في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نفرِّق بين مولِّد الضدِّ والجسم المضادِّ، ونَصِف تركيب الأجسام المضادَّة، ووظيفتها في الاستجابة المناعية.
هل تعلم أن كل نسيج في جسمك يحتوي على خلايا مناعية تنتشر خلاله، وتراقب بيقظةٍ علامات العدوى؟ جهاز المناعة في الإنسان قادر على الاستجابة للعدوى بفاعلية وسرعة فائقة. ويمكن أن تكون تلك الاستجابات غير متخصصة، فالحواجز المادية مثل الجلد على سبيل المثال تساعد على إبقاء الكائنات الحية الدقيقة الخطرة التي تُدعى مُسببات الأمراض خارج الجسم. هذه الاستجابات موجودة دائمًا أو تُنشَّط بسرعة كبيرة. لكن في بعض الأحيان تتمكن مُسببات الأمراض من اختراق هذه الدفاعات، وفي هذه المرحلة تُنشَّط الاستجابة المناعية المتخصصة.
الاستجابة المناعية المتخصصة أبطأ بكثير من الاستجابة غير المتخصصة، ويمكن أن تستغرق ما يصل إلى 14 يومًا للاستجابة بفاعلية. ومع ذلك، نظرًا لوجود خلايا الذاكرة، والتي تبقى في جهاز المناعة بعد الإصابة الأولية وتتعرف على مُسبب المرض الذي أدى إلى الإصابة، يمكن أن تكون الاستجابة الثانية فائقة السرعة!
أحد أجزاء الاستجابة المناعية المتخصصة يُطلق عليه المناعة الخلطية ويتضمن الأجسام المضادة. تستهدف الأجسام المضادة جزيئات معينة تسمى مولدات الضد والتي توجد في بلازما الدم وسوائل الجسم الأخرى. في هذا الشارح، سنركز على كيف يساعد تركيب هذه الأجسام المضادة ووظيفتها في حمايتنا من العدوى والمرض.
مصطلح رئيسي: المناعة الخلطية
المناعة الخلطية هي جزء من الاستجابة المناعية المتخصصة لدى البشر، والتي تتضمن أجسامًا مضادة تستهدف مولدات الضد خارج الخلوية في البلازما وسوائل الجسم.
أولًا، دعونا نلقِ نظرة على ماهية مولدات الضد والأجسام المضادة في الواقع.
تحتوي جميع الخلايا على جزيئات مولدات الضد على أغشية أسطح الخلايا. كما توجد مُولدات الضد على الغلاف الخارجي للفيروسات، ويمكن أن تكون ببساطة أي جزيء أو مادة قد تحفز استجابة مناعية.
تعريف: مُولد الضد
مُولدات الضد هي مواد تحفز الاستجابة المناعية.
يمكن لجسم الإنسان التمييز بين مُولدات الضد لديه، والتي تُسمى مُولدات الضد الذاتية، ومُولدات الضد غير الذاتية الموجودة على غشاء سطح الخلايا الغريبة. حيث يتعرف جسم الإنسان على مُولدات الضد غير الذاتية، ويبدأ استجابة مناعية لمُسببات الأمراض التي قد تُلحِق به الضرر. تعمل بعض السموم أيضًا بمثابة مُولداتِ ضدٍّ؛ لأنها تحفز أيضًا استجابة مناعية متخصصة.
يمكنك رؤية مُولدات الضد على سطح خلية بكتيرية وفيروس في الشكل 1 أدناه.
الأجسام المضادة، التي تسمى أحيانًا الجلوبيولينات المناعية، هي بروتينات قابلة للذوبان تنتجها وتطلقها خلايا الدم البيضاء التي تُسمى الخلايا الليمفاوية البائية. يمكن أيضًا أن تظل الأجسام المضادة مرتبطة بأسطح الخلايا الليمفاوية البائية.
تُنتَج الأجسام المضادة عند تحفيز الاستجابة المناعية بواسطة مُولدات ضد غير ذاتية على سطح مُسبب المرض أو مادة سامة. وتحتوي هذه الخلايا الليمفاوية البائية أيضًا على مستقبلات الجلوبيولين المناعي على أغشية أسطح الخلايا؛ ما يسمح للأجسام المضادة بأن تظل مرتبطة بالخلية البائية. يمكنك رؤية صورة للأجسام المضادة المرتبطة بسطح الخلية الليمفاوية البائية والتي تُطلَق بواسطتها في الشكل 2 أدناه.
تعريف: الجسم المضاد (الجلوبيولين المناعي، Ig)
الجسم المضاد هو بروتين كروي تنتجه الخلايا الليمفاوية البائية، وهو ملائم للارتباط بمُولد ضدٍّ محدد.
