نسخة الفيديو النصية
في هذا الفيديو، سوف نشرح برهانًا رياضيًا يثبت أن الجذر التربيعي للعدد اثنين هو عدد غير نسبي، وهو ما يعني أنه لا يمكن كتابة هذا العدد في صورة كسر فعلي يكون بسطه ومقامه عددين صحيحين.
ومن ثم، فإن هذا يعني أنك إذا حاولت التعبير عنه بصيغة عشرية، فسوف تستمر في حساب المنازل العشرية إلى ما لا نهاية، لكننا سنشرح المزيد عن ذلك بعد قليل.
لنتحدث أولًا عن اثنين من فلاسفة الإغريق القدماء، وهما: فيثاغورس وهيبياسي. أعتقد أنكم جميعًا قد سمعتم بفيثاغورس من النظرية الفيثاغورية، أو نظرية فيثاغورس كما يطلق عليها البعض.
تنص هذه النظرية على أنه في المثلث القائم الزاوية، يكون مربع طول أطول أضلاعه مساويًا لمجموع مربعي طولي الضلعين الأقصر. ولعلك تعرف هذه النظرية بصورة أفضل بالصيغة التالية: 𝑎 تربيع زائد 𝑏 تربيع يساوي 𝑐 تربيع. وتبدو هذه النظرية سهلة للغاية، إذ إننا نتعلمها في مرحلة مبكرة من الدراسة. ومع ذلك، فقد أثارت ضجة كبيرة في أيام فيثاغورس حينها، أي قبل 2500 عام تقريبًا.
يتفق الجميع بوجه عام على أن فيثاغورس لم يكتب النظرية الفيثاغورية بنفسه، على الرغم من أنها قد أصبحت من أشهر إنجازاته. وتوجد الكثير من القصص والخرافات والأساطير التي تحوم حول فيثاغورس. ومهما كان رأيك فيه، فالأرجح أنك ستجد من يخالفك في هذا الرأي.
تكمن المشكلة في أننا لم نتمكن من الحصول على أي من كتاباته بعد مرور كل هذا الوقت. وكذلك فإن العديد مما كتبه الآخرون عنه متناقض ويخالف بعضه بعضًا. يبدو أنه كان شخصًا خلافيًا ومثيرًا للجدل. لقد كان يقول عن نفسه إنه فيلسوف ومحب للحكمة. وقد شكل أيضًا حركة من أتباعه، سميت باسم الفيثاغوريين. كانوا يتحرون السرية التامة. وقد ورد عنهم أنهم كانوا يؤمنون بالقوى الخفية ونقاء الأعداد وتجردها.
كان من أتباع فيثاغورس رجل يسمى هيبياسي، على الرغم من أنه لم يوضح تمامًا ما إذا كان من أتباع فيثاغورس نفسه، أم أنه كان من أتباع حركة الفيثاغوريين فحسب. فربما لم يكن قد ولد بعد في حياة فيثاغورس. على أية حال، يبدو لنا من الرسومات والأعمال الفنية القديمة التي صمدت عبر الزمن، أن ثمة شيئًا مشتركًا بينهما، وهو أن كليهما من أصحاب اللحى. لقد كانت اللحى رائجة للغاية في هذا العصر. وقليل من يرون خلاف ذلك.
حسنًا، لنجمع أطراف هذه الحكاية المبعثرة، لقد ورد لنا أن هيبياسي قد تمكن من التوصل إلى برهان يثبت أن بعض الأعداد غير نسبية، وهو ما يعارض بشدة الأسلوب الفيثاغوري في التفكير ونظرته إلى الطبيعة السماوية للأعداد. وقد ورد إلينا ما يشير إلى أن هيبياسي قد غرق في البحر بعد ذلك بفترة وجيزة.
يرى البعض أنه قد أساء اختيار التوقيت الذي أفصح فيه إلى أصدقائه من الفيثاغوريين عن حقيقة وجود الأعداد غير النسبية، إذ كانوا معًا على متن سفينة في البحر. وقد تصرفوا بسرعة ليخفوا هذه الحقيقة. غير أن ذلك غير مقنع على الإطلاق، لأنه إذا كان ذلك صحيحًا، فكيف لنا أن نعرف بشأن هذا البرهان؟
لقد أوضح هيبياسي كيف أن إنشاء مجسم ذي اثني عشر وجهًا داخل كرة يقودنا إلى ضرورة وجود الأعداد غير النسبية. ومع ذلك، فثمة طريقة أسهل، وهي استخدام مثلث قائم الزاوية متساوي الساقين يبلغ طول كل ضلع من ضلعيه المتساويين وحدة واحدة، ثم استخدام نظرية فيثاغورس لإثبات أن طول الضلع الأطول سيكون مساويًا للجذر التربيعي لوحدتين في هذه الحالة.
