نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، موضوعنا هو الدايودات شبه الموصلة. هذه الدايودات هي إحدى العناصر الأساسية للإلكترونيات الحديثة، وفي هذا الدرس سنتعرف على كيفية عملها على المستوى الذري ودون الذري.
يمكننا البدء في تناول الدايودات بالنظر إلى الفئتين أو النوعين الرئيسيين لأشباه الموصلات. فهناك النوع p، الذي يحتوي في معظمه على فجوات أو فراغات، وهناك النوع n الذي يحتوي في معظمه على إلكترونات حرة. بصورة أساسية إذن يوجد هنا الكثير من الإلكترونات الحرة التي تتحرك داخل شبه الموصل. وهنا يوجد العديد من الفجوات الموجبة الشحنة التي تصلح لقبول أي إلكترونات حرة تصادفها.
لصنع دايود شبه موصل، نأخذ النوع p والنوع n ونضمهما معًا. وعندما نضمهما بهذه الطريقة، نصنع ما يسمى بالوصلة الثنائية. لذا في بعض الأحيان يطلق على أشباه الموصلات p وn معًا اسم الوصلة الثنائية p-n أو دايود p-n. والآن لنفكر فيما سيحدث عندما نضم شبه الموصل من النوع p، الذي يحتوي على الكثير من الفجوات الموجبة الشحنة التي سنمثلها بهذه النقاط، مع شبه الموصل من النوع n الذي يحتوي على الكثير من الإلكترونات الحرة التي تتحرك داخله. على الرغم من أن أشباه الموصلات من النوع p وn — كل على حدة — متعادلة كهربيًّا، أي إن الشحنة الكلية لشبه الموصل هذا تساوي صفرًا بالضبط مثل الشحنة الكلية لشبه الموصل هذا، سيظل هناك جذب كهربي بين الإلكترونات الحرة السالبة الشحنة في النوع n والفجوات الموجبة الشحنة في النوع p.
ومن ثم بالنسبة إلى الإلكترونات القريبة من السطح الفاصل بين شبه الموصل هذا وذاك، هناك احتمال كبير بأن تنجذب إلى الفجوات القريبة من هذه الوصلة الثنائية في الطرف الآخر، ثم تملأ هذه الفجوات. لنفترض أن هذا يحدث، وأن هذه الإلكترونات ستملأ هذه الفجوات. عندما يحدث ذلك، يمكننا مسح هذه الفجوات والإلكترونات الحرة، لأنه بعد أن تم ملء هذه الفجوات، لم تعد موجودة، والإلكترونات الحرة التي أصبحت مرتبطة بذرات لم تعد حرة. لكن ثمة شيئًا مثيرًا للاهتمام يحدث في هذه العملية. فالذرات الموجودة في شبه الموصل من النوع p، التي كان بها فجوات في السابق وأصبحت الآن ممتلئة بالإلكترونات الحرة الآتية من الجانب n، صارت الآن تحمل شحنة سالبة إجمالية أو كلية.
يمكننا أن نتذكر أنه قبل أن تملأ الفجوات الموجودة في هذه الذرات بالإلكترونات الحرة، كانت الذرات نفسها متعادلة. لذا إذا أضفنا إليها إلكترونًا حرًّا، فسيعطي الذرات شحنة سالبة كلية. وفي الوقت نفسه، على جانب شبه الموصل من النوع n، نظرًا لأن هذا الجزء من شبه الموصل فقد إلكترونات حرة عند انتقالها إلى الفجوات الموجودة على جانب النوع p، فإن الذرات القريبة من هذه الوصلة الثنائية تكتسب شحنة موجبة كلية. يمكننا القول إن هذا يحدث لأنها فقدت الإلكترونات الحرة التي من شأنها عند الارتباط بهذه الذرات أن تمنحها شحنة متعادلة كلية.
إذن هذه المنطقة هنا حول الوصلة الثنائية لهذين النوعين من أشباه الموصلات لا تحتوي على أي فجوات موجبة الشحنة؛ لأن هذه الفجوات امتلأت بالإلكترونات الحرة. كما أنها لا تحتوي على أي إلكترونات حرة، لأن هذه الإلكترونات ذهبت إلى تلك الفجوات وملأتها. ولهذا السبب، يطلق اسم معين على هذه المنطقة. فهي تسمى منطقة النضوب أو طبقة النضوب، ومرة أخرى سبب ذلك هو أنها لا تحتوي على أي فجوات أو إلكترونات حرة. لاحظ أنه في منطقة النضوب، لدينا شحنات موجبة في أحد الطرفين وسالبة في الطرف الآخر. وهذا يعني إنشاء مجال كهربي كلي يشير دائمًا من الشحنات الموجبة إلى السالبة.
