فيديو الدرس: التنفس اللاهوائي الأحياء

نسخة الفيديو النصية

في هذا الفيديو، سوف نتعرف على المتفاعلات والنواتج في عملية التنفس اللاهوائي ونقارن بينها وبين عملية التنفس الهوائي. لنبدأ بنشاط إذن مثل الخميرة، التي تنشط في حالة توفر الأكسجين أو عدم توفره. تعرف عملية تكسير المغذيات في الخلايا بهدف تحرير الطاقة بالتنفس الخلوي. إذا اعتمدت عملية التنفس الخلوي على الأكسجين، يشار إليها بالتنفس الهوائي. ويشار إلى الكائنات الحية التي تنشط في وجود الأكسجين بالكائنات الهوائية. أما إذا حدثت عملية التنفس الخلوي دون الحاجة إلى توفر الأكسجين، يشار إليها بالتنفس اللاهوائي. إذن «لا هوائي» هو عكس «هوائي».

تقوم العديد من الكائنات الحية الدقيقة بعملية التنفس اللاهوائي، بما في ذلك معظم أنواع البكتيريا التي تعيش داخل أجسامنا أو فوقها. يعد الأكسجين عنصرًا سامًّا لكثير من هذه الكائنات الحية، ولا تستطيع البقاء إلا في بيئات خالية من الأكسجين أو تحتوي عليه بنسبة طفيفة جدًّا، مثل قنواتنا الهضمية، حيث تساعدنا العديد من أنواع البكتيريا في هضم الطعام. يشار إلى الكائنات الحية التي لا تستخدم الأكسجين في عملية التنفس الخلوي بالكائنات اللاهوائية. في بعض الأحيان، تجد الخلايا الهوائية نفسها تحت ظروف يندر فيها توفر الأكسجين. في هذه الحالات، لا بد وأن تعتمد هذه الخلايا على عمليات التنفس اللاهوائي لتوليد الطاقة الخلوية التي تحتاجها. لكن عمليات التنفس اللاهوائي في خلايا الكائنات الهوائية عادة ما ينتج عنها نواتج ثانوية سامة، وتكون أقل فاعلية بكثير من التنفس الهوائي.

يتمثل أحد الاختلافات المهمة الأخرى في أن عملية التنفس الهوائي تحدث داخل ميتوكوندريا الخلية، بينما عمليات التنفس اللاهوائي التي سنتناولها تحدث داخل السيتوبلازم. لنلق الآن نظرة فاحصة على مثالين لعمليات التنفس اللاهوائي التي تحدث في الكائنات الهوائية. لنبدأ بتوضيح أن التنفس الهوائي يعتمد على الأكسجين والجلوكوز، اللذين يتحولان إلى ثاني أكسيد الكربون والماء. هذا التفاعل الكيميائي الطارد للحرارة يولد طاقة، وتخزن هذه الطاقة في جزيء يطلق عليه أدينوسين ثلاثي الفوسفات ‪(ATP)‬‏، والذي يستخدم كمصدر للطاقة في جميع الوظائف الخلوية تقريبًا.

لنتخيل أن أحد طلاب مادة الأحياء خرج من المبنى وأخذ يركض على الفور بأقصى سرعة. في البداية، من المرجح أن يستمر في التنفس بصورة طبيعية. ومع مرور الوقت، سيزداد معدل تنفسه لأن عضلاته في حاجة إلى المزيد من الأكسجين لإنتاج المزيد من جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات لاستخدامها كمصدر للطاقة. في النهاية ستتلاحق أنفاسه، ويخفق قلبه بأقصى سرعة. وستعمل الميتوكوندريا الموجودة داخل خلاياه العضلية على إنتاج أكبر قدر ممكن من جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات. لا يستطيع جسمه امتصاص المزيد من الأكسجين، ولكنه ما يزال يجري. لذلك ستضطر خلاياه العضلية إلى الاستمرار في إنتاج جزيئات الأدينوسين ثلاثي الفوسفات من أجل توفير الطاقة بطريقة ما، ولذا تبدأ الخلايا في استخدام عمليات التنفس اللاهوائية.