تعريف: الخلايا الليمفاوية البائية
الخلايا الليمفاوية البائية هي الخلايا الليمفاوية التي تنضج في النخاع العظمي وتفرز الأجسام المضادة.
مثال ١: وصف الجزيئات غير الذاتية
الجزيئات غير الذاتية، مثل البروتينات الموجودة على أسطح مُسبِّبات المرض، تُحفِّز الجهاز المناعي لإنتاج بروتينات جلوبيولين مناعي قابلة للذوبان.
ما المصطلح الذي يَصِف الجزيئات غير الذاتية؟
الحل
تحتوي جميع الخلايا على جزيئات، مثل البروتينات، موجودة على سطح أغشيتها الخلوية لتحديدها.
مُسبب المرض هو أي كائن حي دقيق يسبب المرض، مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات وبعض الطلائعيات. الكائن الحي الذي يصيبه مُسبب المرض يُدعَى المُضيف.
يُحفَّز جهاز المناعة البشري للعمل من خلال التعرف على الفرق بين الجزيئات الموجودة على أسطح الخلايا التي تنتمي إلى المُضيف، والتي توصف بأنها جزيئات ذاتية، وتلك التي لا تنتمي إلى المُضيف، والتي توصف بأنها جزيئات غير ذاتية. هذا مهم، لأن الخلايا غير الذاتية في جسم الإنسان من الممكن أن تكون مسببة للمرض والعدوى.
الجزيئات الموجودة على أسطح الخلايا، والتي تحددها على أنها ذاتية أو غير ذاتية، تُسمى مُولدات الضد. وعندما يكتشف جهاز المناعة في الإنسان وجود مُولد ضد غير ذاتي، تبدأ خلايا الدم البيضاء التي تُسمى الخلايا الليمفاوية البائية في إطلاق جزيئات تسمى الجلوبيولينات المناعية، والمعروفة أيضًا بالأجسام المضادة. تختص هذه الأجسام المضادة بمُولد ضد مُحدَّد على سطح مُسبب المرض، كما تساعد على إزالة مُسبب المرض نفسه أو معادلته بمساعدة الخلايا المناعية الأخرى. هذا يعني أن العدوى لا يمكن أن تنتشر في الجسم بسهولة كبيرة أو تصبح غير ضارة.
ومن ثَمَّ فإن المصطلح الذي يصف الجزيئات غير الذاتية هو مُولدات الضد.
ترتبط الأجسام المضادة فقط بمُولدات ضد معينة على مُسبب المرض أو المادة السامة من خلال الارتباط المكمل.
مصطلح رئيسي: الارتباط المكمل
يصف الارتباط المكمل كيفية ارتباط جزيئين معًا بسبب شكليهما والقوى بين الجزيئية التي يمكن أن تتكوَّن بينهما.
شكل موقع ارتباط الجسم المضاد خاص بشكل مُولد ضد معين؛ لذلك يمكن أن يحدث ارتباط مكمل بين هذين الجزيئين فحسب. هذا يشبه إلى حدٍّ كبير كيف لا يمكن سوى لمفاتيح ذات شكل محدَّد أن تتناسب مع قفل له شكل مكمل للمفاتيح. فهناك أجسام مضادة محددة لكل مُولد ضد مختلف، ويشبه هذا الأمر كثيرًا كيفية وجود مفتاح لكل قفل مختلف.
يمكنك رؤية نموذج القفل والمفتاح للارتباط المكمل في الاستجابة المناعية في الشكل 3 أدناه.
عندما يرتبط الجسم المضاد بمولد الضد المكمل له كما في الشكل 3، يتكون مركب من مولِّد الضد والجسم المضاد. تنقسم الخلية الليمفاوية البائية المرتبطة بالجسم المضاد عن طريق الانقسام الميتوزي، وذلك عند الاتصال بمُولد الضد على سطح مُسبب المرض. وينتج عن ذلك مجموعات من الخلايا التي يمكن لكل منها إنتاج وإفراز أجسام مضادة مُحدَّدة ومتطابقة ومكملة لمُولد الضد المُحدَّد. تنتشر هذه الخلايا بعد ذلك في الجسم عبر الدم والليمف لاستهداف أي من مسببات الأمراض المهاجِمة الأخرى التي تحمل نفس مُولدات الضد على أسطحها.
دعونا نلقِ نظرة على تركيب بروتين الجسم المضاد قبل الخوض في تفاصيل حول وظائفه.
الأجسام المضادة هي جليكوبروتينات على شكل حرف «Y»، وهي بروتين مرتبط بسلسلة من الكربوهيدرات. يُطلق على الأجسام المضادة أحيانًا اسم الجلوبيولين المناعي، ويمكنك رؤية مثال عليها في الشكل 4 أدناه.
