نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نصف ونفسر تأثير العوامل الحفازة، ومنها الإنزيمات، على معدل التفاعلات الكيميائية.
قد تستغرق بعض التفاعلات الكيميائية وقتًا طويلًا لكي تبدأ. ولا تتجمع الجزيئات المتفاعلة معًا بسهولة لتكوين النواتج بشكل مباشر. تتيح العوامل الحفازة حدوث التفاعل بأسهل طريقة. وتفعل ذلك بتوفير سطح خاص تتركز فيه الجزيئات المتفاعلة معًا على نحو يسمح لها بالتفاعل معًا بسهولة. تتضمن بعض العوامل الحفازة الفلزات أو المركبات الفلزية، وترتبط المتفاعلات بسطح العامل الحفاز، مكونة مركبًا وسيطًا. يشارك العامل الحفاز كيميائيًّا في التفاعل في هذه المرحلة. وبعد فترة زمنية قصيرة، تكون المتفاعلات قد تفاعلت على سطح العامل الحفاز وتتكون جزيئات النواتج. وأخيرًا، يجب أن تتحرر جزيئات النواتج من سطح العامل الحفاز لكي يكتمل التفاعل.
في وجود العامل الحفاز، يتضمن مسار العملية طاقة أقل لكي تبدأ. وبما أن مسار هذه العملية أسهل كثيرًا من التفاعل المباشر دون وجود العامل الحفاز، فإن التفاعل يحدث في زمن أقل، ومن ثم يكون المعدل أسرع. ثمة أمر تجدر ملاحظته بخصوص العامل الحفاز عند اكتمال مهمته في هذا المثال. أولًا، لا يتغير العامل الحفاز من الناحية الكيميائية بعد التفاعل. فعلى الرغم من أن العامل الحفاز قد شارك كيميائيًّا في التفاعل، فإن تركيبه وخواصه الكيميائية يظلان كما هما قبل التفاعل وبعده. وعليه، يمكننا تعريف العامل الحفاز بأنه مادة تزيد معدل التفاعل دون التعرض لتغير كيميائي دائم.
للاطلاع على مثال لسلوك العامل الحفاز، يمكننا أخذ جرام واحد من مادة حفازة وإضافته إلى خليط من المتفاعلات. قد تدخل المتفاعلات في تفاعل بطيء للغاية، ومن ثم قد لا نلاحظ الكثير من التغير. وبمجرد إضافة العامل الحفاز، يحدث التفاعل بسرعة كبيرة، وتتكون النواتج. وبعد التفاعل، يظل جرام واحد من العامل الحفاز دون تغيير من الناحية الكيميائية. ويمكن فصل العامل الحفاز بترشيحه. ويمكن غسله وتجفيفه وإعادة استخدامه.
لاحظ أن كتلة العامل الحفاز عند بداية التفاعل هي نفسها عند نهايته. وفي الواقع، لا يتطلب الأمر سوى كمية ضئيلة للغاية من العامل الحفاز لتسريع التفاعل كثيرًا. ومن الأمثلة الجيدة لذلك تفاعل تفكك بيروكسيد الهيدروجين. الصيغة الجزيئية لبيروكسيد الهيدروجين هي H2O2. في تفاعل التفكك هذا، يتفكك جزيئان من بيروكسيد الهيدروجين لتكوين جزيئين من الماء. وفي الوقت نفسه، يتكون كذلك جزيء واحد من غاز الأكسجين. وتفاعل تفكك بيروكسيد الهيدروجين لتكوين الماء وغاز الأكسجين يحدث ببطء شديد في غياب العامل الحفاز في الظروف العادية. بيروكسيد الهيدروجين سائل في الظروف العادية. وإذا تركنا كأسًا منه كما هي، فلن نرى الكثير من فقاعات الأكسجين تتكون على الإطلاق.
يمكننا استخدام تفكك بيروكسيد الهيدروجين لإجراء تجربة بسيطة لمعرفة كيفية عمل العامل الحفاز. نعلق أنبوبي اختبار في حاملين بماسك، ونملؤهما بكمية متساوية من بيروكسيد الهيدروجين. في الظروف العادية، لن نلاحظ أي فقاعات تتصاعد من بيروكسيد الهيدروجين في أي من أنبوبي الاختبار خلال فترة زمنية قصيرة. وعند إضافة كمية قليلة من مسحوق ثاني أكسيد المنجنيز إلى أحد أنبوبي الاختبار، تزداد سرعة تفاعل التفكك في ذلك الأنبوب فجأة. يوجد ثاني أكسيد المنجنيز في شكل مسحوق أسود، وهو عامل حفاز لتفكك بيروكسيد الهيدروجين. تنتج فقاعات غاز الأكسجين سريعًا من أنبوب الاختبار هذا، وتكون الحرارة الناتجة عن التفاعل بعض بخار الماء.
يمكننا أن نستنتج من هذه الملاحظات أن ثاني أكسيد المنجنيز يسلك سلوك العامل الحفاز. وفي أنبوب الاختبار الذي لم نضف فيه أي عامل حفاز إلى بيروكسيد الهيدروجين، لن نرى أي فقاعات من غاز الأكسجين خلال فترة زمنية قصيرة. وبعد التجربة، يمكن فصل العامل الحفاز واستخدامه مرارًا. في هذا المثال، يعد ثاني أكسيد المنجنيز عاملًا حفازًا موجبًا لأنه سرع التفاعل.
