فيديو الدرس: النشاط الإشعاعي الكيمياء

في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نشرح مفهوم النشاط الإشعاعي.

١٦:٤٥

‏نسخة الفيديو النصية

في هذا الفيديو، سوف نتعرف على النشاط الإشعاعي، وما المقصود به، وكيف اكتشف، وعلى أنواع الإشعاع واستخداماته وآثاره. لنبدأ باكتشاف النشاط الإشعاعي. في عام ‪1896‬‏، كان العالم هنري بيكريل يدرس خواص الأشعة السينية المكتشفة حديثًا. علم بيكريل أن الأشعة السينية تترك أثرًا على ورقة التصوير الفوتوغرافي. فخطط أن يعرض ملحًا معدنيًّا فلوريًّا يحتوي على اليورانيوم إلى ضوء الشمس. وكان يعتقد أن الملح سيمتص الطاقة الشمسية ثم يطلق طاقة على هيئة أشعة سينية على ورقة التصوير الفوتوغرافي. وهذا من شأنه أن يترك آثارًا أو علامات أو أنماطًا معينة على الورقة.

ولكن الطقس كان غائمًا في اليوم الذي اختاره لإجراء تجربته. لذا وضع الأملاح وورقة التصوير الفوتوغرافي معًا في درج مكتبه. وبالرغم من عدم إجرائه التجربة كما خطط لها، فقد قرر تحميض ورقة التصوير على أية حال. وتفاجأ بوجود آثار أو علامات على الورقة بالرغم من أنه لم يعرض أملاح اليورانيوم لضوء الشمس. فأدرك أن اليورانيوم الموجود في الأملاح يبعث نوعًا من الإشعاع تلقائيًّا دون الحاجة إلى امتصاص الطاقة من أشعة الشمس أولًا. وبذلك اكتشف النشاط الإشعاعي، وفاز بيكريل بجائزة نوبل في عام ‪1903‬‏ عن هذا الاكتشاف.

بعد ذلك، في عام ‪1898‬‏، دفع الحماس باحثة شابة تدعى ماري كوري لمواصلة دراسة هذه الظاهرة. وتخلى زوجها بيير عن عمله البحثي لينضم إليها في استكشاف هذه الظاهرة المكتشفة حديثًا. وأثمر عملهما عن اكتشاف عنصري البولونيوم والراديوم. وكانت ماري أول من استخدم مصطلح النشاط الإشعاعي. النشاط الإشعاعي هو الانبعاث التلقائي للجسيمات أو لأشعة الطاقة بفعل تفكك النوى الذرية غير المستقرة. فاز الزوجان أيضًا بجائزة نوبل في عام ‪1903‬‏ عن أبحاثهما في مجال النشاط الإشعاعي، مثلما حدث مع بيكريل. بعد ذلك، حصلت ماري على جائزة نوبل مرة أخرى في عام ‪1911‬‏ عن اكتشافها البولونيوم والراديوم. سار العديد من العلماء على نهج بيكريل وعائلة كوري، وأصبحنا الآن نعرف الكثير عن الاضمحلال الإشعاعي.

والآن لنلق نظرة على بعض الأنواع الرئيسية للجسيمات الناتجة عن الاضمحلال الإشعاعي. بعد اكتشافات بيكريل وعائلة كوري، أجرى عالم فيزياء يسمى إرنست رذرفورد دراسات مكثفة حول الاضمحلال الإشعاعي. وأوضح أن هناك أنواعًا مختلفة من الإشعاع. وبالتعاون مع باحثين آخرين، أوضح كيف يمكن للجسيمات المنبعثة من المواد المشعة الانحراف أحيانًا في مجال مغناطيسي أو كهربي.

وأوضح كذلك أن الجسيمات المختلفة المنبعثة من المادة المشعة تنحرف في اتجاهات مختلفة في المجال. فالأشعة أو الجسيمات، التي تنحرف نحو الجانب ذي الشحنة السالبة في المجال، لا بد أن تحمل شحنة موجبة. وهذه تسمى أشعة ألفا. والأشعة التي تنحرف نحو الجانب ذي الشحنة الموجبة في المجال، لا بد أن تحمل شحنة سالبة. وهذه تسمى أشعة بيتا. والأشعة التي لا تنحرف عن المسار الأصلي تسمى أشعة جاما. وهي لا تحمل أي شحنة.

