نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نصف تركيب البنكرياس ووظيفته. سنستكشف أولًا موقع البنكرياس في جسم الإنسان، وكيف يمكنه أن يؤدي وظائف الغدد الخارجية الإفراز عن طريق إفراز الإنزيمات، وكذلك وظائف الغدد الصماء عن طريق إفراز الهرمونات في مجرى الدم. وسوف نلقي نظرة على بعض الأنواع المختلفة من الخلايا التي تشكل أنسجة البنكرياس كما تظهر تحت المجهر. يفرز بعض من هذه الخلايا الإنسولين والجلوكاجون، وهما هرمونان ضروريان للحفاظ على مستويات السكر في الدم. سوف نتعرف أيضًا على ما قد يحدث للجسم إذا لم تحفظ هذه المستويات كما يجب.
يقع البنكرياس خلف المعدة مباشرة داخل تجويف البطن. وكما نرى، فإن البنكرياس عضو مستطيل يبلغ طوله نحو 15 سنتيمترًا. دعونا نكبر صورة البنكرياس هذه لكي نتمكن من رؤية ما يحدث داخل هذا العضو بمزيد من الوضوح. البنكرياس غدة. ولعلك تتذكر أن هناك نوعين رئيسيين من الغدد: الغدد الخارجية الإفراز والغدد الصماء. وبما أن البنكرياس يؤدي وظائف كل من الغدد الخارجية الإفراز والغدد الصماء، فكثيرًا ما يوصف بأنه غدة مختلطة.
لنلق نظرة على الوظائف المختلفة للبنكرياس بمزيد من التفصيل، بداية من وظائفه بوصفه غدة خارجية الإفراز. الغدد الخارجية الإفراز مجموعات متخصصة من الخلايا تفرز مواد، مثل الإنزيمات، عبر قناة على سطح الجسم الخارجي أو الداخلي. يؤدي البنكرياس وظائف الغدة الخارجية الإفراز؛ فهو يفرز إنزيمات الهضم داخل الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، المعروف بالاثني عشر، عبر القناة البنكرياسية. تتكون معظم كتلة البنكرياس من نسيج خارجي الإفراز. يحتوي هذا النسيج على عنيبات تحتوي بدورها على مجموعات من الخلايا العنيبية البنكرياسية المسئولة عن إنتاج إنزيمات الهضم هذه وإفرازها. تنتقل إنزيمات الهضم هذه، الموجودة في مادة تسمى العصارة البنكرياسية، من البنكرياس بطول القناة البنكرياسية حيث تفرز عند نهايتها هذه الإنزيمات في الاثني عشر.
يشار أحيانًا إلى البنكرياس بأنه عضو ملحق بالجهاز الهضمي. وسبب ذلك هو أنه عندما يمر الطعام عبر القناة الهضمية، فإنه يتوجه نحو المعدة متجاوزًا البنكرياس مباشرة إلى الأمعاء الدقيقة. لكن الإنزيمات التي يفرزها البنكرياس تظل أساسية في عملية الهضم؛ فهي تكسر المغذيات الكبيرة الحجم في الأمعاء الدقيقة.
دعونا نرسم قطاعًا مكبرًا للاثني عشر لنتعرف على آلية عمل هذه الإنزيمات المختلفة. توجد ثلاث مجموعات أساسية من الإنزيمات التي تفرز بوصفها جزءًا من العصارة البنكرياسية بهدف هضم الطعام بمجرد وصوله إلى الاثني عشر وهي: البروتييز، والأميليز، والليبيز. تعمل إنزيمات البروتييز، مثل التربسين، على تكسير البروتينات إلى ببتيدات وعديدات الببتيد، والتي يمكن تكسيرها بعد ذلك إلى وحدات أصغر تسمى الأحماض الأمينية. وتواصل إنزيمات الأميليز تكسير النشا، الذي يهضم أولًا في الفم، إلى سكريات بسيطة مثل الجلوكوز. وتكسر إنزيمات الليبيز الليبيدات إلى أحماض دهنية وجليسرول.