قد يكون لبعض العوامل الحفازة تأثير عكسي؛ فتبطئ التفاعل. وهي تسمى العوامل الحفازة السالبة. العامل الحفاز السالب هو مادة تبطئ معدل التفاعل الكيميائي دون أن تستهلك أو تتغير بدرجة ملحوظة أثناء تحول المتفاعلات إلى نواتج.
في الجزء التالي من هذا الفيديو، سنتعرف إلى كيفية عمل الإنزيمات. الإنزيمات عوامل حفازة حيوية تنتجها أنواع معينة من الخلايا. الإنزيمات جزيئات كبيرة للغاية ولها أشكال معقدة. يعد الأميليز مثالًا لإنزيم يمكنه تكسير جزيئات النشا الكبيرة. يوجد النشا في الطعام الذي نأكله. ولأن جزيء النشا كبير، فلا يمكن أن يمر بسهولة عبر جدار الأمعاء أثناء الهضم. ومن ثم يجب تكسير جزيء النشا إلى جزيئات سكر أصغر كي يمتصها الجسم بشكل صحيح. فيرتبط الجزيء بالإنزيم أثناء عملية الهضم. وفي نهاية التفاعل الكيميائي، يظل الإنزيم دون تغيير، وتتحرر أصغر جزيئات السكر حجمًا.
سنلقي نظرة الآن على تجربة بسيطة لملاحظة تأثير أحد الإنزيمات. تتضمن التجربة تفكك بيروكسيد الهيدروجين الذي رأيناه من قبل. أولًا، نملأ كأسين زجاجيتين بكمية صغيرة متماثلة من محلول بيروكسيد الهيدروجين. نضع قطعة صغيرة مقطعة حديثًا من البطاطا الحلوة في إحدى الكأسين. ونترك الكأس الأخرى كما هي للمقارنة. بعد فترة زمنية قصيرة للغاية، تتكون فقاعات غاز الأكسجين سريعًا في الكأس التي تحتوي على البطاطا الحلوة وبيروكسيد الهيدروجين.
تقدم هذه الملاحظة دليلًا على أن تفكك بيروكسيد الهيدروجين يحدث سريعًا. ولا نلاحظ أي فقاعات من غاز الأكسجين في الكأس الأخرى التي لا تحتوي على البطاطا الحلوة. تحتوي البطاطا الحلوة على إنزيم طبيعي يسمى الأكسيديز، الذي يسرع تفكك بيروكسيد الهيدروجين مقارنة بما يحدث في الظروف العادية.
في الجزء التالي، سنتناول استخدامات العوامل الحفازة وأسباب استخدامها في مواقف معينة. يمكن استخدام العامل الحفاز لتوفير الوقت والطاقة في العمليات الكيميائية. يمكننا فهم ذلك بالنظر إلى مخطط لمنحنى الطاقة. إذا استطعنا توفير الطاقة في العملية الكيميائية، فسنوفر المال أيضًا. يوضح المخطط ضرورة إضافة حد أدنى من الطاقة إلى المتفاعلات لجعلها تتفاعل وتتحول إلى نواتج. وإذا أضفنا عاملًا حفازًا، فستقل الطاقة اللازمة لإحداث التفاعل. ويمكننا ملاحظة ذلك في مخطط منحنى الطاقة الخاص بالتفاعل في وجود عامل حفاز. وفي المجال الصناعي، يمكننا توفير الوقت وتكلفة الطاقة اللازمة لإجراء العمليات الكيميائية باستخدام العوامل الحفازة.
تستخدم العوامل الحفازة في المحولات الحفزية الموجودة في أنابيب عوادم السيارات. تحتوي المحولات الحفزية على عوامل حفازة من فلزات نفيسة تسرع إزالة الغازات السامة من تيارات العادم التي تنتجها محركات البنزين أو الديزل. والغازات السامة التي تخرج من المحرك أثناء عملية الاحتراق قد تشمل أول أكسيد الكربون، وأكسيد النيتريك، وثاني أكسيد النيتروجين، بل ووقودًا غير محترق أيضًا. وبما أن الفلزات الحفزية المستخدمة عالية القيمة، فإنها توزع على بنى كبيرة تشبه قرص العسل وتتكون من أنابيب رفيعة لزيادة مساحة سطحها. هذا يعني أنه يلزم وجود كمية صغيرة فقط من العامل الحفاز داخل المحول الحفزي. وداخل المحولات الحفزية، تتحول الغازات السامة التي ينتجها المحرك إلى نواتج غير ضارة مثل النيتروجين وثاني أكسيد الكربون والماء والأكسجين.
والآن حان الوقت لتناول سؤال نختبر به فهمنا للعوامل الحفازة.
