نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نتعلم كيف تحفز الإنزيمات التفاعلات الحيوية، وكيف يشبه عمل الإنزيم علاقة القفل بالمفتاح، وما المقصود بعملية تشوه الموقع النشط. كما نستعرض أهمية الإنزيمات للحياة، ونكتشف مم تتكون. بعد ذلك، سنحل بعض المسائل التدريبية المتعلقة بالإنزيمات أيضًا.
لماذا ندرس الإنزيمات؟ لأن الإنزيمات تحفز التفاعلات الحيوية. وإذا ألقينا نظرة على الصورة العامة أولًا، فسنفهم لماذا من المهم دراستها. لنأخذ الإنسان مثالًا لكائن حي؛ لأن أجسامنا، مثل بقية الكائنات الحية، تتكون من خلايا. والخلايا هي الوحدات الأساسية للحياة، لأنها تنظم التفاعلات الكيميائية التي تعد أساسًا للعمليات الحيوية: مثل التنفس، والإخراج، والحركة، والتفكير، والهضم، ونقل المواد داخل الخلايا وفيما بينها أو بين أجزاء الجسم، فضلًا عن المعالجة الحسية للمعلومات، وغيرها الكثير.
يتكون جسم الإنسان من حوالي 37 تريليون خلية، وكل خلية يحدث بها الكثير والكثير من التفاعلات الكيميائية في كل ثانية. وهذا يعني أن التفاعلات الكيميائية ليست مهمة لاستمرار الحياة فحسب، بل إنها أساس الحياة. والتفاعلات الحيوية عبارة عن تفاعلات كيميائية تتوسط فيها الإنزيمات، وهي مهمة للغاية. لنلق الآن نظرة على مصطلح «تحفيز». المصطلح المرادف للتحفيز هو التسريع. ومن المذهل كيف تسرع الإنزيمات التفاعلات الكيميائية التي تحفزها. فالمقارنة بين سرعة تفاعل كيميائي حيوي نموذجي في وجود إنزيم، وتفاعل آخر يحدث من دونه أشبه بمقارنة صاروخ بحجر. وهذا هو سبب دراستنا للإنزيمات. فهي تسرع التفاعلات الكيميائية المهمة التي هي أساس العمليات الحيوية التي تحدث في أجسامنا.
إذن، ما خواص الإنزيمات التي تمكنها من تسريع التفاعلات الكيميائية أو تحفيزها؟ لنبدأ بإلقاء نظرة على الطاقة. وسوف يساعدنا هذا التمثيل البياني على فهم ما يحدث لكمية الطاقة خلال أي تفاعل كيميائي، في وجود إنزيم أو في غيابه. يمثل المحور 𝑦 الطاقة. ويمثل المحور 𝑥 مسار التفاعل بمرور الزمن. لذلك نبدأ بالمادة أو المواد المتفاعلة على اليسار، والناتج أو النواتج على اليمين. في هذا المثال، لدينا مادتان متفاعلتان؛ A وB، وناتج واحد هو C. يمكنك أن ترى أن المادتين المتفاعلتين يجب أن تصعدا منحنى الطاقة. تخيل مدى الاستثارة أعلى القمة، فهي عالية للغاية، ثم تنخفض بسرعة شديدة لتكوين الناتج C ذي الطاقة الأقل.
لنر ما سيحدث لشكل المنحنى عندما نضيف مادة حفازة، مثل الإنزيم، إلى التفاعل. بإمكان عربة الملاهي هذه أن تساعد بالفعل في ربط المواد المتفاعلة معًا، بما يتيح تكوين الناتج النهائي دون الحاجة إلى صعود هذا المنحنى المرتفع للطاقة. نستخدم عادة مصطلح الركيزة بدلًا من المادة المتفاعلة في التفاعلات التي تتضمن إنزيمات. وانخفاض كمية الطاقة اللازمة للتفاعلات التي تحفزها الإنزيمات هو ما يمكن هذه التفاعلات من الحدوث، الأمر الذي لم يكن ليتحقق لولا وجود الإنزيمات؛ مثل تفاعل في أنبوب اختبار يتطلب كمية كبيرة من الطاقة. يحدث هذا في خلية تحتوي على إنزيم بدلًا من اللهب. وهكذا نعرف الآن أن الإنزيمات تقلل كمية الطاقة اللازمة لحدوث أي تفاعل.
