في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نستخدم «كان وأخواتها» في الجملة الاسمية استخدامًا صحيحًا.
تتكوَّن الجملة الاسمية من ركنَيْنِ أساسيَّيْنِ هما المبتدأ والخبر، وحُكمهما الرفع، ويدخُلُ على الجملة أحيانًا ما يؤدِّي إلى تغيير حُكم الرفع هذا، كالأفعال والحروف الناسخة.
وتُعَدُّ «كان وأخواتها» من الأفعال الناسخة التي تدخُلُ على الجملة الاسمية فتؤثِّر فيها، وسنتعرَّف معًا في هذا الشارح الأفعال الناسخة، وما تُحدِثه من تغيير في الجملة الاسمية.
تعريف: كان وأخواتها
«كان وأخواتها» أفعال ناسخة ناقصة تدخُلُ على الجملة الاسمية، فيُسمَّى المبتدأ اسمها ويبقى مرفوعًا، ويُسمَّى الخبرُ خبرها ويصير منصوبًا.
وأخوات «كان» هي «أصبح»، و«أضحى»، و«أمسى»، و«بات»، و«صار»، و«ظلَّ»، و«ليس»، و«ما دام»، و«ما بَرِحَ»، و«ما فَتِئَ»، و«ما انفكَّ»، و«ما زال، من الفعل زال يزال، وليس زال يزول».
ولنتأمَّل الأمثلة الآتية لتوضيح ما سبق.
المجموعة الأولى | المجموعة الثانية |
---|---|
منظرُ الفائقين في حفل تخرُّجهم مُبهِجٌ. | كان منظرُ الفائقين في حفل تخرُّجهم مُبهِجًا. |
التقنياتُ الحديثة أساسٌ من أساسيات التنمية. | صارت التقنياتُ الحديثة أساسًا من أساسيات التنمية. |
المجتهدُ مُتميِّز بين أقرانه. | أصبحَ المجتهدُ مُتميِّزًا بين أقرانه. |
تدُلُّنا المجموعتان السابقتان على تأثير الأفعال الناسخة في الجملة الاسمية؛ فما تحته خط في المجموعة الأولى يدُلُّ على ركنَي الجملة الاسمية؛ المبتدأ والخبر، وإذا تأمَّلْناها بعد دخول الأفعال الناسخة عليهما «كان، صار، أصبح» في أمثلة المجموعة الثانية، نُلاحِظ أن المبتدأ في الجُمل الثلاث بَقِيَ مرفوعًا ولم يتغيَّر إعرابه، لكننا لا نُطلِق عليه اسم «مبتدأ»، وإنَّما يصير اسمًا للفعل الناسخ؛ فكلمة «منظر» في جملة «كان منظرُ الفائقين في حفل تخرُّجهم مُبهِجًا» اسم «كان»، وكلمة «التقنيات» في جملة «صارت التقنياتُ الحديثة أساسًا من أساسيات التنمية» اسم «صار»، وكلمة «المجتهد» في جملة «أصبحَ المجتهدُ مُتميِّزًا بين أقرانه» اسم «أصبح».
أمَّا الخبر فقَدْ صار منصوبًا في المجموعة الثانية بعد أن كان مرفوعًا في أمثلة المجموعة الأولى، وصار خبرًا للفعل الناسخ؛ فكلمة «مُبهِجًا» خبر «كان»، وكلمة «أساسًا» خبر «صار»، وكلمة «مُتميِّزًا» خبر «أصبح»، وهذا التغيُّر الذي يحدث لخبر الأفعال الناسخة هو السبب في تسميتها بالأفعال الناسخة؛ فإنَّها تنسخ—أيْ: تُغيِّر—حُكمَ الخبر من الرفع إلى النصب.
والسؤال الآتي يُساعِدنا على تعرُّف عمل الفعل الناسخ.
مثال ١: تعرُّف الفعل الناسخ حسب عمله
أيُّ الجمل الآتية تشتمل على فعل ناسخ؟
- كأن الأطفال فراشات تُحلِّق في الحدائق والبساتين.
