في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف عملية النقل في النباتات.
النباتات كائنات مدهشة، لا يمكنها تكوين غذائها فحسب، بل ونقله أيضًا. تحتوي النباتات على تراكيب للنقل تُشبه الأنبوب تسمح لها بنقل المغذِّيات إلى أعضاء مختلفة. يمكن أن تكون هذه العملية بطيئة؛ حيث تتحرَّك المواد بسرعة تتراوح من 0.01 متر لكل ساعة في أبطأ النباتات إلى متر واحد لكل ساعة في بعض النباتات ذات النقل الأسرع. وعادةً ما تكون هذه العملية بطيئة في النباتات الأكبر حجمًا، مثل أشجار الصنوبر، لكن ما زال بإمكانها نقل 250 kg من السكريات إلى جذعها خلال سنة واحدة فقط. وهذا أسرع بكثير ممَّا يمكن أن يحدث عن طريق عملية الانتشار البسيط. إذن كيف تنقل هذه النباتات المواد لمسافة كبيرة وبسرعة كبيرة؟
البناء الضوئي هو العملية التي تُنتِج بها النباتات غذاءها. تستخدم النباتات الطاقة الضوئية من الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون من هواء الغلاف الجوي والماء الذي يُمتَص عن طريق الجذور لإنتاج السكريات، مثل الجلوكوز، والأكسجين. يمكنك ملاحظة حدوث ذلك في الشكل 1.
تعريف: البناء الضوئي
البناء الضوئي هو العملية التي تحوِّل النباتاتُ الخضراء من خلالها ثاني أكسيد الكربون والماء إلى سكريات، مثل الجلوكوز، وأكسجين، في وجود ضوء الشمس.
الجلوكوز سكر يمكن استخدامه في التنفس الخلوي لإطلاق الطاقة. وتحدث العملية نفسها في خلايا الإنسان أيضًا. تحتاج جميع خلايا النباتات إلى الجلوكوز لإطلاق الطاقة للقيام بالعمليات الحيوية المهمة، مثل النمو والانقسام. السؤال الآن هو: كيف يوزَّع الجلوكوز على جميع الخلايا في النبات؟
النقل هو العملية التي تُنقل من خلالها المواد في النبات من مكان صُنعها إلى حيث تكون هناك حاجة إليها. كلمة النقل تعني «العبور»، في إشارة إلى اتجاه حركة المواد ونقلها من الأماكن وإليها. يُطلَق على المواد الناتجة عن عملية البناء الضوئي، التي يتم نقلها، نواتج التحوُّل الغذائي.
تحوِّل النباتاتُ السكريات التي صُنعت أثناء البناء الضوئي إلى السكروز عن طريق اتحاد الجلوكوز مع سكر آخر يُسمَّى الفركتوز. وينتقل السكروز بدلًا من الجلوكوز؛ لأن السكروز سكر غير مختزل. هذا يعني أن السكروز لا يتفاعل مع الأكسجين خلال التنفس الهوائي أثناء نقله.
مصطلح رئيسي: النقل
النقل هو حركة السكروز في النبات من المنبع إلى المصرف.
تفاعل: تكوين السكروز قبل النقل
يُسمَّى الموقع الذي تَنتج فيه نواتج التحوُّل الغذائي (نواتج البناء الضوئي) بالمنبع. خلال النقل، تُنقَل نواتج التحوُّل الغذائي إلى موقع يُسمَّى المصرف. والمصدران الرئيسيان لنواتج البناء الضوئي هما الأوراق والساق؛ إذ يحتويان على خلايا بها العديد من البلاستيدات الخضراء للقيام بالبناء الضوئي. المصارف الكبرى هي المناطق التي تتطلَّب الكثير من الطاقة، مثل المواقع التي يمكن فيها استخدام السكروز على الفور، أو الأعضاء التي تخزِّن السكريات في صورة النشا. على سبيل المثال، قد يكون المصرف عبارة عن جذور نامية تمتص المعادن بواسطة النقل النشط؛ ومن ثَمَّ تحتاج إلى سكريات لإطلاق الطاقة. ويمكن أن يكون المصرف أيضًا عبارة عن خلايا ﻣﺮﺳﺘﻴﻤﻴﺔ، تنقسم بفعالية عند قمة الساق أو طرف الجذر. كما يمكن أن تكون المصارف أعضاء للتخزين، مثل الثمار النامية.
