شارح الدرس: التفاعلات الانعكاسية وغير الانعكاسية الكيمياء

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نُعرِّف قابلية الانعكاس في التفاعلات الكيميائية، ونُحدِّد أمثلة للعمليات الانعكاسية وغير الانعكاسية.

جميعنا على دراية بالعمليات الانعكاسية وغير الانعكاسية التي تحدث في حياتنا اليومية، على سبيل المثال، تجمُّد الماء لتكوُّن الجليد، وانصهار الجليد لتكوُّن الماء السائل، وهاتان العمليتان متضادتان وانعكاسيتان.

مع ذلك، فصُنع كعكة يتضمَّن عمليات غير انعكاسية. فلا يمكن عكس العمليات والتفاعلات التي تحدث بين مكوِّنات خليط الكعكة أثناء خبزها في الفرن.

هيا نُلقِ نظرةً على التفاعلات الكيميائية الانعكاسية وغير الانعكاسية. التفاعل الكيميائي عملية تتحوَّل فيها مادة واحدة أو أكثر من المواد (تُسمَّى المتفاعلات) إلى مادة واحدة مختلفة أو أكثر من المواد (تُسمَّى النواتج).

عادةً ما نفكِّر في التفاعلات التي تسير في اتجاه واحد فقط:

عندما يسير التفاعل الكيميائي إلى الأمام في اتجاه واحد فقط، نقول إنه غير انعكاسي.

مثال على ذلك هو احتراق الوقود في موقد بنسن. يتكوَّن الوقود عادةً من خليط من البروبان والبيوتان. تتفاعل هذه الكربوهيدرات مع الأكسجين في الهواء عند اشتعالها.

التفاعل الآتي يمثِّل احتراق البروبان:

وهو تفاعل غير انعكاسي.

هذا التفاعل كامل؛ ما يعني أن جميع جزيئات المتفاعلات قد تفاعلت وتحوَّلت إلى نواتج. الماء وثاني أكسيد الكربون نواتج مستقرة؛ ولذا، ففي الظروف الطبيعية، لن تتفاعل تلقائيًّا لتكوين البروبان والأكسجين مرةً أخرى. وهذا التفاعل غير انعكاسي.

يمكننا كتابة معادلة عامة للتعبير عن التفاعل غير الانعكاسي:

لكن في الواقع، يمكن للعديد من التفاعلات أيضًا أن تسير في الاتجاه المعاكس. فقد تتفاعل النواتج لتُعيد تكوين المتفاعلات عن طريق التفاعل الخلفي: أو:

ومن ثَمَّ، يمكننا كتابة المعادلة باستخدام نصفَي سهمين، يُشير كلٌّ منهما الى اتجاه معاكس. يوضِّح هذان السهمان أن التفاعل يمكنه أن يسير في الاتجاه الأمامي والاتجاه الخلفي: أو:

نُسمِّي هذا تفاعلًا انعكاسيًّا. في مثل هذا التفاعل، يحدث كلٌّ من التفاعل الأمامي والتفاعل العكسي في الوقت نفسه. يتفاعل A مع B لتكوين C وD بالتزامن مع تفاعل C مع D لتكوين A وB.

ولكن من المهم أن نلاحظ أن جميع التفاعلات انعكاسية في الأساس. مع ذلك، فالظروف اللازمة لحدوث التفاعل الخلفي عادةً ما يصعب للغاية توافرها. على سبيل المثال، يحتاج التفاعل الخلفي لاحتراق البروبان إلى توافر ظروف محدَّدة للغاية. وهذه الظروف لا يمكن توافرها بسهولة في معمل قياسي، ولهذا السبب نقول إن الاحتراق تفاعل أمامي فقط.

تكون التفاعلات الانعكاسية أكثر وضوحًا عندما لا تكتمل؛ بعبارةٍ أخرى، عندما لا تتحوَّل جميع المتفاعلات إلى نواتج.

من أمثلة التفاعلات الانعكاسية تسخين كلوريد الأمونيوم، وهو مادة صلبة بيضاء، وتفكُّكه إلى ناتجين مختلفين؛ هما غاز الأمونيا وغاز كلوريد الهيدروجين. فيمكن أن يتفاعل هذان الناتجان معًا بسهولة عند تبريدهما لإنتاج المتفاعل البادئ، كلوريد الأمونيوم:

في بعض الأحيان، تُغلَق فوهة أنبوب الاختبار بواسطة صوف قطني لمنع أبخرة التبريد من الهروب، لكنها تسمح بهروب الغازات الأخف في الهواء. بهذه الطريقة، تنحصر مكوِّنات التفاعل داخل أنبوب الاختبار وتستطيع النواتج الغازية أن تتفاعل بعضها مع بعض.

يوضِّح لنا هذا التفاعل أن الطاقة الحرارية (المُدخَلة أو المُخرَجة) تمثِّل أحد الظروف التي بإمكانها أن تؤثِّر على اتجاه التفاعل الانعكاسي. إذا كان التفاعل الأمامي ماصًّا للحرارة، كالحالة الآتية، فإن إدخال الطاقة الحرارية (عن طريق تسخين المواد الكيميائية) سيؤدي الى حدوث التفاعل الأمامي:

وهذا يعني أن التفاعل العكسي: طارد للحرارة. أما إخراج الطاقة الحرارية (عن طريق تبريد المواد الكيميائية)، فسيؤدي إلى حدوث التفاعل العكسي.