وهكذا فإننا بحاجة إلى إيجاد الجذر التربيعي للعدد اثنين. فكيف يمكننا إذن أن نثبت أنه عدد غير نسبي؟ حسنًا، لنتأكد أولًا أننا نعرف المقصود بالأعداد النسبية والأعداد غير النسبية.
النصف هو نسبة واحد إلى اثنين. وهو يتكون من كسر فعلي يكون بسطه عددًا صحيحًا، وهو واحد في هذه الحالة، ومقامه عدد صحيح كذلك، وهو اثنان في هذه الحالة. وذلك بشكل أساسي ما يعنيه العدد النسبي؛ إنه كسر فعلي يحتوي على عدد صحيح في كل من البسط والمقام.
وتذكر أنه في حالة وجود عامل مشترك بين البسط والمقام، فيمكننا تبسيط الكسر بقسمة كل من البسط والمقام على العامل نفسه؛ ومن ثم الحصول على كسر مكافئ. على سبيل المثال: فإن الكسر اثنان على أربعة هو عدد نسبي. لكننا نستطيع أن نقسم كلًا من البسط والمقام على اثنين لنحصل على الكسر المكافئ له وهو: نصف. والنصف هو صورة أبسط من الربعين. وهو أيضًا عدد نسبي.
والآن يمكننا أن نختار أي عدد صحيح ليكون هو البسط، وأي عدد صحيح آخر ليكون هو المقام، وسيكون لدينا عدد نسبي. والآن لنلق نظرة على اثنين من الأعداد النسبية. وهذان العددان هما: ثلث وثلثان، فهل ثمة عدد نسبي آخر يقع بينهما من حيث القيمة؟ حسنًا، واحد ونصف ليس عددًا نسبيًا، لأن واحد ونصف ليس عددًا صحيحًا.
لكن ثمة كسر آخر يكافئ الثلث وهو اثنان على ستة، ونحصل عليه بمضاعفة كل من البسط والمقام. ويوجد أيضًا كسر آخر مكافئ لثلثين، وهو أربعة على ستة، ونحصل عليه أيضًا بمضاعفة كل من البسط والمقام. لذا، فبدلًا من ثلث وثلثين، أصبح لدينا اثنان على ستة وأربعة على ستة. ويتضح لنا على الفور أن ثلاثة على ستة يقع بينهما. ويمكننا أن نبسط هذا الكسر إلى نصف، وذلك بقسمة كل من البسط والمقام على ثلاثة.
والآن يمكننا تطبيق هذا الأسلوب على أي عددين نسبيين للحصول على عدد نسبي آخر يقع بينهما. ويمكننا أن نستمر في ذلك إلى ما لا نهاية، مع الحصول على فروق أصغر وأصغر في كل مرة. هكذا سيبدو لكم أن في مقدوركم جعل أي عدد عددًا نسبيًا. إذن، فما هي الأعداد غير النسبية؟
حسنًا، إنها أي عدد لا يمكننا التعبير عنه بالضبط في صورة كسر يحتوي على عدد صحيح في كل من البسط والمقام. فعلى سبيل المثال، يمكننا استخدام نظرية فيثاغورس لإثبات وجود قيمة للجذر التربيعي للعدد اثنين. والآن لنجرب بعض المحاولات مع هذا المفهوم لنرى ما إذا كان من الممكن أن نثبت أننا لا نستطيع الحصول على زوج من الأعداد الصحيحة للبسط والمقام ليمثلا تلك القيمة، أو أننا نستطيع ذلك.
لنبدأ هذه المحاولات بأن نفترض أن الجذر التربيعي للعدد اثنين عدد نسبي وأن لدينا عددين صحيحين، سنطلق عليهما 𝑎 و𝑏، وهما البسط والمقام اللذان سيمثلان هذه القيمة. إذن، فالجذر التربيعي للعدد اثنين يساوي 𝑎 على 𝑏، حيث 𝑎 و𝑏 أعداد صحيحة، و𝑏 لا يساوي الصفر، لأن القسمة على الصفر عملية غير معرفة.