يجب أن تكون الوحدات الفرعية الصغرى الناتجة عن هضم الإنزيمات صغيرة بما يكفي لتتمكن الخلايا المبطنة للأمعاء الدقيقة من امتصاصها لتدخل أنظمة النقل في الجسم، مثل الدم، وتنقل إلى خلايا الجسم الأخرى على حسب الحاجة. وتتطلب كل هذه الإنزيمات رقمًا هيدروجينيًّا محددًا كي تؤدي وظائفها بكفاءة. يدخل بعض من حمض الهيدروكلوريك من المعدة إلى الاثني عشر، الأمر الذي قد يجعل الاثني عشر شديد الحمضية بدرجة تعوق الإنزيمات عن أداء وظائفها بكفاءة. لمواجهة ذلك، تحتوي العصارة البنكرياسية أيضًا على مادة قلوية تسمى بيكربونات الصوديوم. تعادل هذه المادة حمض المعدة، ما يجعل الرقم الهيدروجيني للاثني عشر ملائمًا على نحو أمثل لإنزيمات الهضم هذه. يفرز ما بين 200 و800 ملليلتر من هذه الإفرازات التي تشكل العصارة البنكرياسية كل يوم، أي ما يصل إلى باينت ونصف تقريبًا. وتعزز هذه الإفرازات التفاعلات الكيميائية اللازمة لهضم الطعام بكفاءة وتساعد الأمعاء على امتصاص المغذيات التي نحتاج إليها.
دعونا نستكشف بعد ذلك الوظائف التي يؤديها البنكرياس بوصفه غدة صماء، والتي تحدث داخل الأنسجة المنتشرة خلال الخلايا البنكرياسية العنيبية التي تسمى جزر لانجرهانز. تتكون الغدد الصماء من مجموعات من الخلايا المتخصصة التي تفرز الهرمونات في الدم مباشرة. ويؤدي البنكرياس وظائف الغدد الصماء بإفرازه هرمونات، مثل الإنسولين والجلوكاجون، في مجرى الدم.
دعونا نكبر إحدى جزر لانجرهانز هذه لكي نستطيع رؤيتها بمزيد من التفصيل. يمثل هذا الرسم تركيب إحدى جزر لانجرهانز بعد تكبيرها. يرجع سبب تسميتها بالجزر إلى كونها تشبه الجزر المتناثرة في بحر من الخلايا العنيبية البنكرياسية. يزود البنكرياس بشبكة كثيفة من الشعيرات الدموية التي تنقل الدم منه وإليه، وهذه الشعيرات هي أوعية دموية دقيقة للغاية تحافظ على أداء وظائف الخلايا البنكرياسية. توجد الأوعية الدموية بالقرب من جزر لانجرهانز بحيث يمكن نقل الهرمونات التي تفرز هناك من الخلايا البنكرياسية الصماء إلى الأنسجة التي تستهدفها تحديدًا في أماكن أخرى من الجسم.
لنلق نظرة على بعض الأمثلة المحددة على هذه الخلايا الصماء في جزر لانجرهانز وكيف يمكن للهرمونات التي تفرزها أن تحفز أنشطة من شأنها التحكم في تركيز جلوكوز الدم. يتراوح التركيز الطبيعي والصحي لجلوكوز الدم ما بين 80 و120 ملليجرامًا لكل ديسيلتر. هذا يعني أنه يوجد ما بين 80 و120 ملليجرامًا من الجلوكوز لكل 100 سنتيمتر مكعب من الدم، أي ما يعادل ربع ملعقة صغيرة من السكر ذائبة في لتر واحد من الدم، وهذا التركيز أقل بنحو 100 مرة من تركيز السكر في المشروبات الغازية.
عندما يقل مستوى جلوكوز الدم عن هذا المعدل، كما يحدث مثلًا بعد تمرين طويل استهلك الكثير من سكر الدم المخزن في الجسم، تنتج خلايا ألفا هرمونًا يسمى الجلوكاجون، يفرز في مجرى الدم. يستهدف الجلوكاجون العديد من الخلايا المختلفة، مثل خلايا الكبد، التي يحفزها الجلوكاجون لتكسير الجليكوجين المخزن وتحويله إلى جلوكوز وإنتاج الجلوكوز من الأحماض الأمينية والدهون. يفرز هذا الجلوكوز المنتج حديثًا في مجرى الدم ويزيد تركيز جلوكوز الدم، فيعيده إلى المعدل الطبيعي.
عندما يزداد جلوكوز الدم عن المعدل الطبيعي، كما يحدث مثلًا بعد تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات، تفرز خلايا بيتا الموجودة في جزر لانجرهانز هرمونًا يسمى الإنسولين، الذي يفرز في مجرى الدم. يستهدف الإنسولين أيضًا خلايا متنوعة، من بينها خلايا العضلات الهيكلية التي تحفز لامتصاص المزيد من الجلوكوز، وكذلك خلايا الكبد. يحفز الإنسولين الكبد لأداء نشاط معاكس لتأثير الجلوكاجون، أي تحويل المزيد من الجلوكوز إلى جليكوجين لتخزينه، ومن ثم خفض تركيز جلوكوز الدم وإعادته إلى معدله الطبيعي. يزداد أيضًا معدل تحلل الجلوكوز، وهو الخطوة الأولى في عملية التنفس الخلوي، لاستهلاك تلك الكمية الزائدة من الجلوكوز، وهي واحدة من وظائف عدة للإنسولين.