هذا المجال مهم لأنه يعارض في الواقع حركة الإلكترونات الحرة من بقية شبه الموصل من النوع n باتجاه الفجوات الموجبة الشحنة على الجانب p. وعلى الرغم من أن الإلكترونات الحرة المتبقية ستنجذب إلى هذه الشحنات الموجبة هنا، فسيصدها هذا الجدار الذي يحتوي على شحنات سالبة عند الوصلة الثنائية. هذا يعني أنها لن تعبر هذا الحد بين النوعين p وn. ومن ثم يظل الوضع دون تغيير في حالة الدايود p-n. ننتقل الآن إلى كيفية عمل الدايود p-n أو الدايود شبه الموصل، وكيف يؤدي عمله بوصفه مكونًا من مكونات الدائرة الكهربية.
لنفترض أننا أخذنا دايود p-n وأوصلناه بدائرة مغلقة. هكذا يمكننا أن نتخيل، على سبيل المثال، أن الدايود موجود هنا، وبقية الدائرة تبدو بهذا الشكل. في هذا الشكل، سنتناول سيناريوهين؛ الأول هو أن يكون اتجاه الجهد بهذا الشكل، مع وجود الطرف الموجب نحو اليمين. وفق هذا التوصيل، نعلم أن الاتجاه الاصطلاحي للتيار، أي تدفق الشحنة الموجبة في الدائرة، سيكون عكس اتجاه عقارب الساعة. هذا يعني أن لدينا شحنة موجبة قادمة إلى الدايود من هذا الاتجاه، وشحنة سالبة من الاتجاه الآخر.
فيما يخص الدايود p-n، عندما يكون جزءًا من دائرة كهربية مغلقة كهذه، فإن الشرط الأساسي لتدفق التيار عبر الدايود، ومن ثم عبر الدائرة، هو أن تكون الإلكترونات الموجودة على جانب النوع n قادرة على عبور هذا السطح الفاصل بين هذين النوعين من شبه الموصل. إذا لم يحدث ذلك، فإن الشحنة لن تتدفق عبر الدايود، وبالتبعية لن تتدفق في الدائرة. لنفكر إذن فيما يلي: مع مجيء شحنة موجبة من اليمين وشحنة سالبة من اليسار، هل سيسمح ذلك للإلكترونات الحرة في جانب النوع n بعبور هذه الوصلة الثنائية؟
حسنًا، نعلم أن الشحنات المتضادة تتجاذب، ما يعني أن الإلكترونات الحرة السالبة الشحنة ستنجذب في الواقع إلى اليمين باتجاه هذه الشحنات الموجبة القادمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع هذه الشحنات السالبة القادمة ستبدأ في ملء الفجوات في جانب النوع p من الدايود، وهو ما سيؤدي إلى تكوين المزيد من الأيونات السالبة. هذا يعني أن الحاجز الذي يعيق انتقال الإلكترونات الحرة عبر الوصلة الثنائية p-n يزداد قوة. ولهذا، لن تعبر الإلكترونات الحرة هذا السطح الفاصل بحيث تتدفق عبر الدايود وتسمح بتدفق الشحنة عبر الدائرة.
إذن ما نراه هو أنه عندما يكون اتجاه مصدر الجهد هكذا، بحيث يحاول فعليًّا إرسال شحنات موجبة إلى جانب النوع n من الدايود p-n، فهذا يعني أنه لن تتمكن أي إلكترونات من التدفق عبر الدايود، ومن ثم لا يمكن أن يوجد تيار في الدائرة على الإطلاق. وهذه إحدى الطرق التي يمكن أن تسير بها الأمور مع الدايود p-n. لكن دعونا الآن نأخذ مصدر الجهد ونعكسه. ما لدينا الآن هو دائرة يشير التيار الاصطلاحي فيها في اتجاه عقارب الساعة. ومن ثم، بالنظر إلى الرسم الأكبر، لدينا الآن شحنة موجبة آتية من جهة اليسار، وشحنة سالبة آتية من جهة اليمين.