وسوف نختار أيضًا 𝑎 و𝑏 لكي يمثلا أبسط كسر مكافئ للجذر التربيعي للعدد اثنين. ويوجد بالطبع العديد من الكسور المكافئة، ومنها: اثنان 𝑎 على اثنين 𝑏، وثلاثة 𝑎 على ثلاثة 𝑏، وما إلى ذلك. لكننا سنختار 𝑎 و𝑏 ليكون لدينا أبسط صورة للكسر فلا يكون بينهما أي عامل مشترك.
وينطوي ذلك على استنتاج آخر. فإذا كان 𝑎 عددًا زوجيًا، فلا بد وأن يكون 𝑏 عددًا فرديًا. وإذا كان 𝑏 عددًا زوجيًا، فلا بد وأن يكون 𝑎 عددًا فرديًا. وإذا كان كلاهما من الأعداد الزوجية، فسيكونان من مضاعفات العدد اثنين. وهذا يعني أن العدد اثنين سيكون عاملًا مشتركًا بينهما. وبالتالي، سنتمكن من اختزال الكسر وتبسيطه. لكننا اخترنا 𝑎 و𝑏 بعناية حتى لا يكون بينهما أي عوامل مشتركة.
حسنًا، لدينا الآن الجذر التربيعي للعدد اثنين يساوي 𝑎 على 𝑏. والآن لنقم بتربيع طرفي المعادلة. وبهذا تصبح المعادلة كما يلي: اثنان يساوي 𝑎 تربيع على 𝑏 تربيع. والآن، يمكنني ضرب كلا طرفي المعادلة في 𝑏 تربيع، وذلك لاختزال 𝑏 تربيع من الطرف الأيمن، ومن ثم تصبح المعادلة: اثنان 𝑏 تربيع يساوي 𝑎 تربيع.
ومع ذلك، ففي الطرف الأيسر، يجب أن نتذكر أن 𝑏 عدد صحيح. إذن، بضرب 𝑏 في 𝑏، والذي ينتج عنه 𝑏 تربيع، نكون قد ضربنا عددًا صحيحًا في عدد صحيح، ومن ثم فلا بد وأن يكون الناتج عددًا صحيحًا كذلك. إذن فالطرف الأيسر عبارة عن العدد اثنين مضروبًا في عدد صحيح. وأي عدد صحيح مضروب في العدد اثنين هو عدد زوجي.
في الطرف الأيمن، لدينا 𝑎، وهو عدد صحيح، مضروب في نفسه. وهكذا لدينا عدد صحيح مضروب في عدد صحيح. والطريقة الوحيدة التي يمكننا بها الحصول على ناتج زوجي عند ضرب عدد صحيح في عدد صحيح، هي أن يكون أحد العددين زوجيًا. وبما أننا نتحدث بالفعل عن ضرب 𝑎 في نفسه، فلا بد إذن أن يكون 𝑎 عددًا زوجيًا.
حسنًا، لنشرح هذه الفكرة بمزيد من التفصيل. يمكننا أن نقول إن العدد الزوجي ما هو إلا عدد صحيح من مضاعفات العدد اثنين. فلنختر أي حرف لنعبر به عن أي عدد صحيح. وليكن 𝑚 على سبيل المثال. إذن يمكننا أن نقول إن اثنين 𝑚 هو عدد زوجي.
أخبروني بالعدد الزوجي الذي تريدونه، وسأختار قيمة مناسبة لـ 𝑚 لكي نحصل بها على هذا العدد الزوجي. وهذه القيمة التي سأختارها هي نصف قيمة العدد الزوجي الذي تريدونه. فإذا كنتم تريدون العدد ثمانية، فسأختار 𝑚 يساوي أربعة. إذن اثنان 𝑚 هو العدد الزوجي ثمانية في هذه الحالة. إن المقدار «اثنان 𝑚» هو مجرد تعبير لتمثيل الأعداد التي نعرف أنها لا بد وأن تكون زوجية.
والآن، يمكننا التعبير عن عدد زوجي آخر وذلك باختيار الحرف 𝑛 ليعبر عن عدد صحيح آخر. وهكذا لا بد أن يكون اثنان 𝑛 عددًا زوجيًا آخر. ولنضرب العددين الزوجيين أحدهما في الآخر، أي اثنين 𝑚 في اثنين 𝑛. ولأن من خصائص الضرب التجميع، فيمكننا أن نكتب ذلك على النحو التالي: اثنان في 𝑚 في اثنين في 𝑛.