الأجسام المضادة هي بروتينات كروية، ويعني هذا أنها تأخذ «شكل كرة». تميل البروتينات الكروية إلى أن تكون قابلة للذوبان في الماء، مثل الأجسام المضادة غير المرتبطة بأسطح الخلايا الليمفاوية البائية. هذا مهم لأنها تُنقَل عبر سوائل الجسم للوصول بكفاءة إلى جميع أنسجة الجسم للمساعدة في مكافحة العدوى حيثما تحدث. ويمكن العثور عليها مرتبطة بغشاء الخلية الليمفاوية البائية.
يتكون بروتين كل الأجسام المضادة من سلسلتين طويلتين متطابقتين من عديد الببتيد تُسمى «السلاسل الثقيلة»، وسلسلتين مختلفتين أصغر تسمى «السلاسل الخفيفة»، واللتين تتطابقان أيضًا إحداهما مع الأخرى. ترتبط هذه الوحدات الفرعية الأربعة من عديد الببتيد معًا بواسطة روابط ثنائية الكبريتيد؛ ما يعطي جزيء الجسم المضاد الكلي تركيبه الرباعي. يتكون التركيب الرباعي للبروتين عندما ترتبط وحدتان فرعيتان أو أكثر من البروتين بعضهما ببعضٍ.
تتداخل السلاسل الثقيلة والخفيفة في الجسم المضاد. وتكوِّن بعض أجزاء السلاسل الثقيلة والخفيفة منطقة متغيرة في الجزء العلوي من الجزيء، بينما تكوِّن الأجزاء الأخرى من السلاسل الثقيلة والخفيفة المنطقة الثابتة في قاعدة جزيء الجسم المضاد.
تقع المنطقة المتغيرة في الجزء العلوي من السلاسل الثقيلة والخفيفة للجسم المضاد كما هو موضَّح في الشكل 4 باللون الأزرق. ويطلق عليها المنطقة المتغيرة لأنها تختلف بين الأجسام المضادة المختلفة.
تتكون المنطقة المتغيرة من أحماض أمينية مجموعها 110، بواقع 55 حمضًا أمينيًّا على كل طرف من طرفي شكل حرف «Y» الذي يشكل تركيب الجسم المضاد. تحتوي المنطقة المتغيرة في كل جسم مضاد على موقعي ارتباط بمُولدات الضد خاصين بمولد الضد المكمل. ويأتي هذ التخصص من التسلسل المحدَّد والترتيب المكاني للأحماض الأمينية في المنطقة المتغيرة. يتطابق كل موقع من موقعي الارتباط بمُولدات الضد، الموجودَين على جسم مضاد واحد، مع بعضهما. وهذا يعني أن مُولدَي الضد يمكنهما الارتباط بجسم مضاد واحد، على الرغم من أن واحدًا فقط على وشك الارتباط بالجسم المضاد في الشكل 4 أعلاه.
نظرًا لأن باقي الجزيء هو نفسه لكل جسم مضاد مختلف، فإن هذه المنطقة من السلاسل الثقيلة والخفيفة تُسمى المنطقة الثابتة، وتظهر في الشكل 4 باللون الأخضر. يوجد في قاعدة الجسم المضاد القابل للذوبان موقع ارتباط بالمستقبلات يسمح له بالارتباط بمستقبلات على أغشية أسطح الخلايا المختلفة مثل الخلايا البلعمية التي يمكنها ابتلاع مُسبب المرض وهضمه.
مثال ٢: وصف تركيب الجسم المضاد
ما الوصف الأفضل للجسم المضاد؟
- موقع الارتباط بمولدات الضد يوجد في السلسلة الخفيفة، والمنطقة الثابتة توجد في السلسلة الثقيلة.
- تسلسل الأحماض الأمينية والشكل الثلاثي الأبعاد يتطابقان في جميع الأجسام المضادة.
- يتألف من وحدتين فرعيتين؛ إحداهما سلسلة ثقيلة والأخرى سلسلة خفيفة.
- الجزيء هو بروتين كروي الشكل يتكوَّن من أربع سلاسل مختلفة من عديدات الببتيد.
- هو بروتين كروي الشكل ذو تركيب رباعي يضم نوعين من عديدات الببتيد.
الحل
الأجسام المضادة هي بروتينات كروية، وهذا يعني أنها تأخذ «شكل كرة». تميل البروتينات الكروية إلى أن تكون قابلة للذوبان في الماء، وكذلك الأجسام المضادة غير المرتبطة بأسطح الخلايا الليمفاوية البائية. هذا مهم لأنها تُنقَل عبر سوائل الجسم للوصول بكفاءة إلى جميع أنسجة الجسم للمساعدة في مكافحة العدوى حيثما تحدث.