ربما تتساءل لماذا من المهم لنا أن يتحكم البنكرياس في مستويات جلوكوز الدم. للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نر ما يمكن أن يحدث إذا لم يستطع الجسم الحفاظ على مستوى ثابت نسبيًّا من جلوكوز الدم.
مرض السكري من النوع الأول حالة كثيرًا ما تحدث نتيجة فشل خلايا بيتا في البنكرياس في التحكم في تركيز جلوكوز الدم. عند إصابة الشخص بمرض السكري من النوع الأول، تنتج خلايا بيتا كميات غير كافية من الإنسولين، إن وجد من الأساس. هذا يعني أن تركيز جلوكوز الدم قد يصبح مرتفعًا للغاية حال عدم التحكم فيه كما ينبغي. ومن الممكن أن ينتج عن ذلك آثار عديدة تضر بمختلف أجهزة الجسم وأعضائه.
على سبيل المثال، يمكن للتركيز المفرط لجلوكوز الدم أن يسبب تلف الخلايا العصبية، فيقلل كفاءة النقل العصبي في مختلف أنحاء الجسم. ويمكن أيضًا أن يسبب تلف الأوعية الدموية. ويمكن أيضًا أن يؤدي التركيز المرتفع لجلوكوز الدم إلى كثرة التبول. وبسبب زيادة الجلوكوز في البول، يمكن الاستعانة باختبارات البول بوصفها وسيلة غير مباشرة لمراقبة مستويات جلوكوز الدم لدى مريض السكري أو لبيان إذا ما كان الشخص الذي لم تشخص حالته بعد مريضًا بالسكري أو غيره من الحالات الصحية الكامنة. والمعدل الزائد للتبول يعني فقدان الجسم للكثير من المياه أيضًا، ما يؤدي إلى الشعور المفرط بالعطش.
هل تعلم أن الأطباء في مصر القديمة عرفوا هذا المرض بالفعل عام 1500 قبل الميلاد؟ ذلك لأنهم لاحظوا تجمع النمل على بول مرضى السكري. وهذا لأن بول الأشخاص الذين يعانون مرض السكري يحتوي على كمية أكبر من الجلوكوز، ومن ثم ترتفع به نسبة السكر.
يقارن هذا التمثيل البياني بين جلوكوز الدم في مريض السكري، باللون البرتقالي، وجلوكوز الدم في الشخص السليم، باللون الوردي. يوضح المحور الرأسي 𝑦 تركيز جلوكوز الدم في كل شخص، في حين يوضح المحور الأفقي 𝑥 الزمن بالساعات، بعد تناول كل شخص الوجبة نفسها عند الساعة صفر. كما تلاحظ، في لحظة تناول الوجبة، يكون مستوى الجلوكوز في الدم أعلى بالفعل لدى مريض السكري. وتلاحظ أنه على مدار الساعة الأولى التي تلي تناول الوجبة، لقد ارتفع مستوى جلوكوز الدم لدى كل من مريض السكري والشخص السليم بسبب انتشار السكريات الموجودة في طعامهما إلى مجرى الدم.
ونظرًا لأن تركيز جلوكوز الدم لدى مريض السكري مرتفع من البداية، فإن تركيز جلوكوز الدم لديه يرتفع مرة أخرى ليصل إلى ذروة أعلى مقارنة بالشخص السليم. ولعلك تتذكر أن ذلك يرجع إلى أن خلايا بيتا لديه لا تنتج القدر الكافي من الإنسولين لخفض تركيز جلوكوز الدم إلى المعدل الطبيعي. وهذا ما يفسر أيضًا لماذا يستغرق تركيز جلوكوز الدم لدى مريض السكري وقتًا أطول بوجه عام للعودة إلى مستوى أقل. ولمنع الآثار الضارة المترتبة على هذه الحالة، ينبغي لمرضى السكري من النوع الأول مراقبة جلوكوز الدم لديهم بدقة وعلاج الأعراض باستخدام حقن الإنسولين اليومية. في بعض الأحيان، يمكن إجراء عمليات زرع البنكرياس لمرضى السكري من النوع الأول لإبدال خلايا بيتا المعطلة بهم. لكنه إجراء جراحي شديد التوغل، إضافة إلى أن الحصول على الأعضاء بغرض زراعتها أمر بالغ الصعوبة.
