نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سنتحدث عن مكونات الليزر وآلية عمله. قد يهيأ للبعض أن أجهزة الليزر معقدة، ولكنها في الواقع تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية. في هذا الدرس، سنتحدث عن هذه الأجزاء، وآلية عمل كل منها، كما سنعرف أيضًا كيف تعمل هذه الأجزاء معًا في تناغم لإنتاج ضوء الليزر.
لقد ذكرنا أن كل جهاز ليزر يتكون من ثلاثة أجزاء أساسية. وها هي أسماؤها. جزء منها يسمى الوسط الفعال، الذي يوفر المادة - أي الذرات - حيث تلعب انتقالات إلكتروناتها دورًا ضروريًّا في عملية إنتاج الليزر. وثانيًا، يوجد بجميع أجهزة الليزر مصدر للطاقة، يعرف عادة باسم المضخة. وهي تمد الوسط الفعال بالطاقة. وأخيرًا، يسمى الجزء الحيوي الثالث في الليزر التجويف الرنيني. وكما سنرى بعد قليل، فإن هذا التجويف هو الذي يمكننا من تكبير شعاع الليزر. لنلق الآن نظرة أعمق على هذه المكونات الثلاثة.
سنبدأ حديثنا بالوسط الفعال. يتألف الوسط الفعال لليزر من مادة ما. وقد تكون مادة صلبة، مثل التي رسمناها هنا، أو سائلة، أو مادة غازية تتمتع ذراتها بمستويات طاقة مناسبة تمامًا تتيح إنتاج شعاع الليزر. إليكم ما نعنيه بهذا. لنفترض أن الذرات التي تكون الوسط الفعال بها مستويان للطاقة - وقد أطلقنا عليهما 𝐸 واحد و𝐸 اثنين - يمكن أن تشغلهما الإلكترونات في هذه الذرات. وفي الحالة الطبيعية يمكننا القول إن الإلكترونات في أي ذرة تحتل أقل مستوى طاقة متاح لها.
وستظل الإلكترونات في هذا الوضع، ما لم ندخل أي تغيير على هذا النظام، أي ما لم نضف إليه طاقة. لكن إذا ظلت الإلكترونات في هذا المستوى، فلن نتمكن أبدًا من إنتاج شعاع ليزر. ذلك لأن توليد شعاع الليزر يتطلب وجود إلكترون في حالة مثارة، مثل هذا الإلكترون هنا. ثم بعد ذلك يأتي فوتون مشحون بالكمية المناسبة من الطاقة، ويستحث هذا الإلكترون على العودة إلى مستوى الطاقة الأقل. في هذه العملية، ينبعث من الإلكترون فوتون مطابق للفوتون الساقط عليه في الأساس. تعرف هذه العملية بالانبعاث المستحث للإشعاع، وهي جزء أساسي في عملية إنتاج شعاع الليزر.
ولكي يتحقق ذلك كله، أي لإنتاج أشعة الليزر، يجب أن تشغل أغلب الإلكترونات الموجودة في النظام مستوى طاقة مثارًا بدلًا من مستوى الطاقة الأرضي. لكن هناك عقبة تحول دون حدوث ذلك. لنفترض أننا نضيف طاقة إلى النظام، وبفعل ذلك نساعد إلكترونين على الصعود إلى مستوى الطاقة المثار. لكن تبين أنه بمجرد أن يثار الإلكترونان، فإنهما يضمحلان تلقائيًّا، أو هكذا يسمى، يعودان مرة أخرى إلى مستوى الطاقة الأصلي الأقل. في الواقع، هذه ظاهرة معروفة جدًّا، لدرجة أننا نعرف تقريبًا مقدار الزمن الذي يقضيه الإلكترون في الحالة المثارة قبل أن يضمحل ويعود مرة أخرى إلى المستوى الأرضي. وهو يساوي 10 نانو ثوان فقط.
هذا يعني أنه أمامنا فترة زمنية قدرها 10 نانو ثوان فقط من الوقت لكي يأتي فوتون بمستوى طاقة مناسب، ويستحث الإشعاع لتوليد شعاع ليزر من هذين الإلكترونين. وبشكل عام، هذا وقت غير كاف. لذا بدلًا من التأثر بالفوتون الساقط، من المرجح جدًّا أن يضمحل هذان الإلكترونان تلقائيًّا إلى مستواهما الأصلي. في أثناء هذه العملية، ينبعث منهما فوتونان، لكنهما ليسا فوتونين بمقدورهما المساهمة في إنتاج شعاع ليزر. إحدى الطرق لكي تكون المادة وسطًّا فعالًا جيدًا لليزر هي أن تحتوي ذرات المادة على أكثر من مستويين محتملين من الطاقة للإلكترونات.
