نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سنتحدث عن القوة المؤثرة على أسلاك موصلة موضوعة في مجال مغناطيسي. قد يكون من المفاجئ أن ندرك أن وضع سلك موصل في مجال مغناطيسي قد يؤثر عليه بقوة. لكن كما سنرى في هذا الدرس، يحدث ذلك في بعض الظروف بالفعل. ويمكننا البدء بالتفكير في الظروف اللازمة لكي توجد مثل هذه القوة.
لنبدأ من هنا. لنفترض أن لدينا سلكًا موصلًا له طول لكن لا يمر به تيار كهربي. في ظل هذه الظروف، نحن نعلم أن السلك لن تؤثر عليه قوة مغناطيسية أو كهربية. ثم لنفترض أننا نأخذ زوجًا من القضبان المغناطيسية. ونضعه بالقرب من هذا السلك بحيث يكون القطب الشمالي لأحد القضيبين مواجهًا للقطب الجنوبي للآخر. وبذلك ننشئ مجالًا مغناطيسيًّا يتجه من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي.
بالمناسبة، هذا ليس الجزء الوحيد من المجال المغناطيسي الذي يتكون بواسطة هذين القضيبين المغناطيسيين. لكن في الوقت الحالي، هذا هو الجزء الوحيد الذي سنركز عليه. إذن لدينا سلك موصل، وما زال لا يمر به تيار، موجود داخل مجال مغناطيسي. في ظل هذه الظروف، لن تؤثر أي قوة على السلك، ولا حتى على الجزء المحاط بالمجال المغناطيسي.
أخيرًا، لنفترض أن بمقدورنا أن نبدأ في تمرير شحنات عبر هذا السلك الموصل. والآن يمر به تيار. في ظل توافر جميع هذه الظروف، ستبدأ قوة مغناطيسية في التأثير على الجزء الموضوع في المجال المغناطيسي من السلك. لكن من الجدير بالذكر أن السلك تؤثر عليه قوة فقط عندما يكون محاطًا بهذا المجال. إذ لا توجد قوة مؤثرة على السلك في هذا الجزء أو ذلك، أو أي مكان آخر خارج هذا المجال المغناطيسي.
لنفترض أننا نرمز إلى عرض هذين القضيبين المغناطيسيين، ومن ثم عرض المجال المغناطيسي المحيط بالسلك، بحرف 𝐿 كبير. إذن، في هذه الحالة يمكن القول إن جزءًا طوله 𝐿 من السلك معرض لهذا المجال المغناطيسي، ولذا تؤثر عليه قوة. يعتمد مقدار هذه القوة، التي نرمز إليها بـ 𝐹𝐵، على ثلاثة عوامل. أولًا، يعتمد على شدة المجال المغناطيسي المحيط بالسلك. ويمكننا تسمية شدة المجال المغناطيسي هذه 𝐵 في العموم. ثانيًا، يعتمد على شدة التيار المار في السلك. فكلما زادت شدة التيار، زاد مقدار القوة المغناطيسية المؤثرة.
وأخيرًا، يعتمد على طول السلك المعرض للمجال المغناطيسي 𝐵. إذا كان 𝐿 هو طول السلك الموجود في المجال المغناطيسي، فإن القوة المغناطيسية تساوي 𝐵 في 𝐼 في 𝐿. وعلى سبيل التأكيد، كل ما نحتاج إليه لتوليد قوة مغناطيسية تؤثر على سلك هو تمرير تيار كهربي عبر ذلك السلك، ووضع التيار داخل مجال مغناطيسي. لكن ثمة نقطة مهمة تجدر الإشارة إليها. إن المعادلة التي كتبناها للتو صحيحة، لكنها تشترط وجود اتجاه معين بين المجال المغناطيسي 𝐵 والتيار 𝐼.
لاحظ أنه في هذا الشكل، يشير التيار إلى جهة اليمين، في حين يشير المجال المغناطيسي إلى أعلى. إذن، توجد زاوية قائمة بين هاتين الكميتين. وتنطبق هذه المعادلة ما دام ظل التيار الكهربي والمجال المغناطيسي متعامدين. لكن إذا لم يكونا متعامدين، أي إذا كان المجال المغناطيسي والتيار الكهربي يصنعان زاوية أخرى بينهما، لا تنطبق هذه المعادلة. تحديدًا، إذا كان المجال المغناطيسي يشير إلى اتجاه مواز لاتجاه التيار الكهربي في السلك، فإن قطعة السلك الموضوعة في المجال المغناطيسي لن تؤثر عليها أي قوة مغناطيسية.