أي الاختيارات الآتية ليس من صفات العامل الحفاز؟ (أ) يقلل العامل الحفاز مقدار الطاقة اللازمة لبدء التفاعل. (ب) يغير العامل الحفاز معدل التفاعل، لكنه لا يؤثر على بداية التفاعل أو نهايته. (ج) يلزم غالبًا وجود كمية كبيرة من العامل الحفاز لجعل التفاعل يحدث. (د) يمكن أن يرتبط العامل الحفاز بالمتفاعلات أثناء التفاعل، ولكنه ينفصل في النهاية. (هـ) لا يتغير العامل الحفاز كيميائيًّا قبل التفاعل أو بعده.
في هذا السؤال، علينا تحديد العبارة التي تتضمن صفة ليست من صفات العامل الحفاز. سنتناول كل عبارة على حدة للتحقق من صحتها. تشير العبارة الأولى إلى أن العامل الحفاز يقلل مقدار الطاقة اللازمة لبدء التفاعل. يمكننا التحقق من ذلك باستخدام مخطط منحنى الطاقة. في مخطط منحنى الطاقة الموضح هنا، يمثل الحرف R المتفاعلات، والحرف P النواتج.
صحيح أنه في أي تفاعل كيميائي علينا زيادة طاقة المتفاعلات لإحداث التفاعل بينها. ويمكننا أن نلاحظ من مخطط منحنى الطاقة أن مقدار هذه الطاقة في غياب العامل الحفاز أكبر من مقدارها في وجوده. إذن فالعبارة (أ) تصف بالفعل إحدى صفات العامل الحفاز، ومن ثم فهي ليست الإجابة الصحيحة.
يغير العامل الحفاز معدل التفاعل بالفعل. فالعامل الحفاز الموجب يسرع التفاعل، في حين يبطئه العامل الحفاز السالب. وتغير العوامل الحفازة أيضًا كيفية بداية التفاعل، وكذلك كيفية انتهائه. يوفر العامل الحفاز سطحًا خاصًّا تتركز فيه الجزيئات المتفاعلة. وتشكل جزيئات المتفاعلات مركبًا وسيطًا على سطح العامل الحفاز. وتكون متحدة بالعامل الحفاز في هذه المرحلة من التفاعل. وفي نهاية التفاعل، تتحرر النواتج أخيرًا من سطح العامل الحفاز. مع أن هذه العملية مختلفة إذا ما قورنت بالتفاعل المباشر دون العامل الحفاز، فإن المتفاعلات والنواتج متماثلة في كلتا الحالتين. وبذلك تصف العبارة (ب) بالفعل إحدى صفات العامل الحفاز، ومن ثم فهي ليست الإجابة الصحيحة.
تشير العبارة (ج) إلى ضرورة استخدام كمية كبيرة من العامل الحفاز لبدء التفاعل. في تفاعل تفكك بيروكسيد الهيدروجين إلى ماء وغاز الأكسجين، نحتاج فقط إلى إضافة كمية ضئيلة من العامل الحفاز ثاني أكسيد المنجنيز لبدء التفاعل. فبمجرد إضافة كمية صغيرة من العامل الحفاز ثاني أكسيد المنجنيز، وهو مسحوق أسود، إلى بيروكسيد الهيدروجين، نلاحظ ظهور كمية كبيرة من فقاعات الأكسجين. إذن فالعبارة (ج) ليست من صفات العامل الحفاز، وربما تكون الإجابة الصحيحة. سنتحقق من صحة العبارتين المتبقيتين للتأكد.
رأينا بالفعل أن جزيئات المتفاعلات ترتبط بسطح العامل الحفاز أثناء التفاعل بسبب تركيزها. وينتج عن ذلك تكون مركب وسيط. ولكي يعمل العامل الحفاز بشكل صحيح، يجب أن تتحرر النواتج من سطحه في نهاية التفاعل، أي يجب أن تنفصل عن سطح العامل الحفاز. وفي الواقع، يظل سطح العامل الحفاز دون تغير كيميائي قبل التفاعل وبعده. هذا يعني أن العبارتين الأخيرتين صفتان بالفعل من صفات العامل الحفاز، ومن ثم فلا تمثلان الإجابة الصحيحة.
إذن العبارة (ج)، التي تنص على أنه يلزم غالبًا وجود كمية كبيرة من العامل الحفاز لجعل التفاعل يحدث، هي الإجابة الصحيحة.
الآن حان وقت مراجعة النقاط الرئيسية الواردة في هذا الفيديو. تغير العوامل الحفازة معدل التفاعل الكيميائي دون أن تستهلك أو تتغير من الناحية الكيميائية أثناء تحول المتفاعلات إلى نواتج. يعرف العامل الحفاز الذي يسرع التفاعل الكيميائي باسم العامل الحفاز الموجب، في حين يعرف العامل الحفاز الذي يبطئ التفاعل باسم العامل الحفاز السالب. الإنزيمات عوامل حفازة حيوية. وتنتجها أنواع معينة من الخلايا المتخصصة. يغير العامل الحفاز الحد الأدنى من مقدار الطاقة اللازم إضافته إلى الجزيئات المتفاعلة لإحداث التفاعل بينها. تستخدم المحولات الحفزية في السيارات لتقليل انبعاث الغازات الملوثة الضارة.