إذا كان لدينا ثلاثة مستويات، كما نرى هنا، حيث 𝐸 ثلاثة طاقته أقل من 𝐸 اثنين ولكن طاقته أكبر من 𝐸 واحد، فمن الممكن استخدام هذه البنية الذرية لتوليد شعاع ليزر. في الواقع، كان أول ليزر طور في عام 1960 يمتلك بنية ذرية من ثلاثة مستويات، مثل هذه. إذا كانت الذرات في الوسط الفعال الذي يخصنا تحتوي على هذه البنية الذرية، فإليك آلية عمل النظام. تمامًا كما من قبل، نبدأ بالإلكترونات الموجودة في هذا النظام، وجميعها يحتل أقل مستوى طاقة. لكن بعد ذلك، باستخدام مصدر الطاقة، الذي يسمى أيضًا المضخة، نرفع طاقة عدد من هذه الإلكترونات بحيث تشغل المستوى 𝐸 اثنين، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الحالة المثارة.
وكما رأينا، فإن الإلكترونات لا تبقى في هذه الحالة لمدة طويلة. لكن عندما تضمحل هذه الإلكترونات تلقائيًّا، تعود إلى مستوى الطاقة الوسيط، بدلًا من العودة إلى أدنى مستوى طاقة، الذي يدعى مستوى الطاقة الأرضي. وتوجد سمة بالغة الأهمية يتمتع بها مستوى الطاقة هذا، 𝐸 ثلاثة. إذ يعرف هذا المستوى بأنه في حالة شبه مستقرة، على النقيض من المستوى الأرضي. تأتي هذه التسمية من حقيقة أنه عندما يشغل الإلكترون هذا المستوى، فإنه يميل إلى البقاء فيه لبعض الوقت. ويمكننا القول إن فترة عمر الإلكترون في هذه الحالة تكون أطول بكثير من 10 نانو ثوان. في الواقع، يمكن أن تكون أطول من هذه المدة بألف مرة أو حتى مليون مرة. إذن، عندما تكون الإلكترونات في الحالة شبه المستقرة، تصبح متاحة بدرجة أكبر بكثير لأن تتأثر بالإشعاع الوارد. وعندما يحدث ذلك، يمكن أن يحدث انبعاث مستحث.
لكن قبل أن نخطو خطوة أخرى إلى الأمام، دعونا نلاحظ أنه بينما يظل النظام قائمًا في الوضع الحالي، يزيد عدد الإلكترونات الموجودة في الحالة المثارة، أي الحالة شبه المستقرة، عن عدد الإلكترونات الموجودة في مستوى الطاقة الأرضي. وهذا لا يمكن أن يتحقق سوى من خلال تزويد الوسط الفعال بالطاقة عبر المضخة، لأنه كما ذكرنا سابقًا، المستوى الطبيعي الذي تشغله الإلكترونات في الذرة هو المستوى الأرضي. هناك اسم محدد يطلق على أي نظام ذري يكون فيه عدد الإلكترونات المثارة التي تشغل مستوى أعلى من مستوى الطاقة الأرضي أكبر من عدد الإلكترونات في هذا المستوى الأرضي. عندما تحدث هذه الحالة، تعرف باسم الإسكان المعكوس. تشير كلمة «الإسكان» إلى جميع الإلكترونات الموجودة في النظام، و«المعكوس» تخبرنا بأن التوزيع المعتاد للإلكترونات يكون معكوسًا.
في المعتاد يفوق عدد إلكترونات الحالة الأرضية عدد إلكترونات الحالة المثارة. لكن من خلال ضخ الطاقة في الوسط الفعال، يمكننا عكس هذا السيناريو النمطي. إذن، فإن تحقيق حالة الإسكان المعكوس يعد جزءًا ضروريًّا في تكوين نظام ليزر فعال. تذكر أننا لم نتمكن من تحقيق حالة الإسكان المعكوس هذه عندما كان لدينا نظام مكون من مستويين، وهما الحالة الأرضية، والحالة المثارة. لأنه بعد أن تثار الإلكترونات، تضمحل سريعًا وتعود إلى الحالة الأرضية. لكن الآن بما أن لدينا نظامًا مكونًا من ثلاثة مستويات، بحالة شبه مستقرة، يمكننا تحقيق حالة الإسكان المعكوس.