أوضحت دراسات أخرى بعد ذلك كيف تختلف أشعة ألفا وبيتا وجاما من حيث القدرة على الاختراق. أثبت العلماء أن أشعة ألفا لها قدرة منخفضة على الاختراق. فيكفي استخدام ورقة لإيقاف مسارها. فهي جسيمات ثقيلة مقارنة بجسيمات بيتا، وهي مكونة من بروتونين ونيوترونين، وهو ما يشبه نواة ذرة الهليوم بشكل أساسي. وتتحرك هذه الجسيمات ببطء. أما أشعة بيتا أو جسيمات بيتا، فتتمتع بقدرة أكبر على الاختراق. إذ يمكنها اختراق الورقة، ولكن يمكن اعتراض مسارها باستخدام طبقة رقيقة من الألومنيوم. وهي أخف من أشعة ألفا، وتتكون من إلكترونات صغيرة ذات طاقة عالية. تتحرك جسيمات بيتا أسرع من جزيئات ألفا. أما أشعة جاما، فلها قدرة عالية جدًّا على الاختراق. ويمكن إيقاف مسارها إلى حد كبير باستخدام كتلة من الرصاص سمكها عدة سنتيمترات أو كتلة من الأسمنت سمكها متر. تتكون أشعة جاما من فوتونات أو موجات. وتتحرك بسرعة عالية جدًّا تضاهي سرعة الضوء.

لاحظ أننا نستخدم عادة مصطلحات الجسيم والشعاع والإشعاع بالتبادل. من الناحية العملية، جسيم ألفا جسيم. وكذلك جسيمات بيتا، لكن أشعة جاما موجات. ولكن في بعض الأحيان نستخدم هذه المصطلحات بالتبادل؛ نظرًا للعلاقة بين الكتلة والطاقة. وبخلاف أشعة ألفا وبيتا وجاما، هناك أنواع أخرى من الإشعاع. وهي تتضمن الأشعة السينية، والإشعاع النيوتروني، والإشعاع البروتوني.

قبل المتابعة، دعونا نلخص ما تعلمناه حتى الآن في جدول. لنقارن الجسيمات من حيث النوع، والرمز، والطبيعة، والشحنة، والكتلة التقريبية، والسرعة، والقدرة على الاختراق.

يرمز إلى إشعاع ألفا وبيتا وجاما بالرموز اليونانية ‪𝛼‬‏ و‪𝛽‬‏ و‪𝛾‬‏. تحتوي جسيمات ألفا على بروتونين ونيوترونين مثل نواة ذرة الهليوم. جسيمات ألفا موجبة الشحنة. جسيمات بيتا إلكترونات ذات طاقة عالية تتحرر من النواة عندما يتحول نيوترون إلى بروتون. وهي جسيمات ذات شحنة سالبة. وجسيمات جاما موجات أو فوتونات ليس لها أي شحنة؛ أي إنها متعادلة الشحنة. الكتلة التقريبية لكل نوع من هذه الأشعة بوحدة الكتلة الذرية هي أربعة أمثال كتلة البروتون لجسيم ألفا تقريبًا، وألف وثمانمائة جزء من كتلة البروتون لجسيم بيتا تقريبًا. ونضع شرطة في خانة الكتلة لأشعة جاما لأنها موجات. جسيمات ألفا تتحرك ببطء نسبيًّا، وجسيمات بيتا أسرع منها، وأشعة جاما تتحرك بسرعة الضوء.

جسيمات ألفا لها قدرة منخفضة على الاختراق. فيمكن إيقاف مسارها بسهولة باستخدام ورقة. أما جسيمات بيتا فقدرتها متوسطة على الاختراق؛ إذ يمكن إيقاف مسارها باستخدام طبقة رقيقة من الألومنيوم، لكن يمكنها اختراق الورق. أشعة جاما ذات قدرة عالية على الاختراق. فيمكنها اختراق الورق ورقائق الألومنيوم، ويوقف مسارها غالبًا كتلة من الرصاص سمكها بضعة سنتيمترات أو كتلة من الأسمنت سمكها متر.

