نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف نصف تدرج الخواص عبر الدورات في الجدول الدوري.
الجدول الدوري هو عرض رائع للمعلومات. فمن خلال إدراج العناصر حسب عدد بروتوناتها وبدء صفوف جديدة في الوقت المناسب، يمكننا ترتيب جميع العناصر في تمثيل مرئي يكشف عن معلومات وتدرجات مهمة. في الكيمياء، تعبر الدورية عن فكرة وجود تدرجات وأنماط يمكننا التوصل إليها في الجدول الدوري. بالنسبة إلى أبسط التدرجات، سنرى ما إذا كانت خاصية معينة تزداد أم تتناقص ونحن نتحرك في اتجاهين في الجدول الدوري. يمكننا تناول التدرج نزولًا لأسفل في المجموعة، ويمكننا أيضًا تناول التدرج عبر الدورة. في هذا الفيديو، سنلقي نظرة على الدورية لأربع خصائص مختلفة: نصف القطر الذري، ونصف القطر الأيوني، ودرجة الانصهار، والتوصيلية الكهربية.
أولًا، لنلق نظرة على نصف القطر الذري. إذا فكرنا في تركيب الذرة التي تحتوي على نواة مركزية وحلقة خارجية من الإلكترونات، فسنجد أن نصف القطر الذري هو المسافة بين نواة الذرة وإلكتروناتها الخارجية؛ أي نصف قطر الذرة. ومع ذلك، يصعب تحديد موقع الإلكترون الخارجي بشكل مباشر من أجل عملية القياس هذه؛ ومن ثم يقيس الكيميائيون نصف القطر الذري بطريقة مختلفة. فهم يحددون ذرتين مرتبطتين إحداهما بالأخرى، ويقيسون المسافة بين نواتيهما لإيجاد مسافة تساوي نصفي قطرين ذريين. على سبيل المثال، المسافة بين النواتين المتجاورتين في جزيء غاز الكلور تساوي 202 بيكومتر. وبما أننا نعتبر أن الذرتين متجاورتان ولا يوجد بينهما فراغ، فإن نصف القطر الذري للكلور يساوي نصف هذه القيمة؛ أي 101 بيكومتر.
إذن كيف تتدرج خاصية نصف القطر الذري في الجدول الدوري؟ التدرج الأول هو أن نصف القطر الذري يزداد ونحن نتحرك لأسفل في مجموعة ما. ولتقصي التدرج في هذا الاتجاه، دعونا نلق نظرة على الأغلفة الإلكترونية في عنصرين من المجموعة نفسها. الصوديوم يقع أسفل الليثيوم في المجموعة الأولى. ولذلك، يحتوي الصوديوم على إلكترونات أكثر. وتملأ هذه الإلكترونات المزيد من الأغلفة الإلكترونية. والنتيجة النهائية هي أن نصف قطر ذرة الصوديوم أكبر من نظيره في الليثيوم. وفي الحقيقة، في أي مجموعة في الجدول الدوري، سيزيد نصف قطر الذرة ونحن نتحرك لأسفل في المجموعة. أما بالنسبة إلى تدرج خاصية نصف القطر الذري في الاتجاه الآخر، فبينما نتحرك من اليسار إلى اليمين عبر دورة ما، يقل نصف القطر الذري. لتقصي التدرج في هذا الاتجاه، دعونا نلق نظرة على عنصرين في دورة واحدة.
يقع النيتروجين على يمين الكربون في الدورة الثانية. لذا، يحتوي النيتروجين على بروتونات أكثر. وكلما زادت البروتونات، زادت الشحنة الموجبة، وهو ما يعني قوة جذب أكبر للإلكترونات الخارجية للذرة. وبسبب قوة الجذب الداخلية الإضافية التي تتعرض لها الإلكترونات، يقل نصف قطر الذرة. ومن ثم، فإن نصف قطر ذرة النيتروجين أصغر من نظيره في الكربون. وهكذا بينما نتحرك إلى اليمين عبر أي دورة في الجدول الدوري، يصبح نصف القطر الذري أصغر فأصغر. يبدو النمط الثاني مخالفًا للتوقعات أحيانًا. فللوهلة الأولى، قد تعتقد أن إضافة البروتونات والإلكترونات قد يزيد نصف القطر الذري.