تساعد الأجسام المضادة في الاستجابة المناعية عن طريق الارتباط بمولدات ضد ذات شكل مكمل، وهي إما أن تكون مواد سامة أو توجد على غشاء سطح خلية غير ذاتية مثل مُسبب المرض الذي يمكن أن يسبب العدوى.
لنلقِ نظرة على تركيب الجسم المضاد حتى نتمكن من مناقشة الخيارات للوصول إلى الخيار الصحيح.
يتكون كل بروتين من الأجسام المضادة من سلسلتين طويلتين متطابقتين من عديد الببتيد تُسمى «السلاسل الثقيلة» وسلسلتين متطابقتين أصغر تسمى «السلاسل الخفيفة». ترتبط هذه الوحدات الفرعية الأربعة من عديد الببتيد معًا بواسطة روابط ثنائية الكبريتيد؛ ما يعطي جزيء الجسم المضاد الكامل تركيبه الرباعي كما هو موضح في الشكل أدناه.
المنطقة المتغيرة لها شكل مختلف لكل جسم مضاد؛ وذلك بناءً على تسلسل الأحماض الأمينية التي تتكون منها وترتيبها وشكلها. نظرًا لأن باقي الجزيء هو نفسه لكل جسم مضاد مختلف، فإن هذه المنطقة تُسمى المنطقة الثابتة. يوجد في قاعدة كل جسم مضاد موقع ارتباط بالمستقبلات. ويسمح موقع الارتباط للجسم المضاد بالارتباط بمستقبلات على أغشية أسطح الخلايا المختلفة.
دعونا نستخدم المعلومات الموجودة في الشكل لاستبعاد الخيارات غير الصحيحة.
يمكننا أن نلاحظ أن العبارة التي تنص على أن موقع الارتباط بمولدات الضد يوجد في السلسلة الخفيفة، والمنطقة الثابتة توجد في السلسلة الثقيلة غير صحيحة؛ إذ تتداخل السلاسل الثقيلة والخفيفة. حيث تكوِّن بعض أجزاء السلاسل الثقيلة والخفيفة مواقع ارتباط بمُولدات الضد في الجزء العلوي من الجزيء، وتكوِّن أجزاء الأخرى من السلاسل الثقيلة والخفيفة المنطقة الثابتة في قاعدة جزيء الجسم المضاد.
الخيار الذي ينص على أن تسلسل الأحماض الأمينية والشكل الثلاثي الأبعاد يتطابقان في جميع الأجسام المضادة غير صحيح أيضًا، إذ تختلف المنطقة المتغيرة للأجسام المضادة المختلفة، كما يوحي الاسم. هذا لأن المنطقة المتغيرة تتكون من أحماض أمينية مختلفة؛ لذلك فإن الأجسام المضادة المختلفة تختص بمولدات ضد مختلفة.
الخيار الذي ينص على أنه يتألف من وحدتين فرعيتين؛ إحداهما سلسلة ثقيلة والأخرى سلسلة خفيفة غير صحيح أيضًا. ويرجع سبب ذلك كما نرى في الشكل إلى أن الجسم المضاد يتكون من أربع سلاسل من عديدات الببتيد: سلسلتان ثقيلتان متطابقتان، وسلسلتان خفيفتان متطابقتان.
هذا يجعل أيضًا الخيار الذي ينص على أن الجزيء هو بروتين كروي الشكل يتكوَّن من أربع سلاسل مختلفة من عديدات الببتيد غير صحيح؛ لأنه على الرغم من أن الأجسام المضادة بروتينات كروية، فإن السلاسل الثقيلة تتطابق بعضها مع بعض، وكذلك السلاسل الخفيفة. هذا يعني أن السلاسل عديدة الببتيد الأربعة جميعها لا تختلف بعضها عن بعضٍ.
لذلك فإن أفضل وصف للجسم المضاد هو أنه بروتين كروي الشكل ذو تركيب رباعي يضم نوعين من عديدات الببتيد.
مثال ٣: تحديد موقع ارتباط مُولد الضد
يُمثِّل الشكل الآتي تركيب جسم مضاد. ما موقع ارتباط مولد الضد؟
الحل
لتحديد موقع ارتباط مُولد الضد بهذا الجسم المضاد، لنلقِ أولًا نظرة على أجزاء الجسم المضاد المختلفة.
يتكون بروتين الجسم المضاد، أو الجلوبيولين المناعي، من أربع سلاسل من عديدات الببتيد. توجد سلسلتان ثقيلتان وطويلتان ومتطابقتان تكوِّنان الجزء المركزي من الجزيء، وسلسلتان خفيفتان أقصر منهما تكوِّنان الجزء الخارجي من الجسم المضاد وهما أيضًا متطابقتان. ترتبط هذه السلاسل معًا بواسطة روابط ثنائية الكبريتيد، ويشار إلى اثنتين منها في الشكل الخاص بالسؤال بحرف (أ). دعونا نكتب المعلومات التي لدينا حتى الآن على الشكل.
