نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سنلقي نظرة داخل نواة الذرة. وسنتعلم كيف تؤثر القوة النووية ونسبة النيوترونات إلى البروتونات على الاستقرار النووي. وسنحسب أيضًا طاقة الترابط لنواة ذرية.
لدينا هنا ذرة هليوم. يوجد إلكترونان في السحابة الإلكترونية، وتحتوي النواة على بروتونين ونيوترونين. الشحنات المتشابهة تتنافر. لماذا إذن لا يتنافر البروتونان الموجبا الشحنة داخل نواة الهليوم؟ من المعلوم أن البروتونات الموجودة داخل النواة لا تتنافر معًا. بل في الواقع، تترابط الجسيمات داخل النواة ترابطًا قويًّا للغاية. إذن، ماذا يجعل هذه الجسيمات مترابطة؟ لفهم ذلك، نحتاج إلى تكبير الصورة أكثر وإلقاء نظرة على الجسيمات التي يتكون منها البروتون.
هذه الجسيمات تسمى الكواركات. ترتبط الكواركات معًا لتكوين جسيمات أكبر، مثل البروتون والنيوترون، وذلك بواسطة القوة النووية القوية. القوة النووية القوية هي إحدى القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة. إحدى القوى الأساسية الأخرى هي الجاذبية، وهي المسئولة عن التجاذب بين جسمين لهما كتلة. والقوة الكهرومغناطيسية هي المسئولة عن التنافر بين البروتونات. والقوة الأساسية الأخيرة هي القوة النووية الضعيفة، وهي المسئولة عن عملية الاضمحلال النووي. وكما هو واضح من الاسم، القوة النووية القوية هي أقوى القوى الأساسية عند المسافات القصيرة. والقوة النووية القوية شديدة القوة، لدرجة أنها تنتج قوة تجاذب بين الجسيمات داخل النواة. ويطلق على هذه القوة اسم القوة النووية في أغلب الأحيان.
تحدث القوة النووية بين جميع أزواج البروتونات والنيوترونات: أي البروتونات والنيوترونات، والبروتونات والبروتونات، والنيوترونات والنيوترونات. هذه القوة قوية للغاية، لدرجة أن بمقدورها التغلب على التنافر بين البروتونات داخل النواة، مما يحافظ على ترابط النواة. غير أن القوة النووية لا تكون بهذا القدر من القوة إلا عند مسافات قصيرة جدًّا. في المسافات التي تتراوح من واحد إلى 2.5 فيمتومتر، تكون القوة النووية قوية بما يكفي للتغلب على التنافر بين البروتونات. أما في المسافات التي تزيد على 2.5 فيمتومتر، لا تكون القوة النووية قوية بما يكفي للتغلب على هذا التنافر.
نعلم الآن أن البروتونات والنيوترونات مرتبطة معًا بفعل القوة النووية. هذا يعني أن تفكيك النواة إلى بروتونات ونيوترونات سيعمل ضد القوة النووية، وهو ما يتطلب طاقة. وهذه الطاقة تسمى طاقة الترابط. إذا تحركنا في الاتجاه العكسي وكونا نواة ذرية من بروتونات ونيوترونات، فسيؤدي ذلك إلى انطلاق طاقة لها نفس مقدار طاقة الترابط. هذه الطاقة المنطلقة عند تكون النواة لها تأثير مثير للاهتمام على كتلة النواة. لفهم ذلك، دعونا نستمر في استخدام ذرة الهليوم كمثال.
لقد قيست كتلة نواة الهليوم ووجد أنها تساوي 4.00153 وحدة كتل ذرية موحدة. يمكننا أيضًا حساب كتلة نواة الهليوم باستخدام كتلة البروتون وكتلة النيوترون. تحتوي نواة الهليوم على بروتونين ونيوترونين، مما يعطينا كتلة كلية مقدارها 4.03188 وحدة كتل ذرية موحدة للكتلة المحسوبة لنواة الهليوم. يمكننا ملاحظة أن الكتلة المقيسة للنواة والكتلة المحسوبة للنواة مختلفتان. فالكتلة المحسوبة قيمتها أكبر. في الواقع، الكتلة المحسوبة أكبر من الكتلة المقيسة عمليًّا بمقدار 0.03035 وحدة كتل ذرية موحدة. هذا الاختلاف في الكتلة يسمى نقص الكتلة.