باستخدام تشبيه مجازي يساعدنا على فهم التدرج الثاني، يمكننا تخيل الذرة كحفل غنائي تحييه فرقة موسيقية شهيرة من البروتونات على مسرح أمام جمهور من المعجبين، وهم الإلكترونات. الحفل له نصف قطر معين، ويقف المعجبون في صفوف مرتبة. إضافة المزيد من المعجبين إلى صف موجود بالفعل لا يغير نصف قطر الحفل. لكن إذا ظهر عضو آخر من الفرقة الموسيقية على المسرح، فقد تقترب الإلكترونات المعجبة من المسرح لإلقاء نظرة أوضح عليه، وهو ما يقلل المساحة التي تشغلها الجماهير نتيجة لذلك. وهكذا، لا يزداد نصف قطر الحفلة إلا في حالة إضافة صف جديد من المعجبين، أو إضافة إلكترونات إلى غلاف إلكتروني جديد. بأخذ هذا التشبيه في الاعتبار، يمكننا فهم لماذا تؤدي إضافة المزيد من البروتونات والإلكترونات إلى زيادة قوى التجاذب بينها، وتقليل حجم الذرة.
تحدثنا عن نصف القطر الذري أو نصف قطر الذرات المتعادلة. يمكننا أيضًا الحديث عن نصف القطر الأيوني أو نصف قطر الأيونات المشحونة. تدرجات نصف القطر الأيوني في الجدول الدوري تماثل تدرجات نصف القطر الذري. فنصف القطر الأيوني يزداد ونحن نتحرك لأسفل في المجموعة، ويقل ونحن نتحرك عبر الدورة. وهذه التدرجات تنطبق على الأيونات الموجبة والسالبة على حد سواء. إذا تناولنا المثال السابق المتعلق بالليثيوم والصوديوم، ولكن مع النظر إلى الأيونات بدلًا من الذرات، فسنجد أن أيون الصوديوم يحتوي على عدد أكبر من الأغلفة الإلكترونية، ومن ثم يكون نصف قطره الأيوني أكبر أيضًا من نظيره في أيونات الليثيوم.
بالنسبة إلى تدرج هذه الخاصية عبر الدورة، يمكننا أن نلقي نظرة على أيونين من الدورة نفسها في الجدول الدوري، مثل أيون الأكسجين وأيون الفلوريد. سواء أكان هذان الجسيمان من الأيونات أو الذرات، فإن الجسيم الذي يحتوي على عدد أكبر من البروتونات ستكون له قوة جذب أكبر للإلكترونات، ومن ثم يكون نصف قطره الذري أو الأيوني أصغر. يمكننا مد نطاق هذا النمط إلى أبعد من ذلك إذا نظرنا إلى مجموعة من الأيونات أو الذرات المتكافئة الإلكترونات. يقال إن اثنتين أو أكثر من الذرات أو الأيونات متكافئة الإلكترونات، إذا كانت متماثلة في عدد الإلكترونات وترتيبها. هذه المجموعة الموضحة هنا من الذرات والأيونات متكافئة الإلكترونات. فكل منها يحتوي على 10 إلكترونات تملأ أول غلافين إلكترونيين بالكامل. الفرق الرئيسي بين هذه الأيونات والذرات هو عدد البروتونات.
النيتروجين في الطرف الأيسر به سبعة بروتونات، وتزداد البروتونات بمقدار واحد حتى نصل إلى المغنيسيوم على اليمين الذي يحتوي على 12 بروتونًا. ما زالت القاعدة المذكورة سابقًا تنطبق هنا. كلما زادت البروتونات، زادت قوة الجذب المؤثرة على الإلكترونات الخارجية، وهو ما يعني نصف قطر ذريًّا أصغر. إذن عندما ننظر إلى الذرات والأيونات المتكافئة الإلكترونات التي تحتوي على بروتونات متزايدة بالتدريج، نجد أن نصف القطر النووي يقل. ومن ثم، فإن النمط الثاني ينطبق على الأيونات الموجودة عبر دورة معينة، وكذلك على الأيونات المتكافئة الإلكترونات في دورات مختلفة.
إحدى الخواص الأخرى التي يمكننا تقصيها هي درجة الانصهار. يتطلب صهر مادة معينة إضافة قدر كاف من الطاقة للتغلب على قوى التجاذب التي تبقي الجسم الصلب متماسكًا. ومن ثم، فإن درجة الانصهار العالية هي إشارة على أن المادة بها قوى تجاذب قوية تربط جسيماتها معًا. تكون هذه العلاقة واضحة عند المقارنة بين الفلزات واللافلزات. تتماسك الفلزات بواسطة روابط فلزية قوية يتطلب كسرها قدرًا كبيرًا من الطاقة. ونتيجة لذلك، نجد أن الفلزات لها درجات انصهار عالية بشكل عام. من ناحية أخرى، تتماسك اللافلزات بواسطة قوى تشتت لندن الأضعف بكثير. ونتيجة لذلك، تكون درجات انصهار اللافلزات أقل من الفلزات بوجه عام.