ومن ثم، فإن هذه الإلكترونات الموجودة في الحالة شبه المستقرة لدينا هي مرشح جيد لأن تتأثر بالفوتونات الواردة، ويستحث إلكترونًا للعودة إلى الحالة الأرضية؛ ومن ثم ينبعث فوتون متطابق في الطور، والاتجاه، والتردد مع الفوتون الذي حث عملية الانتقال. ومن ثم يصبح بإمكان هذه الفوتونات التأثير على الإلكترونات الأخرى في الحالة شبه المستقرة، وهو ما يؤدي إلى مزيد من الانبعاثات المستحثة. بهذا نكون قد بدأنا في تكوين فكرة على مقياس صغير للغاية عن آلية إنتاج أشعة الليزر.
لكن إذا فكرنا في الوسط الفعال لليزر على مقياس ماكروسكوبي، يمكننا أن نلاحظ أن احتمال سقوط فوتون بالتردد المناسب على إحدى هذه الذرات المثارة قد يكون ضئيلًا إلى حد ما. فيما معناه أنه قد يكون من الممكن أن يمر الفوتون مثلًا عبر الوسط الفعال بالكامل دون أن يؤثر على أي إلكترون. هنا يأتي دور المكون الثالث من الليزر، وهو التجويف الرنيني.
إن الغرض من التجويف الرنيني هو احتواء الوسط الفعال داخل مرآتين كبيرتين على كلا طرفيه. وفي الواقع، يكون أحد هذين الطرفين عبارة عن مرآة كاملة، أي تعكس 100 بالمائة من الضوء الساقط عليها، في حين أن الطرف الآخر عبارة عن مرآة جزئية، تعكس أكثر من 90 بالمائة من الضوء الساقط عليها، وتسمح لجزء منه بالنفاذ عبرها. ومن ثم، بالنسبة لهذا الفوتون الذي قلنا إنه يتمتع بالتردد المناسب ليحث على حدوث انتقال إلكتروني من المستوى 𝐸 ثلاثة إلى 𝐸 واحد، وعلى الرغم من أنه لم يصطدم بأي إلكترون مثار في أول مرور له، فإن المرآة الجزئية من شأنها أن تعيده مرة أخرى إلى الوسط الفعال ليمر خلاله مجددًا. وإذا لم يصطدم الفوتون في هذا المسار بأي إلكترون من الإلكترونات المثارة، فسوف ينعكس عن المرآة عند الطرف الآخر من التجويف الرنيني.
إذا أرسلنا فوتونًا بالتردد الصحيح ذهابًا وإيابًا عبر الوسط الفعال لعدد كاف من المرات، فسيتفاعل في نهاية المطاف مع إلكترون في الحالة شبه المستقرة، ويحث على حدوث انبعاث لفوتون مطابق، ثم سيستمر هذان الفوتونان في الحركة في هذا الاتجاه. وبينما تستمر هذه العملية، تضاف فوتونات أكثر إلى حزمة أشعة الليزر الآخذة في التكون. يمكننا أن نلاحظ أنه في هذا الجزء الأوسط من الوسط الفعال، سينتج المزيد والمزيد من أشعة الليزر، ثم سترتد جيئة وذهابًا عبر هذا المسار. كما ذكرنا سابقًا، لا ينعكس كل هذا الضوء عندما يصل إلى مرآة الطرف الأيمن من التجويف، أي المرآة الجزئية. وهذا الضوء الذي لا ينعكس عن المرآة، وينفذ من خلالها، والذي يمثل جزءًا صغيرًا من إجمالي الضوء، هو نفسه شعاع الليزر الفعلي الذي ينتجه جهاز الليزر.