مصطلح رئيسي: المنابع
المنابع عبارة عن مناطق في النبات تقوم بإنتاج السكريات أو تخزِّنها؛ ومن ثَمَّ، فهي نقطة البداية لعملية النقل.
مصطلح رئيسي: المصارف
المصارف عبارة عن مناطق توجد في النبات تُنقَل إليها السكريات لاستخدامها أو تخزينها؛ ومن ثَمَّ، فهي الوجهة النهائية لعملية النقل.
تعريف: النقل النشط
النقل النشط عملية تتطلَّب طاقة كبيرة، وتتحرَّك خلالها الجزيئات عبر غشاء بلازمي من منطقة منخفضة التركيز إلى منطقة عالية التركيز.
على الرغم من أن المواد تتحرَّك بشكلٍ دائم تقريبًا من المنبع إلى المصرف أثناء النقل، فإن الأعضاء التي تُعَد موقعًا للمنبع أو المصرف تتغيَّر طوال السنة وطوال عمر النبات. هذا التغيُّر الموسمي في المنابع والمصارف في أجزاء النبات المختلفة موضَّح في الشكل 2.
في فصل الربيع، يكون منبع السكروز هو الأوراق الناضجة وساق النبات؛ لأن هذه هي المواقع التي تحدث فيها معظم عمليات البناء الضوئي. ويكون المصرف في فصل الصيف هو الجذور؛ حيث تخزَّن نواتج البناء الضوئي هناك، وحيث يمكن صُنع سكريات إضافية خلال ساعات النهار الطويلة في فصل الصيف. وفي الواقع، تكون الخضراوات الجذرية، مثل البطاطس والجزر، هي الأعضاء نفسها التي تخزِّن السكر في هذه النباتات. وهذا هو السبب في أن هذه الأعضاء تتكرمل عند طهيها.
على الرغم من أن النباتات تنقل السكريات في صورة سكروز، فإنها تخزِّنها عادةً في صورة نشا في هذه الأعضاء. وتُخزَّن السكريات في صورة نشا؛ لأن النشا جزيء كبير غير قابل للذوبان. وهذا يعني أنه لا يتداخل مع تركيز الماء في الخلايا عن طريق زيادة تركيز المذاب كما هو الحال مع السكروز أو الجلوكوز. توجد المصارف أيضًا في الورد والثمار والسيقان والأوراق النامية.
في فصلَي الربيع والشتاء، تكون ساعات ضوء النهار قصيرة؛ لذا لا يتوافر كثير من الضوء من أجل البناء الضوئي. ومن ثَمَّ، تُصبح الجذور التي تخزِّن السكريات منبعًا للنقل. وينتقل السكروز من المنبع في الجذور إلى المصارف في الأوراق حتى تستأنف الأوراق النمو. ونظرًا لأن حركة السكروز يمكن أن تكون في أكثر من اتجاه، فإن هذه الحركة تُوصَف بأنها ثنائية الاتجاه.
مصطلح رئيسي: ثنائي الاتجاه
يَصِف مصطلح ثنائي الاتجاه كيفية تحرُّك السكروز في أكثر من اتجاه، لأعلى ولأسفل النبات خلال عملية النقل، من أجل توصيله من المنبع إلى المصرف؛ لأن المنابع والمصارف تتغيَّر بتغيُّر المواسم.
مثال ١: وصف عملية النقل
استخدِم مصطلحَي «المنابع» و«المصارف» لإكمال الجملة الآتية: عملية النقل هي حركة السكريات بشكلٍ أساسي من إلى .
الحل
النقل هو العملية التي تُنقل بها السكريات في النبات، من أماكن صُنعها إلى حيث تكون هناك حاجة إليها.
يُسمَّى الموقع الذي تُنتَج فيها السكريات بالمنبع، والموقع الذي تُنقَل إليه بالمصرف. والمنبعان الأساسيان للسكريات هما الأوراق والساق، وهما يحتويان على خلايا بها العديد من البلاستيدات الخضراء للقيام بالبناء الضوئي. المصارف الكبرى هي المناطق التي تتطلَّب الكثير من الطاقة من أجل العمليات الحيوية، مثل المواقع التي يمكن أن تُستخدم فيها السكريات على الفور، أو الأعضاء التي تخزِّن السكريات مثل النشا.