دعونا نلق نظرة عن قرب على كيفية تفاعل هذه الأشعة مع المادة عندما تخترقها. يمكن تصنيف الإشعاع إلى الإشعاع المؤين أو الإشعاع غير المؤين. يوضح هذا الشكل الطيف الكهرومغناطيسي حيث توجد الموجات ذات الطول الموجي الطويل على اليسار، والموجات ذات الطول الموجي القصير على اليمين. يمكننا تقسيم الطيف إلى جزأين في نطاق الأشعة فوق البنفسجية. في الطرف الأيسر توجد الأطوال الموجية الأطول، وهي غير مؤينة. وفي الطرف الأيمن توجد الأطوال الموجية الأقصر، وهي مؤينة. الأطوال الموجية الطويلة تصاحبها ترددات منخفضة وطاقة منخفضة، بينما الأطوال الموجية القصيرة لها تردد عال وطاقة عالية. الإشعاع المؤين إشعاع ذو طاقة كافية لنزع إلكترون من الذرة؛ ومن ثم يؤينها. ويمكن للإشعاع المؤين أيضًا تفكيك الجزيئات إلى جسيمات أصغر.

عندما يحدث ذلك في خلايا الكائنات الحية، يمكن لكسرات الجزيئات أو الأيونات التفاعل مع الذرات، وهو ما يتسبب في ضرر خلوي. أما الإشعاع غير المؤين، فليس لديه طاقة كافية بوجه عام لنزع الإلكترونات من الذرات. ومع ذلك، يظل بإمكان هذا النوع من الإشعاع التسبب في إلحاق بعض الضرر بالأنسجة الحية. والتأثير الرئيسي للإشعاع غير المؤين هو الحروق. والتعرض اليومي الطبيعي للإشعاع غير المؤين لا يعد ضارًّا. لكن الضرر الخلوي الناتج عن الإشعاع المؤين يمكن أن يتسبب في جميع أنواع المشكلات في الخلايا. وهذا يتضمن الضرر الناجم عن الجذور الحرة، وطفرات الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين، بل وموت الخلايا. بالإضافة إلى بعض الموجات فوق البنفسجية، والأشعة السينية، وأشعة جاما، تتضمن الجسيمات المؤينة جسيمات ألفا وبيتا والنيوترونات.

إذا قارنا بين أشعة ألفا وبيتا وجاما، فسنلاحظ تدرجًا في القدرة على التأيين. كل هذه الجسيمات تتمتع بالقدرة على تأيين الذرات، وتسبب ضررًا للأنسجة. لكن جسيمات ألفا لديها أكبر قدرة على التأيين، تليها جسيمات بيتا، ثم جاما، وهي أقل الجسيمات الثلاثة قدرة على التأيين. ما سبب ذلك؟ تذكر أن جسيمات ألفا بطيئة جدًّا، ويمكن إيقاف مسارها باستخدام ورقة. في حالة دخول ذرات مشعة إلى الجسم وانبعاث جسيمات ألفا، فسيتوقف مسار هذه الجسيمات بسهولة بفعل الأنسجة، وتظل في الجسم، وهو ما يتيح لجسيمات ألفا وقتًا كافيًا لتحدث أضرارها بالجسم، بينما أشعة جاما ذات طاقة عالية وسريعة جدًّا ويمكنها أن تمر مباشرة من خلال الأنسجة الحيوية، وهو ما يجعلها تستغرق وقتًا قليلًا جدًّا في التفاعل مع الذرات؛ ولذلك تحدث ضررًا أقل.

والآن أصبحنا نعرف كيف اكتشف النشاط الإشعاعي، والأنواع الثلاثة الرئيسية للإشعاع وأوجه الاختلاف بينها، والإشعاع المؤين وغير المؤين. هل توجد أي استخدامات مفيدة للإشعاع المؤين وغير المؤين؟ نعم. دعونا نلق نظرة. ربما تكون على دراية بالعديد من الاستخدامات للإشعاع غير المؤين، مثل الاتصالات. تستخدم ترددات مختلفة من الأشعة الميكروية أو الموجات الراديوية في الهواتف المحمولة وأجهزة الراديو. يمكننا طهي الطعام باستخدام الطاقة الناتجة عن الأفران التي تعمل بالأشعة الميكروية. والتدفئة الناتجة عن المصابيح الحرارية مصدرها موجات الأشعة تحت الحمراء. ونرى الضوء ونشعر بالدفء بسبب أشعة الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من الشمس. والإشعاع المؤين أيضًا له العديد من الاستخدامات. ففي الطب، نستخدم الأشعة السينية لتصوير عظام الجسم. ويمكن استخدام أشعة جاما أو الأشعة السينية لتدمير الكائنات الحية الدقيقة لتعقيم المعدات الطبية. والإشعاع النيوتروني في تفاعلات الانشطار في محطات الطاقة النووية يولد الكثير من الطاقة التي تتحول إلى طاقة كهربية.

