نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعرف على مفهوم التكيف السلوكي وكيفية التمييز بين أوجه التكيف السلوكي والتركيبي والوظيفي. سنصف أيضًا بعض الأمثلة على أوجه التكيف السلوكي في الحيوانات، ونشرح كيف تساعدها على البقاء أو تجعلها قادرة على التكاثر في بيئة معينة.
تظهر مملكة الحيوان مجموعة كبيرة من أوجه التكيف المثيرة للاهتمام. على سبيل المثال، هل تساءلت يومًا لماذا تغرد الطيور عادة؟ حسنًا، قد يكون ذكر الطائر الذي يغرد بصوت أعلى من جاره أكثر نجاحًا في التزاوج وتوريث صفاته إلى بعض نسله. ويمكن أن يكون تغريد الطيور مفيدًا أيضًا في حماية المنطقة التي تعيش فيها وإبعاد الذكور المنافسين. بالإضافة إلى ذلك، قد يوجه الطائر نداء مختلفًا لأصدقائه وعائلته ليحذرهم من وجود حيوان مفترس خطير بالقرب منهم. كما أن إصدار أصوات مميزة يمكن التعرف عليها قد يساعد هذه الطيور على الهروب من الأخطار، وهو ما يزيد فرصة بقائها. تعد هذه النداءات والتغريدات أمثلة على أوجه التكيف.
التكيف هو أحد الخواص التي تميز الكائنات الحية، مثل الحيوانات، وتجعلها متلائمة مع بيئة معينة. وقد تساعد أوجه التكيف الكائنات الحية على البقاء والتكاثر في بعض الأحيان. يمكننا تصنيف أوجه التكيف إلى ثلاثة أنواع مختلفة هي: التكيف السلوكي والتركيبي والوظيفي. تعد تغريدات الطيور مثالًا على التكيف السلوكي تحديدًا. هذا النوع من التكيف يتضمن قيام الحيوان بفعل معين أو التصرف بطريقة معينة، مثل إصدار أصوات أو نغمات لجذب رفيقه. جميع الحيوانات تقريبًا لديها أوجه تكيف سلوكي معقدة، كثير منها لم نفهمه تمامًا حتى الآن.
قد يكون لأوجه التكيف، مثل التغييرات في السلوك، العديد من المزايا؛ منها: المساعدة على التكاثر، والحماية من المفترسات، والحماية من الظروف البيئية القاسية، وحتى مساعدة الكائنات الحية في العثور على الطعام. دعونا نلق نظرة على بعض الأمثلة على كل نوع من أنواع التكيف من خلال حيوان يعيش تحديدًا في بيئة قاسية، وهو: البطريق الإمبراطوري.
تعيش البطاريق الإمبراطورية في القارة القطبية الجنوبية؛ حيث يتراوح متوسط درجة الحرارة بين سالب ١٠ درجات سلزية وسالب ٦٠ درجة سلزية، حسب المنطقة. عندما تفكر في البطاريق، فربما تتخيل أنها تتجمع معًا في مجموعات كبيرة، قد تضم ٥٠٠٠ بطريق أو أكثر. هذا التجمع يعد تكيفًا سلوكيًّا يساعد على إبقائها دافئة وحمايتها من البرد والرياح العاصفة في القارة القطبية الجنوبية، وغالبًا ما تتبادل البطاريق الأدوار للوقوف في منتصف التجمع.
من ناحية أخرى، التكيف التركيبي هو صفة جسمية محددة للكائن الحي تجعله يتكيف مع بيئته، وهو ما يساعده على البقاء في كثير من الأحيان. على سبيل المثال، تمتلك البطاريق الإمبراطورية العديد من الصفات الجسمية، مثل وجود طبقات سميكة من الدهون أو الشحوم أسفل جلودها، وهو ما يساعدها على البقاء دافئة. أما التكيف الوظيفي فيوصف بأنه عملية حيوية تحدث داخل جسم الكائن الحي مما يجعله متكيفًا مع بيئته، ومن المرجح أن يساعد في بقائه.
تغوص البطاريق الإمبراطورية إلى أعماق كبيرة تصل إلى ٥٠٠ متر تحت الماء بحثًا عن الطعام، وهذا قد يستغرق أحيانًا ما يقرب من ٣٠ دقيقة. وهذه فترة طويلة جدًّا لحبس الأنفاس. يستطيع البطريق الإمبراطوري أن يخفض معدل ضربات قلبه بدرجة كبيرة قد تصل أحيانًا إلى أقل من عشر ضربات في الدقيقة. هذا التكيف الوظيفي يساعده في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الأكسجين؛ لكي يتمكن من الاستمرار في إطلاق الطاقة التي يحتاجها.
