نسخة الفيديو النصية
هل جزيء الماء، H2O، مذيب قطبي أم غير قطبي؟
قبل مناقشة إذا ما كان الماء قطبيًّا أم غير قطبي، علينا تذكر تعريف السالبية الكهربية. السالبية الكهربية مقياس لقدرة الذرة على جذب أزواج إلكترونات الترابط في الروابط التساهمية. ويرمز إليها بالرمز اليوناني 𝜒، ويستخدم مقياس باولنج عادة لتحديد قيمتها. الفلور له أعلى قيمة سالبية كهربية بين الذرات. فوفقًا لمقياس باولنج، تساوي هذه القيمة أربعة تقريبًا. والنيتروجين والأكسجين والكلور أيضًا عناصر ذات سالبية كهربية عالية. وبشكل عام، تزيد السالبية الكهربية بزيادة رقم المجموعة ونقص رقم الدورة. لكننا نتجاهل الغازات النبيلة لأن لها غلاف تكافؤ مكتملًا، ومن ثم لا تجذب الإلكترونات.
والآن بعد أن عرفنا ما هي السالبية الكهربية، دعونا نلق نظرة على دورها في تحديد إذا ما كانت الرابطة قطبية أم غير قطبية. في الرابطة التساهمية بين ذرة ذات سالبية كهربية عالية وذرة ذات سالبية كهربية منخفضة، مثل الفلور والهيدروجين، تنجذب إلكترونات الترابط التي تكون الرابطة التساهمية نحو ذرة الفلور؛ لأنه في الرابطة التساهمية بين ذرتين لهما سالبية كهربية مختلفة اختلافًا كبيرًا، تنجذب إلكترونات الترابط نحو الذرة الأعلى في السالبية الكهربية. وبما أن الإلكترونات ذات شحنة سالبة وتجذب نحو ذرة الفلور، فإن ذرة الفلور تصبح لها شحنة سالبة جزئية. هذا يعني أن ذرة الهيدروجين تصبح لها شحنة موجبة جزئية. وينتج عن هذا الاختلاف في الشحنات ما نسميه ثنائي القطب.
ينشأ ثنائي القطب من التوزيع غير المتماثل لكثافة الإلكترونات بين الذرات. هذا هو الرمز الذي نستخدمه لتمثيل ثنائي القطب؛ حيث يشير السهم إلى الطرف ذي الشحنة السالبة الجزئية. ونقول إن هذه الرابطة قطبية. في الرابطة التساهمية بين ذرتين متماثلتين، مثل جزيء الفلور الثنائي الذرة، تكون السالبية الكهربية متماثلة. هذا يعني أن إلكترونات الترابط تنجذب إلى كلتا نواتي الذرتين بالتساوي. تعتبر هذه الرابطة غير قطبية. وتعتبر بعض الروابط التساهمية بين الذرات المختلفة أيضًا روابط غير قطبية.
فيما يخص الروابط بين ذرات مثل الهيدروجين والكربون اللذين لهما سالبية كهربية متقاربة جدًّا، تنجذب إلكترونات الترابط إلى الكربون أكثر بعض الشيء من انجذابها إلى الهيدروجين. وبناء عليه، فإن الرابطة بين الكربون والهيدروجين تعتبر أيضًا رابطة غير قطبية. وبوجه عام، لكي تكون الرابطة قطبية، يجب أن يكون الفرق في السالبية الكهربية بين الذرتين يتراوح بين 0.5 و1.7.
والآن بعد أن عرفنا ما يجعل الرابطة قطبية أو غير قطبية، دعونا نلق نظرة على روابط الجزيء المعطى في السؤال. يسألنا السؤال عن الماء، أو H2O. تحتوي جزيئات الماء على نوع واحد فقط من الروابط، وهو رابطة OH. قيمة الأكسجين 3.44 على مقياس باولنج للسالبية الكهربية، وقيمة الهيدروجين 2.2. الفرق بين هاتين القيمتين 1.24. ولأن هذا الفرق كبير، يمكننا تحديد أن رابطة OH رابطة قطبية، ومن الأدق أن نحصل على قيم السالبية الكهربية الفعلية. ولكن بإمكاننا تحديد أن هذه الرابطة قطبية بالرجوع إلى الجدول الدوري. فبما أن الأكسجين والهيدروجين متباعدان في الجدول الدوري، فمن المرجح أن تكون قيمة السالبية الكهربية لهما مختلفة بدرجة كبيرة. ومن ثم، فإن رابطة OH قطبية.
من المهم للغاية ملاحظة أنه على الرغم من أننا حددنا أن رابطة OH رابطة قطبية، فهذا لا يعني بالضرورة أن جزيء الماء سيكون قطبيًّا. للمساعدة في شرح هذا المفهوم، دعونا نلق نظرة أولًا على رابطة كربون-أكسجين. رابطة الكربون-أكسجين قطبية. فالأكسجين أكثر سالبية كهربية من الكربون، ومن ثم فإن السهم الذي يمثل ثنائي القطب يشير في اتجاه ذرة الأكسجين. يحتوي جزيء ثاني أكسيد الكربون على رابطتي كربون-أكسجين مزدوجتين. لذا، علينا أيضًا رسم سهم لتمثيل ثنائي القطب بين ذرة الكربون وذرة الأكسجين الأخرى. ثنائيات القطب للرابطتين لهما اتجاهان متعاكسان؛ لذا فيلغي بعضها بعضًا. إذن على الرغم من أن الروابط في CO2 لها ثنائي قطب، فإن ثاني أكسيد الكربون ليس له عزم ثنائي قطب كلي. ومن ثم، فهو غير قطبي.
على غرار ثاني أكسيد الكربون، يحتوي الماء على رابطتين قطبيتين، ولكن على عكس ثاني أكسيد الكربون، الذي له بنية هندسية خطية، فإن الماء له بنية هندسية منحنية. فثنائيات القطب لرابطتي الماء لا تلغي بعضها بعضًا؛ لذا يوجد عزم ثنائي قطب جزيئي. ومن ثم، فإن الماء جزيء قطبي. جزيئات الماء قطبية للغاية، ولها تداخلات كهروستاتيكية قوية مع جزيئات قطبية أخرى مشحونة. وهكذا، فإن العديد من الأنواع الأخرى المشحونة والقطبية ستذوب في الماء. ومن ثم، يمكننا الإشارة إلى الماء باعتباره مذيبًا قطبيًّا.
إذن، إجابة السؤال «هل جزيء الماء مذيب قطبي أم غير قطبي؟» هي مذيب قطبي.