يطلق على عملية التنفس اللاهوائي التي تستخدمها الخلايا العضلية اسم تخمر حمض اللاكتيك. تحول عملية تخمر حمض اللاكتيك جزيئًا واحدًا من الجلوكوز إلى جزيئين من حمض اللاكتيك. هذه هي المعادلة الكيميائية لتخمر حمض اللاكتيك. وفي حين يطلق التنفس الهوائي طاقة كافية لتوليد ما يصل إلى 38 من جزيئات الأدينوسين ثلاثي الفوسفات من جزيء جلوكوز واحد، تعد عملية تخمر حمض اللاكتيك أقل كفاءة، فهي لا تكسر الجلوكوز بصورة كاملة، ولا تنتج من الطاقة إلا ما يكفي لتوليد جزيئين اثنين فقط من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات. كما يعد حمض اللاكتيك سامًّا للخلايا عندما يتواجد بتركيزات عالية. ومن الضروري أن يتم تكسيره لاحقًا والتخلص منه بصورة آمنة.

لنعد مرة أخرى إلى الطالب وإلى التمثيل البياني. مع استمرار الطالب في الجري لفترة أطول بعد أن يصل إلى الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين، تزيد عمليات تخمر حمض اللاكتيك التي تضطر الخلايا لإجرائها، ويزيد معها مستوى تركيز حمض اللاكتيك. ومن المهم ملاحظة أن عملية التنفس الهوائي لا تتوقف بمجرد بدء عملية تخمر حمض اللاكتيك. لأن عملية التنفس الهوائي تحدث بشكل مستمر داخل الميتوكوندريا الموجودة في خلايا جسمك. أما عملية تخمر حمض اللاكتيك فهي أشبه بخطة بديلة تلجأ إليها خلايا جسمك عندما تحتاج إلى المزيد من جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات لكنها تعجز عن الحصول على المزيد من الأكسجين. ولكنها لا تستطيع الاستمرار هكذا إلى الأبد.

فبمجرد أن تبدأ خلايا الطالب الذي يركض في القيام بعملية تخمر حمض اللاكتيك، فإنه لن يستطيع الاستمرار في الركض بنفس سرعته لفترة أطول. ومن حسن حظ هذا الطالب أنه إذا استمر في التدريب بشكل منتظم، فإن خلاياه العضلية سوف تنمو وتنتج المزيد من الميتوكوندريا. وبالتالي سيصبح قادرًا على الركض لمسافات أطول ويولد جسمه طاقة خلوية بصورة أكثر كفاءة.

توجد بعض الاستخدامات المدهشة الأخرى لعملية تخمر حمض اللاكتيك. هل تعلم أن إحدى أقدم الطرق وأكثرها شيوعًا لحفظ الأطعمة تتضمن تخمر حمض اللاكتيك؟ توجد بعض الكائنات الحية التي تعتمد على التخمر فقط من أجل توليد الطاقة الخلوية. أحد أمثلة هذه الكائنات الحية نوع شائع للغاية من البكتيريا يطلق عليه لاكتوباسيلس. تعيش بكتيريا لاكتوباسيلس في أماكن عديدة على الجسم البشري وداخله، بما في ذلك الفم والبشرة والكلى والمعدة والأمعاء، حيث تساعد في حماية أنسجتنا من الكائنات الدقيقة الأخرى الخطيرة والمسببة للأمراض.

وتستخدم هذه البكتيريا أيضًا في عملية التخمر اللبني، التي تعد إحدى الطرق المعروفة لصناعة المخللات. توضع الخضراوات في وعاء، مع إضافة الملح بتركيز مرتفع. هذا الملح يمنع نمو أنواع البكتيريا الأخرى. بكتيريا اللاكتوباسيلس شائعة جدًّا لدرجة أنها تتواجد بالفعل على الخضراوات، وهي قادرة على تحمل هذه النسبة العالية التركيز من الملح وتستمر في النمو في وجودها. حيث تتغذى على السكريات والخضراوات، وتنتج حمض اللاكتيك. هذا المزيج من الملح وحمض اللاكتيك لا يمنح الخضراوات مذاقًا وملمسًا مختلفًا فقط، ولكنه يمنع أيضًا نمو الكائنات الحية الدقيقة التي ربما تؤدي إلى إفساد الطعام؛ ومن ثم فهو يعمل كمادة حافظة للطعام.