بعد ذلك، لنستعرض كيف تستطيع عربة الملاهي أن تغير مسارها، أو بالأحرى، كيف يسرع الإنزيم عملية إنتاج النواتج من الركائز. تعلمنا للتو أن الإنزيمات تقلل كمية الطاقة اللازمة لحدوث أي تفاعل. لكننا الآن سوف نتعلم كيف يحدث ذلك. لنلق نظرة على خلية بسيطة للغاية، لا تحتوي إلا على مادتين متفاعلتين تطفوان فيها، A وB، دون وجود إنزيم. لكي يحدث أي تفاعل بين المادتين المتفاعلتين A وB، فإنهما بحاجة لأن يتصادما بقدر كاف من القوة وأن يتحركا في الاتجاه الصحيح. لذلك، إذا تحركت هذه المادة المتفاعلة A في اتجاه المادة المتفاعلة B، وتحركت هذه المادة المتفاعلة B في اتجاه المادة المتفاعلة A وتصادمتا، فقد لا يحدث رغم ذلك أي تفاعل بينهما.
لنحاول مرة أخرى باستخدام قدر أكبر من القوة، وهو ما يتطلب بالطبع مزيدًا من الطاقة. حسنًا، المادة A تسرع نحو المادة B، والمادة B تسرع نحو المادة A بقوة أكبر هذه المرة. ومع ذلك، قد لا يتفاعلان معًا. لذلك، لنجرب في المرة التالية توجيه المادتين كما لو كانا جزيئين فعليين بحاجة إلى أن يواجه أحدهما الآخر بطريقة معينة قبل أن يكونا رابطة. الآن، تتسارع المادتان المتفاعلتان A وB إحداهما نحو الأخرى بقدر كاف من القوة، ويتجهان بحيث يدخل قدما الحرف A في حلقتي الحرف B؛ وهو ما يحدث تفاعلًا كيميائيًّا ينتج عنه ناتج، وهو في هذه الحالة المادة C.
يبدو أن الاحتمالية المنخفضة لتصادم مواد كيميائية معينة بالقوة الكافية وفي الاتجاه الصحيح تسمح بحدوث التفاعلات بوتيرة مناسبة لتكوين بنية الكون العامة. لكن العمليات الحيوية تتطلب عددًا مذهلًا من التفاعلات الكيميائية في كل ثانية دون الحاجة إلى طاقة من مصادر مثل موقد بنسن أو ألواح التسخين. لذلك، في عدم وجود الإنزيمات، تتطلب التفاعلات قدرًا كبيرًا للغاية من الطاقة وتحدث بمعدلات منخفضة جدًّا تجعلها غير قادرة على دعم العمليات الحيوية. والآن، لنستعرض كيف يمكن أن يحدث هذا التفاعل في وجود إنزيم، وهو ما عرضناه هنا باللون الأخضر، ما عدا الجزء الوردي الذي يسمى الموقع النشط. وهذا هو المكان الذي سترتبط به الركيزتان A وB.
الآن، ترتبط الركيزتان بالإنزيم بطريقة معينة تحددها الكيفية التي يتلاءم بها شكلهما معًا. هذا التلاؤم بين الإنزيم والركائز يسمى التكامل؛ لأنهما يميلان إلى إكمال أحدهما الآخر. يعمل التفاعل بين معقد الإنزيم والركيزتين على تقليل الطاقة أو القوة اللازمة لحدوث التفاعل الكيميائي، ما يولد الناتج C، الذي يطلق بعد ذلك، تاركًا الإنزيم حرًّا لتحفيز مزيد من التفاعلات. وعليه، تتطلب التفاعلات التي تحفزها إنزيمات قدرًا أقل من الطاقة، وتتسم بزيادة معدل التفاعل بسبب التكامل في التفاعل بين الإنزيم والركيزة.