يوجد في قاعدة السلاسل الثقيلة في الجسم المضاد موقع ارتباط مُشار إليه على الشكل بالحرف (د). ويسمح موقع الارتباط هذا لمُولد الضد بالارتباط بالمستقبلات الموجودة على أغشية أسطح الخلايا الذاتية (المضيفة)، ولا سيما تلك الموجودة في جهاز المناعة.
يوجد موقعان آخران للارتباط أعلى كل نقطة، ويشكلان حرف «Y» للجسم المضاد. موقعا الارتباط، المُشار إليهما هنا بالحرفين (ب) و(ج)، متطابقان ولهما شكل مكمل لمولد ضد معين وفقًا للجسم المضاد. يسمح هذا لجسم مضاد واحد بالارتباط بمولدين من مولدات الضد من خلال الارتباط المكمل.
وبناءً عليه فإن المواقع التي يمكن أن ترتبط فيها مُولدات الضد بالجسم المضاد هذا هي عند النقطتين (ب)، (ج).
توجد خمسة أنواع مختلفة من الأجسام المضادة القابلة للذوبان والتي تنتشر في الدم والليمف وهي: و و و و. يوضِّح الجدول 1 الاختلافات الرئيسية بين كل نوع من أنواع الأجسام المضادة بما في ذلك تركيبها ووظائفها.
يمكنك أن ترى اختلاف المنطقة المتغيرة في كل نوع من الأجسام المضادة القابلة للذوبان، وهذا مُشار إليه بألوانها المختلفة وكيفية تجمُّع بعضها معًا في محلول. يصف الجدول 1 الاختلافات في وظائفها وتركيبها وأي منها يمكن أن نجدها مرتبطة بمستقبلات الجسم المضاد على غشاء أسطح الخلايا الليمفاوية البائية.
الآن بعد أن عرفنا المزيد عن تركيب الأجسام المضادة، دعونا نرَ كيف تعمل للحد من تأثيرات مُسببات الأمراض والمواد السامة.
الأجسام المضادة لا تدمر مسبِّبات الأمراض بنفسها مباشرة، ولكنها تسهل العمليات المناعية الأخرى التي تدمر مسببات الأمراض والمواد السامة في الجسم وتتخلص منها. توجد ست آليات رئيسية سنتناولها وهي: المعالجة بالأبسونين، والمعادلة، والتلازن، والترسيب، والتحلُّل، وعمل مضادات السموم.
لنبدأ بآلية المعالجة بالأبسونين المُلخَّصة في الشكل 5 أدناه.
توضح المرحلة 1 من الشكل 5 أن مُولدات الضد والأجسام المضادة منفصلة.
الأبسونين هو جزيء، مثل الجسم المضاد، يرتبط بمُولدات الضد الموجودة على أغشية أسطح الخلايا المسببة للأمراض ويميزها. تُسمى عملية التمييز هذه «المعالجة بالأبسونين»، ويمكنك أن ترى كيفية حدوثها في المرحلة 2 من الشكل 5. هذا التمييز لمركب مُولد الضد والجسم المضاد يسمح لخلايا دم بيضاء، تُسمى الخلايا البلعمية، بالتعرف عليها بسهولة أكبر. والمستقبلات الموجودة على سطح غشاء الخلية البلعمية يمكن أن ترتبط بمواقع ارتباط المستقبلات على الأجسام المضادة بمجرد تكوين مركبات مُولد الضد والجسم المضاد مع مُسبب المرض.
مصطلح رئيسي: المعالجة بالأبسونين
تحدث المعالجة بالأبسونين عندما ترتبط مواد الأبسونين الكيميائية، مثل الأجسام المضادة، بمسببات الأمراض؛ ما يؤدي إلى تمييز مسببات الأمراض لتزيد قدرة الخلايا البلعمية على التعرُّف عليها ومن ثَمَّ ابتلاعها وهضمها.
ثم تبتلع الخلية البلعمية مُسبب المرض، كما يتضح في المرحلة 3 في الشكل 5. بمجرد ابتلاع مُسبب المرض، تكسِّره الخلية البلعمية عن طريق هضمه بالإنزيمات. وتسمى هذه العملية عملية البلعمة، وتزيد كفاءتها كثيرًا في وجود الأجسام المضادة.
علاوة على ذلك، لا تستطيع معظم مسببات الأمراض أن تغزو الخلايا المضيفة بمجرد أن تصبع جزءًا من مركب مولِّد الضد والجسم المضاد؛ ما يقلل كثيرًا من قدرتها على العدوى وتأثيراتها الضارة على الخلايا المضيفة. هذا هو أساس عملية المعادلة، وهي الآلية التالية التي سنناقشها.