إذن، لإعادة سرد هذه العملية، إذا بدأنا بوسط فعال تسمح مستويات طاقة الإلكترونات فيه بوجود الحالة المثارة، والحالة شبه المستقرة، إلى جانب الحالة الأرضية، فحينها سنتمكن من استثارة أغلب الإلكترونات للخروج من الحالة الأرضية؛ عن طريق تزويد الوسط بالطاقة عبر المضخة. وبمجرد أن تحتل الإلكترونات الحالة شبه المستقرة بين الحالة المثارة والحالة الأرضية، يمكننا القول إننا وصلنا إلى حالة الإسكان المعكوس. عند هذه النقطة، تكون هذه الإلكترونات مهيأة لإطلاق انبعاثات مستحثة بفعل الفوتونات القادمة. تحدث هذه الانبعاثات داخل تجويف يسمى بالتجويف الرنيني، وهو في الأساس عبارة عن مرآتين عند كلا طرفي الوسط الفعال، وهو مصمم لتضخيم جميع الانبعاثات الإشعاعية المستحثة، أو تعددها.
وأخيرًا، يعبر جزء من هذا الإشعاع من خلال المرآة الجزئية، ويكون هذا هو شعاع الضوء الذي قد نرصده خارجًا من الليزر. بمعرفة ذلك كله، دعونا نتدرب الآن على مثال.
أي عبارة من العبارات الآتية تصف على نحو صحيح خاصية الوسط الفعال لليزر ذات الصلة بقدرته على إنتاج أشعة الليزر؟ (أ) يحتوي الوسط الفعال على ذرات متأينة بالكامل. (ب) يحتوي الوسط الفعال على ذرات ذات نوى غير مستقرة. (ج) يحتوي الوسط الفعال لليزر على ذرات تميل فيها الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالات المثارة بنفس المعدل الذي تميل به الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالة المستقرة. (د) يحتوي الوسط الفعال لليزر على ذرات تميل فيها الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالات المثارة بمعدل أكبر من الذي تميل به الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالة المستقرة. (هـ) يحتوي الوسط الفعال لليزر على ذرات تميل فيها الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالات المستقرة بمعدل أكبر من الذي تميل به الإلكترونات إلى الانتقال إلى الحالة المثارة.
حسنًا، يتمحور هذا السؤال حول ما يسمى بالوسط الفعال لليزر. قد يكون الوسط الفعال لليزر مادة صلبة، مثل هذا الوسط هنا، أو سائلة، أو حتى غازية. لكن على أية حال، تتم عملية اختيار المادة المكونة للوسط الفعال لليزر بعناية بحيث تمكننا من إنتاج أشعة الليزر. في خيارات الإجابة المختلفة، نلاحظ أن بعضها يشير إلى ما يسمى بالحالات المثارة، وبالحالات المستقرة كذلك. تتعلق هاتان الحالتان ببنية مستويات الطاقة المعينة التي يتكون منها الوسط الفعال.
لنفترض أننا نمثل حالات الطاقة هذه هكذا. يمكننا أن نفترض أن هذا الخط يمثل مستوى طاقة الحالة الأرضية للذرات في الوسط الفعال. سنسمي هذا المستوى 𝐸g ويرمز إلى طاقة الحالة الأرضية. ثم لنفترض أن هذا الخط الأكثر سمكًا يمثل جميع الحالات المثارة في الذرات مجتمعة معًا. إذن نحن نضع جميع الحالات المثارة في الذرات معًا، ونفترض أن لها مستوى طاقة يدعى 𝐸e. والآن عندما يتعلق الأمر بالإلكترونات في هذا النظام، نعلم أن الإلكترون يمكنه إما أن يشغل الحالة الأرضية - وهي بالمناسبة الحالة الطبيعية التي تميل الإلكترونات إليها - أو إذا تم تزويد النظام ببعض الطاقة، يمكن أن يثار الإلكترون ليحتل مستوى طاقة مثارًا.
ثمة اسم آخر لمستوى الطاقة الأرضي، وهو مستوى الطاقة الطبيعي في الحالة المستقرة، أو هو الحالة المستقرة فحسب. لذا إذا تحرك الإلكترون إلى مستوى أعلى هكذا، فإننا نقول أنه مثار. وإذا تحرك إلكترون من حالة مثارة إلى حالة أرضية، فإننا نقول إنه قد استقر. إذن هذا هو معنى هذين التعبيرين، «الحالات المثارة» و«الحالات المستقرة»، اللذين يظهران في بعض خيارات الإجابة. دعونا نعد صياغة الخيارات التي رأيناها على الشاشة السابقة، حتى نتمكن من رؤية خيارات الإجابة الخمسة على الشاشة نفسها. كانت هذه خيارات الإجابة (ج) و(ب) و(أ).