الآن بعد أن تعرفنا على المزيد من المعلومات حول أوجه التكيف التركيبي والوظيفي والسلوكي، دعونا نلق نظرة على أوجه التكيف السلوكي لبعض الكائنات الحية التي تتضمن تغيير أفعالها تبعًا للتغيرات الحادثة في بيئتها.
التكيف مع الظروف المتغيرة أمر مهم لا سيما في البيئات الموسمية التي تتغير فيها درجة الحرارة ووفرة الغذاء تغيرًا كبيرًا على مدار العام. الهجرة مثال جيد على التكيف السلوكي الموسمي. يصف هذا المصطلح كيفية انتقال الكائنات الحية، وبخاصة الحيوانات، بأعداد كبيرة أحيانًا من منطقة إلى أخرى استجابة للتغيرات الموسمية في الظروف البيئية.
عند التفكير في الهجرة، عادة ما نفكر في هجرة أنواع معينة من الطيور مثل طيور الخطاف. في فصلي الربيع والصيف يلجأ العديد من طيور الخطاف إلى بناء أعشاشها في المملكة المتحدة؛ حيث تكثر الحشرات التي تصطادها لتتغذى عليها. ومع اقتراب فصل الشتاء يبدأ مصدر الغذاء هذا في النضوب في المملكة المتحدة؛ لأن الطقس يصبح أكثر برودة. ومن ثم، تقوم طيور الخطاف بفعل معين لضمان بقائها. يقطع عدد هائل من طيور الخطاف رحلة طولها ٦٠٠٠ ميل تقريبًا من المملكة المتحدة إلى جنوب إفريقيا في شهر سبتمبر أو أكتوبر تقريبًا، حتى إن العديد منها يسافر عبر الصحراء الكبرى.
خلال فصل الشتاء في مناطق مثل المملكة المتحدة التي تقع في نصف الكرة الأرضية الشمالي، يكون الفصل الذي تمر به المناطق التي تقع في نصف الكرة الأرضية الجنوبي مثل جنوب إفريقيا هو الصيف. تحصل طيور الخطاف التي تنجو من الرحلة وتصل إلى هذه المناطق الأكثر دفئًا على الكثير من الطعام الذي يظل متوافرًا حتى يحل الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وحينها تستطيع العودة إلى المملكة المتحدة مرة أخرى. يمكن للكائنات الحية الأخرى بدءًا من الحشرات البالغة الصغر وصولًا إلى الحيتان الضخمة أن تهاجر لمسافات شاسعة. قد تساعد الهجرة الكائنات الحية في العثور على طعام، أو ظروف بيئية أفضل، أو رفيق للتزاوج، أو هذه الأشياء الثلاثة معًا.
ثمة تكيف سلوكي موسمي آخر قد تكون على دراية به، وهو البيات الشتوي. البيات الشتوي هو حالة من النوم العميق أو السبات تدخل فيها الكائنات الحية، وتظل في حالة النوم العميق هذه للحفاظ على طاقتها خلال الظروف البيئية الشديدة البرودة التي لا تمكنها من القيام بأنشطتها المعتادة. ربما تعلم بالفعل أن العديد من الثدييات مثل الدببة والفئران يمكنها الدخول في بيات شتوي. لكن ثمة حالة استثنائية خاصة يمكننا ملاحظتها في ضفدع الخشب الذي يعيش في أمريكا الشمالية.
عندما تقل درجات الحرارة إلى درجة لا تسمح لضفدع الخشب بأن يمارس أنشطته المعتادة، يتخذ من ورق الشجر المتساقط مأوى له ليدخل في بيات شتوي. حينئذ يتوقف قلبه عن النبض، ويتوقف نشاط دماغه، بل ويتوقف أيضًا عن التنفس. تنتج أجسام ضفادع الخشب أيضًا بروتينات متخصصة مضادة للتجمد تمنع الخلايا نفسها من التجمد أثناء البيات الشتوي، في حين يتجمد باقي الجسم إلى أن تصبح درجات الحرارة أكثر دفئًا. من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن اختباء ضفدع الخشب داخل عش من الأوراق فعل يقوم به الضفدع، أي أنه تكيف سلوكي، فإن الاستجابات الأخرى التي وصفناها والتي ترتبط بهذا البيات الشتوي ليست كذلك.