هذا النمط يطابق ما نلاحظه في الحياة الواقعية. ففي درجة حرارة الغرفة، تكون الغالبية العظمى من الفلزات صلبة، وهو ما يعني أن درجة انصهارها أعلى من درجة حرارة الغرفة. أما الغالبية العظمى من اللافلزات، بما في ذلك غازا الأكسجين والنيتروجين، فتكون غازية في درجة حرارة الغرفة. درجات انصهار هذه المواد، وكذلك درجات غليانها، أقل من درجة حرارة الغرفة. لكن تجدر الإشارة إلى أن هذا تدرج عام لهذه الخاصية. فتوجد بعض القيم الاستثنائية المعينة التي قد تخالف هذا النمط.
دعونا نتقص درجة الانصهار بمزيد من الدقة عن طريق إلقاء نظرة فاحصة على إحدى دورات الجدول الدوري. تحتوي الدورة الثالثة من الجدول الدوري على عناصر الصوديوم، والمغنيسيوم، والألومنيوم، والسليكون، والفسفور، والكبريت، والكلور، والأرجون. بالبدء بالعناصر التي تقع إلى اليسار، لدينا الصوديوم ودرجة انصهاره 98 درجة سلزية، ثم المغنيسيوم ودرجة انصهاره 639 درجة سلزية، ثم الألومنيوم ودرجة انصهاره 660 درجة سلزية. هذه العناصر الثلاثة هي فلزات لها درجات انصهار عالية نسبيًّا.
بينما نتحرك يمينًا بين هذه العناصر الثلاثة، يزداد عدد الإلكترونات التي تتحرك بحرية في الرابطة الفلزية. الصوديوم به إلكترون تكافؤ حر واحد، والمغنيسيوم به اثنان من إلكترونات التكافؤ الحرة، والألومنيوم به ثلاثة. تضيف هذه الجسيمات السالبة الشحنة مزيدًا من التجاذب، ومن ثم مزيدًا من القوة إلى الروابط الفلزية التي تكون المواد الفلزية. وكلما زادت شدة قوى التجاذب التي تبقي المادة متماسكة، كانت درجة انصهار هذه المادة أعلى.
درجة انصهار السليكون أعلى من أي عنصر آخر في الدورة الثالثة؛ إذ تبلغ 1410 درجات سلزية. هذا الارتفاع في درجة انصهار السليكون يرجع إلى بنيته، وتحديدًا إلى بنيته التساهمية الضخمة. تتماسك هذه البنية التساهمية الضخمة بواسطة روابط تساهمية عديدة. فكل ذرة سليكون مرتبطة بأربع ذرات سليكون أخرى مجاورة لها مباشرة بروابط تساهمية. يشير عدد الروابط وقوتها في بنية العنصر إلى أن تفكيك البنية الصلبة للمادة يتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة. ونتيجة لذلك، درجة انصهار السليكون عالية جدًّا.
بالنظر إلى العناصر المتبقية في اليمين، لا يظهر نمط واضح. بصفة عامة، نحتاج فقط إلى إدراك أن هذه عناصر لا فلزية، ومن ثم فإن لها درجات انصهار منخفضة. درجات الانصهار هذه منخفضة؛ لأن الجسيمات الموجودة في المادة مرتبطة أحدها بالآخر بواسطة قوى تشتت لندن الأضعف. ولكن من الجدير بالذكر أن لا فلز الكبريت له درجة انصهار أعلى من فلز الصوديوم. للتذكير، هذه مجرد تدرجات عامة. فيمكن أن تؤثر خصائص أخرى، بخلاف الخاصية الفلزية، على درجة الانصهار.
إحدى الخواص الأخرى المرتبطة بالفلزات واللافلزات هي خاصية التوصيلية الكهربية. التوصيلية الكهربية هي قدرة المادة على حمل تيار كهربي، والكهرباء هي تدفق الجسيمات المشحونة. لذا لمعرفة مدى قدرة المادة على توصيل الكهرباء، علينا معرفة مدى حرية حركة الإلكترونات فيها. في الطرف الأيسر من الجدول الدوري لدينا الفلزات. تتماسك الفلزات بواسطة الروابط الفلزية. والروابط الفلزية بها إلكترونات غير متمركزة. بعبارة أخرى، تتحرك بعض الإلكترونات بحرية بين ذرات المادة. ونتيجة لذلك، نجد أن الفلزات تتميز بتوصيلية كهربية عالية.
على الناحية الأخرى من الجدول الدوري، لدينا اللافلزات. تميل اللافلزات إلى تكوين روابط تساهمية، وإن كانت بعض اللافلزات توجد في صورة عناصر أحادية الذرة؛ أي في صورة ذرات مفردة دون أي روابط. وعلى الرغم من تحرك إلكترونات هذه الروابط، فإنها تكون في الغالب حبيسة المساحة بين الذرات، بدلًا من التدفق بحرية في أنحاء المادة. ونتيجة لذلك، تتميز اللافلزات بتوصيلية كهربية منخفضة.