لكن من المهم أن نتذكَّر أن التفاعلات الأمامية ليست جميعها ماصة للحرارة، وأن التفاعلات العكسية ليست جميعها طاردة للحرارة.

يوضِّح التفاعل الانعكاسي:

أن التفاعل الأمامي طارد للحرارة، وأن التفاعل العكسي ماصٌّ للحرارة. كمية الطاقة المنطلقة من التفاعل الأمامي — بعبارة أخرى، التغير في الإنثالبي، — تساوي كمية الطاقة الممتصة خلال التفاعل العكسي.

يوضِّح مخطط مسار التفاعل الآتي أن كمية الحرارة الممتصة في التفاعل الماصٌّ للحرارة للتفاعل الانعكاسي () تساوي كمية الطاقة المنطلقة من التفاعل الطارد للحرارة للتفاعل الانعكاسي ().

عادةً ما يكون كسر الرابطة عملية ماصة للحرارة؛ حيث يلزم امتصاص طاقة لكسر الروابط في المتفاعلات. ثم تترتب ذرات المتفاعلات مرةً أخرى لتكوين النواتج. أما تكوُّن الرابطة، فهو عملية طاردة للحرارة عادةً وتنطلق منها الطاقة. يُسمَّى التفاعل بأكمله ماصًّا للحرارة إذا كانت كمية الطاقة الكلية الممتصة أكبر من كمية الطاقة الكلية المنطلقة. على النقيض من ذلك، ففي التفاعل الطارد للحرارة، تكون كمية الطاقة الكلية المنطلقة أكبر من كمية الطاقة الكلية الممتصة.

هيا نُلقِ نظرةً على بعض الأمثلة الأخرى للتفاعلات الانعكاسية.

، كبريتات النحاس الثنائي المماهة، عبارة عن بلورات صلبة زرقاء. وهي تحتوي على ماء التبلور؛ ولذا تُسمَّى ملحًا مماهًا.

عند تسخين بعضٍ من بلورات كبريتات النحاس المماهة هذه، نلاحظ انبعاث بخار أبيض وتحوُّل البلورات إلى مسحوق أبيض. البخار هو الحالة الغازية من الماء، أو يُسمَّى الماء الغازي. المسحوق الأبيض المتبقي غير مائي، أو عبارة عن كبريتات النحاس الثنائي المنزوعة الماء، .

وهذا هو التفاعل:

يمكننا ملاحظة التفاعل العكسي أيضًا عن طريق إضافة بضع قطرات من الماء إلى المسحوق اللامائي الأبيض. يتحوَّل المسحوق الأبيض إلى أزرق مرةً أخرى، كما هو موضَّح في الصورة الآتية. تتحوَّل كبريتات النحاس الثنائي اللامائية إلى اللون الأزرق مرةً أخرى؛ لأنها تصبح مماهة، وبسبب هذه الاختلافات الواضحة في اللون، يمكننا استخدام كبريتات النحاس الثنائي للكشف عن وجود الماء.

التفاعل الأمامي ماصٌّ للحرارة ويحدث بالتسخين. وعلى النقيض من ذلك، عند إضافة الماء، ينطلق من التفاعل العكسي طاقة حرارية؛ لأنه طارد للحرارة. وهذا يحدث عادةً مع الأملاح المماهة.

في حالة حدوث كلٍّ من التفاعل الأمامي والتفاعل العكسي في نظام مغلق، فإنه بعد مرور بعض الوقت، يصل التفاعل إلى حالة الاتزان. على سبيل المثال، يحدث ذلك مع القواعد والأحماض الضعيفة في المحلول. تتفكَّك الأحماض الضعيفة، وأيضًا القواعد الضعيفة، في الماء بطريقة انعكاسية. حمض الإيثانويك أحد الأمثلة على ذلك؛ فهو لا يتفكَّك بالكامل إلى أيونات في الماء، إلا أن بعض الأيونات تتحد من جديد لتكوِّن في نفس الوقت الذي تتفكَّك فيه جزيئات أخرى من . وهذا هو التفاعل الانعكاسي، أو العملية الانعكاسية:

تحدث كلتا العمليتين الأمامية والعكسية في الوقت نفسه، وتستمران في الحدوث آنيًّا حتى يصل النظام إلى حالة الاتزان. عند الاتزان، تظل تركيزات جميع الأنواع في النظام ثابتة، لكنها لا تكون متساوية بالضرورة. ويعتمد تركيز في الطرف الأيسر من المعادلة وتركيز الأيونات في الطرف الأيمن من المعادلة على الظروف، مثل درجة الحرارة. إذا تغيَّرت الظروف، «ينتقل» الاتزان إما إلى الطرف الأيسر وإما إلى الطرف الأيمن من المعادلة؛ ما يؤدي إلى تغيُّر تركيز كل نوع. مع ذلك، يستمر كلٌّ من التفاعل الأمامي والتفاعل العكسي في الحدوث. ويحدثان بالمعدل نفسه، وهذا ما نُطلِق عليه الاتزان الديناميكي.

ثمة نوعٌ آخر من الاتزان يُسمَّى الاتزان الإستاتيكي. في الاتزان الإستاتيكي، كلٌّ من معدل التفاعل الأمامي ومعدل التفاعل الخلفي يساوي صفرًا.

يتناول شارح آخر الاتزان الديناميكي والاتزان الإستاتيكي بمزيد من التفصيل.