شارح الدرس: التخلُّص من فضلات الجسم الأحياء • الصف الثاني الثانوي

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف عمليات التخلُّص من الفضلات من جسم الإنسان.

تُجري خلايا جسم الإنسان باستمرار عددًا هائلًا من التفاعُلات الكيميائية. وتخدم هذه التفاعُلات مجموعة هائلة ومتنوِّعة من الأغراض، بداية بمقاومة العدوى، وصولًا إلى استخراج الطاقة من الطعام.

نُشير إلى التفاعُلات الكيميائية التي تَحدُث في الجسم باسم الأيض. ويَنتُج عن العديد من هذه التفاعُلات الأيضية نواتج ثانوية غير ضرورية، أو ضارَّة للجسم في بعض الأحيان. نُطلِق على هذه النواتج الثانوية اسم «الفضلات الأيضية». ونُطلِق على عملية التخلُّص من الفضلات الأيضية من الجسم اسم الإخراج.

الإخراج جزءٌ أساسيٌّ من الحِفاظ على الاتزان الداخلي. الاتزان الداخلي هو ما يُطلِق عليه العلماء الحفاظ على بيئة داخلية طبيعية ثابتة، أو حالة الاتزان داخل الجسم. وهو ما يُمَكِّن جميع أجهزة أجسامنا من العمل بشكلٍ طبيعي، وقد تتسبَّب اضطرابات الاتزان الداخلي في المرض، وفي بعض الأحيان الوفاة.

يُطلَق على مجموعة الأعضاء التي تعمل معًا للتخلُّص من الفضلات من الجسم الجهاز الإخراجي. والأعضاء الرئيسية في الجهاز الإخراجي هي الرئتان، والجلد، والكليتان، والكبد، كما يُمكنك أن ترى في الشكل 1. قد تلاحِظ أن هذه الأعضاء تنتمي أيضًا إلى أجهزة أخرى من الجسم. فالرئتان جزء من الجهاز التنفُّسي، والأمعاء الغليظة جزءٌ من الجهاز الهضمي. ولأن الجهاز عبارة عن مجموعة من الأعضاء التي تعمل معًا لأداء وظيفة معيَّنة، يُمكن تصنيف الأعضاء على أنها تتبع أكثر من جهاز واحدٍ؛ حيث إنها قد تؤدِّي أكثر من وظيفة.

وتكون نواتج الفضلات غير أيضية أو أيضية. الفضلات غير الأيضية تكون صُلبة وغير قابلة للذوبان، ويُمكن التخلُّص منها من الجسم على هيئة براز. ويُمكن أن تكون الفضلات الأيضية سائلة، أو فضلات قابلة للذوبان، أو فضلات غازية. تَخرُج الفضلات الصُّلبة أو غير القابلة للذوبان من الجسم في صورة براز. وتَخرُج الفضلات السائلة أو القابلة للذوبان من الجسم في صورة بول وعَرَق. وتَخرُج الفضلات الغازية من الجسم مع الزفير.

جدير بالذكر أن الإخراج يُشير إلى الفضلات الأيضية فقط التي تَخرُج من الخلايا عبر أغشيتها الخلوية. يشكِّل بعض نواتج الإخراج جزءًا من البراز الذي تُنتِجه الأمعاء الغليظة، ولكنْ لا يُعتبَر خروج البراز من الجسم في حدِّ ذاته إخراجًا. ولكنه يُسمَّى تبرُّزًا.

الأمعاء الغليظة، التي تُسمَّى أيضًا القولون، هي العضو المسئول عن إنتاج البراز. إنتاج البراز هو الطريقة الأساسية للتخلُّص من الفضلات الصُّلبة غير القابلة للذوبان من الجسم. يتكوَّن البراز من ماء، وطعام غير مهضوم، وبكتيريا، وخلايا ميتة من الجهاز الهضمي، وفضلات كيميائية أخرى لا تذوب في الماء.