يشبه خيار الإجابة (ج) الخيارين (د) و(هـ)، غير أن الخيار (ج) يقول أن الوسط الفعال يحتوي على ذرات تميل إلكتروناتها إلى الانتقال إلى الحالات المستقرة بنفس معدل ميلها إلى الانتقال إلى الحالات المثارة. إذن نلاحظ أن الخيار (د) يخبرنا أن الانتقال إلى الحالات المثارة يحدث بمعدل أكبر من الانتقال إلى الحالات المستقرة، في حين يحدث العكس في الخيار (هـ). إنه يقول أن الانتقال إلى الحالات المستقرة يحدث بمعدل أكبر من الانتقال إلى الحالات المثارة. ثم كما رأينا، يصف الخيار (ج) معدل الانتقال إلى الحالات المستقرة والحالات المثارة بأنه متساو في كلتا الحالتين. إذن هذا هو خيار الإجابة (ج).
يقول خيار الإجابة (ب) أن الوسط الفعال لليزر يحتوي على ذرات ذات نوى غير مستقرة. ثم خيار الإجابة الأول، (أ)، يقول أن الوسط الفعال لليزر يحتوي على ذرات متأينة بالكامل. الآن، وبعد أن وضعنا هذه الخيارات جميعها على الشاشة أمامنا، هيا نعد إلى الرسم الخاص بمستويات الطاقة هذه في الذرات التي يتألف منها الوسط الفعال.
تذكر أننا نريد تحديد خاصية الوسط الفعال التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بقدرته على إنتاج الليزر. ولكي يحدث ذلك، نعلم أن الانبعاث المستحث لا بد أن يحدث. يتضمن هذا إلكترونًا في مستوى طاقة مثار ويتأثر بفوتون ساقط. إذا كان تردد هذا الفوتون، أو بعبارة أخرى طاقته، مناسبًا تمامًا، فقد يحث هذا الإلكترون على العودة إلى الحالة المستقرة في أثناء العملية، وعلى تحرير فوتون متطابق من حيث التردد والطور والاتجاه مع الفوتون الأصلي. ينتج عن هذه العملية، عند تكرارها عدة مرات، حزمة من الإشعاع المترابط المميز لضوء الليزر.
نلاحظ إذن أنه لكي ينتج الليزر، يجب أن تكون الإلكترونات الموجودة في الوسط الفعال في حالة مثارة. إذا لم تكن الإلكترونات في هذه الحالة – أي إذا كانت في الحالة الأرضية بدلًا من ذلك كما هو هنا في هذه الحالة - فعندما يأتي فوتون بالتردد المناسب، سيمتص هذا الفوتون ببساطة، ثم سينتقل الإلكترون إلى حالة مثارة، بدلًا من أن يستحث انبعاث فوتون آخر مطابق. عندما تكون الإلكترونات في حالة مثارة، يمكن أن تستحث لتحرير فوتون. ويضاف هذا الفوتون المنبعث إلى الفوتون الأصلي، في حين أنه على الجانب الآخر، إذا كانت الإلكترونات في الحالة الأرضية وامتصت الفوتون، تكون المحصلة الإجمالية هي فقدان فوتون من الفوتونات في هذه العملية. هذا كله يعني أنه لكي ينتج إشعاع الليزر، يجب أن يكون هناك ما يسمى بحالة الإسكان المعكوس. وهي الحالة التي يكون فيها عدد الإلكترونات في الحالة المثارة أكبر من عدد الإلكترونات في الحالة الأرضية.
بمعلومية ذلك، يمكننا البدء في استبعاد بعض خيارات الإجابة. أولًا، بالنظر إلى الخيارين (أ) و(ب)، الذرة المتأينة بالكامل لا تمتلك أي إلكترونات مقيدة، ولكننا نحتاج إلى هذه الانتقالات التي تتم بفعل الإلكترونات المقيدة لإنتاج الليزر. وبهذا تصبح الذرات المتأينة بالكامل غير قادرة على العمل كوسط فعال في الليزر. إذن، سنستبعد الخيار (أ). أما الخيار (ب)، فيتحدث عن نوى غير مستقرة في الوسط الفعال. قد يشير هذا الوصف إلى اضمحلال نووي وشيك في النشاط الإشعاعي. لكن لا تساهم هذه العمليات في إنتاج ضوء الليزر. ليست هناك حاجة لأن تحتوي الذرات في الوسط الفعال على نوى غير مستقرة. وفي الواقع، نحن لا نريدها كذلك. ولذلك سنستبعد الخيار (ب) أيضًا.