نقص الكتلة له علاقة بالطاقة المنطلقة عند تكون النواة. لفهم السبب، علينا الاستعانة بمعادلة أينشتاين الشهيرة 𝐸 يساوي 𝑚𝑐 تربيع. توضح لنا هذه المعادلة أن الطاقة والكتلة بينهما تناسب. عندما تنطلق الطاقة بسبب تكون النواة الذرية، تقل كتلة النواة بمقدار متناسب. يمكننا استخدام هذه المعطيات لحساب طاقة ترابط الهليوم. طاقة الترابط هي الطاقة اللازمة لتفكيك النواة الذرية. ولها نفس مقدار الطاقة المنطلقة عند تكون النواة.
وعليه، إذا عوضنا بنقص الكتلة عن 𝑚 في معادلة أينشتاين وأوجدنا قيمة 𝐸، فإن كمية الطاقة التي سنحسبها تمثل طاقة الترابط. ولكن قبل التعويض بأي قيم، علينا التفكير في الوحدات. الطاقة في هذه المعادلة معبر عنها بوحدة الجول. وتعرف وحدة الجول بأنها وحدة الكيلوجرام مضروبة في متر تربيع لكل ثانية تربيع. وحدة سرعة الضوء هي متر لكل ثانية، ومن ثم فإن وحدة سرعة الضوء تربيع هي متر تربيع لكل ثانية تربيع. إذن، يجب أن تكون الكتلة التي نعوض بها في هذه المعادلة معبرًا عنها بوحدة الكيلوجرام. لذلك، علينا تحويل نقص الكتلة من وحدة كتل ذرية موحدة إلى كيلوجرام.
وحدة كتل ذرية موحدة تساوي 1.66 في 10 أس سالب 27 كيلوجرامًا. إذن، يمكننا التحويل من وحدة كتل ذرية موحدة إلى كيلوجرام بالضرب في هذه القيمة. وهذا يعطينا 5.0381 في 10 أس سالب 29 لنقص الكتلة بالكيلوجرام. الآن وقد حصلنا على هذه القيمة، يمكننا استخدام معادلة أينشتاين لإيجاد طاقة الترابط. يمكننا التعويض عن نقص الكتلة وسرعة الضوء، التي لها قيمة تساوي ثلاثة في 10 أس ثمانية متر لكل ثانية. وعند إجراء العملية الحسابية، سنحصل على 4.53429 في 10 أس سالب 12 جول.
يمكننا ترك الإجابة كما هي، لكن من الشائع استخدام وحدة الإلكترون فولت أو الميجا إلكترون فولت للتعبير عن الكميات الضئيلة من الطاقة المتضمنة في العمليات الذرية. الإلكترون فولت الواحد يساوي 1.602 في 10 أس سالب 19 جول. إذن، يمكننا تحويل إجابتنا من جول إلى إلكترون فولت بالقسمة على هذه القيمة. وهذا يعطينا 28303932 إلكترون فولت. يوجد مليون إلكترون فولت في واحد ميجا إلكترون فولت. ويمكننا أيضًا كتابة مليون في صورة 10 أس ستة. إذن، يمكننا التحويل من إلكترون فولت إلى ميجا إلكترون فولت بالقسمة على 10 أس ستة. وهذا يعطينا القيمة 28.3039 ميجا إلكترون فولت تقريبًا، التي يمكن تقريبها إلى 28.3. طاقة الترابط للهليوم تساوي 28.3 ميجا إلكترون فولت.
طاقة الترابط هي كمية كبيرة للغاية من الطاقة اللازمة لعملية ذرية. طاقة تأين الهيدروجين تساوي 13.6 إلكترون فولت فقط. وهذا يعني أن إزالة إلكترون واحد من ذرة الهيدروجين لا تتطلب سوى 13.6 إلكترون فولت من الطاقة. أما عن طاقة الترابط للهليوم، فتزيد بنحو مليوني مرة عن طاقة تأين الهيدروجين. وهذا يوضح كيف أن القوة النووية أقوى بكثير مقارنة بالقوة الكهروستاتيكية. يتطلب الأمر قدرًا كبيرًا من الطاقة للتغلب على التجاذبات بين الجسيمات الموجودة داخل النواة التي تحدث بسبب القوة النووية. إلا أن الأمر لا يتطلب نفس القدر من الطاقة للتغلب على التجاذب الذي تسببه القوة الكهروستاتيكية بين البروتون الموجب الشحنة والإلكترون السالب الشحنة.