والآن بالتفكير في الإلكترونات الموجودة لدينا هنا، سنجد أن هذه الإلكترونات سيحدث لها تنافر نتيجة الشحنة السالبة الآتية من اليمين، ما سيجعلها تتحرك من اليمين إلى اليسار. وكل هذه الشحنات الموجبة الآتية إلى هنا ستنتج المزيد من الفجوات على جانب النوع p من الوصلة الثنائية، ما ينتج عنه قوة جذب كهربية قوية للإلكترونات الحرة السالبة في جانب النوع n. ومن ثم، فإن الأثر المشترك لهذين التأثيرين هو أن الإلكترونات الحرة ستكون قادرة على عبور هذه الوصلة الثنائية.
في الواقع ستفعل ذلك بسهولة؛ لأنها ستدفع أو تصد من اليمين وتسحب أو تجذب من اليسار. ومع تدفق الشحنة عبر الدايود، فهذا يعني أن الشحنة ستتدفق عبر الدائرة بالكامل. وهكذا عند توصيل الدايود ومصدر الجهد بهذه الطريقة، يمر التيار في الدائرة. ما نراه هو أن الدايود p-n، أي الدايود شبه الموصل، يمكن أن يعمل عمل المفتاح في الدائرة. وعند توصيله بهذه الصورة بالنسبة إلى مصدر الجهد، نقول إن الدايود ذو توصيل أمامي، ما يعني أنه يسمح بتدفق الشحنة. وتذكر أن التوصيل الآخر لمصدر الجهد بالنسبة إلى الدايود، الذي يوجد هنا، لم يسمح بوجود تيار في الدائرة؛ لأن الدايود قاوم تدفق الشحنة. عندما يقاوم الدايود تدفق الشحنة، يقال إنه ذو توصيل عكسي.
ومن ثم، وفقًا للطريقة التي نوصل بها الدائرة، يمكن للدايود إما أن يسمح للشحنة بأن تتدفق وإما أن يمنعها، ويمكننا أن نقول إن الدايود يعمل عمل الصمام في الدائرة بحيث يعيق تدفق الشحنة في اتجاه، بينما يسمح به في الاتجاه الآخر. بمعرفة هذا عن طريقة عمل الدايودات، لنتدرب على هذه الأفكار من خلال مثال.
يوضح الشكل شبكة من ذرات السليكون في شبه موصل. الجانب الأيسر من الشبكة مطعم بذرات مانحة. يسمى ذلك بالجانب n. الجانب الأيمن من الشبكة مطعم بذرات مستقبلة. ذلك الجانب من الشبكة يسمى بالجانب p. المنطقتان على جانبي الخط متساويتان في الحجم، وتركيز الأيونات هو نفسه في كلا الجانبين. شبه الموصل في حالة اتزان حراري.
قبل أن نتناول السؤال، دعونا نفهم هذه المعطيات. نعلم من المعطيات أن هذا الشكل يوضح شبكة من ذرات السليكون. ويمكننا أن نرى أن معظم الذرات هنا بالفعل من السليكون، ويمثلها الرمز Si. إذن لدينا شبكة سليكون، ونعلم أن الطرف الأيسر الموجود هنا مطعم بذرات مانحة. هذا يعني أنه قد تم الاستعاضة عن بعض ذرات السليكون في الشبكة بما يسمى الشوائب. هذه الشوائب تسمى الذرات المانحة؛ لأنها تحتوي في حالتها الطبيعية على إلكترون تكافؤ واحد أكثر مما يوجد في السليكون. وبالتالي، عندما تضاف إلى شبكة السليكون، فإنها تمنح هذا الإلكترون الزائد إلى الشبكة.
نعلم من المعطيات أن الجانب الأيسر من الشبكة يسمى الجانب n، لذا يمكننا تسميته بذلك في الأعلى. ثم إذا نظرنا إلى الجانب الأيمن من شبكة السليكون، نجد أنه مطعم أيضًا، لكن هذه المرة بذرات مستقبلة. وهذه الذرات تحتوي بمفردها على إلكترون تكافؤ واحد أقل مما يوجد في السليكون. ومن ثم عند إضافتها إلى بنية الشبكة، تكون فجوة أو فراغًا. والسبب في أن هذه الذرات تسمى ذرات مستقبلة هو أنها تستقبل الإلكترونات الحرة في هذه الفجوات. هذا الجانب الأيمن هو الجانب p لشبه الموصل. بعد معرفة أن الجانب p والجانب n متساويان في الحجم ولهما تركيز الأيونات نفسه، وأن شبه الموصل بشكل عام في حالة اتزان حراري، لننتقل الآن إلى السؤال.