- لا تُضعِف عزيمةَ أحدٍ يُحقِّق تقدُّمًا وإن كان بطيئًا.
- مؤلم للإنسان أن يحزن في مكانٍ ابتسم فيه كثيرًا.
- كَونُنا فيه ما يدعو إلى التفاؤل والإقبال على الحياة.
الحل
الإجابة الصحيحة هي جملة «لا تُضعِف عزيمةَ أحدٍ يُحقِّق تقدُّمًا وإن كان بطيئًا»؛ فقد اشتملت على الفعل «كان»، واسمه ضمير مستتر تقديره «هو» عائد على «أحد»، وخبره «بطيئًا»، ولم تشتمل سائر الجُمل الأخرى على فعل ناسخ.
ومن الضروري أنْ نتعرَّفَ معانيَ هذه الأفعال كلها:
- «كان» تُفِيد اتِّصاف اسمها بالخبر في الماضي.
- الأفعال «أصبح» و«أضحى» و«أمسى» و«بات» تُفِيد اتِّصاف اسم كلٍّ منها بالخبر في الوقت المفهوم من الفعل.
- «ظلَّ» تُفِيد اتِّصاف اسمها بالخبر نهارًا.
- «صار» تُفِيد تحوُّل الاسم إلى حالٍ آخَر يدُلُّ الخبر عليه.
- «ليس» تُفِيد نفي اتِّصاف الاسم بمعنى الخبر.
- «ما دام» تُفِيد بيان المُدَّةِ.
- الأفعال «ما زال» و«ما بَرِحَ» و«ما فَتِئَ» و«ما انفكَّ» تعني استمرار وبقاء مُلازَمة خبر كلِّ فعلٍ منها لاسمه.
مثال ٢: تعرُّف دلالة الفعل الناسخ
«ما بَرِحَ صوت الحق مرتفعًا». ماذا يُفِيد الفعل الناسخ في الجملة السابقة؟
- بيان المُدَّةِ.
- نفي الخبر عن الاسم.
- الاستمرار.
- التحوُّل من حال إلى حال.
الحل
الإجابة الصحيحة هي «الاستمرار»؛ لأن الفعل «ما بَرِحَ» فعل ناسخ يُفِيد استمرار وبقاء مُلازَمة خبره «مرتفعًا» لاسمه «صوتُ».
أمَّا البدائل الأخرى فلا تَصِحُّ إجابةً؛ لأن «بيان المُدَّةِ» يؤدِّيهِ—من الأفعال الناسخة—الفعل «ما دام»، و«نفي الخبر عن الاسم» يؤدِّيهِ الفعل «ليس»، و«التحوُّل من حال إلى حال» يؤدِّيهِ الفعل «صار».
ومن «كان وأخواتها» ما يعمل دون شروط، وهو «كان، أصبح، أضحى، ظل، أمسى، بات، صار، ليس»، ومنها ما يعمل بشروط، وهو «ما زال، ما بَرِحَ، ما فَتِئَ، ما انفكَّ»، ويُشترَط في هذه الأفعال لكي تكون ناسخة أن يسبقها نفيٌ، والفعل «ما دام» يُشترَط فيه أن يُسبَقَ بـ «ما» المصدرية الظرفية، ففي قولنا: «أُطِيعُ والديَّ ما دُمتُ حيًّا» الفعل «ما دُمتُ» فعل ناسخ؛ لأنه سُبِقَ بـ «ما» المصدرية الظرفية، والمعنى: أُطِيعُ والديَّ مُدَّةَ بقائي حيًّا.
والسؤال الآتي نتدرَّب من خلاله على استخدام «كان وأخواتها» استخدامًا صحيحًا في صياغة الجُمل.
مثال ٣: استخدام «كان وأخواتها» في صياغة الجُمل
«المخلصون لبلادهم أمل في نهضتنا». ما الصورة الصحيحة للجملة السابقة بعد دخول «ما انفك» عليها؟
- ما انفك المخلصون لبلادهم أملًا في نهضتنا.