تذكر أن البشر لم تتوفر لديهم دائمًا وسائل تكنولوجية، مثل أجهزة التبريد التي تحافظ على الطعام طازجًا في عصرنا. وتستخدم عملية تخمر حمض اللاكتيك أيضًا في إنتاج الكاكاو والزبادي والعديد من أنواع الجبن وأنواع معينة من الخبز الحامض.

بعد ذلك، سنتناول نوعًا آخر من التخمر. الخميرة هي أحد أنواع الفطريات وحيدة الخلية. ومن المرجح أن تكون على دراية بفطر الخميرة إذا كنت قد جربت من قبل أن تصنع خبزًا. لا تفعل الخميرة شيئًا سوى أنها تتكاثر. لكن التكاثر عملية تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة. وتولد الخميرة هذه الطاقة الخلوية، مثل البشر، من خلال عملية التنفس الهوائي. فهي تكسر الجلوكوز والأكسجين ليعاد ترتيبهما في صورة ثاني أكسيد الكربون والماء، وتنتج عن هذه العملية طاقة تخزن في جزيء أدينوسين ثلاثي الفوسفات.

عندما تنمو الخميرة في بيئة تحتوي على كمية كافية من الجلوكوز دون توفر الأكسجين، تلجأ إلى عمليات التنفس اللاهوائي للاستمرار في توليد الطاقة الخلوية. ويطلق على عملية التنفس اللاهوائي في الخميرة اسم التخمر الكحولي. أثناء عملية التخمر الكحولي، يتحول جزيء واحد من الجلوكوز إلى جزيئين من الكحول الإيثيلي وجزيئين من ثاني أكسيد الكربون. تنتج هذه العملية الطاردة للحرارة طاقة كافية لإنتاج جزيئين من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات. ومثل عملية تخمر حمض اللاكتيك، يعد التخمر الكحولي أقل كفاءة من عملية التنفس الهوائي. حيث ينتج عددًا أقل من جزيئات أدينوسين ثلاثي الفوسفات، كما أن الجلوكوز لا يتحلل بالكامل إلى كحول إيثيلي، وهو مادة سامة لمعظم الكائنات الحية. في الواقع، بينما تحتوي مشروبات معينة على الكحول الإيثيلي، يكثر استخدامه أيضًا كمطهر. كما أنه مذيب كيميائي فعال، وقابل للاحتراق أيضًا؛ لذلك عادة ما يستخدم كوقود.

لنعد مرة أخرى إلى صناعة الخبز. لكي نصنع خبزًا، يجب أولًا أن نضيف كمية من السكر إلى الخميرة كما هو معتاد. فهذا يجعلها تبدأ في التكاثر. عندما تضاف الخميرة إلى عجين الخبز، تقل نسبة الأكسجين التي تحصل عليها الخميرة. لذلك تلجأ إلى إجراء عملية التنفس اللاهوائي المتمثلة في التخمر الكحولي. وينتج عن هذه العملية بعض الكحول الإيثيلي وغاز ثاني أكسيد الكربون. يحبس ثاني أكسيد الكربون، وينتج عن ذلك فقاعات تملأ العجينة القابلة للتمدد، وتسبب تلك الفقاعات ارتفاع سطح عجينة الخبز بعد مرور بضع ساعات. وحينها نخبز العجين. تزيل حرارة الفرن أية آثار للكحول وتثبت قوام الخبز. هذه العملية تمنح الخبز قوامه الرقيق الذي يجده معظم الناس لذيذا.

في هذا الفيديو تعرفنا على الاختلاف بين طرق التنفس الهوائية واللاهوائية لإنتاج الطاقة الخلوية. كما تعرفنا أيضًا على العمليتين اللاهوائيتين: تخمر حمض اللاكتيك والتخمر الكحولي.