نسخة الفيديو النصية
يجب التحكم بدقة في تركيز الجلوكوز في مجرى الدم. وإذا لم يحدث ذلك، فقد تنتج آثار خطيرة على الجسم. أي من الآتي ليس أحد هذه الآثار؟ أ: ارتفاع السكر في الدم، وهو ما يتلف الأوعية الدموية. ب: ارتفاع السكر في الدم، وهو ما يتلف الأعضاء. ج: انخفاض السكر في الدم، وهو ما يؤدي إلى الإغماء. د: انخفاض السكر في الدم، وهو ما يؤدي إلى وجود طاقة زائدة.
يعرض لنا هذا السؤال بعض المضاعفات الناتجة عن الارتفاع الشديد أو الانخفاض الشديد في مستويات الجلوكوز في الدم. هل سمعت عن العضو الذي يفرز الهرمونات المسئولة عن تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم؟ إنه البنكرياس، ويفرز الجلوكاجون والإنسولين. وللإجابة عن سؤالنا، دعونا نتحدث بإيجاز عن هذا العضو والمشكلات التي تظهر عندما يحيد تركيز جلوكوز الدم عن المستويات المثلى.
تتحكم آلية التغذية الراجعة السلبية في تركيز الجلوكوز في الدم. عندما ترتفع مستويات الجلوكوز في الدم، بعد تناول وجبة مثلًا، يستشعر البنكرياس ذلك، ويستجيب له بإفراز الإنسولين في الدم. تحتوي معظم خلايا الجسم على مستقبلات للإنسولين على أغشيتها الخلوية. وعند انتقال الإنسولين في أنحاء الجسم، يرتبط بهذه المستقبلات؛ وهو ما يحفز الخلايا لامتصاص الجلوكوز، الذي يستخدم بعد ذلك في التنفس الخلوي لإطلاق الطاقة. وعندما يصل الإنسولين إلى خلايا الكبد والعضلات، فإنه يرتبط بمستقبلاتها؛ وهو ما يحفزها لامتصاص الجلوكوز وتحويله إلى الجليكوجين الذي ينتمي إلى الكربوهيدرات المعقدة.
يتكون الجليكوجين من آلاف من جزيئات الجلوكوز المرتبطة بعضها ببعض. والجليكوجين من جزيئات التخزين الكربوهيدراتية المناسبة؛ نظرًا لأنه خامل وغير قابل للذوبان تقريبًا؛ ولذا يمكن أن يستقر داخل الخلية دون إضرارها. يحفز الإنسولين أيضًا الخلايا الدهنية لامتصاص الجلوكوز وتحويله إلى ليبيدات مخزنة. وتؤدي إزالة الجلوكوز من الدم إلى إعادة تركيز الجلوكوز في الدم إلى المستوى الطبيعي.
يثبط إفراز الإنسولين إفراز الجلوكاجون. لكن مع عودة تركيز الجلوكوز إلى المستوى الطبيعي، ينخفض إفراز الإنسولين. وهذا يعني أنه عندما ينخفض تركيز الجلوكوز في الدم، كما يحدث بعد أداء التمارين، يمكن للبنكرياس أن يفرز الجلوكاجون في الدم. يرتبط الجلوكاجون بمستقبلات على خلايا الكبد، فيحفز تكسير الجليكوجين المخزن في الكبد، وإطلاق الجلوكوز الذي ينطلق إلى الدم بعد ذلك. يحفز الجلوكاجون أيضًا خلايا الكبد لتحويل الأحماض الأمينية والجليسرول إلى جزيئات جديدة من الجلوكوز؛ الأمر الذي يزيد تركيز الجلوكوز في الدم. بذلك يرتفع تركيز الجلوكوز في الدم مرة أخرى إلى المستوى الطبيعي. لا تشارك الخلايا العضلية في هذه الاستجابة الثانية؛ لأنها تستهلك مخزونها لإطلاق الطاقة اللازمة لانقباض العضلات.