والحق أن تكامل الموقع النشط للإنزيم دقيق للغاية لدرجة أننا نستخدم تشبيه القفل والمفتاح لوصفه. لنتناول مثالًا يتعلق بهذا التشبيه. القفل بالنسبة إلى المفتاح بمنزلة فراغ إلى فراغ. والاختياران هما إما إنزيم أو ركيزة. إليك مقبض قفل باب، ومفتاحين. هل سيفتح أي من المفتاحين الباب؟ بالطبع لا. هذا هو الهدف من وجود المفاتيح. فأنت تحتاج إلى المفتاح المناسب ليدخل في الباب. هذا إنزيم تيروسين هيدروكسيليز، الذي يدل اسمه على جزء كبير من وظيفته. أولًا، أغلب الإنزيمات الأخرى تنتهي بالحروف A-S-E. إذن نعلم جيدًا إلى حد ما أنه إنزيم. وباقي اسمه مشتق من ركيزتيه؛ التيروسين ومجموعة الهيدروكسيل.
الآن وقد ارتبطت الركيزتان بالإنزيم، يمكنك على الأرجح أن تعرف أيهما يمثل القفل، وأيهما يمثل المفتاح. فالقفل بالنسبة إلى المفتاح بمنزلة الإنزيم إلى الركيزة. إليك سؤال آخر: ما اسم هذا النوع من التلاؤم المتطابق؟ إنه يسمى التكامل، بما أن شكليهما يميلان إلى إكمال أحدهما الآخر. ولكن استكمالًا لقصة الإنزيمات التي نذكرها هنا، يحفز التفاعل من خلال معقد الإنزيم المتلائم بشكل جيد والمكون من الإنزيم والركيزتين، ما يعطينا الناتج؛ وهو في هذه الحالة «إل-دوبا». وبعد تفاعلين آخرين محفزين بالإنزيمات، يتحول الـ «إل-دوبا» إلى دوبامين، وهو ناقل عصبي يجعلك تشعر بالسعادة وكأنك حصلت على مكافأة. ويستمر الإنزيم في تحفيز المزيد من التفاعل نفسه.
بيد أن الإنزيمات قد تواجه مشكلات في تحفيز التفاعلات، خاصة إن حدث شيء في مواقعها النشطة. إذا فقد التكامل بين الإنزيم والركائز، فلن يحفز التفاعل، وعندئذ يقال إن الإنزيم أصبح مشوهًا. وبما أن الإنزيمات عادة هي عبارة عن بروتينات، وشكل أي بروتين يحدده جين الحمض النووي (DNA) الخاص به، فإن الطفرات قد تؤثر على شكل أي إنزيم، ما يجعله مشوهًا. سنتناول فيما يلي مسألة تدريبية.
أي من العبارات الآتية تعرف الإنزيم؟ (أ) الإنزيم هو ناتج الهضم. (ب) الإنزيم جزيء تم تكسيره. (ج) الإنزيم محفز حيوي. (د) الإنزيم محفز غير عضوي. (هـ) الإنزيم تفاعل سريع.
المهارة الأساسية اللازمة لاختيار الحل الصحيح هي معرفة ماهية الإنزيمات ووظيفتها. لنلق نظرة على إنزيم تخليق أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP-سينثيز)، بينما نراجع المصطلحات الأساسية في السؤال. مثل جميع الإنزيمات، فإن ATP-سينثيز يحفز تفاعلًا كيميائيًّا أو يسرعه. وهذا هو ما يجعله مادة حفازة. إليك التفاعل الذي يحفزه ATP-سينثيز. عند إضافة مجموعة فوسفات إلى الأدينوسين ثنائي الفوسفات (ADP) يكون الناتج الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). جزءا التفاعل الكيميائي اللذان اعتدت رؤيتهما على الأرجح هما المادة أو المواد المتفاعلة التي يجري تحويلها عبر التفاعل الكيميائي إلى ناتج أو نواتج. ولكن خلال التفاعل في وجود إنزيم، نقول إن الركيزة أو الركائز تتحول إلى ناتج أو نواتج. إذن هذا يعني أننا نعرف أن الناتج هو مادة كيميائية تنتج عن تفاعل.
