نسخة الفيديو النصية
أصيب شخص بسلالة من الفيروس الأنفي الذي يسبب نزلات البرد. وبعد مرور بضعة أسابيع، أصيب بسلالة من الفيروس الحصبي الذي يسبب الحصبة. بافتراض أن هذه هي المرة الأولى التي يصاب فيها بفيروس الحصبة، أي من العبارات الآتية صواب؟ أ: يظهر الشخص استجابة مناعية ثانوية لفيروس الحصبة، وسينتج في الحال أجسامًا مضادة لمواجهة هذه العدوى. ب: لن يظهر الشخص استجابة مناعية ثانوية لفيروس الحصبة؛ لأنه أصيب بنوعين مختلفين من مسببات الأمراض. ج: سيضعف الجهاز المناعي للشخص كثيرًا بعد إصابته بنزلة البرد، ولن ينجو من عدوى الحصبة. د: بعد إصابته الأولى بالفيروس المسبب لنزلة البرد، تنتج عن الاستجابة المناعية الأولية للشخص أجسام مضادة لمواجهة مجموعة مختلفة من العدوى الفيروسية والبكتيرية.
يسألنا هذا السؤال عن شخص أصيب بسلالة من الفيروس الأنفي ثم بسلالة من الفيروس الحصبي بعد مرور بضعة أسابيع. تناقش خيارات الإجابة الاستجابتين المناعيتين الأولية والثانوية. لذا دعونا نمح خيارات الإجابة مؤقتًا؛ لتتوفر لدينا بعض المساحة لمراجعة هذين النوعين قبل الشروع في الإجابة عن السؤال.
الاستجابة المناعية الأولية والاستجابة المناعية الثانوية استجابتان يقوم بهما جهاز المناعة التكيفي. يستخدم جهاز المناعة التكيفي خلايا مناعية متخصصة، وتحديدًا الخلايا البائية والخلايا التائية، لمحاربة مسبب المرض. ويسمى التكيفي؛ لأنه يتعلم التعرف على مسبب المرض بعد الإصابة بالعدوى للمرة الأولى؛ بحيث يتكيف لمواجهته إذا أصيب الجسم به مرة ثانية. ومن ثم فإن العدوى التي لاقت مقاومة ناجحة تجعل جهاز المناعة أقوى؛ إذ إنه من الصعب أن تنجح مسببات الأمراض في إحداث عدوى بجسم يتعرف عليها. تحدث الاستجابة المناعية الأولية عندما يواجه جهاز المناعة أحد مسببات الأمراض لأول مرة على الإطلاق. وهذه عملية بطيئة؛ لأن الجسم لم يكن مهيأ للتعرف على مولدات الضد الموجودة على مسبب المرض الذي يغزو الجسم.
يقصد بمولد الضد هنا تركيب محدد موجود على مسبب المرض نفسه، أو على السموم التي يفرزها. وخلال مرحلة التعرف هذه، تتعلم الخلايا البائية والخلايا التائية التعرف على مولد الضد المرتبط بمسبب المرض هذا تحديدًا. وأثناء الاستجابة المناعية الأولية، تستنسخ الخلايا القادرة على التعرف على مسبب المرض نسخًا عديدة منها. وتسمى هذه العملية بالتوسع النسيلي. ينشط بعض هذه النسائل لمحاربة العدوى. على سبيل المثال، تصبح الخلايا البائية خلايا بلازمية تفرز أجسامًا مضادة. وبعضها يتحول إلى خلايا ذاكرة، وهي خلايا مناعية غير نشطة تستطيع البقاء على قيد الحياة لسنوات عدة داخل أعضاء جهاز المناعة. يمكنك تصور الأمر وكأن الجهاز المناعي يستذكر مولد الضد المحدد؛ ليصبح بإمكانه إحداث استجابة أسرع حال إصابة الجسم بمسبب المرض نفسه مرة أخرى في المستقبل.
بمجرد هلاك مسبب المرض، تموت الخلايا النشطة، ولكن تبقى مجموعة من خلايا الذاكرة في الجسم. حتى إذا غزا مسبب المرض نفسه جسم الشخص وأصابه للمرة الثانية، فحينها تتعرف خلايا الذاكرة عليه وتستحث الاستجابة المناعية الثانوية. الاستجابة المناعية الثانوية أسرع بكثير من الاستجابة المناعية الأولية. ذلك لأنه من خلال التعرف على هذه المادة الغريبة التي تغزو الجسم، يمكن للمزيد من الخلايا المناعية المضادة لمسبب المرض أن تتكون سريعًا. وهذا موضح على التمثيل البياني. تبدأ الاستجابة الثانوية على الفور وتكون أسرع بكثير من الاستجابة المناعية الأولية.
حسنًا بعد أن ناقشنا آلية عمل كل من الاستجابتين المناعيتين الأولية والثانوية، دعونا ننظر مرة أخرى إلى خيارات الإجابة. لقد علمنا للتو أنه إذا أصيب الشخص مرة أخرى بالسلالة نفسها من مسبب المرض، تستحث استجابة مناعية ثانوية. ومن ثم فهذا ما يحدث إذا أصيب الشخص مرة أخرى بالسلالة نفسها من الفيروس الأنفي. لكن السؤال يخبرنا أن الشخص قد أصيب بفيروس مختلف تمامًا، وهو الفيروس الحصبي. ولأن خلايا الذاكرة تختص بمسببات أمراض معينة دون غيرها، فسيظهر الشخص استجابة مناعية أولية أخرى للفيروس الحصبي.
والآن بعد أن ناقشنا الحالة تفصيلًا، يمكننا معرفة الإجابة الصحيحة عن السؤال. إذن للإجابة عن السؤال: «أي من العبارات الآتية صواب؟»، علينا اختيار الإجابة ب. لن يظهر الشخص استجابة مناعية ثانوية لفيروس الحصبة؛ لأنه أصيب بنوعين مختلفين من مسببات الأمراض.
