نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نعرف الميل الإلكتروني، ونصف تدرج الميل الإلكتروني عبر الجدول الدوري ونشرحه. يواجه علماء الكيمياء صعوبة في تتبع مقدار الطاقة في النظام، ورصد جميع الأنواع المختلفة قد يكون مرهقًا. إحدى الطرق التي يسهل بها علماء الكيمياء الأمر هي تقسيم العملية إلى خطوات أصغر. فإذا كانت لدينا ذرة، يمكننا قياس مقدار الطاقة المطلوبة لفصل كل إلكترون، واحدًا واحدًا، حتى تتبقى لدينا نواة فقط. وتسمى عملية إزالة هذه الإلكترونات بالتأين. وأمامنا هنا التأين الأول والتأين الثاني لذرة هليوم.
لكن ماذا عن العكس؟ من الممكن أيضًا أن تكتسب الذرات إلكترونات. فماذا نسمي هذه العملية؟ لدينا هنا ذرة هيدروجين. عادة نجد الهيدروجين العنصري في جزيئات الهيدروجين H2. لكن معظم العناصر لا تكون الجزيئات بنفس الطريقة التي يتبعها الهيدروجين، لذا فمن الصعب مقارنتها بتلك الطريقة. بدلًا من ذلك، سنبدأ بذرات منفصلة في الحالة الغازية. حين تكون ذرة هيدروجين قريبة من إلكترون بالقدر الكافي، ينجذب كل منهما نحو الآخر قليلًا ويبقيان معًا. وتتحول الطاقة الكيميائية الكامنة إلى أشكال أخرى من الطاقة، مثل الحرارة. وتعرف الطاقة المنطلقة في هذه العملية بالميل الإلكتروني للهيدروجين.
نستخدم أيضًا مصطلح الميل الإلكتروني للتعبير عن عملية إضافة الإلكترونات بشكل عام. يعرف الميل الإلكتروني بأنه الطاقة المنطلقة عند إضافة إلكترون إلى ذرة متعادلة وهي في حالتها الغازية لتكوين أيون سالب، وعادة ما نعبر عن الميل الإلكتروني بوحدة الكيلوجول لكل مول من الذرات. وهناك ما يسمى بالميل الإلكتروني الثاني، وهو إضافة الإلكترون إلى أيون شحنته واحد سالب بدلًا من ذرة متعادلة. سنلقي نظرة سريعة على هذا لاحقًا، لكننا سنركز أكثر على الميل الإلكتروني الأول.
قبل أن نتعمق أكثر، من المهم جدًّا أن نعرف العلاقة بين الميل الإلكتروني والإنثالبي أو التغير في الطاقة. الميل الإلكتروني للهيدروجين يختلف عن التغير في الإنثالبي عندما نضيف إلكترونًا إلى ذرة هيدروجين. الميل الإلكتروني هو إطلاق الطاقة، أي كمية الطاقة الخارجة، أما تغير الإنثالبي فهو التغير في طاقة النظام. إذا كان الميل الإلكتروني موجبًا، ويمكننا استخدام الرمز Eea في التعبير عنه، فإن تغير الإنثالبي لنفس العملية يكون سالبًا. وهذا يمثل عملية طاردة للحرارة، أي إطلاق الطاقة إلى البيئة المحيطة، أما الميل الإلكتروني السالب فيعني أن تغير الإنثالبي في العملية تغير موجب. وهذا يمثل عملية ماصة للحرارة.
ومع أن هذا الاصطلاح مزعج بعض الشيء، فكل ما تحتاج إليه ببساطة هو تذكر تعريف الميل الإلكتروني. إذا فعلت ذلك، فستتمكن من معرفة معنى إشارة الميل الإلكتروني. يوجد حاليًّا 118 عنصرًا في الجدول الدوري. وهذا يعني أنه من المحتمل وجود 118 ميلًا إلكترونيًّا أولًا مختلفًا لنقيسه، بافتراض أن النظائر لا تحدث فارقًا. الميل الإلكتروني للهيدروجين هو حوالي 73 كيلوجولًا لكل مول. وهذا يعني أنه إذا كان لدينا مول واحد من ذرات الهيدروجين في الحالة الغازية وأضفنا إلكترونًا لكل ذرة منها، فسنحول 73 كيلوجولًا من الطاقة الكيميائية الكامنة إلى أشكال أخرى من الطاقة، مثل الحرارة. إذن لكل مول من ذرات الهيدروجين، نحوله إلى أيونات -H، سنحصل على 73 كيلوجولًا من الطاقة التي تنطلق إلى البيئة المحيطة.