الجزء الأول من السؤال هو: باتجاه أي جانب من الشبكة تميل الإلكترونات الحرة أن تتحرك بواسطة الانتشار؟ والجزء الثاني هو: باتجاه أي جانب من الشبكة تميل الفجوات أن تتحرك بواسطة الانتشار؟ حسنًا، بالنظر إلى هذا الجزء الأول المتعلق بحركة الإلكترونات الحرة في شبه الموصل، عرفنا فيما سبق أن الجانب الأيسر من شبه الموصل، وهو الجانب n، يتضمن ما يسمى بالذرات المانحة. نرى هذه الذرات هنا وهنا. وهما ذرتا فسفور.
سبب تسمية ذرتي الفسفور هاتين بالذرات المانحة هو أنه بينما يتضمن السليكون في حالته الطبيعية أربعة إلكترونات في مدار التكافؤ، يوجد في ذرة الفسفور إلكترون أكثر مما يوجد في السليكون، أي تتضمن خمسة إلكترونات، وهو ما يعني أنه عند إدخال ذرتي الفسفور في الشبكة، فإن كلًّا منها ستسهم بإلكترون إضافي مقارنة بما كان موجودًا في ذرات السليكون التي حلت محلها. تنفصل هذه الإلكترونات الإضافية عن ذرتي الفسفور، وتبدأ في التحرك بحرية داخل الجانب n لشبه الموصل.
إذن عندما يتعلق الأمر بأي اتجاه ستتحرك فيه الإلكترونات، نعرف الآن الجانب الذي ستبدأ منه. فستبدأ من الجانب n الذي ساهمت فيه ذرتا الفسفور المانحتان. تنجذب الإلكترونات السالبة الشحنة إلى الشحنات الموجبة، ويتضح أنه يمكننا إيجاد مثل هذه الشحنات الموجبة على الجانب p. هنا، بدلًا من تطعيم شبكة السليكون بذرات الفوسفور، استخدمنا البورون. يختلف البورون عن السليكون؛ إذ إنه يحتوي على ثلاثة إلكترونات تكافؤ فقط، أي أقل من السليكون بإلكترون واحد. ومن ثم عندما تحل ذرات البورون هذه محل السيلكون في الشبكة، يكون هناك إلكترون واحد ناقص، إن جاز لنا القول، في غلاف التكافؤ.
تعرف هذه الفراغات بالفجوات، ولها شحنة موجبة. وهذا ما تنجذب إليه الإلكترونات الحرة. إذن على الجانب n، نرى هذا الإلكترون الحر هنا وهذا هنا، وكل منهما أسهمت به ذرتا الفسفور. ونعلم أن هذه الأجسام السالبة الشحنة تنجذب إلى الفجوات الموجبة الشحنة على الجانب p. إذن هذه هي إجابة الجزء الأول من السؤال.
والآن لنفكر في الجزء الثاني، وهو: باتجاه أي جانب من الشبكة تميل الفجوات أن تتحرك بواسطة الانتشار؟ حسنًا، مثلما تنجذب الإلكترونات الحرة إلى الفجوات الموجبة، تنجذب الفجوات الموجبة إلى الإلكترونات الحرة السالبة. إذن الفجوات التي تبدأ من الجانب p، وهو الجانب الأيمن، ستنجذب باتجاه اليسار، وهذا، كما رأينا، هو الجانب n. وبالانتشار، تنجذب الفجوات باتجاه الجانب n أو الجانب الأيسر من الشبكة.
لنلخص الآن ما تعلمناه عن الدايودات شبه الموصلة. في هذا الدرس، رأينا أنه عند ضم أشباه الموصلات من النوع p والنوع n، فإنهما ينتجان دايود p-n. عند الوصلة الثنائية، وهو الموضع الذي تتقابل فيه أشباه الموصلات من النوع p والنوع n، تتشكل منطقة نضوب ليس بها فجوات أو إلكترونات حرة. وأخيرًا، رأينا أنه عند وضع الدايود في دائرة ما، فإنه إما أن يسمح بتدفق الشحنة ويسمى دايودًا ذا توصيل أمامي، وإما أن يمنعه ويسمى دايودًا ذا توصيل عكسي. بهذه الطريقة، يعمل الدايود عمل الصمام. هذا ملخص الدايودات شبه الموصلة.