في مجال الصناعة والبحث العلمي، يوجد العديد من الاستخدامات للآثار المشعة. على سبيل المثال، يمكن استخدام النظائر المشعة لتتبع الكسور في الآلات الهيدروليكية ورصدها، بالإضافة إلى متابعة مدى تقدم التفاعلات الكيميائية في المختبرات الكيميائية وفي خلايا الكائنات الحية في مجال الطب. توجد استخدامات أخرى كثيرة للإشعاع المؤين وغير المؤين بخلاف ما تناولناه. ينبغي على مستخدمي الإشعاع المؤين أن يتذكروا ما ينطوي عليه من أضرار شديدة محتملة. فمن الضروري الالتزام بتدابير السلامة الصارمة عند استخدام الإشعاع المؤين. ويتعين على مستخدمي الإشعاع المؤين رصد مستويات التعرض للإشعاع بشكل مستمر. الالتزام بهذه التدابير يحافظ على صحة العمال الذين يستخدمون هذا النوع من الإشعاع وسلامتهم.

انتهى بذلك درسنا عن الإشعاع في هذا الفيديو. قبل أن نلخص ما سبق، دعونا نلق نظرة سريعة على بعض الإشعاع من خارج هذا العالم. الأشعة الكونية جسيمات يعتقد أن معظمها يأتي من الانفجارات والتوهجات الشمسية، بالإضافة إلى المستعرات والمستعرات العظمى للنجوم الأخرى. تصطدم هذه الأشعة بكوكبنا باستمرار بسرعة وطاقة عاليتين. وتسبب تفاعلات متسلسلة متنوعة في الغلاف الجوي. وتنتج هذه التفاعلات أنواعًا كثيرة من الجسيمات، بل والجسيمات دون الذرية الحرة أيضًا. ويحمينا المجال المغناطيسي والغلاف الجوي للأرض من هذه الجسيمات إلى حد كبير. بالرغم من أن بعض هذه الجسيمات يمكن أن يتسبب في ضرر للحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين، فإن معظمها يمر عبر أجسامنا بسلام.

والآن، لنلخص كل ما تعلمناه. تعرفنا على اكتشاف النشاط الإشعاعي على يد هنري بيكريل، وكيف صاغت ماري كوري مصطلح النشاط الإشعاعي على أنه الانبعاث التلقائي لأشعة أو جسيمات قادرة على الاختراق من النوى غير المستقرة. وعرفنا أن الأنواع الرئيسية الثلاثة من الأشعة المشعة هي ألفا وبيتا وجاما. وتعلمنا أن جسيمات ألفا تشبه نواة ذرة الهليوم. فهي بطيئة الحركة وثقيلة وقدرتها على الاختراق منخفضة. وجسيمات بيتا هي إلكترونات عالية الطاقة تتحرك أسرع من جسيمات ألفا، وهي أخف وزنًا، وذات قدرة متوسطة على اختراق المواد. كما علمنا أن أشعة جاما ليست جسيمات، وإنما هي فوتونات. وهي سريعة جدًّا حيث تضاهي سرعتها سرعة الضوء، وقدرتها على الاختراق عالية؛ فيمكن إيقاف مسارها باستخدام كتلة من الرصاص سمكها بضعة سنتيمترات أو كتلة من الأسمنت سمكها متر. وأخيرًا، ألقينا نظرة على أوجه الاختلاف بين الإشعاع المؤين وغير المؤين، وتناولنا باختصار بعض الاستخدامات المفيدة لهذين النوعين من الإشعاع.

تستخدم نجوى ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة على موقعنا. معرفة المزيد حول سياسة الخصوصية لدينا.