على سبيل المثال، قد يكون المصرف عبارة عن جذور نامية تَمتص المعادن بواسطة النقل النشط؛ ومن ثَمَّ، تحتاج إلى سكريات لإطلاق الطاقة. ويمكن أن يكون المصرف أيضًا عبارة عن خلايا ﻣﺮﺳﺘﻴﻤﻴﺔ، تنقسم بفعالية عند قمة الساق أو طرف الجذر. كما يمكن أن تكون المصارف أعضاء للتخزين، مثل الثمار النامية.
ومن ثَمَّ، فإن النقل بالأساس هو حركة السكريات من المنابع إلى المصارف.
يحدث النقل في نسيج اللحاء، الذي يتكوَّن من تراكيب تُشبه الأنبوب تُسمَّى أوعية اللحاء. تمتد أوعية اللحاء هذه من الأوراق إلى جميع الأجزاء الأخرى من النبات، وهي مسئولة عن نقل المواد العضوية المذابة، مثل السكروز والأحماض الأمينية، من المنابع إلى المصارف.
مصطلح رئيسي: اللحاء
اللحاء عبارة عن نسيج في النباتات ينقل نواتج البناء الضوئي إلى خلايا النبات.
مثال ٢: تحديد الوعاء المسئول عن نقل المواد العضوية المذابة
أيُّ وعاء في النبات مسئول عن نقل السكريات والأحماض الأمينية؟
الحل
النقل هو العملية التي تُنقل من خلالها نواتج التحوُّل الغذائي الناتجة عن البناء الضوئي إلى أجزاء النبات، من المكان الذي تُصنَّع فيه إلى حيث تكون هناك حاجة إليها. يُسمَّى الموقع الذي تُنتَج فيه نواتج التحوُّل الغذائي بالمنبع، والموقع الذي تُنقل إليه بالمصرف.
ويحدث النقل في أنسجة اللحاء التي تتكوَّن من أوعية تُشبه الأنبوب تُسمَّى أوعية نسيج اللحاء. تمتد أوعية نسيج اللحاء هذه من الأوراق إلى جميع أجزاء النبات الأخرى، وهي مسئولة عن نقل المواد العضوية المذابة، مثل السكروز والأحماض الأمينية، من المنابع إلى المصارف.
إذن الوعاء المسئول عن نقل السكريات والأحماض الأمينية هو اللحاء.
هيا نُلقِ نظرة على تركيب أوعية نسيج اللحاء لفهم كيفية قيامها بعملية النقل.
يتكوَّن نسيج اللحاء من نوعين رئيسيين من الخلايا الحية التي يمكنك رؤيتها في الشكل 3: الخلايا الغربالية والخلايا المرافقة. كما يحتوي على ألياف وخلايا حجرية لها جدران خلوية سميكة لتوفير الدعامة التركيبية لأوعية نسيج اللحاء.
مصطلح رئيسي: الخلايا الغربالية
الخلايا الغربالية أعمدة طويلة مجوَّفة مكوَّنة من خلايا تتصل أطرافها عن طريق صفائح غربالية، وبها مسام تسمح بمرور المواد المذابة داخل اللحاء.
مصطلح رئيسي: الخلايا المرافقة
الخلايا المرافقة خلايا متخصِّصة توفِّر جزيء لنقل السكروز، وهي ترتبط بالخلايا الغربالية عن طريق البلازموديزما.
الخلايا الغربالية أعمدة طويلة مجوَّفة مكوَّنة من خلايا متصلة الأطراف، وقد تكسَّرت جدرانها الطرفية جزئيًّا. توجد صفائح غربالية بين كل خليتين غرباليتين متجاورتين، وتحتوي على ثقوب، مثل الغربال، للسماح بمرور المواد المذابة. تتكسَّر معظم عضيات الخلايا الغربالية لتصبح مجوَّفة ، كما لا تحتوي خلاياها الناضجة على نواة. وهذا يعني أن المواد المذابة، مثل السكروز والأحماض الأمينية، يمكن أن تتدفَّق بسهولة عبر الأنابيب الغربالية في اللحاء.
ترتبط الخلايا المرافقة بالخلايا الغربالية من خلال مسام في جدرانها تُسمَّى البلازموديزما، التي تصل ما بين السيتوبلازم في الخليتين، كما هو موضَّح في الشكل 3. وتحتوي الخلايا المرافقة على نواة، والعديد من الريبوسومات لتخليق البروتينات، والميتوكوندريا لإطلاق طاقة من خلال التنفس الخلوي. يمكنك أن ترى الميتوكوندريا والنواة لكل خلية مرافقة في الشكل 3. تحتوي هذه الخلايا على العديد من الميتوكوندريا؛ لأنها تحتاج إلى طاقة عالية للقيام بالنقل النشط.