وبما أن اثنين و𝑚 و𝑛 كلها أعداد صحيحة، فإننا نعرف أن 𝑚 في اثنين في 𝑛، سيكون عددًا صحيحًا كذلك. وهذا يعني أن اثنين في 𝑚 في اثنين في 𝑛 يساوي اثنين في عدد صحيح، والذي لا بد وأن يكون عددًا زوجيًا. إذن، فإذا ضربنا أي عددين زوجيين أحدهما في الآخر، فإن الناتج عدد زوجي بالتأكيد.
تتعاقب الأعداد الزوجية والأعداد الفردية بالتبادل على مدار الأعداد الصحيحة. فواحد عدد فردي واثنان عدد زوجي، وثلاثة عدد فردي وأربعة عدد زوجي، وخمسة عدد فردي وستة عدد زوجي، وهكذا إلى ما لا نهاية. وهذا يعني أنه بما أن اثنين 𝑚 عدد زوجي، فإن هذا يعني أن اثنين 𝑚 زائد واحد هو العدد الفردي الذي يليه. وكذلك فإن اثنين 𝑛 عدد زوجي. إذن اثنان 𝑛 زائد واحد هو العدد الفردي الذي يليه.
حسنًا، لنر أشكالًا أخرى من ضرب الأعداد الفردية والزوجية معًا لنعرف ما إذا كان بإمكاننا الحصول على عدد زوجي كناتج لعملية الضرب. فعلى سبيل المثال، إذا أردنا أن نضرب عددًا زوجيًا في عدد فردي، فيمكننا أن نضرب اثنين 𝑚 في اثنين 𝑛 زائد واحد. ومرة أخرى، بسبب خاصية التجميع، يمكننا أن نكتب ذلك على النحو التالي: اثنان في 𝑚 في اثنين 𝑛 زائد واحد.
ومرة أخرى، ستكون لدينا أعداد صحيحة داخل الأقواس. فلدينا اثنان مضروب في عدد صحيح. إذن، عند ضرب عدد زوجي في عدد فردي، فإن الناتج يكون عددًا زوجيًا. والعكس صحيح كذلك. فعند ضرب عدد فردي في عدد زوجي، فإن الناتج يكون أيضًا عددًا زوجيًا.
وأخيرًا، فلنجرب أن نضرب عددًا فرديًا في عدد فردي. وبضرب كل حد من الأقواس الأولى في كل حد من الأقواس الثانية، نحصل على اثنين 𝑚 في اثنين 𝑛 زائد اثنين 𝑚 في واحد زائد واحد في اثنين 𝑛 زائد واحد في واحد، وهو ما يمكن تبسيطه إلى أربعة 𝑚𝑛 زائد اثنين 𝑚 زائد اثنين 𝑛 زائد واحد.
وإذا استخرجنا العامل المشترك بين أول ثلاثة حدود وهو العدد اثنين وقسمنا عليه، فإننا نحصل على اثنين في اثنين 𝑚𝑛 زائد 𝑚 زائد 𝑛 والكل زائد واحد. والآن، اثنان و𝑚 و𝑛 كلها أعداد صحيحة. وسوف نضربها ونجمعها معًا. إذن فمحتويات هذه الأقواس تمثل عددًا صحيحًا. ومن ثم، نحصل على اثنين مضروب في عدد صحيح، وهو عدد زوجي. إذن، سيكون الناتج عددًا زوجيًا زائد واحد، أي إنه سيكون عددًا فرديًا. وهذا يعني أنني إذا ضربت أي عددين فرديين معًا، فسوف يكون الناتج عددًا فرديًا آخر.
حسنًا، فلنعد مرة أخرى إلى المسألة، لدينا اثنان 𝑏 تربيع يساوي 𝑎 تربيع. لقد قلنا إن الطرف الأيسر، لا بد وأن يكون عددًا زوجيًا لأن 𝑏 عدد صحيح. والطرف الأيمن يساوي 𝑎 تربيع، أي إنه العدد مضروبًا في نفسه. لذا، فإما أننا نتعامل مع عدد زوجي مضروب في عدد زوجي أو عدد فردي مضروب في عدد فردي. ومن ثم، فالطريقة الوحيدة التي سيكون الناتج فيها عددًا زوجيًا هي أن يكون 𝑎 عددًا زوجيًا. لذا، فإن ذلك صحيح بالتأكيد.
