكنه إفراز كمية كافية من الإنسولين. ودون وجود كمية كافية من الإنسولين، لن تتمكن الخلايا من امتصاص نفس القدر من الجلوكوز. وهكذا، ترتفع مستويات الجلوكوز وتستغرق وقتًا أطول لتنخفض مرة أخرى.
يوجد نوعان من مرض السكري: النوع الأول والنوع الثاني. في النوع الأول، السبب غير واضح، لكن ربما يرجع ذلك إلى مهاجمة جهاز المناعة لأنسجة البنكرياس السليمة بالخطأ، بينما في النوع الثاني من مرض السكري، تصبح خلايا الجسم مقاومة للإنسولين. وعادة ما يحدث ذلك في مرحلة متقدمة من العمر. وهذا الجلوكوز الزائد في الدم يسبب العديد من أعراض مرض السكري، مثل زيادة العطش وإخراج البول، بالإضافة إلى الشعور بالتعب بصورة أكثر تكرارًا. تتضمن بعض الآثار الطويلة الأمد مشاكل القلب، والسكتات الدماغية، وتلف الأعصاب. لذا، فمن المهم مراقبة مستويات الجلوكوز وإعطاء الإنسولين لهؤلاء الأشخاص.
والآن، دعونا نتوقف لحظة لنتناول سؤالًا تدريبيًّا.
يوضح الشكل كيف يمكن أن تتضخم الغدة الدرقية. ما العنصر الغذائي الذي قد يؤدي نقصه إلى تضخم الغدة الدرقية، كما هو موضح في الشكل؟
الغدة الدرقية واحدة من أكبر الغدد في جهاز الغدد الصماء. هذه الغدة، الموجودة في الرقبة، تخضع لتحكم الغدة النخامية الموجودة في الدماغ. وتفرز الغدة الدرقية هرمون الثيروكسين. ويتحكم هذا الهرمون في سرعة استخدام الجسم للطاقة، وسرعة إنتاج البروتينات، ونمو الدماغ، ووظيفته. عندما تنخفض مستويات هرمون الثيروكسين، تحاول الغدة النخامية زيادة التحفيز عن طريق إفراز هرمون يسمى الهرمون المنشط للغدة الدرقية، أو ما يعرف بالاختصار TSH. لكن في بعض الحالات، قد لا تعمل الغدة الدرقية على نحو سليم، ويؤدي ذلك إلى تراكم الهرمون المنشط للغدة الدرقية. ويؤدي ذلك إلى تضخم الغدة الدرقية، وتكون ما يسمى أحيانًا بالجويتر.
بالإضافة إلى تحكم الغدة النخامية بالغدة الدرقية، تحتاج الغدة الدرقية إلى معدن اليود لتؤدي وظائفها على نحو سليم. لكن الجسم لا ينتج اليود، لذا فإن مصدره الوحيد هو الطعام الذي نتناوله. إذا كان النظام الغذائي يحتوي على نسبة منخفضة من اليود، فسوف تقل قدرة الغدة الدرقية على إفراز هرمون الثيروكسين. ويؤدي ذلك إلى تراكم الهرمون المنشط للغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية. إذن، العنصر الغذائي الذي قد يؤدي نقصه إلى تضخم الغدة الدرقية هو اليود.
الآن، لنستعرض النقاط الأساسية التي تناولناها في هذا الفيديو. تنشأ بعض الأمراض عن خلل وظيفي في الغدد الصماء. قد يؤدي الخلل الوظيفي للغدة النخامية إلى نقص هرمون النمو، مما يسبب التقزم؛ أو فرط إفراز هرمون النمو، مما يسبب العملقة. ومن الممكن علاج التقزم عن طريق الحقن بهرمون النمو. قد يؤدي الخلل الوظيفي للغدة الدرقية إلى نقص إفراز هرمون الثيروكسين، وهو ما يسبب التضخم البسيط؛ أو فرط إفراز هرمون الثيروكسين، وهو ما يسبب التضخم الجحوظي. ويمكن علاج التضخم البسيط عن طريق الحصول على المزيد من اليود في النظام الغذائي. قد يؤدي الخلل الوظيفي للبنكرياس إلى نقص الإنسولين والتسبب في مرض السكري. ويمكن علاج ذلك عن طريق حقن الإنسولين.