في هذا الفيديو، أشرنا كثيرًا إلى الهليوم أربعة، وهو نظير الهليوم الذي يحتوي على نيوترونين. وتوجد نظائر أخرى للهليوم، مثل الهليوم اثنين والهليوم خمسة. الهليوم أربعة هو النظير المستقر الأكثر شيوعًا للهليوم. الهليوم اثنان والهليوم خمسة كلاهما مشع. فهمًا غير مستقرين ويضمحلان بمرور الوقت. الفرق الوحيد بينهما هو عدد النيوترونات، لذا لا بد وأن عدد النيوترونات يسهم بشكل ما في الاستقرار النووي. في حالة وجود مزيد من النيوترونات في النواة، يعني هذا وجود مزيد من التجاذبات التي تسببها القوة النووية للحفاظ على استقرار النواة. وهذا يفسر سبب عدم استقرار الهليوم اثنين. فلا يوجد عدد كاف من النيوترونات في النواة.
تعني قلة عدد النيوترونات في النواة عدم وجود تجاذبات كافية للتغلب على التنافر بين البروتونات. الهليوم خمسة غير مستقر بسبب وجود الكثير من النيوترونات في النواة. تذكر أن مدى القوة النووية قصير للغاية. في حالة وجود الكثير من النيوترونات، ستكون النواة كبيرة جدًّا بقدر لا يتيح الحفاظ على ترابطها بواسطة القوة النووية. إذا رسمنا علاقة بيانية بين عدد النيوترونات مقابل عدد البروتونات لجميع النظائر المستقرة، يمكننا ملاحظة بعض التدرج في الاستقرار النووي. العناصر الأخف تكون مستقرة مع نسبة نيوترونات إلى بروتونات تساوي واحدًا إلى واحد. هذا ما لاحظناه في الهليوم أربعة الذي يحتوي على نيوترونين وبروتونين.
الكربون 12 أيضًا له نسبة نيوترونات إلى بروتونات تساوي واحدًا إلى واحد، بوجود ستة بروتونات وستة نيوترونات. النيتروجين 14 له نسبة نيوترونات إلى بروتونات تساوي واحدًا إلى واحد، وكذلك الأكسجين 16. غير أن نظائر العناصر الثقيلة تميل إلى أن تكون مستقرة عندما تكون نسبة النيوترونات إلى البروتونات تساوي 1.5 إلى واحد. على سبيل المثال، الرصاص 207 — وهو أحد النظائر المستقرة للرصاص — يحتوي على 125 نيوترونًا و82 بروتونًا. وهذا يقابل نسبة نيوترونات إلى بروتونات تساوي 1.52 إلى واحد. وهكذا، يمكننا ملاحظة أن نسبة النيوترونات إلى البروتونات تساعدنا على توقع الاستقرار النووي. فالعناصر الأخف تميل إلى أن تكون مستقرة مع نسبة نيوترونات إلى بروتونات تساوي واحدًا إلى واحد. أما العناصر الأثقل، فهي تحتاج إلى مزيد من النيوترونات لتحقيق استقرار النواة، ومن ثم تميل العناصر الأثقل إلى أن تكون مستقرة عندما تساوي نسبة النيوترونات إلى البروتونات 1.5 إلى واحد.
يحدث هذا التدرج لأن العناصر الأثقل تحتوي على عدد أكبر من البروتونات في النواة. وللتغلب على التنافر بين هذه البروتونات، يجب وجود المزيد من النيوترونات التي تتيح المزيد من التجاذبات بفعل القوة النووية. يشار إلى هذه النظائر المستقرة بنطاق الاستقرار. وأي نظائر لها نسبة نيوترونات إلى بروتونات خارج نطاق الاستقرار ستكون من النظائر المشعة. هذه النظائر غير مستقرة وستضمحل بمرور الوقت إلى نظير مستقر ضمن نطاق الاستقرار. يمكننا استخدام المعطيات الواردة في هذا التمثيل البياني لمساعدتنا على توقع نوع الاضمحلال النووي الذي سيتعرض له النظير.
