نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، نستعرض معضلة مونتي هول الشهيرة، المأخوذة عن برنامج مسابقات تليفزيوني بعنوان «دعونا نعقد صفقة». بدأ هذا البرنامج في الولايات المتحدة عام ١٩٦٣. ولكنه منذ ذلك الحين يقدم بأشكال مختلفة في جميع أنحاء العالم. قدم هذا البرنامج في بداياته شاب يدعى مونتي هول. ومن هنا جاء اسم هذه المعضلة.
يتمثل أسلوب البرنامج في اختيار أفراد أثناء فترة عرضه ليعقدوا صفقات للفوز بجائزة. وعادة ما ينتهي بهم الحال بالحصول على فرصة للتخلي عن الجائزة الصغيرة مقابل جائزة أكبر وأكثر قيمة، مخبأة خلف ستارة أو باب أو داخل صندوق.
والفكرة هي أن الأمر قد ينتهي بهم في النهاية إلى الفوز بجائزة رائعة، مثل سيارة جديدة، أو الحصول على جائزة بلا قيمة، مثل رزمة أموال مزيفة، أو قطعة ملابس بالية، أو حتى حيوان حي، من الصعب جدًّا اصطحابه إلى المنزل.
تدعى هذه الجوائز غير القيمة «فشنك». وتستخدم معضلة مونتي هول أحد سيناريوهات المبادلة تلك، وتطرح سؤالًا عما إذا كان يمكنك التوصل إلى استراتيجية تساعدنا في تحديد طريقة اللعب. ويكون الأمر على النحو التالي.
يطلب منك لعب صفقة اليوم الكبرى. يضعك مقدم البرنامج أمام ثلاثة أبواب مغلقة ويخبرك أن خلف أحد هذه الأبواب السيارة الجديدة التي تحلم بها، وتوجد جائزتان غير قيمتين خلف البابين الآخرين، وهما زوج من الماعز في هذه الحالة.
إن الأبواب مرقمة من واحد إلى ثلاثة. وكل ما عليك فعله هو اختيار أحد هذه الأبواب لتحصل إما على الجائزة القيمة أو على الجائزة غير القيمة الموجودة خلف هذا الباب. أمر سهل! وعليه، فإنك تتخذ قرارك. فتقول، مثلًا: «الباب رقم اثنين!»
بالطبع يعلم مقدم البرنامج الباب الذي توجد خلفه السيارة. وبدلًا من أن يدعك تفتح الباب رقم اثنين، يفتح لك بأسلوب درامي أحد البابين الآخرين لتظهر من خلفه تيس يأكل بعض العشب في هدوء. والآن تأتي الخدعة، إذ يقول لك: «حسنًا، هل استقررت على الباب رقم اثنين، أم ترغب في تغيير قرارك إلى الباب المغلق الآخر؟»
إذن، هل يمكنك تغيير احتمالات فوزك بالسيارة بالثبات على قرارك أم بتغييره؟ هل يصنع هذا فرقًا؟ ثمة بابان مغلقان متبقيان للاختيار من بينهما. أحدهما خلفه تيس، والآخر خلفه سيارة. إذن الاحتمالات لكل منهما هي ٥٠ إلى ٥٠ بالمائة، أليس كذلك؟ حسنًا، أوقف الفيديو الآن وفكر فيما كنت ستفعله، قبل أن أشرح لك العملية الحسابية.
أثارت هذه المعضلة جدلًا كبيرًا عند نشرها لأول مرة. واختلف كثير من الناس حول الاستراتيجية المثلى للتعامل معها. لذا لنستعرض الأمر خطوة بخطوة. يبدو أن عليك الاختيار بين بابين. أحدهما خلفه تيس. والآخر خلفه سيارة.
من الواضح بالطبع أن اختيارك لأي منهما لا يصنع أي فارق. فاحتمال وجود السيارة متساو مع وجود التيس خلف البابين. لكننا بهذه الطريقة لا ننظر إلى الصورة الكلية. فحين أعلنت عن اختيارك لأحد الأبواب، فتح لك مقدم البرنامج بابًا آخر خلفه تيس.
إن مقدم البرنامج يعرف أين توجد السيارة. لذا ففي حال اختيارك للباب الذي توجد خلفه السيارة، يستطيع أن يفتح لك أحد البابين الآخرين؛ حيث يوجد تيس. أما في حال اختيارك لباب خلفه تيس، فسيكون على مقدم البرنامج توخي الحذر الشديد ليختار الباب الآخر الذي خلفه تيس ويفتحه.
وهكذا يضعنا تسلسل الأحداث هذا في موقف إما يكون فيه اختيارك صحيحًا بشأن الباب الذي توجد خلفه السيارة من البداية، وعليه فإن غيرت الباب الذي اخترته تكون قد ارتكبت خطأ. وإما أن تكون مخطئًا بشأن الباب الذي توجد خلفه السيارة من البداية، وعليه فإن غيرت الباب الذي اخترته فسوف تكون محقًّا.