لهذا دعونا نعمم هذه العلاقة قليلًا. يمكننا القول إن هذه المعادلة صحيحة إذا كان 𝐵 عموديًّا على التيار 𝐼. لكن من ناحية أخرى، إذا كان 𝐵 موازيًا لـ 𝐼، فإن القوة المغناطيسية التي تؤثر على السلك تساوي صفرًا. هذه ملحوظة مهمة يجب أخذها في الحسبان بخصوص هذه المعادلة. وإحدى الملاحظات المهمة الأخرى هي أننا سنرى هذه المعادلة معبرًا عنها بطريقة مختلفة قليلًا. فمثلًا، قد نراها مكتوبة في صورة 𝐼 في 𝐿 في 𝐵؛ أي التيار مضروبًا في طول السلك الموضوع داخل المجال المغناطيسي مضروبًا في شدة المجال المغناطيسي. من الناحية الرياضية، هاتان المعادلتان متماثلتان، لكنهما مختلفتان قليلًا في الشكل. لذلك من المفيد أن نعلم أنهما بالفعل متماثلتان.
حتى هذه النقطة، تخيلنا سلكًا يحمل شحنة تتحرك من اليسار إلى اليمين. لكن ماذا سيكون الحال إذا كان لدينا سلك موصل مماثل تمر به شدة التيار نفسها، لكن في الاتجاه المعاكس؟ السؤال هنا: هل القوة المغناطيسية التي تؤثر على السلك الثاني هي نفسها القوة المغناطيسية التي أثرت على السلك الأول؟ هنا علينا أن نتذكر أن القوة كمية متجهة. أي إن لها مقدارًا واتجاهًا. هذان السلكان الموصلان يمر بهما تيار شدته واحدة، ويتعرضان لشدة المجال المغناطيسي نفسها، ولهما الطول نفسه المعرض للمجال المغناطيسي. لذلك يتساوى مقدار القوة المؤثرة على كلا السلكين، لكن الاتجاه مختلف.
ويرجع الفضل في معرفتنا لهذه المعلومة إلى قاعدة تسمى قاعدة اليد اليسرى لفلمنج. من خلال هذه القاعدة، نستخدم الإبهام وأصابع يدنا اليسرى لإيجاد اتجاه القوة المغناطيسية المؤثرة على سلك يمر به تيار كهربي. إليك آلية عمل قاعدة اليد اليسرى لفلمنج. نبدأ بتوجيه إصبع السبابة في الاتجاه الذي يشير إليه المجال المغناطيسي 𝐵. وفي هذا المثال، يشير هذا الاتجاه إلى أعلى، أي إلى قمة الشاشة. ثم، وبإبقاء هذا الإصبع في الاتجاه نفسه، نشير بإصبعنا الثاني، أي إصبعنا الأوسط، في الاتجاه الذي يشير إليه التيار 𝐼.
عند فعل ذلك، من الضروري استخدام اتجاه التيار الاصطلاحي. بعبارة أخرى، استخدام الاتجاه الذي قد تتحرك فيه الشحنة الموجبة في السلك إذا تحركت. ثم أخيرًا، مع إبقاء السبابة والإصبع الأوسط في هذين الموضعين، نشير بإبهامنا الأيسر بحيث يصنع زاوية 90 درجة مع كلا هذين الإصبعين. وفي هذه الحالة، سيشير هذا الإصبع إلى خارج الشاشة نحونا. هذا الاتجاه الذي يشير إليه إبهامنا هو اتجاه القوة المغناطيسية التي تؤثر على هذا السلك الموضوع في مجال مغناطيسي.
ما فعلناه هنا هو تطبيق قاعدة اليد اليسرى لفلمنج على هذا السلك الذي يمر به تيار يتجه من اليسار إلى اليمين. ولقد علمنا أن القوة المؤثرة على هذا السلك الموضوع في مجال مغناطيسي تتجه إلى خارج الشاشة نحونا. لكن إذا فكرنا بعد ذلك في السلك الآخر، الذي تمر فيه الشحنة من اليمين إلى اليسار، نجد أن قاعدة اليد اليسرى لفلمنج الآن تعمل بشكل مختلف؛ لأنه بدلًا من أن يتجه التيار الكهربي إلى اليمين، فإنه الآن يتحرك في الاتجاه المعاكس. إذن ندير يدنا اليسرى بحيث يظل إصبع السبابة مشيرًا إلى الاتجاه نفسه الذي أشار إليه المجال المغناطيسي سابقًا. لكن الآن يشير الإصبع الأوسط إلى اليسار. وهذا يتطابق مع اتجاه التيار الاصطلاحي في السلك الثاني.
ثم، إذا جعلنا إبهام يدنا اليسرى عموديًّا على كل من السبابة والإصبع الأوسط، سنجد أنه يشير الآن إلى اتجاه القوة المغناطيسية المؤثرة على السلك الثاني. يشير إبهامنا في هذه الحالة إلى داخل الصفحة، أي مبتعدًا عنا. إذن بتناول السلك الثاني في الشكل، نلاحظ أن اتجاه القوة المغناطيسية في هذا السلك هو إلى داخل الصفحة، بدلًا من خارجها كما في السابق.