من أجل إنتاج البراز، تَستقبِل الأمعاء الغليظة (كما هو موضَّح في الشكل 2) بقايا الطعام غير المهضوم من الأمعاء الدقيقة، وتُعِيد امتصاص جميع النواتج التي قد تكون مُفيدة للجسم. وتشمل هذه النواتج أغلب الماء المُستخدَم في عملية الهضم والعديد من الأيونات، أو الجزيئات المشحونة، التي يُطلَق عليها أيضًا في بعض الأحيان «الشوارد». يُطلَق على ما يتبقَّى من عملية الامتصاص هذه اسم البراز؛ ومن ثَمَّ يُنقَل إلى المستقيم حيث يُخزَّن.

قد نعتقد أن أغلب البراز يتكوَّن من طعام غير مهضوم. ولكنْ في واقع الأمر، وحسب بعض التقديرات، ما يزيد على نصْف كتلة براز الإنسان يتكوَّن من البكتيريا التي تعيش في الجهاز الهضمي.

إن الحفاظ على توازن مثالي بين الأيونات في الجسم جزءٌ مُهِمٌّ من الاتزان الداخلي. يُعَدُّ كلوريد الصوديوم، الذي يُعرَف أيضًا باسم ملح الطعام العادي، مثالًا على مركَّب أيوني نموذجي. عندما يذوب في الماء، تنفصل أيونات الصوديوم والكلوريد. يحمل أيون الصوديوم شحنة موجبة، ويحمل أيون الكلوريد شحنة سالبة. وهذا ما يجعل كلوريد الصوديوم مركَّبًا أيونيًّا. يُمكنك رؤية ذلك في الشكل 3.

تُستخدَم الأيونات مثل الصوديوم والكلوريد عادة بواسطة الخلايا في العديد من الوظائف المختلفة. لهذا السبب، يجب الحفاظ عليها في تركيز معيَّن طول الوقت لتمكين الخلايا من أداء وظيفتها بالشكل الصحيح. يُمكن أن تَشترِك الكميات الكبيرة للغاية أو القليلة للغاية من الأيونات مثل الصوديوم والبوتاسيوم في وظائف الأعصاب والعضلات في الجسم.

الكليتان عضوان من الجهاز الإخراجي مسئولان عن إنتاج البول، كما هو موضَّح في الشكل (4). والبول هو الطريقة الأساسية للتخلُّص من الفضلات السائلة والقابلة للذوبان، مثل اليوريا من الجسم. يحتوي البول على الماء، وأيِّ أيونات زائدة لا يحتاجها جسم الإنسان، واليوريا، والفضلات الأخرى التي تُرشَّح من الدم. يُخزَّن البول الذي تُنتِجه الكليتان في المثانة البولية.

اليوريا ناتِج ثانوي لعملية أيض البروتينات. تتكوَّن البروتينات من وحدات جزيئية فرعية أصغر حجمًا تُسمَّى الأحماض الأمينية. عند أيض الأحماض الأمينية، تَنتُج مادة كيميائية تُسمَّى الأمونيا، تكون شديدة السُّمِّية للخلايا. في بعض الحيوانات، مثل الأسماك، يُمكن إنتاج الأمونيا بشكلٍ آمِن باعتبارها ناتجًا ثانويًّا؛ لأنها تُطلَق إلى الماء المحيط حيث تُصبح مُخفَّفة. ولكن نظرًا لسمِّيَّتها للبشر، تُنقَل الأمونيا المُنتَجة إلى الكبد حيث تتحوَّل إلى يوريا، وهي مادة كيميائية أكثر أمانًا على الجسم.

ثمَّة ناتجٌ ثانويٌّ آخَر لأيض البروتين في بعض الحيوانات وهو حمض اليوريك، الذي يكون صُلبًا وغير قابل للذوبان. ويُمكنه المُساعَدة في الحفاظ على الماء في السحالي التي تعيش في الصحراء. كذلك يُمكن أن يكون الحفاظ على الماء مُهِمًّا للبشر أيضًا في المناخ الحار، وتَستَجيب الكليتان لذلك عن طريق حفظ المزيد من الماء وتقليل كمية الماء في البول.

تُرشَّح الفضلات، مثل اليوريا، من الدم بواسطة الكليتين. تعمل الكليتان على ترشيح كلِّ شيء تقريبًا من مجرى الدم، ثم إعادة المزيج الصحيح من المغذِّيات، والماء، والأيونات مرَّة أخرى للحفاظ على الاتزان الداخلي. يُسمَّى المزيج النهائي الذي تُزيله الكليتان من الدم بالبول.