لنلق نظرة على ما سيفعله إنزيم ATP-سينثيز مع الركيزتين؛ أدينوسين ثنائي الفوسفات (ADP) ومجموعة الفوسفات. ترتبط الركيزتان بالموقع النشط للإنزيم. وهذا هو الموضع الذي يحدث فيه التفاعل الكيميائي، مكونا الناتج، أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ADP). والموقع النشط للإنزيم أصبح فارغًا الآن، ليحفز مزيدًا من التفاعلات. بقي لدينا بعض المصطلحات الأساسية. لنستعرض مصطلح «تكسير». إذا كان لدينا جزيء أكبر نقسمه إلى أجزاء أصغر، فإننا نقول إننا نكسره. وإذا تحركنا في الاتجاه المقابل، وأخذنا جزيئات أصغر ووضعناها معًا لتكوين جزيء أكبر، فإننا نسمي ذلك بناء.
وبالطبع مصطلح حيوي يعني «من كائن حي». والإنزيمات هي بروتينات تنتج داخل كائنات حية. وبما أن البروتينات جزيئات عضوية، فإننا نعرف أن الإنزيمات جزيئات عضوية أيضًا. نحن مستعدون للإجابة على سؤالنا. أي من العبارات التالية يعرف الإنزيم تعريفًا صحيحًا؟ لنبدأ بالخيار (أ). الإنزيم هو ناتج الهضم. حسنًا، عرفنا أن الإنزيمات مواد حفازة. فهي ليست نواتج، ولذا فالخيار (أ) لا يمكن أن يكون صحيحًا. يقول الخيار (ب) إن الإنزيم هو جزيء تم تكسيره، ولكننا رأينا أن الإنزيمات لا تتكسر. ويجب أن تظل سليمة كما هي نظرًا لأنه يعاد استخدامها مرة بعد مرة.
يقول الخيار (ج) إن الإنزيم محفز حيوي، وهذا يبدو صحيحًا. يقول الخيار (د) إن الإنزيم محفز غير عضوي، ولكننا نعرف بالفعل أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا لأن البروتينات ليست مواد غير عضوية. ويقول الخيار (هـ) إن الإنزيم تفاعل سريع، ولكننا نعرف أن الإنزيمات تسرع التفاعلات الكيميائية أو تحفزها. فهي ليست تفاعلات في حد ذاتها. إذن، فالخيار (هـ) غير صحيح أيضًا. ومن ثم، نجد أن الخيار (ج)، الإنزيم محفز حيوي، هو الإجابة عن سؤالنا.
لم يبق أمامنا وقت طويل. لذلك بدلًا من حل مسألة تدريبية أخرى، لنراجع النقاط الأساسية الواردة في الدرس. أولًا، الإنزيم جزيء حيوي، عادة ما يكون بروتينًا، يسرع التفاعلات الكيميائية. الموقع النشط هو الجزء من الإنزيم الذي ترتبط به الركيزة. والركيزة هي كلمة مرادفة للمادة المتفاعلة في التفاعلات التي تحفزها الإنزيمات. توصف الأشكال المناظرة لكل من الموقع النشط والركيزة بأنها متكاملة. وهذا التكامل يقلل الطاقة اللازمة لحدوث التفاعل الكيميائي. تتحرر النواتج من ارتباطها بالإنزيم. ويظل الموقع النشط مفتوحًا لتحفيز المزيد والمزيد من التفاعلات.
المواد الحفازة تسرع التفاعلات الكيميائية، والإنزيمات مواد حفازة حيوية. عندما يتوقف الإنزيم عن العمل بسبب تغير شكل موقعه النشط، يقال إنه أصبح مشوهًا. إليك حقيقتين أخريين عن الإنزيمات: تقلل الإنزيمات كمية الطاقة اللازمة لحدوث التفاعلات الكيميائية، والتكامل بين الموقع النشط للإنزيم والركيزة هو أساس تشبيه القفل والمفتاح الذي ناقشناه.