مثال ٣: وصف تركيب اللحاء
أيٌّ ممَّا يلي يَصِف تركيب اللحاء؟
- يتكوَّن اللحاء من العديد من الخلايا الغربالية الميتة التي تحتوي على مسام في جدرانها للسماح بحركة المواد داخل النبات.
- يتكوَّن اللحاء من العديد من الخلايا الغربالية الحية التي تحتوي على مسام في جدرانها للسماح بحركة المواد داخل النبات.
- يتكوَّن اللحاء من العديد من الخلايا الغربالية الميتة التي تكوِّن أنبوبًا طويلًا ومتصلًا.
- يتكوَّن اللحاء من العديد من الخلايا الغربالية الحية التي تكوِّن أنبوبًا طويلًا ومتصلًا.
الحل
بشكلٍ عام، يتكوَّن نسيج اللحاء من نوعين رئيسيين من الخلايا الحية التي يمكنك رؤيتها في الشكل الآتي: الخلايا الغربالية والخلايا المرافقة.
الخلايا الغربالية أعمدة طويلة مجوَّفة مكوَّنة من خلايا متصلة الأطراف، وقد تكسَّرت جدرانها الطرفية جزئيًّا. توجد صفائح غربالية بين كل خليتين غرباليتين متجاورتين، وتحتوي على مسام، مثل الغربال، للسماح بمرور المواد المذابة. ولتكون الخلايا الغربالية مجوَّفة، تتكسَّر معظم عضياتها، ولا تحتوي خلاياها الناضجة على نواة. وهذا يعني أن المواد المذابة، مثل السكروز والأحماض الأمينية، يمكن أن تتدفَّق بسهولة عبر الأنابيب الغربالية في اللحاء.
ترتبط الخلايا المرافقة بالخلايا الغربالية من خلال مسام في جدرانها تُسمَّى البلازموديزما، تصل ما بين السيتوبلازم في الخليتين، وتسمح بمرور المواد بينهما، كما هو موضَّح في الشكل السابق. تحتوي الخلايا المرافقة على نواة، بالإضافة إلى العديد من الريبوسومات لتخليق البروتينات، والميتوكوندريا لإطلاق الطاقة من خلال التنفس الخلوي.
إذن أفضل وصف للحاء هو أنه يتكوَّن من العديد من الخلايا الغربالية الحية التي تحتوي على مسام في جدرانها للسماح بحركة المواد داخل النبات.
ننظر بمزيد من التفصيل إلى ما يحدث بين الخلايا الغربالية والخلايا المرافقة.
نفترض أن خلية نسيج متوسط عمادي في ورقة نبات خلَّقت جلوكوزًا عن طريق البناء الضوئي. يتحوَّل هذا الجلوكوز أولًا إلى السكروز؛ حتى يمكن نقله بسهولة عبر اللحاء دون أن يتم أيضه أثناء التنفس من خلال التفاعل مع الأكسجين.
ينتقل السكروز، وهو من نواتج التحوُّل الغذائي، عن طريق الانتشار من المنبع في خلايا النسيج المتوسط العمادي في الورقة، مرورًا بجدرانها الخلوية والفراغات ما بين الخلايا. وفي النهاية، يصل إلى الأنسجة المحيطة باللحاء الموجود في الورقة. يمكنك ملاحظة كيفية حدوث عملية الانتشار هذه في الشكل 4. وينتشر السكروز لأعلى في هذه المرحلة، وهذا لا يتطلَّب طاقة؛ لأن تركيز السكروز في الخلايا العمادية، حيث يُصنع، أعلى منه في الأنسجة المحيطة باللحاء.
يجب أن يُنقل السكروز بالنقل النشط إلى الخلايا المرافقة والخلايا الغربالية. تحتاج هذه العملية إلى طاقة، ولهذا السبب لا بد أن تحتوي الخلايا المرافقة على العديد من الميتوكوندريا لإطلاق هذه الطاقة من خلال التنفس الخلوي. ويمكنك ملاحظة حدوث هذه العملية النشطة في الشكل 5.
تحتوي الخلايا المرافقة على أغشية ذات مساحة سطح كبيرة بسبب الطي. تسهِّل هذه المساحة الكبيرة للسطح حدوثَ معدل عالٍ من النقل النشط للسكروز إلى سيتوبلازم الخلية. فَوْر أن يدخل السكروز إلى خلية مرافقة، يمكن أن ينتشر على امتداد الروابط السيتوبلازمية بين هذه الخلايا والخلايا الغربالية المجاورة لها بواسطة البلازموديزما، كما نرى في الشكل 6.