تذكروا أنني قلت إنكم إذا كنتم تريدون عددًا زوجيًا معينًا، فيمكنني أن أقسمه إلى النصف، وسأحصل على العدد الزوجي الذي تريدونه بضرب نصف هذا العدد في اثنين. حسنًا، فلنفعل الشيء نفسه مع العدد الزوجي 𝑎. سنرمز إلى نصف العدد 𝑎 بالحرف 𝑐. وهذا يعني أن 𝑐 يساوي نصف 𝑎.
بعبارة أخرى، فإن اثنين 𝑐 يساوي 𝑎. ويمكننا أن نعوض عن 𝑎 في المعادلة باثنين 𝑐، وهذا يعني أن اثنين 𝑏 تربيع يساوي اثنين 𝑐، مع تربيع الكل، كما أن اثنين 𝑐 تربيع يعني اثنين 𝑐 في اثنين 𝑐. إذن، فنحن نعرف الآن أن اثنين 𝑏 تربيع يساوي أربعة 𝑐 تربيع.
والآن يمكنني أن أقسم كلا الطرفين على اثنين لاختصار العدد اثنين هنا وهنا. وسيبقى لدي اثنان وواحد هنا. أي إن 𝑏 تربيع يساوي اثنين في 𝑐 تربيع. وفي الطرف الأيمن، قلنا إن 𝑐 عدد صحيح. إذن، فإن 𝑐 تربيع هو عدد صحيح في عدد صحيح، فهو أيضًا عدد صحيح. وعليه، فإن الناتج الذي نحصل عليه من هذا المقدار هنا، اثنان في عدد صحيح، لا بد وأن يكون عددًا زوجيًا.
وباستخدام المنطق نفسه لإثبات أن 𝑎 لا بد وأن يكون عددًا زوجيًا، يمكننا أن نقول أيضًا إن 𝑏 لا بد وأن يكون عددًا زوجيًا. لكن، مهلًا! لقد قلنا في البداية إنه إذا كان 𝑎 عددًا زوجيًا، فإن 𝑏 يجب أن يكون عددًا فرديًا. وإذا كان 𝑏 عددًا زوجيًا، فيجب أن يكون 𝑎 عددًا فرديًا. ولقد أثبتنا توًا أن 𝑎 يجب أن يكون عددًا زوجيًا وكذلك 𝑏. وفي هذا تناقض.
لقد أثبتنا أن 𝑏 لا بد وأن يكون عددًا فرديًا وزوجيًا في آن واحد. وهذا يعني أن افتراضنا الأولي لم يكن صحيحًا. فلقد افترضنا وجود عددين صحيحين هما 𝑎 و𝑏 يمكن استخدامهما ليمثلا البسط والمقام لكسر مكتوب في أبسط صوره يعبر عن قيمة الجذر التربيعي للعدد اثنين.
لكن هذا الافتراض يقودنا إلى استنتاجين ينفي أحدهما الآخر. وهما، أن 𝑏 عدد زوجي وأن 𝑏 عدد فردي. إذن، فلا بد أن هذا الافتراض لم يكن صحيحًا. فلا يوجد عددان صحيحان 𝑎 و𝑏 يمكن استخدامهما ليمثلا البسط والمقام لكسر في أبسط صوره يعبر عن قيمة الجذر التربيعي للعدد اثنين. ونطلق على هذا النوع من أنواع البراهين «البرهان بالتناقض». فبدلًا من إثبات صحة شيء في جميع الحالات، أثبتنا أن افتراض صحته يقودنا إلى نتيجة غير منطقية على الإطلاق. إذن، فلا يمكن أن يكون صحيحًا. وهو أسلوب فعال للغاية.
حسنًا، لقد عرفت الأعداد غير النسبية منذ زمن بعيد. ولم يعد الناس يستاءون منها كما فعل الفيثاغوريون حين عرفوا بها في وقتهم ذاك. لكن على أية حال، إن كنت تنوي أن تشرح لأي شخص هذا البرهان الذي يثبت أن الجذر التربيعي للعدد اثنين هو عدد غير نسبي، فالأفضل أن تحرص على أن تكون على اليابسة تحسبًا للظروف!