على الرغم من أن اليوريا أقلُّ سُمِّية من الأمونيا، فإنها تصبح سامَّة إذا تراكمت داخل الجسم؛ ولهذا السبب يجب أن تُزيل الكليتان اليوريا من الدم باستمرار.

عادة ما يَستنتِج الطلاب أن اليوريا في البول هي ما يُعطيه اللون الأصفر المميِّز. ولكن اليوريا مادة كيميائية عديمة اللون. في واقع الأمر، يرجع لون البول إلى تكسير خلايا الدم الحمراء القديمة بواسطة الطحال.

يُزيل الجلد الفضلات من الجسم في صورة عَرَق. يُفرَز العَرَق من غُدَد خاصة تُوجَد في الطبقة الوُسْطى من الجلد (تُسمَّى الأدمة). وتتمثَّل المهمَّة الأساسية للعَرَق في تنظيم درجة حرارة الجسم. ولكنْ إلى جانب البول، يُعَدُّ العَرَق أحدَ الطُّرق التي تَستخدِمها أجسامنا لإخراج الماء الزائد، والأيونات، وكميات صغيرة من اليوريا.

يتكوَّن الجلد من ثلاث طبقات، وهي: البشرة، والأدمة، والطبقة تحت الأدمة، كما هو موضَّح في الشكل 5. في هذا الشارح، سنَصِف فقط طبقتَيِ البشرة والأدمة.

البشرة هي الغلاف الخارجي غير المُنفذ للماء، وتحلُّ الخلايا التي تُوجَد أسفلها محلَّ خلايا الطبقة الخارجية عندما تَبلَى. تحتوي هذه الطبقة على الخلايا الصبغية التي تُنتِج الميلانين الذي يُعطي البشرة لونها.

الطبقة التي تُوجَد تحت الطبقة السابقة تُسمَّى الأدمة، وهي تحتوي على أغلب أعضاء الجلد مثل بُصَيْلات الشَّعر، والغُدَد العَرَقية، والغُدَد الدهنية (المسئولة عن إفراز الزيوت التي تُليِّن الشَّعر والجلد). تحتوي الغدَّة العَرَقية على أنبوب إفرازي مُلتفٍّ يُنتِج من خلاله العَرَق ويُفرِزه. وبُصَيْلة الشَّعر، المُزوَّدة بعضلة ناصبة، مُحاطة بالكثير من الأوعية الدموية التي يُمكنها أن تتَّسِع لتوصيل المزيد من الدم إلى المنطقة. يُمكن لهذا الاتساع أن يُحوِّل الحرارة إلى الجلد، وهو ما يُساعِد على تبريد الجسم مع أيِّ عَرَق ناتج.

إن أحد المكوِّنات الأيونية الرئيسية للعَرَق هو كلوريد الصوديوم، الذي ذكرنا سابقًا أنه نفس المركَّب الذي نعرفه باسم ملح الطعام الذي نُضيفه للطعام عادة لإعطائه نكهة. وهذا هو السبب في أن مذاق عَرَقك مالح. المُثير في الأمر، أننا نَعرق طوال الوقت تقريبًا، حتى عندما لا نلاحِظ حدوث ذلك. حيث يتبخَّر العَرَق عادة بمجرد أن يَنتُج. عندما يتبخَّر العَرَق، يَترُك خلفه هذا الملح والفضلات الأخرى التي يُمكن أن تُعالَج بواسطة البكتيريا على الجلد وتُعطِي رائحة كريهة للجلد ما لم يُنظَّف. وإذا لم يُنظَّف الجلد، فقد تؤدِّي هذه التراكمات إلى انسداد الغدد العَرَقية، وهو ما قد يؤدِّي إلى تكوُّن تورُّمات مؤلِمة على الجلد.