كلما زاد تركيز السكروز في نسيج اللحاء، قلَّ جهد الماء في هذه الخلايا. هذا الانخفاض في جهد الماء يتسبَّب في تدفُّق الماء إلى داخل الخلايا المرافقة والخلايا الغربالية من خلال الخاصية الأسموزية. ويؤدي هذا إلى زيادة الضغط الانتفاخي داخل الخلايا، ويسمح للأنابيب الغربالية بنقل السكروز من خلال التدفُّق الكتلي عبر اللحاء من مناطق مرتفعة الضغط في المنبع إلى مناطق منخفضة الضغط في المصرف. ويكون الضغط في اللحاء أكبر بمقدار 125 مرة تقريبًا من الضغط في شرايين الإنسان. وهذا ما يسمح للنباتات بنقل نواتج التحوُّل الغذائي لمسافة كبيرة وبسرعة كبيرة.
فَوْر أن يصل السكروز إلى المصارف؛ حيث يكون الضغط الانتفاخي أقل كثيرًا، فإنه ينتشر إلى داخل الخلايا المحيطة باللحاء، كخلايا الجذور مثلًا، كما ترى في الشكل 7.
وهنا إما أن يُنقل السكروز إلى خلايا مجاورة أخرى وإما أن يُحوَّل إلى جلوكوز من أجل التنفس الخلوي أو إلى نشا لتخزينه. وهذا يعني أنه يُحافَظ على التدرُّج الشديد الانحدار في تركيز السكروز من اللحاء إلى أنسجة المصرف المحيطة؛ حيث يظل تركيز السكروز في اللحاء منخفضًا. هذا يعني أن جهد الماء يرتفع؛ ومن ثَمَّ، يتبع الماء السكروز إلى خارج اللحاء وإلى داخل الأنسجة المحيطة في المصرف، بل وحتى إلى داخل نسيج الخشب، فيُنقل مرةً أخرى لأعلى النبات.
مثال ٤: وَصْف أوجه تكيُّف الخلايا المرافقة
يوضِّح الشكل المُبين مخططًا لوعاء نسيج اللحاء.
كيف تكيَّفت الخلايا المرافقة للقيام بدورها في النقل النشط للمواد إلى داخل وخارج الأنابيب الغربالية؟
الحل
تتكوَّن أنسجة اللحاء من نوعين أساسيين من الخلايا الحية، ويمكنك رؤيتهما في الشكل السابق: الخلايا الغربالية والخلايا المرافقة.
ترتبط الخلايا المرافقة بالخلايا الغربالية من خلال مسام موجودة في جدارها تُسمَّى البلازموديزما، تربط بين سيتوبلازم الخليتين، وتسمح بحركة المواد بينهما، كما هو موضَّح في الشكل السابق. وتحتوي الخلايا المرافقة على نواة، بالإضافة إلى العديد من الريبوسومات لتخليق البروتينات، والميتوكوندريا لإطلاق الطاقة من خلال التنفس الخلوي.
فَوْر أن يصل السكروز إلى نسيج اللحاء في المصدر، يجب نقله عن طريق النقل النشط إلى داخل الخلايا المرافقة والخلايا الغربالية. تحتاج هذه العملية إلى طاقة، ولهذا السبب لا بد أن تحتوي الخلايا المرافقة على العديد من الميتوكوندريا لإطلاق هذه الطاقة من خلال التنفس الخلوي. تحتوي الخلايا المرافقة على أغشية ذات مساحة سطح كبيرة بسبب الطي. تسهِّل هذه المساحة الكبيرة للسطح حدوثَ معدل عالٍ من النقل النشط للسكروز إلى سيتوبلازم الخلية. فَوْر أن يدخل السكروز الخلايا المرافقة، يمكن أن ينتشر على امتداد الروابط السيتوبلازمية بين هذه الخلايا والخلايا الغربالية المجاورة لها عن طريق البلازموديزما.
وبناءً عليه، تكيَّفت الخلايا المرافقة للقيام بدورها؛ لأنها تحتوي على العديد من الميتوكوندريا التي توفِّر الطاقة من خلال التنفس الخلوي.
أُجريت عدة تجارب لزيادة فهمنا لتركيب اللحاء ووظيفته.