في رأيك، ما نوع التكيف الذي قد يمثله انخفاض معدل ضربات القلب، وانخفاض معدل التنفس، وإنتاج البروتينات المضادة للتجمد؟ إذا قلت التكيف الوظيفي، فقد أصبت. هذه أمثلة على العمليات الحيوية التي يؤديها الكائن الحي داخل جسمه مما يجعله متكيفًا مع بيئته ويساعده على البقاء. ومن الجدير بالذكر أنه عندما يؤدي الكائن الحي تكيفًا سلوكيًّا معينًا، فمن المحتمل أن تكون له أوجه تكيف تركيبي ووظيفي تلعب دورًا أيضًا في جعله يتلاءم مع بيئته. في النهاية يبدأ الجليد في الانصهار وتتمكن ضفادع الخشب التي تعيش في أمريكا الشمالية من استئناف أنشطتها المعتادة، مثل التغذية والتكاثر.
تحدث عملية مشابهة للبيات الشتوي، وهي الخمول الصيفي، استجابة للظروف الحارة والجافة تحديدًا بدلًا من درجات الحرارة المنخفضة. يساعد هذا التكيف على منع الكائنات الحية من فقدان الكثير من الماء والجفاف عن طريق الدخول في حالة من السكون لحين تحسن الظروف البيئية. يمكن للعديد من الحيوانات، وكذلك الحشرات والزواحف والبرمائيات، البقاء على قيد الحياة في البيئات الحارة والجافة، مثل الصحاري، أو تحديدًا في الفترات الحارة والجافة مثل فترات الجفاف، وذلك بفضل الخمول الصيفي. حتى بعض الثدييات، مثل حيوان اليربوع المصري الصغير، يمكنها اللجوء إلى الخمول الصيفي. عادة ما يصنع اليربوع حفرة أو جحرًا في الرمال يمكنه البقاء داخله، ومثله مثل العديد من الحيوانات الصحراوية الأخرى. وخلال الفترات الحارة أو الجافة تحديدًا، يدخل اليربوع في حالة سكون داخل هذا الجحر ويمارس الخمول الصيفي.
لقد ثبت أيضًا أن العديد من الكائنات الحية تستجيب للتغيرات بصورة يومية من النهار إلى الليل، عن طريق القيام بسلوكيات معقدة. يشار إلى الحيوانات التي تنشط خلال ساعات النهار تحديدًا باسم الحيوانات النهارية نسبة إلى النهار. يفيد ضوء النهار وكذلك حرارة الشمس الحيوانات التي لا يمكنها تنظيم درجة حرارة أجسامها، مثل السحالي. ومع ذلك فقد يعرض ضوء النهار بعض الحيوانات لخطر المفترسات التي تعتمد على أبصارها بشكل أساسي في الصيد.
تتكيف حيوانات معينة، مثل بعض الفئران، مع هذه التغيرات اليومية باعتبارها حيوانات ليلية. وهذا يعني أنها تصبح أكثر نشاطًا في الليل. لكن لسوء حظ هذه الفئران، توجد أيضًا مفترسات لديها أوجه تكيف تساعدها على الصيد في الظلام. على سبيل المثال، يصطاد بعض البوم فرائسه أثناء الفجر والغسق، لكنه غالبًا ما يصطاد في الليل. يرجع ذلك إلى أوجه التكيف التركيبي للبومة المتمثلة في حدة البصر وقوة السمع والتحليق دون إصدار أي صوت تقريبًا، ما يسمح لها بتحديد مكان فريستها بسهولة ومباغتة هذه الفريسة وهي في حالة اطمئنان تحت غطاء الظلام.
دعونا نطبق ما تعلمناه عن أوجه التكيف السلوكي على بعض الأسئلة التدريبية.
يمكن تقسيم أوجه التكيف إلى ثلاثة أنواع مختلفة: تركيبي ووظيفي وسلوكي. أي من الآتي يصف المقصود بالتكيف السلوكي؟ أ: وظيفة محددة يقوم بها جزء من جسم الكائن الحي لمساعدته على البقاء، مثل تعرق الإنسان عندما يكون الجو حارًّا جدًّا. ب: تغير في النشاط يساعد الكائن الحي على البقاء، مثل هجرة الطيور إلى المناخات الأكثر دفئًا في الشتاء. ج: خاصية جسمية للكائن الحي تساعده على البقاء في بيئته، مثل امتلاك المفترس لمخالب حادة.
التكيف هو أحد الخواص التي تميز الكائنات الحية، وتجعلها متلائمة مع بيئة معينة وتمنحها عادة فرصة أكبر للبقاء. ينص الخيار ج على أن بعض المفترسات تمتلك مخالب حادة. قد تكون هذه الصفة مفيدة لبعض المفترسات، مثل الدب؛ لأنها تعد وسيلة تساعده على قتل فريسته والتهامها بكفاءة. تعرف هذه الخواص الجسمية التي تساعد الكائن الحي على البقاء في بيئته بأوجه التكيف التركيبي. بما أن هذا السؤال يطلب منا تحديد الخيار الذي يصف المقصود بالتكيف السلوكي، فلا يمكن أن يكون هذا الخيار صحيحًا.