معادلة الأجسام المضادة يمكن أن تمنع الآثار الضارة للفيروسات على وجه الخصوص. تشير كلمة متعادل في المعادلة إلى حقيقة أن الأجسام المضادة تجعل الفيروس غير ضار.
مصطلح رئيسي: المعادلة
في الاستجابة المناعية، المعادلة هي قدرة الأجسام المضادة على حجب موقع الارتباط (أو مواقع الارتباط) الموجودة على الفيروسات والتي تستخدمها لدخول الخلية المستهدفة؛ ما يجعل مُسبب المرض غير معدٍ.
المعادلة هي تفاعل بين مُولد الضد الموجود على الغلاف الخارجي للفيروس والجسم المضاد المكمل له. عندما يرتبط الجسم المضاد بفيروس ما، فإنه يجعل الفيروس غير نشط أو غير فعَّال.
يمكن أن تمنع المعادلة أيضًا الفيروسات من تغيير تركيباتها وأشكالها، والمعروفة باسم التغييرات التشاكلية. ارتباط الجسم المضاد بمُولد الضد الفيروسي يمنع حدوث هذه التغييرات التشاكلية. لذلك، لا يمكن للفيروس أن يدخل الخلايا المضيفة بسهولة ومن ثَمَّ لا يمكنه التكاثر داخلها. هذا يعني أن انتشار مُسبب المرض داخل جسم المضيف ينخفض.
في حالة تمكُّن الفيروس من دخول الخلية المضيفة، فإن الأجسام المضادة المعادِلة تحافظ على إغلاق الغلاف البروتيني للفيروس. هذا يمنع الأحماض النووية (DNA أو RNA) الموجودة داخل الفيروس من الخروج من غلافه والتضاعف. بمجرد معادلة الجسم المضاد للفيروس فإن خلايا الدم البيضاء تحلل مُسبب المرض، ثم تُرشِّح بقاياه ويتم إخراجها.
دعونا نلقِ نظرة على الآلية التالية وهي التلازن والموضَّحة في الشكل 6 أدناه.
تقدم الأجسام المضادة IgM مثالًا جيدًا على كيفية عمل الأجسام المضادة باعتبارها مُلزِّنات. نظرًا لأن الأجسام المضادة IgM تتكون من خمسة جزيئات من الأجسام المضادة مرتبطة بعضها ببعض، فإن لديها ما يصل إلى عشرة مواقع ارتباط بمولدات الضد؛ لذلك يمكنها الارتباط بالعديد من الخلايا المسببة للأمراض في وقت واحد.
يصف التلازن كيفية تجمع مسببات الأمراض التي تحمل مركبات مُولد الضد والجسم المضاد معًا. حيث يمنع تكوين التجمعات مسببات الأمراض من الانتشار عَبْر الجسم بسهولة. هذا أيضًا يجعل من السهل على الخلايا البلعمية ابتلاع العديد من مسببات الأمراض في وقت واحد. من المهم ملاحظة أنه نظرًا لوجود موقعين على الأقل من مواقع ارتباط مُولدات الضد على جميع جزيئات الأجسام المضادة، فإن أي جسم مضاد، وليس IgM فقط، قادر على الارتباط المتقاطع وملازنة العديد من مسببات الأمراض.
مصطلح رئيسي: التلازن
التلازن، الذي تحفزه الأجسام المضادة، هو تجمع مسببات الأمراض؛ ما يسهل على الخلايا البلعمية ابتلاعها وهضمها.
مثال ٤: وصف عمليات الجسم المضاد التي تسهل البلعمة
ما العملية التي تَصِف ما يحدث في الشكل الموضَّح؟
الحل
يطلب منا السؤال تحديد العملية التي تحدث في الشكل؛ لذلك دعونا أولًا نحدد التركيبات المختلفة حتى نتمكن من معرفة وظائفها.
الجزيئات التي تأخذ شكل حرف «Y» هي أجسام مضادة أو بروتينات جلوبيولين مناعي. تمتلك الأجسام المضادة مواقع ارتباط لها شكل مكمل لمُولدات ضد معينة موجودة على أغشية أسطح الخلايا. هذا مفيد لجهاز المناعة، لأنه يسمح للأجسام المضادة بالتمييز بين الخلايا التي تنتمي إلى المضيف والتي تحتوي على مُولدات ضد ذاتية، والخلايا التي قد تكون مسببة للأمراض وتحمل مُولدات ضد غير ذاتية على أسطحها.
تمثل الدوائر الوردية الكبيرة الموجودة في الشكل الخلايا غير الذاتية لمسببات الأمراض، والأشكال الموجودة على أسطحها هي مُولدات ضد غير ذاتية. نظرًا لأن مُولدات الضد المثلثة الشكل تحمل أجسامًا مضادة مرتبطة بها، فقد شكلت مركبات مُولد الضد والجسم المضاد. دعونا نوضِّح هذه التركيبات على الشكل قبل أن نتناول بمزيد من التفصيل ما يحدث في الصورة.