في عام 1945، استخدم رابيدن وبور المشع لترقيم ثاني أكسيد الكربون الذي يحصل عليه نوع من أنواع نبات الفول. يمكن تتبُّع هذا الكربون المشع في النبات عندما يُستخدم أولًا خلال عملية البناء الضوئي لتخليق الكربوهيدرات. وبعد ذلك، إما أن يُستخدم في التنفس وإما أن يُنقل إلى داخل اللحاء للانتقال إلى أعضاء النبات الأخرى. ولُوحِظ أن هذه الكربوهيدرات المُرقَّمة بالكربون المشع تتحرَّك لأعلى ولأسفل الساق؛ ما يوضِّح أن النقل ثنائي الاتجاه.
كان هدف ميتلر فحص محتويات الأنابيب الغربالية في اللحاء. افترَض أن حشرات المن تتغذَّى على الأنابيب الغربالية عن طريق ثقبها بواسطة جزء ثاقب في فمها يُسمَّى الخرطوم. وتَستخدم حشرات المن هذا الضغط الانتفاخي العالي للحاء بجانب المنبع لتتغذَّى على المحتويات السكرية، كما ترى في الصورة الآتية.

استنتَج ميتلر ذلك لأن خرطوم الحشرة ظل داخل الأنابيب الغربالية بجانب المنبع بعد فصل جسم حشرة المن عن فمها. وعند فحص العيِّنة التي تغذَّت عليها حشرة المن في فمها، اكتشف ميتلر أن الأنابيب الغربالية تحتوي على سكروز وأحماض أمينية.
قدَّمت ملاحظات ثاين وكاني عام 1961 أدلة تثبت أن هناك خيوطًا سيتوبلازمية طويلة تمتد من الخلية الغربالية إلى الخلية المجاورة لها. كما أدى هذا أيضًا إلى ظهور نظرية الحركة الدورانية السيتوبلازمية؛ حيث يحتوي السيتوبلازم على نفس المواد العضوية المذابة من سكروز وأحماض أمينية. تُشير الحركة الدورانية السيتوبلازمية إلى أن المواد العضوية المذابة تنتقل في أنحاء سيتوبلازم الأنابيب الغربالية والخلايا المرافقة بحركة دائرية من خلال البلازموديزما. يمكنك أن ترى مخططًا لكيفية حدوث هذه العملية في الشكل 9.
كما أثبت ثاين وكاني أن عملية النقل تتطلَّب جزيء الذي توفِّره الخلايا المرافقة. على مر السنين، استطعنا من خلال تطوُّر الفحص المجهري ملاحظة أوجه تكيُّف الخلايا المرافقة التي تدعم هذه النظرية، مثل امتلاكها العديد من الميتوكوندريا. ووجود الكثير من الميتوكوندريا في خليةٍ ما يُشير إلى أن هذه الخلية لها متطلَّبات تقتضي طاقة عالية، مثل القيام بالنقل النشط، الذي لا بد أن يتحقَّق عن طريق التنفس الخلوي. لُوحِظ أيضًا أنه عند تسمُّم ميتوكوندريا الخلايا المرافقة، تتوقَّف عملية النقل تمامًا؛ ممَّا يوفِّر المزيد من الأدلة على نظرية النقل النشط. وتكون عملية النقل أبطأ عندما تكون درجة الحرارة منخفضة أو عند نقص محتوى الأكسجين الخلوي، وكلاهما يقلِّل من معدل التنفس. يُشير هذا الدليل إلى أن ثاين وكاني كانا على صواب؛ لأن انخفاض التنفس الهوائي يؤدي إلى نقص توافر جزيء ؛ ومن ثَمَّ تباطؤ معدل النقل.
نلخِّص بعض النقاط الأساسية التي تناولناها في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- النقل هو حركة نواتج التحوُّل الغذائي في النبات من المنبع إلى المصرف.
- النقل ثنائي الاتجاه؛ ومن ثَمَّ، يمكن للمواد المذابة أن تتحرَّك إما لأعلى وإما لأسفل في النبات.
- يتكوَّن اللحاء من خلايا غربالية وخلايا مرافقة تقوم بعملية النقل.
- تحتوي الخلايا المرافقة على نوى والعديد من الميتوكوندريا.
- ترتبط الخلايا الغربالية بالخلايا المرافقة من خلال امتدادات سيتوبلازمية تُسمَّى البلازموديزما.