لتخليص ما سبق، يمكننا القول إن مقدار القوة المغناطيسية المؤثرة على هذين السلكين الموضوعين في مجال مغناطيسي يكون متساويًا. لكن تخبرنا قاعدة اليد اليسرى لفلمنج أن اتجاهي القوتين المؤثرتين على السلكين يكونان متعاكسين؛ لأن الشحنة تتحرك في اتجاهين متعاكسين في هذين السلكين. في هذه الحالة، تشير إحدى القوتين إلى داخل الصفحة، والأخرى إلى خارجها. وفيما يتعلق بالقوة المغناطيسية المؤثرة على الأسلاك التي يمر بها تيار، تعطينا المعادلة: 𝐹𝐵 يساوي 𝐵 في 𝐼 في 𝐿، مقدار القوة المغناطيسية، وتدلنا قاعدة اليد اليسرى لفلمنج على اتجاه هذه القوة. بعد معرفة هذا كله، لنتدرب الآن قليلًا على هذه الأفكار من خلال مثال.
عندما يوضع سلك بحيث يصنع زاوية 90 درجة مع مجال مغناطيسي، ويبلغ طول هذا السلك مترًا واحدًا، ويمر به تيار شدته أربعة أمبير، تؤثر عليه قوة مقدارها 0.2 نيوتن. ما شدة المجال المغناطيسي؟
حسنًا، في هذا المثال لدينا في المعطيات طول السلك. فالسلك طوله متر واحد. ونعلم أيضًا أن السلك يمر به تيار شدته أربعة أمبير. وبالإضافة إلى ذلك، نعلم أن هذا السلك يصنع زاوية قدرها 90 درجة مع مجال مغناطيسي. إذن يمكننا رسم خطوط مجال مغناطيسي تبدو هكذا؛ حيث تكون هذه الخطوط عمودية على السلك، كما نعلم من معطيات المسألة. لإيجاد المطلوب، لا يهمنا إذا ما كانت خطوط المجال المغناطيسي تشير إلى أعلى كما رسمناها أو إلى أسفل، ما دامت خطوط المجال المغناطيسي متعامدة على السلك.
نعلم من المعطيات أن في هذا المجال المغناطيسي، تؤثر قوة على السلك، ومقدار هذه القوة 0.2 نيوتن. بمعرفة هذه المعطيات، نريد أن نحل المسألة لإيجاد شدة المجال المغناطيسي الذي يحيط بالسلك. ويمكن أن نرمز إلى شدة المجال المغناطيسي هذه بحرف 𝐵 كبير. ومع افتراض أن القوة التي تؤثر على السلك في المجال المغناطيسي، وهي التي تساوي 0.2 نيوتن، هي 𝐹𝐵. لدينا جميع هذه المعلومات، لكننا نحتاج إلى معادلة تربطها معًا. يمكننا فعل ذلك بتذكر المعادلة الرياضية للقوة المغناطيسية المؤثرة على سلك يمر به تيار كهربي وموضوع في مجال مغناطيسي. وهي تنص على أن القوة تساوي شدة المجال المغناطيسي 𝐵 في شدة التيار المار في السلك في طول السلك المعرض للمجال المغناطيسي.
لكن في مسألتنا، لا نريد إيجاد 𝐹𝐵، لكننا نريد معرفة شدة المجال المغناطيسي 𝐵. ولإعادة ترتيب المعادلة والحل لإيجاد هذا المطلوب، لنقسم كلا طرفي المعادلة على 𝐼 في 𝐿، وبهذا يلغي الحدان أحدهما الآخر على الطرف الأيمن من المعادلة. ومن ثم نحصل على: شدة المجال المغناطيسي تساوي القوة المغناطيسية على شدة التيار في طول السلك الموضوع في المجال المغناطيسي. يمكننا الآن تطبيق هذه العلاقة باستخدام القيم المعطاة لنا. 𝐵 يساوي 0.2 نيوتن على أربعة أمبير في واحد متر.
وإذا تأملنا الوحدات لوهلة، نجد أن نيوتن لكل أمبير في متر يساوي ما يسمى بالتسلا، ويرمز إلى هذه الوحدة بحرف 𝑇 كبير. وهي الوحدة المعتمدة لدى النظام الدولي للوحدات لقياس شدة المجال المغناطيسي. إذن، 𝐵 يساوي 0.2 على أربعة في واحد تسلا، وهو ما يعطينا 0.05 تسلا. وهذه هي شدة المجال المغناطيسي الذي يحيط بالسلك.