بين الفلزات واللافلزات في الجدول الدوري، توجد أشباه الفلزات. تتصرف أشباه الفلزات أحيانًا مثل الفلزات، وأحيانًا مثل اللافلزات. ومن ثم، فإن أشباه الفلزات لها توصيلية كهربية متوسطة. من خلال الفصل بين الفلزات واللافلزات مرئيًّا، يساعدنا الجدول الدوري على رؤية هذا التدرج في خاصية التوصيلية الكهربية. والآن بعد أن تعرفنا على الدورية، دعونا نتمرن على أحد الأسئلة.
أي العناصر الآتية نصف قطره الذري أكبر من نصف القطر الذري للألومنيوم؟ (أ) الكلور، (ب) الصوديوم، (ج) الكبريت، (د) السليكون.
يطلب منا هذا السؤال مقارنة أنصاف الأقطار الذرية لعناصر مختلفة. نصف القطر الذري للعنصر هو المسافة بين نواته وإلكتروناته الخارجية. يستطيع العلماء قياس نصف القطر الذري من خلال حساب نصف المسافة بين نواتي ذرتين متجاورتين مرتبطتين معًا. للإجابة عن هذا السؤال، علينا إلقاء نظرة على الجدول الدوري، وبالتحديد على الدورة الثالثة التي تحتوي على العناصر الخمسة كلها المذكورة في السؤال.
للإجابة عن هذا السؤال، علينا معرفة كيفية تغير نصف القطر الذري خلال دورة معينة. بمجرد معرفة هذا التدرج، يمكننا تحديد أي الاختيارات له نصف القطر الذري الأكبر. هيا نقارن بين الألومنيوم والسليكون لتصور هذا التغير. بما أننا لا نعرف حجمهما بعد، فسنبدأ برسمهما بالحجم نفسه. أول فرق يمكننا ملاحظته هو أنه عندما نتحرك إلى اليمين في دورة ما، يزداد عدد البروتونات. فالسليكون يتفوق على الألومنيوم في عدد البروتونات بمقدار بروتون واحد. مع زيادة عدد البروتونات في النواة، تصبح هناك شحنة موجبة أقوى، ومن ثم تصبح هناك قوة جذب داخلية أكبر تؤثر على الإلكترونات. ونتيجة لذلك، يكون لدينا نصف قطر ذري أصغر.
وعليه، فإن التدرج واضح. إذا كانت زيادة عدد البروتونات تعني صغر نصف القطر الذري، فإن نصف القطر الذري يقل ونحن نتحرك يمينًا، ويزداد ونحن نتحرك يسارًا. إذا أردنا إيجاد العنصر ذي النصف قطر الذري الأكبر من الألومنيوم، فنحن نريد إيجاد العنصر الذي يقع على يسار الألومنيوم في الجدول الدوري. في هذه الحالة، يكون هذا العنصر هو الصوديوم. يحتوي الصوديوم على عدد من البروتونات أقل من الألومنيوم، ومن ثم تؤثر قوة جذب داخلية أضعف على إلكتروناته، وهو ما ينتج عنه نصف قطر ذري أكبر. أي العناصر الآتية نصف قطره الذري أكبر من نصف القطر الذري للألومنيوم؟ الإجابة هي (ب) الصوديوم.
والآن بعد أن عرفنا ما المقصود بالدورية، هيا نراجع النقاط الرئيسية في هذا الفيديو. تشير كلمة «الدورية» إلى التدرجات والأنماط الموجودة في الجدول الدوري. أحد هذه التدرجات هو زيادة نصف القطر الذري ونحن نتحرك لأسفل في أي مجموعة، ونقصانه ونحن نتحرك عبر أي دورة. ويرجع السبب في هذين التدرجين إلى عدد الأغلفة الإلكترونية وقوة التجاذب بين النواة والإلكترونات، على الترتيب.
درجة الانصهار هي مؤشر على مدى شدة قوى التجاذب التي تبقي المادة متماسكة. بوجه عام، الفلزات المتماسكة بواسطة الروابط الفلزية القوية تكون لها درجات انصهار أعلى من اللافلزات المتماسكة بواسطة قوى تشتت لندن الأضعف. تعتمد خاصية أخرى، وهي التوصيلية الكهربية، على مدى حرية حركة الإلكترونات. تتمتع الفلزات بتوصيلية كهربية أعلى من أشباه الفلزات التي لها بدورها توصيلية كهربية أعلى من اللافلزات.