قد لا نرى أن الماء أحد الفضلات؛ حيث إننا نحتاج إليه لنظلَّ على قيد الحياة، ولكن الماء الزائد في الجسم قد يؤدِّي إلى اضطراب الاتزان الداخلي، ويرفع من ضغط الدم، ويدمِّر الخلايا. ولكن لا داعي لأن تَقلَق بهذا الشأن كثيرًا. فالجلد والكليتان يعملان سويًّا بكفاءة للحفاظ على التوازن المثالي للماء في الجسم طوال الوقت. إن واحدةً من أفضل الطُّرق للحفاظ على عمل الجهاز الإخراجي بسلاسة، التأكُّد من شُرب كميات كافية من السوائل.

الرئتان هما موقع التخلُّص من الفضلات الغازية من الجسم. تتكوَّن الفضلات الغازية في الإنسان بالكامل تقريبًا من غاز ثاني أكسيد الكربون. يُعتبَر ثاني أكسيد الكربون هذا ناتجًا ثانويًّا لعملية أيض مُهِمَّة تُعرَف باسم التنفُّس الخلوي.

تَحدُث عملية التنفُّس الخلوي بشكلٍ مستمرٍّ في جميع خلايا الجسم تقريبًا. تعمل عملية التنفُّس الخلوي على تكسير الأكسجين والجلوكوز لإنتاج الماء وثاني أكسيد الكربون. تُطلِق هذه العملية طاقةً تُخزَّن في جزيء يُسمَّى الأدينوسين ثلاثي الفوسفات. الأدينوسين ثلاثي الفوسفات هو ما تَستخدِمه الخلايا لتمدَّ جميع وظائفنا الحيوية تقريبًا بالطاقة.

عندما تكون أجسامنا أكثر نشاطًا، تحتاج خلايانا إلى المزيد من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات؛ وعليه يزداد التنفُّس الخلوي. وهذا يعني أننا نحتاج إلى المزيد من الأكسجين ونُنتِج ونُطلِق المزيد من ثاني أكسيد الكربون. وهذا يفسِّر سبب زيادة معدَّلات التنفُّس عندما نؤدِّي نشاطًا بدنيًّا.

يَخرُج ثاني أكسيد الكربون الزائد الناتج عن عملية التنفُّس الخلوي من الخلايا إلى الدم، الذي يحمله إلى الرئتين اللتين تُخرِجانه مع الزفير. كذلك يُزال بعض الماء أيضًا من أجسامنا عندما نزفر، حيث إنه يتبخَّر من الأسطح الرطبة داخل الرئتين والممرَّات الأنفية، ولهذا السبب يُمكنك أن ترى تكثُّف الماء عندما تتنفَّس على قطعة باردة من الزجاج.

يُمكن أن يتسبَّب ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى انخفاض الرقم الهيدروجيني للدم، وهو ما يجعله أكثر حمضية. لعلك تتذكَّر أن الكثير من العمليات الأيضية تقوم الإنزيمات بتسهيلها، التي تعمل ضمن مدًى محدود من الرقم الهيدروجيني ودرجة الحرارة. وقد يؤدِّي انخفاض الرقم الهيدروجيني للدم إلى تشوُّه الإنزيمات، الأمر الذي يؤدِّي إلى اضطراب الكثير من التفاعُلات الكيميائية التي تُبقِينا على قيد الحياة.

قد يكون لتراكم ثاني أكسيد الكربون في مجرى الدم تأثير سلبي سريع. وهذا ما يجعل من الصَّعْب حبس أنفاسِك لفترة طويلة، كما هو الحال عند نقص الأكسجين.

يُمكنك مُشاهَدة عملية التنفُّس الخلوي في الشكل 6.

الإخراج وظيفةٌ حيويةٌ أساسيةٌ، وأحد الطُّرق المُهِمَّة للحفاظ على الاتزان الداخلي. حيث يُمكن أن يؤدِّي تراكم الفضلات في جسم الإنسان سريعًا إلى المرض أو الوفاة. تعمل أعضاء الجهاز الإخراجي معًا على التخلُّص من الفضلات الصُّلبة وغير القابلة للذوبان، والفضلات السائلة والقابلة للذوبان، والفضلات الغازية من الجسم.

دعونا نلخِّص ما تعلَّمناه عن الإخراج في هذا الشارح.