هذا يعني أن أيون -H أكثر استقرارًا من ذرة الهيدروجين والإلكترون المنفصلين. لكن ماذا عن العناصر التي نعلم أنها شديدة الاستقرار بالفعل، مثل غاز الهليوم النبيل؟ عندما نحاول إضافة إلكترون إلى الهليوم، يكون التنافر بين الإلكترونات أقوى من قوة جذب النواة. هذا يعني أن إضافة إلكترون إلى ذرة الهليوم يتطلب منا إضافة طاقة. ومن المستحيل تقريبًا قياس هذا مباشرة لأن -He ليس مستقرًّا، لكن بإمكاننا إجراء بعض الحسابات.
إذا استطعنا إضافة إلكترون إلى ذرة هليوم، فإن هذا سيتطلب حوالي 48 كيلوجولًا لكل مول. هذا يعني أن الميل الإلكتروني للهليوم هو حوالي سالب 48 كيلوجولًا لكل مول. وهكذا رأينا أن بعض العناصر لها ميل إلكتروني موجب، والبعض الآخر له ميل إلكتروني سالب. إذن بالنسبة لبعض العناصر، إضافة إلكترون إلى ذراتها الغازية عملية طاردة للحرارة، وبالنسبة للبعض الآخر عملية ماصة للحرارة. أمامنا خريطة ملونة للميل الإلكتروني للعناصر. كلما كان اللون الوردي للمربع أغمق، كان الميل الإلكتروني لذلك العنصر أعلى. وكلما كان اللون الأزرق للمربع أغمق، كان الميل الإلكتروني أقل. اللون الرمادي يشير إلى قيم الميل الإلكتروني القريبة من الصفر، والأبيض يشير إلى أن الميل الإلكتروني لم يحدد بعد.
كما نرى، لا يوجد تدرج ثابت، لكننا نرى بالفعل بعض الأنماط هنا وهناك. مثلًا، جميع الغازات النبيلة لها ميل إلكتروني سالب. لكن فيما عدا ذلك يصبح الميل الإلكتروني عمومًا أكثر إيجابية بالتدرج من اليسار لليمين ومن الأسفل للأعلى. بشكل عام، يمكننا رؤية زيادة في الميل الإلكتروني للعناصر عبر دورة واحدة بالتدرج من اليسار لليمين. وفي عدد قليل جدًّا من المجموعات يمكننا رؤية زيادة في الميل الإلكتروني من الأسفل للأعلى.
فلنلق نظرة على التدرج نزولًا لأسفل في المجموعات أولًا. هذا التدرج أقوى في المجموعات: الأولى، والـ 14، والـ 15، والـ 16، والـ 17. أثناء النزول لأسفل في أي مجموعة في الجدول الدوري، يزيد حجم ذرات العناصر تدريجيًّا نظرًا لزيادة عدد الأغلفة الإلكترونية بها. بالنسبة للعناصر المتشابهة، كلما زاد حجم الذرات، قل جذبها للإلكترون الإضافي. إذا حاولنا إضافة إلكترون إلى ذرة صغيرة، فسيتمكن من الاقتراب من النواة، أما بالنسبة للذرات التي تحمل إلكترونات أكثر، فلن يتمكن الإلكترون من الاقتراب بنفس الدرجة.
قبل أن نتابع، سنتناول حالة عدم اتساق واحدة في المجموعة الـ 17. الميل الإلكتروني للفلور عال بصورة غير عادية؛ إذ يبلغ 328 كيلوجولًا لكل مول، في حين أن الكلور أعلى. في الوقت ذاته، قيم الميل الإلكتروني للبروم واليود وغيرهما في المجموعة تستمر كما هو متوقع، متبعة التدرج لأسفل. ومع أنه من الصعب معرفة لماذا يحدث هذا بالضبط، يمكننا استنتاج نظرية معقولة.
لذرة الفلور نصف قطر ذري ضئيل؛ إذ يبلغ 42 بيكومترًا فقط. والكلور ضعفه تقريبًا؛ إذ إن نصف قطره الذري 79، في حين أن نصف القطر الذري للبروم واليود يزداد بالتدريج. لدينا هنا ذرة فلور مكونة من تسعة إلكترونات تحيط بنواة شحنتها موجب تسعة. ذرة الفلور أصغر من ذرة الهيدروجين ذات نصف القطر الذري الذي يبلغ 53 بيكومترًا. يمكننا أن نتخيل أن الشحنة السالبة لهذه الإلكترونات في ذرة الفلور ستكون شديدة الكثافة. وهذا سيقلل الميل الإلكتروني للفلور مقارنة بالكلور؛ لأن الإلكترون القادم سيواجه تنافرًا أشد.