عندما نتأمل الخيارات الثلاثة المتبقية، نجد أنها متشابهة إلى حد كبير. جميعها يصف معدل الانتقال إلى الحالات المثارة والحالات المستقرة، ويقارن بين هذين المعدلين. لمعرفة أفضل إجابة بين هذه الخيارات الثلاثة، إليك سؤالًا يمكننا طرحه. أي من المعدلات الثلاثة المختلفة الموضحة في خيارات الإجابة هذه سيؤدي إلى وجود معظم الإلكترونات في الذرة في حالة مثارة بدلًا من الحالة الأرضية؟ بوضع هذا السؤال في الاعتبار، لننظر مرة أخرى إلى خيار الإجابة (ج).
يقول هذا الخيار أن معدل انتقال الإلكترونات إلى الحالة المثارة يساوي معدل انتقالها إلى الحالة المستقرة. ولكن إذا حدث ذلك، فسنتوقع أن يكون عدد الإلكترونات في الحالة المستقرة هو نفس عددها في الحالة المثارة. وهذا يعني أننا لم نحقق حالة الإسكان المعكوس. أي في حالة سقوط فوتون على هذه الذرة فإن احتمال امتصاصه أو حثه لانبعاث فوتون آخر يكون متساويًا تمامًا. إذن عندما يكون هذان المعدلان متساويين، كما يوضح الخيار (ج)، فلن نتمكن من تضخيم الإشعاع الناتج بفعل الانبعاث المستحث. لذا سنستبعد هذا الخيار.
بعد ذلك، يقول الخيار (هـ) أن معدل انتقال الإلكترونات إلى الحالات المستقرة يكون أكبر من معدل انتقالها إلى الحالات المثارة. إذا كان الأمر كذلك، نتوقع أن يبدو النظام الذري على هذا النحو، مع عدم وجود إلكترونات مثارة. لكن عدم وجود إلكترونات مثارة يعني عدم وجود انبعاث مستحث. إذن لا يمكن إنتاج ضوء الليزر بهذه الطريقة. وعليه سنشطب هذا الخيار أيضًا.
وأخيرًا، يخبرنا الخيار (د) أن معدل انتقال الإلكترونات إلى الحالات المثارة أكبر من معدل انتقالها إلى الحالات المستقرة. من بين جميع خيارات الإجابة، هذا هو الخيار الوحيد الذي من شأنه أن يؤدي إلى الإسكان المعكوس. وهذا سيمكننا بعد ذلك من إنتاج ضوء الليزر. إذن الوسط الفعال يحتوي على ذرات تميل إلكتروناتها إلى الانتقال إلى الحالات المثارة بمعدل أكبر من انتقالها إلى حالات الإسكان المعكوس.
لنلخص الآن ما تعلمناه عن مكونات الليزر وآلية عمله. في هذا الدرس، عرفنا أن الليزر يتكون من ثلاثة أجزاء. أولًا، الوسط الفعال، الذي قد يكون مادة صلبة، أو سائلة، أو غازية، والذي يوفر مادة تتمتع بالبنية المناسبة لمستويات طاقة الإلكترونات اللازمة لإنتاج الليزر. كما أن لجميع أنواع أجهزة الليزر أيضًا مصدرًا للطاقة، الذي يعرف أحيانًا بمضخة طاقة، وهي التي تزود ذرات الوسط الفعال بالطاقة. وبذلك يكون عدد الإلكترونات الموجودة في هذا الوسط في حالة مثارة أكثر مقارنة بتلك التي في الحالة الأرضية، وهو ما يحقق حالة الإسكان المعكوس.
كما عرفنا أن حالة الإسكان المعكوس تتحقق من خلال ما يسمى بحالة الطاقة شبه المستقرة. ثم يتم تضخيم الانبعاثات المستحثة للإشعاع الصادر عن هذه الحالة من خلال الجزء الرئيسي الثالث من الليزر المعروف باسم التجويف الرنيني. وبفضل عمل هذه الأجزاء الثلاثة معًا في تناغم، تتولد حزمة من إشعاع الليزر في نهاية المطاف.