لنلق نظرة الآن على ما يحدث حال عدم التحكم في تركيز الدم من الجلوكوز؛ على سبيل المثال، إذا أصيب الشخص بمرض السكري من النوع الأول. مرض السكري من النوع الأول أحد أمراض المناعة الذاتية التي تهاجم البنكرياس، فتجعله يفرز كمية ضئيلة من الإنسولين أو لا يفرزه على الإطلاق. وعلى الشخص المصاب بهذا المرض أن يتحكم في مستوى الجلوكوز في الدم باستخدام حقن الإنسولين أو مضخاته. وبدون الإنسولين، ترتفع مستويات الجلوكوز في الدم عند هؤلاء المرضى ارتفاعًا كبيرًا بعد تناول الطعام؛ لأن الخلايا العضلية وخلايا الكبد لن تتمكن من امتصاص الجلوكوز أو تخزنه في صورة جليكوجين. وتعرف هذه الحالة بارتفاع السكر في الدم أو hyperglycemia؛ حيث البادئة hyper تعني «زيادة» وglycemia تعني «نسبة السكر في الدم»، وتسبب هذه الحالة عدة مضاعفات.
أحد هذه المضاعفات ارتفاع ضغط الدم؛ وهذا يسببه عوامل مختلفة، مثل فقدان الأوعية الدموية مرونتها وزيادة سوائل الجسم. يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة الضغط على الأعضاء والأنسجة؛ وهو ما قد يؤدي إلى تلفها. ونظرًا لأن السؤال يطلب منا تحديد أحد الآثار غير الناتجة عن اختلال توازن الجلوكوز في الدم، ولأن الخيارين أ، ب من الآثار الخطيرة، فيمكننا استبعادهما.
استعرضنا حتى الآن ما يحدث حال زيادة تركيز الجلوكوز في الدم. لذا، دعونا نلق نظرة الآن على ما يحدث عندما ينخفض مستوى الجلوكوز في الدم انخفاضًا كبيرًا. إذا لم يكن لدى الشخص المصاب بمرض السكري من النوع الأول حقن الإنسولين، فلن تمتص الخلايا الجلوكوز الزائد بعد تناول الطعام ولن يخزن. سيخرج عن طريق البول. قد يؤدي ذلك إلى انخفاض السكر في الدم أو ما يسمى hypoglycemia؛ حيث البادئة hypo تعني «انخفاضًا»؛ فعدم وجود مخزون من الجليكوجين يعني عدم وجود جلوكوز يفرز في الدم. وهذه مشكلة حقيقية؛ لأن الجلوكوز ضروري لعملية التنفس لإطلاق طاقة يستخدمها الجسم.
ويسبب انخفاض السكر في الدم أيضًا ضغط الدم المنخفض، ويرجع ذلك نسبيًّا إلى أن الدم يتحول إلى الدماغ؛ حيث تستخدم خلايا الدماغ عادة الجلوكوز فقط في عملية التنفس، وكذلك إلى القلب للحفاظ على انقباضه. يؤدي نقص الجلوكوز وانخفاض ضغط الدم إلى ظهور العديد من الأعراض المرتبطة بانخفاض السكر في الدم ومرض السكري من النوع الأول. تشمل هذه الأعراض التعب والشعور بالغثيان والتعرق والارتباك والإغماء والنوبات والغيبوبة، وربما الموت إذا لم تعالج في الوقت المناسب. لذا، فانخفاض السكر في الدم، الذي يسبب الإغماء، أحد الآثار الخطيرة الناتجة عن اختلال تركيزات الجلوكوز في الدم؛ وهو ما يعني أن الخيار ج ليس الإجابة الصحيحة عن السؤال.
والآن بعد أن استعرضنا بعض الآثار التي قد تحدث للجسم جراء اختلال مستويات جلوكوز الدم، يمكننا العودة إلى سؤالنا. بعد استبعاد جميع الخيارات الأخرى، تتبقى لنا الإجابة الصحيحة، وهي الخيار د. إذن، فالخيار الذي لا يمثل أحد الآثار الخطيرة التي قد تنتج عن عدم التحكم بدقة في تركيز الجلوكوز في مجرى الدم: انخفاض السكر في الدم، وهو ما يؤدي إلى وجود طاقة زائدة.