ينص الخيار أ على أن الإنسان يتعرق عند زيادة درجة الحرارة. وهذا مثال على التكيف الوظيفي؛ فهي عملية حيوية تحدث داخل جسم الإنسان، فتجعله متكيفًا مع بيئته؛ فالتعرق يساعد على تبريد الجسم عندما تكون بيئته المحيطة شديدة الحرارة. وبما أن هذا ليس تكيفًا سلوكيًّا، فلا يمكن أن يمثل هذا الخيار أيضًا الإجابة الصحيحة عن السؤال.
وأخيرًا، يعطي الخيار ب مثالًا لهجرة الطيور إلى المناخات الأكثر دفئًا في الشتاء. وهذه استجابة أخرى للتغيرات في درجة الحرارة، لكن هذه التغيرات تجعل الكائن الحي يغير سلوكه أو أفعاله لمساعدته على البقاء دون حدوث تغير داخل الجسم نفسه. وهذا هو الوصف المناسب للتكيف السلوكي. إذن، الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال هي ب: تغير في النشاط يساعد الكائن الحي على البقاء، مثل هجرة الطيور إلى المناخات الأكثر دفئًا في الشتاء.
لنتناول مثالًا آخر معًا.
تستطيع السمكة المنتفخة أن تبتلع كميات كبيرة من الماء أو الهواء لتنتفخ ويزداد حجمها زيادة كبيرة. ما فائدة هذا التكيف السلوكي؟ أ: تنويم فريسة السمكة المنتفخة. ب: إخافة المفترسات من السمكة المنتفخة. ج: تمكين السمكة المنتفخة من محاكاة لون محيطها من أجل المماتنة. د: تخفيض درجة حرارة جسم السمكة المنتفخة.
التكيف السلوكي هو فعل أو سلوك معين يؤديه الكائن الحي مما يجعله ملائمًا لبيئته، وعادة ما يساعده على البقاء. يوجد العديد من الأسباب التي تجعل الكائن الحي يلجأ لتكيف سلوكي معين؛ منها: مساعدته على التكاثر أو العثور على الطعام، أو حمايته من الظروف البيئية أو من المفترسات.
يخبرنا السؤال أنه عندما تبتلع السمكة المنتفخة كميات كبيرة من الماء أو الهواء، يزداد حجمها زيادة كبيرة. في الواقع، عندما تنفذ السمكة المنتفخة هذه الاستجابة، يزيد حجمها إلى أكثر من ضعف حجمها الأصلي. وهذا بالتأكيد لن يمكن السمكة المنتفخة من المماتنة أو التخفي بسهولة. لذا، يمكننا استبعاد الخيار ج الذي يشير إلى عكس ذلك.
نلاحظ أيضًا أن جسم السمكة المنتفخة مغطى بالكثير من الأشواك الحادة المظهر، وهذه لا تظهر بوضوح إلا بعد زيادة حجمها. هذا الجسم الكروي الكبير المغطى بالأشواك يبدو أكثر رعبًا بالتأكيد ويمثل تحديًا حقيقيًّا أمام المفترس إذا أراد عضه. ومن المؤكد أيضًا أن منع الافتراس سيساعد السمكة المنتفخة على البقاء. ومن ثم يبدو أن هذا هو الخيار الأقرب إلى وصف فائدة هذا التكيف السلوكي بدقة. نستنتج من ذلك أن الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال هي ب. إخافة المفترسات من السمكة المنتفخة.
دعونا نلخص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الفيديو حول أوجه التكيف السلوكي. أوجه التكيف هي إحدى الخواص التي تميز الكائنات الحية وتجعلها متلائمة مع بيئتها وتمنحها فرصة أكبر للبقاء أو التكاثر. توجد ثلاثة أنواع رئيسية من أوجه التكيف، هي: التكيف التركيبي، والتكيف الوظيفي، والتكيف السلوكي.
أوجه التكيف السلوكي هي تلك التي تنطوي على حدوث تغير في نشاط الكائن الحي أو سلوكه، وهو ما يجعله متكيفًا مع بيئته. في بعض الأحيان تؤدي التغيرات الموسمية في الظروف البيئية إلى أوجه تكيف سلوكي، مثل الهجرة أو البيات الشتوي أو الخمول الصيفي. قد تؤدي بعض التغيرات البيئية اليومية أيضًا إلى ظهور أوجه تكيف سلوكي بصورة يومية، كأن تمارس الكائنات الحية أنشطة نهارية أو ليلية.