على سبيل المثال، يحتوي هذا النظير على عدد كبير للغاية من النيوترونات ومن ثم لا يكون مستقرًّا. لذا، سيتعرض هذا النظير لنوع من الاضمحلال لتقليل عدد النيوترونات. يؤدي اضمحلال 𝛽 سالب إلى تقليل عدد النيوترونات، ولذلك من المرجح أن يتعرض هذا النظير إلى اضمحلال 𝛽 سالب حتى يصبح مستقرًّا. وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية ما يلزمنا معرفته عن النواة الذرية. لقد تعرفنا على القوة النووية وكيف أنها تحافظ على ترابط النواة. وتعرفنا على كيفية حساب طاقة الترابط وكيفية توقع الاستقرار النووي باستخدام نسبة النيوترونات إلى البروتونات. وقبل أن نختتم هذا الفيديو باستعراض النقاط الرئيسية، لنحل إحدى المسائل.
أي العلاقات الآتية صواب؟ (أ) لتحويل كمية من الطاقة من جول إلى ميجا إلكترون فولت، نقسمها على 1.6 في 10 أس سالب 27. (ب) لتحويل كمية من الطاقة من جول إلى ميجا إلكترون فولت، نقسمها على 1.6 في 10 أس سالب 13. (ج) لتحويل كمية من الطاقة من جول إلى ميجا إلكترون فولت، نضربها في 1.6 في 10 أس سالب 27. (د) لتحويل كمية من الطاقة من جول إلى ميجا إلكترون فولت، نضربها في 1.6 في 10 أس سالب 13.
الإلكترون فولت هو كمية الطاقة التي يكتسبها الإلكترون عندما ينتقل عبر فرق جهد مقداره فولت واحد. وتستخدم وحدة الطاقة هذه عادة للتعبير عن تغيرات الطاقة في العمليات الذرية. على سبيل المثال، تتطلب إزالة الإلكترون من ذرة هيدروجين طاقة مقدراها 13.6 إلكترون فولت. ويتطلب تفكيك نواة الهليوم إلى بروتونات ونيوترونات طاقة مقدارها 28.3 ميجا إلكترون فولت. وحدة الميجا إلكترون فولت هي موضوع هذا السؤال. علينا تحديد العلاقة بين وحدتي الميجا إلكترون فولت والجول.
يوجد مليون إلكترون فولت في واحد ميجا إلكترون فولت. يمكننا أيضًا التعبير عن المليون في صورة 10 أس ستة. إذن، يمكننا التحويل من ميجا إلكترون فولت إلى إلكترون فولت بالضرب في 10 أس ستة. الإلكترون فولت الواحد يساوي 1.602 في 10 أس سالب 19 جول. إذن، يمكننا التحويل من إلكترون فولت إلى جول بالضرب في هذا العدد. واتحاد هذين التحويلين معًا يعطينا القيمة 1.602 في 10 أس سالب 13 جول، التي يمكن تقريبها لأقرب منزلة عشرية لمطابقة خيارات الإجابة. وهكذا، نجد أن واحد ميجا إلكترون فولت يساوي 1.6 في 10 أس سالب 13 جول.
يمكننا استبعاد خياري الإجابة (أ) و(ج)؛ لأن معامل التحويل المطلوب ليس 1.6 في 10 أس سالب 27. وعلينا الآن معرفة إذا ما كان يجب القسمة على هذا العدد أو الضرب فيه. إذا كانت لدينا كمية طاقة محددة معبرًا عنها بوحدة الجول وأردنا تحويلها إلى ميجا إلكترون فولت، فإننا نقسم على معامل التحويل. يمكننا الملاحظة أنه وفق هذه الطريقة ستحذف وحدتا الجول، ويتبقى لدينا الوحدة الصحيحة وهي ميجا إلكترون فولت. إذن، من بين العلاقات الواردة في هذه المسألة، يمثل الخيار (ب) الإجابة الصحيحة. لتحويل كمية من الطاقة من جول إلى ميجا إلكترون فولت، نقسمها على 1.6 في 10 أس سالب 13.
لنختتم هذا الفيديو بمراجعة النقاط الرئيسية. تربط القوة النووية البروتونات والنيوترونات معًا في النواة الذرية. طاقة الترابط هي الطاقة اللازمة لتفكيك نواة ذرية وتحويلها إلى بروتونات ونيوترونات غير مترابطة. تعمل النيوترونات على استقرار النواة الذرية. العناصر الأخف تكون مستقرة عندما تساوي نسبة النيوترونات إلى البروتونات واحدًا إلى واحد، في حين تكون العناصر الأثقل مستقرة عندما تساوي نسبة النيوترونات إلى البروتونات 1.5 إلى واحد.