في البداية، حين عرضت عليك الأبواب الثلاثة وكان عليك اختيار واحد من بينها عشوائيًّا، كانت فرصتك في الفوز بالسيارة هي ٣٣ وثلثًا بالمائة، وفرصة حصولك على تيس ٦٦ وثلثين بالمائة.
توجد السيارة خلف أحد الأبواب الثلاثة. وخلف البابين الآخرين يوجد تيسان. ويعني هذا أنك إن ظهرت في البرنامج كل أسبوع وأصررت على اختيارك الأصلي في كل مرة، فإنك ستفوز بالسيارة في ثلث عدد المرات.
غير أنك إذا كنت ستظهر في البرنامج كل أسبوع وغيرت اختيارك، فإن عدد المرات التي تخطئ فيها من البداية في اختيار الباب الذي توجد خلفه السيارة يكون هو عدد المرات التي تحصل فيها على السيارة. وهذا يعادل ثلثي عدد المرات. كذلك تصبح المرات التي تصيب فيها في اختيار الباب الذي توجد خلفه السيارة من البداية هي المرات التي تحصل فيها على التيس. وهذا يعادل الثلث.
إذن فإن أفضل استراتيجية للحصول على السيارة من الناحية الإحصائية هي أن تغير اختيارك. فأنت بهذا تزيد احتمالات فوزك بالسيارة من ٣٣ وثلث بالمائة، إلى ٦٦ وثلثين بالمائة. أي بزيادة مائة بالمائة في احتمالات الفوز.
لكن يمكننا الحديث عن النسب المئوية في وقت آخر. والآن، لنستخدم شجرة الاحتمالات من أجل تدوين كل هذا. لنستعرض أولًا استراتيجية الإصرار على الباب الذي اخترته في البداية. أولًا عليك اختيار الباب. وفي ثلث الحالات ستكون السيارة خلف هذا الباب. وفي ثلثي الحالات، سيكون خلف هذا الباب تيس.
والآن على افتراض أنك اخترت السيارة من المرة الأولى، فإن أصررت على هذا الاختيار، فسيكون احتمال فوزك بالسيارة هو واحدًا، واحتمال حصولك على التيس هو صفرًا. لكن إن كان الباب الذي اخترته في البداية خلفه تيس وأصررت على اختيارك، فسيكون احتمال فوزك بالسيارة في النهاية صفرًا، بينما سيكون حصولك على تيس مؤكدًا تمامًا.
والآن إذا ضربنا هذه الاحتمالات الشرطية معًا على طول أفرع الشجرة، فسنجد أن احتمال اختيار سيارة من البداية والفوز بها في النهاية وفقًا لاستراتيجية الثبات على الاختيار يعادل الثلث. أما احتمال اختيار سيارة في البداية والحصول على تيس في النهاية فهو صفر. واحتمال اختيار تيس في البداية والفوز بالسيارة في النهاية يساوي صفرًا. واحتمال اختيار تيس في البداية والحصول على تيس في النهاية يساوي ثلثين.
ويعني هذا أن الاحتمال الإجمالي للفوز بالسيارة في النهاية يساوي ثلث زائد صفر، أي إنه يساوي ثلثًا. والاحتمال الإجمالي للحصول على تيس في النهاية هو صفر زائد ثلثين، أي إنه يساوي ثلثين. لذا، دعونا ندون هذا هنا.
في حالة الثبات على الاختيار الأول، يكون احتمال الفوز بالسيارة هو ثلثًا واحتمال الحصول على تيس ثلثين. والآن، لنستعرض استراتيجية تغيير الاختيار. حين نختار بابًا على نحو عشوائي، يظل احتمال وجود السيارة خلفه هو الثلث واحتمال وجود تيس هو الثلثين.
وبما أن مقدم البرنامج قد كشف عن الموجود خلف الباب الآخر، فهذا يعني أن الباب الذي اخترته إن كانت خلفه السيارة وغيرت اختيارك، فإنك ستحصل بالتأكيد على تيس ولن تفوز بالسيارة. أما إن كنت قد اخترت الباب الذي يوجد خلفه تيس وغيرت اختيارك، فإنك ستفوز حتمًا بالسيارة ولن تحصل على تيس.
إذن مع استراتيجية تغيير الاختيار، يكون احتمال أن ينتهي الأمر بالفوز بالسيارة صفر زائد ثلثين، واحتمال أن ينتهي الأمر بالحصول على تيس ثلث زائد صفر، أي ثلث. وهكذا فإن استراتيجية التغيير توفر لنا أفضل احتمالات الفوز بالسيارة في النهاية.
إذن، هل تعني هذه الاستراتيجية الفوز بالسيارة دائمًا؟ الإجابة هي لا. ولكنها تعني أنه يمكنك الفوز بها في ثلثي عدد المرات بدلًا من ثلث عدد المرات فقط. وهذا يجعلها استراتيجية جديرة بالتطبيق. وباختصار، يمكن لقليل من التفكير الرياضي أن يساعدنا في التوصل إلى أفضل استراتيجية للفوز بسيارة.