والآن لنلق نظرة فاحصة على التدرج من اليسار لليمين عبر الدورة. فلننظر نظرة أقرب على الدورة الثانية. كلما انتقلنا من اليسار إلى اليمين، يزداد العدد الذري. وبما أن عدد الأغلفة الإلكترونية لا يزداد، وشحنة النواة تزداد؛ فإن نصف القطر الذري يقل. في ذرة الليثيوم، شحنة النواة موجب ثلاثة، إذن لدينا ثلاثة إلكترونات في السحابة الإلكترونية. الشحنة الإجمالية لهذه الإلكترونات سالب ثلاثة. في الوقت ذاته، تملك ذرة الفلور نواة شحنتها موجب تسعة، وتسعة إلكترونات. في هذا التدرج، سنتجاهل غاز النيون النبيل؛ لأننا نعرف بالفعل أنه شديد الاستقرار ولن يتقبل إلكترونًا إضافيًّا.
والآن فلنتخيل أننا وضعنا هذا الإلكترون الإضافي بجوار ذرة ليثيوم أو ذرة فلور. الإلكترون الذي يقترب من ذرة فلور يمكنه الاقتراب أكثر من النواة قبل أن يتنافر مع الإلكترونات. حسنًا، هذا شرح بسيط يفسر لماذا، عمومًا، نرى زيادة في الميل الإلكتروني بالتدريج من اليسار إلى اليمين عبر أي دورة من دورات الجدول الدوري.
آخر شيء سنتناوله، وسبق أن قلنا إننا سنعود إليه، هو الميل الإلكتروني الثاني. يرتبط الميل الإلكتروني الثاني بهذه العملية: -X زائد إلكترون يعطي -X2. مرة أخرى، هذا يحدث في الحالة الغازية. الأمر المثير للاهتمام هنا هو أننا نضيف إلكترونًا سالب الشحنة إلى أنيون. إذن فالأيون السالب سيطرد الإلكترون بطبيعة الحال، وهذا يزيد من الطاقة المطلوبة لضمهما معًا. بسبب هذا، يكون الميل الإلكتروني الثاني سالبًا دائمًا، ومن ثم ماصًّا للحرارة.
نلاحظ ذلك في عنصر الأكسجين. فالميل الإلكتروني الأول للأكسجين هو حوالي 141 كيلوجولًا لكل مول. وتغير الإنثالبي لهذه العملية سالب؛ أي إننا نتعامل مع عملية طاردة للحرارة. لكن الميل الإلكتروني الثاني المتوقع للأكسجين هو حوالي سالب 744 كيلوجولًا لكل مول. إذن تغير الإنثالبي لهذه العملية موجب؛ أي إننا نتعامل مع عملية شديدة الامتصاص للحرارة. المثير للاهتمام هو أن أيونات -O2 تتكون طوال الوقت في الشبيكات مع الفلزات. وتمتص هذه الطاقة الحرارية حين تتقارب الأيونات المتضادة الشحنة.
لنختتم بتلخيص النقاط الأساسية. الميل الإلكتروني للعنصر هو الطاقة المنطلقة عند إضافة إلكترون إلى ذرة متعادلة من ذلك العنصر في الحالة الغازية لتكوين أيون سالب. يعبر عن الميل الإلكتروني عادة بالكيلوجول لكل مول. يستخدم الميل الإلكتروني عادة في الإشارة إلى العملية نفسها، أي إضافة إلكترون إلى ذرة غازية. الميل الإلكتروني الثاني للعنصر هو الطاقة المصاحبة لعملية إضافة إلكترون إلى أيون شحنته سالب واحد. يشير الميل الإلكتروني الموجب إلى تغير سالب في الإنثالبي، وهو ما يشير إلى عملية طاردة للحرارة. والعكس بالعكس؛ إذ يشير الميل الإلكتروني السالب إلى تغير موجب في الإنثالبي وعملية ماصة للحرارة.
في الجدول الدوري، نرى تدرجًا في زيادة الميل الإلكتروني عمومًا من اليسار لليمين ومن الأسفل للأعلى. بالتنقل داخل المجموعة الواحدة من الأسفل للأعلى، يعزى هذا التدرج إلى تناقص الحجم الذري. وعبر الدورة، تعني زيادة العدد الذري للعنصر أن الذرة ستحمل شحنة أعلى للنواة. يقلل هذا حجم الغلاف الإلكتروني ويسمح للإلكترونات القادمة بالاقتراب؛ لانجذابها أكثر إلى النواة. فلنضع في اعتبارنا أننا عادة ما نتجاهل الغازات النبيلة في مناقشتنا لهذه التدرجات؛ لأن ذرات الغازات النبيلة لديها غلاف تكافؤ مكتمل. وهي شديدة الاستقرار، وستكون إضافة الإلكترونات لها دائمًا عملية ماصة للحرارة.