توجد إمكانية لاستخدام الخلايا الجذعية في علاج مرض السكري. فيمكن تحفيز الخلايا الجذعية للتمايز إلى خلايا بيتا وحقنها في الشخص الذي يعجز عن إنتاج الإنسولين بنفسه. والتطور في استخدام الخلايا الجذعية في الطب يبعث الأمل في علاج مرضى السكري وغيرها الكثير من الحالات المرضية في السنوات القادمة.
هيا نختبر مقدار ما تعلمناه عن البنكرياس بمحاولة الإجابة عن هذا السؤال التدريبي.
لماذا يشار إلى البنكرياس بأنه غدة مختلطة؟ يحتوي البنكرياس على خلايا صماء تفرز هرمونات وخلايا خارجية الإفراز تفرز إنزيمات. يحتوي البنكرياس على خلايا خارجية الإفراز تفرز هرمونات وخلايا صماء تفرز إنزيمات.
لنبدأ الإجابة عن هذا السؤال بتعريف بعض المصطلحات الأساسية المستخدمة فيه. تفرز الغدد الصماء الهرمونات في مجرى الدم مباشرة، وتفرز الغدد الخارجية الإفراز مواد عبر قنوات، وعادة ما يحدث الإفراز على سطح الجسم، مثل الجلد أو داخل القناة الهضمية. يمثل هذا الرسم البنكرياس البشري. يحتوي البنكرياس على خلايا صماء توجد في منطقة تسمى جزر لانجرهانز، وهي موضحة هنا باللون الوردي. هذه الخلايا الصماء الموجودة في جزر لانجرهانز تفرز وتنتج هرمونات مثل الإنسولين والجلوكاجون، وتطلقها في مجرى الدم. وبمجرد وصول هذين الهرمونين إلى الدم، يمكنهما التحرك نحو الخلايا المستهدفة لتحدث بها تأثيرًا من خلال زيادة تركيز جلوكوز الدم أو خفضه للإبقاء على معدله الطبيعي الصحي.
تتكون معظم كتلة البنكرياس من نسيج خارجي الإفراز يتكون من تجمعات تسمى العنيبات، وهذه تحتوي على خلايا عنيبية بنكرياسية يمكننا رؤيتها هنا باللون البرتقالي محيطة بهذا التركيب الأخضر، وهو القناة البنكرياسية. تفرز الخلايا العنيبية داخل العنيبات إنزيمات الهضم داخل هذه القناة البنكرياسية التي تفرغها بعد ذلك في الأمعاء الدقيقة حيث تصبح هذه الإنزيمات مسئولة عن تكسير البروتينات، والليبيدات، والكربوهيدرات الموجودة في الطعام الذي نأكله. ونظرًا لأن البنكرياس يؤدي وظائف كل من الغدة الصماء والغدة الخارجية الإفراز، يشار إليه أحيانًا بأنه غدة مختلطة.
دعونا نستخدم هذه المعلومات للإجابة عن السؤال. نعلم الآن أن الخلايا الصماء تفرز هرمونات، والخلايا الخارجية الإفراز للبنكرياس تفرز إنزيمات. لذلك لا بد أن هذا الخيار هو الإجابة الصحيحة.
لنراجع بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الفيديو. نعلم الآن أن البنكرياس يشار إليه بأنه غدة مختلطة لأنه يؤدي وظائف الغدد الصماء والغدد الخارجية الإفراز. تتكون معظم كتلة البنكرياس من نسيج خارجي الإفراز يتكون من خلايا عنيبية توجد في مناطق تسمى العنيبات. تفرز هذه الخلايا العنيبية إنزيمات الهضم داخل الأمعاء الدقيقة عبر القناة البنكرياسية. جزر لانجرهانز هي الأنسجة الصماء للبنكرياس. تحتوي كل جزيرة على خلايا ألفا تفرز هرمونًا يسمى الجلوكاجون الذي يرفع مستويات جلوكوز الدم عندما تكون منخفضة للغاية، وتحتوي كذلك على خلايا بيتا التي تفرز هرمونًا يسمى الإنسولين الذي يخفض مستويات جلوكوز الدم عندما تكون مرتفعة للغاية. مرض السكري من النوع الأول حالة تحدث نتيجة فشل خلايا بيتا في إنتاج الإنسولين بكميات كافية للتحكم في جلوكوز الدم، ذلك إن كانت قادرة على إنتاجه من الأساس.