ربما لاحظت في الشكل أن العديد من الخلايا المسببة للأمراض قد ارتبطت معًا بواسطة الأجسام المضادة. هذا لأن كل جسم مضاد له موقعان للارتباط يمكنهما الارتباط بمُولدات الضد المثلثة المكملة الموجودة على أسطح مسببات الأمراض. وهذا يعني أن الأجسام المضادة قادرة على تجميع العديد من مسببات الأمراض معًا في وقت واحد.
هذه العملية تسمى التلازن، وهي تجعل من السهل على الخلايا البلعمية التعرف على مركب مُولد الضد والجسم المضاد. وهذا يعني أن البلعمة، حيث تبتلع الخلايا البلعمية مسببات الأمراض وتهضمها، تصبح أكثر فاعلية؛ إذ يمكن تكسير العديد من مسببات الأمراض في وقت واحد.
ومن ثَمَّ فإن العملية التي تحدث في هذا الشكل، والتي تسهل عملية البلعمة، هي التلازن.
دعونا نرَ كيف يمكن أن يكون الترسيب مفيدًا في الاستجابة المناعية.
مُولدات الضد والأجسام المضادة هي جزيئات قابلة للذوبان؛ ما يعني أنها غير مرئية في المحاليل. عندما تتفاعل كميات كافية مع مولدات الضد وجزيئات الأجسام المضادة الخاصة بها عند درجة الحرارة والأس الهيدروجيني المثاليين، فإنها تترسب في المحلول. وذلك لأن مركب مُولد الضد والجسم المضاد غير قابل للذوبان؛ إذ تتشكل شبكة بين مُولدات الضد والأجسام المضادة عندما تتجمع مركبات متعددة معًا. يعني تكوين شبكة للعديد من مركبات مُولد الضد والجسم المضاد أنها أصبحت مرئية في صورة مجموعة من الرواسب.
مصطلح رئيسي: الترسيب
يشير مصطلح الترسيب، فيما يتعلَّق بالاستجابة المناعية، إلى كيفية ترسيب الأجسام المضادة ومولدات الضد الذائبين في محلول من خلال الارتباط المكمل لتكوين مركب غير قابل للذوبان من مُولد الضد والجسم المضاد.
لكي يتكون الراسب، يجب أن يكون مُولد الضد والجسم المضاد متكاملين، ويجب أن يكون تركيز كل منهما مناسبًا للآخر؛ مما يحقق التكافؤ. حيث إن وجود فائض من الأجسام المضادة أو مُولدات الضد يمنع التكوين الفعَّال للشبكة. يمكنك أن ترى هذا موضحًا في الشكل 7 أدناه.
تكوين الراسب يشبه التلازن إلى حدٍّ كبير، فهو يسهِّل كثيرًا على الخلايا البلعمية أن تبتلع مسببات الأمراض وتهضمها بكفاءة.
يمكن أن تكون تفاعلات الترسيب مفيدة في دراسات المناعة والتطبيقات الطبية. حيث يمكن أن تُستخدم للكشف عن الأجسام المضادة غير المعروفة لتشخيص العدوى. فعلى سبيل المثال، يتضمن اختبار معمل أبحاث الأمراض التناسلية استخدام أجسام مضادة لاختبار وجود مُولدات الضد الموجودة في البكتيريا التي تسبب مرض الزهري. ترتبط الأجسام المضادة في هذا الاختبار فقط بمُولدات الضد الموجودة على هذه البكتيريا المُحدَّدة، وبذلك، فإن وجود هذه البكتيريا فقط هو الذي سيؤدي إلى تكوين راسب وتشخيص الحالة.
الآن، لنلقِ نظرة على الآلية التالية، وهي التحلُّل.
التحلُّل هو مصطلح يشير إلى تكسير غشاء أي نوع من الخلايا.
مصطلح رئيسي: التحلُّل
التحلُّل هو عملية تكسير غشاء الخلية.
ربما تتذكر كلمة «تحلُّل» من عدة مصطلحات بيولوجية مختلفة. يشير أحد هذه المصطلحات إلى مكون خلوي يسمى «الأجسام المحللة» الموجودة في معظم الخلايا ولكنه مهم على وجه الخصوص في خلايا الدم البيضاء، مثل الخلايا البلعمية. الأجسام المحللة داخل الخلايا البلعمية هي المسئولة عن تكسير مسببات الأمراض المبتلعة بإنزيمات هضمية تسمى الليزوزيمات.
مصطلح رئيسي: الليزوزيم
الليزوزيمات هي إنزيمات تحفز إتلاف جدران خلايا بكتيريا معينة.