لنلق الآن نظرة على مثال آخر.
يوضح الشكل مقطعًا لسلك وضع موازيًا لمجال مغناطيسي منتظم شدته 0.1 تسلا. يمر بالسلك تيار شدته اثنان أمبير. ما اتجاه القوة المؤثرة على السلك بفعل المجال المغناطيسي؟
في هذا الشكل، نرى هذا المقطع من السلك هنا، الذي يظهر موازيًا لمجال مغناطيسي منتظم. ويظهر الشكل أيضًا أن الشحنة تتحرك في السلك من اليسار إلى اليمين. وعليه، نريد أن نحل المسألة لكي نوجد اتجاه القوة المؤثرة على السلك بفعل المجال المغناطيسي. علينا أن نكون يقظين قليلًا في هذه المسألة. بمعرفة أن لدينا سلكًا يمر به تيار وموضوعًا في مجال مغناطيسي، قد نحتاج إلى التفكير في المعادلة الرياضية للقوة المؤثرة على هذا السلك.
تنص هذه العلاقة على أن هذه القوة تساوي شدة المجال المغناطيسي في شدة التيار المار في السلك في طول السلك المعرض للمجال المغناطيسي. لكن يوجد شرط مهم لازم لكي تنطبق هذه المعادلة. وهو أن يكون اتجاه المجال المغناطيسي عموديًّا على اتجاه سريان التيار الكهربي في السلك. لكن في هذه المسألة، يمكننا ملاحظة أن هذا الشرط غير متحقق، لأن التيار والمجال المغناطيسي متوازيان. وفي هذه الحالة، لا تنطبق هذه المعادلة لإيجاد القوة المغناطيسية. وفي الحقيقة، تكون القوة المغناطيسية المؤثرة على هذا السلك مساوية للصفر عندما يكون التيار الكهربي والمجال المغناطيسي متوازيين. بعبارة أخرى، القوة المؤثرة على هذا الجزء من السلك تساوي صفرًا.
لكن ليس مطلوبًا منا إيجاد مقدار القوة نفسها، إنما اتجاهها. وبرغم ذلك، يمكننا أن نرى أن تلك المعلومة تؤثر على إجابتنا فيما يخص اتجاه القوة. وهذا لأن عدم وجود قوة يعني عدم وجود اتجاه لها. إذن فإجابتنا على هذا السؤال تتلخص ببساطة في أنه لا توجد قوة مؤثرة على السلك. ونظرًا إلى عدم وجود قوة، فلا وجود لاتجاه. وهذه هي إجابتنا.
لنتوقف قليلًا لنلخص ما تعلمناه بخصوص القوة المؤثرة على أسلاك موصلة موضوعة في مجال مغناطيسي. في البداية، عرفنا أنه إذا وضع سلك يمر به تيار في مجال مغناطيسي، فربما تؤثر عليه قوة. نقول: «ربما»؛ لأنه إذا كان المجال المغناطيسي الذي يحيط بالسلك عموديًّا على اتجاه التيار، فحينها ستساوي تلك القوة المغناطيسية المؤثرة على السلك شدة المجال المغناطيسي في شدة التيار في طول الجزء المعرض من السلك للمجال المغناطيسي.
لكن من ناحية أخرى، إذا كان المجال المغناطيسي والسلك موضوعين بترتيب مختلف؛ بحيث يكون المجال المغناطيسي موازيًا للتيار الكهربي، ففي هذه الحالة لن تؤثر قوة على السلك. في الحالات التي تبدو هكذا؛ حيث 𝐵 و𝐼 متعامدان على بعضهما البعض، سنحصل على قوة لا تساوي صفرًا تؤثر على السلك، وتساوي 𝐵 في 𝐼 في 𝐿. لكن في الحالات التي تبدو هكذا؛ حيث 𝐵 و𝐼 متوازيان، لا تؤثر قوة مغناطيسية على السلك.
وأخيرًا، عندما تؤثر قوة مغناطيسية على سلك يمر به تيار وموضوع في مجال مغناطيسي، فإن قاعدة اليد اليسرى لفلمنج توضح لنا كيفية إيجاد اتجاه هذه القوة. ونفعل ذلك من خلال الإشارة بإصبع السبابة في اتجاه المجال المغناطيسي 𝐵، وتوجيه إصبعنا الأوسط ليشير في اتجاه التيار الاصطلاحي المار في السلك، ثم نشير بإصبع الإبهام بحيث يكون عموديًّا على هذين الاتجاهين. وبهذا يشير إبهامنا إلى اتجاه القوة المغناطيسية الناتجة المؤثرة على السلك الموضوع في المجال. كان هذا ملخصًا للقوة المؤثرة على أسلاك موصلة موضوعة في مجال مغناطيسي.