غالبًا ما يُحفَّز التحلُّل بسبب عدوى فيروسية. يمكن للفيروسات إحداث خلل بالأغشية الخلوية؛ ما يؤدي إلى تكسيرها وموت الخلية المضيفة. بعد ذلك تُطلَق جزيئات الفيروس التي تضاعفت عدة مرات، إلى جانب المحتويات السيتوبلازمية، وتتعرض لها خلايا أخرى غير مصابة داخل المضيف. كما يمكن أن يحدث التحلل نتيجة الضغط الأسموزي المرتفع على الخلايا الحيوانية التي تحتوي على الكثير من الماء. يوضح الشكل 8 أدناه عملية التحلل.
يساعد التحلل مجموعة من البروتينات تسمى المتممات والتي تنتشر في الدم. المتممات هي بروتينات مختلفة، أو إنزيمات على وجه التحديد، تنشطها الأجسام المضادة. تصنع البروتينات المتممة ثقوبًا في الخلايا غير الذاتية؛ ما يسمح للماء بالدخول إلى الخلية والتسبب في تحلُّلها وانفجارها. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تكسير جدران الخلايا أو أغشية أسطح الخلايا في مسببات الأمراض بمجرد تكوينها لمركبات مُولد الضد والجسم المضاد. ومن الأسهل بكثير على الخلايا البلعمية أن تبتلع مسببات الأمراض التي تكسرت.
أخيرًا، لنلقِ نظرة على عمل مضادات السموم لنعرف كيف يساعد ذلك الأجسام المضادة في الدفاع عن أجسامنا ضد التأثيرات الخطيرة لمسببات الأمراض.
تنتج بعض مسببات الأمراض موادَّ سامة. كما ترى في الشكل 9 أدناه، يمكن أن تسبب المواد السامة أضرارًا كبيرة للخلايا المضيفة، كما يمكن أن تدمرها. ويمكن أن تعمل الأجسام المضادة باعتبارها مضاداتٍ للسموم لمنع حدوث هذا الضرر.
مصطلح رئيسي: مضاد السموم
مضادات السموم هي مواد كيميائية، مثل الأجسام المضادة، ترتبط بالمواد السامة التي تنتجها مسببات الأمراض للحد من التأثير الضار لهذه المواد.
يوضح الجزء العلوي من الشكل 9 ما يمكن أن يحدث دون أن تعمل الأجسام المضادة مضاداتٍ للسموم. ويوضح الشكل السفلي أن هذه العملية تمنعها الأجسام المضادة التي تنزع سمية الجسيمات السامة. يمكنك أن ترى أن الأجسام المضادة تعمل مضاداتٍ للسموم من خلال الارتباط بالمواد السامة لتكوين مركبات بين المادتين. هذا يمنع السموم من دخول الخلية المضيفة؛ ويعني أن الخلية المضيفة تظل سليمة. ويسمح للخلايا البلعمية أن تبتلع المواد السامة وتهضمها بسهولة.
الأجسام المضادة هي جزء واحد فقط من الاستجابة المناعية المتخصصة، حيث تستهدف مُولدات الضد خارج الخلوية في البلازما وسوائل الجسم. لكن توجد العديد من المكونات الأخرى للجهاز المناعي التي تراقب وتتحكم في انتشار المرض؛ للحفاظ على صحتنا قدر الإمكان.
لنلخص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- المناعة الخلطية هي جزء من الاستجابة المناعية المتخصصة للإنسان والتي تتضمن أجسامًا مضادة تستهدف مُولدات ضد معينة إما على أسطح مسببات الأمراض أو في صورة مواد سامة.
- الأجسام المضادة (الجلوبيولين المناعي) هي بروتينات قابلة للذوبان تتكون من سلسلتين ثقيلتين وسلسلتين خفيفتين، مع وجود منطقة ثابتة مشتركة بين جميع الأجسام المضادة ومنطقة متغيرة خاصة بنوع معين من الأجسام المضادة.
- المنطقة المتغيرة في الجسم المضاد لها شكل مكمل لمولدات ضد معينة، ويمكن أن ترتبط معها لتكوين مركبات مُولد الضد والجسم المضاد.
- تعمل الأجسام المضادة على تسهيل هضم مسببات الأمراض عن طريق البلعمة، وذلك من خلال عمليات المعالجة بالأبسونين، والتلازن، والترسيب، والتحلل.
- يمكن للأجسام المضادة معادلة الفيروسات، وبذلك تصبح غير قادرة على دخول الخلايا والتضاعف فيها.
- يمكن أن تعمل الأجسام المضادة باعتبارها مضاداتٍ للسموم؛ إذ تعمل على نزع السموم التي تنتجها مسببات الأمراض.