- ما انفك المخلصين لبلادهم أملًا في نهضتنا.
- ما انفك المخلصون لبلادهم أملٌ في نهضتنا.
- ما انفك المخلصين لبلادهم أملٌ في نهضتنا.
الحل
الإجابة الصحيحة هي جملة «ما انفك المخلصون لبلادهم أملًا في نهضتنا»؛ لأن «ما انفكَّ» فعلٌ ناسخٌ يرفع المبتدأ ويُسمَّى اسمه، وهو هنا «المخلصون»: اسم «ما انفكَّ» مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم، وينصب الخبر ويُسمَّى خبره، وهو هنا «أملًا»: خبر «ما انفكَّ» منصوب، وعلامة نصبه الفتحة.
بعد أنْ تعرَّفْنا معانيَ «كان وأخواتها» وعملها في الجملة الاسمية، نتعرَّف الآن صورَ اسم «كان وأخواتها»، وتُساعِدنا الأمثلة الآتية على ذلك.
- ظلَّت السماءُ مُلبَّدةً بالغيوم.
- أمسى الصديقان مُسافِرَيْنِ.
- باتت المجتهداتُ ساهراتٍ.
- أمسينا مسرورينَ بمجيء أبي.
- كُنْ مُعِينًا لكلِّ محتاجٍ إليك.
إذا أردنا تحديد اسم الفعل الناسخ في الأمثلة السابقة، نُلاحِظ أنه في جملة «ظلَّت السماءُ مُلبَّدةً بالغيوم» اسم ظاهر مفرد، وهو «السماءُ»، وفي جملة «أمسى الصديقان مُسافِرَيْنِ» اسم ظاهر مثنى، وهو «الصديقان»، وفي جملة «باتت المجتهداتُ ساهراتٍ» اسم ظاهر جمع مؤنث سالم، وهو «المجتهداتُ»، وفي جملة «أمسينا مسرورينَ بمجيء أبي» ضميرٌ ظاهرٌ متصلٌ «نا»، وفي جملة «كُنْ مُعِينًا لكلِّ محتاجٍ إليك» ضميرٌ مستترٌ تقديره «أنت».
ممَّا سبق نستنتج أنَّ اسم «كان وأخواتها» يكون اسمًا ظاهرًا مفردًا أو مثنى أو جمعًا، ويكون ضميرًا متصلًا ظاهرًا، ويكون ضميرًا مستترًا.
وفي السؤال الآتي تدريب على تعيين اسم الفعل الناسخ.
مثال ٤: تعيين اسم الفعل الناسخ
«أصبحت حياة الناس أكثر سهولةً بفضل التكنولوجيا». عيِّن اسم «أصبح» في الجملة السابقة.
- التكنولوجيا.
- التاء في «أصبحت».
- حياة.
- ضمير مستتر تقديره «هي».
الحل
الإجابة الصحيحة هي كلمة «حياة»؛ فهي اسم «أصبحتْ» مرفوع، والتاء في «أصبحتْ» تاء التأنيث، ونوع الاسم هنا اسم ظاهر، وخبر «أصبحتْ» هو كلمة «أكثر».
تعرَّفْنا صورَ اسم «كان وأخواتها»، فماذا عن خبرها؟
إنَّ أنواع خبر «كان وأخواتها» لا تختلف عن أنواع خبر المبتدأ، فيكون خبرها مفردًا، أو جملة «فعلية أو اسمية»، أو شبه جملة «الظرف أو الجار والمجرور»، والأمثلة الآتية تأخذ بأيدينا لتوضيح هذه المسألة.
- سأجتهد في حياتي ما دُمتُ حيًّا.
- ما زال العلماءُ نشيطين لاكتشاف الدواء النافع.
- ما بَرِحَ الوالدان يجدَّان في تربية أبنائهما.
- ما فَتِئَ المُعلِّم عطاؤه عظيم.
- ما انفكَّت الطيور في أعشاشها خوف الأمطار.
- أمسيتُ بين أهلي بعد سفر طويل.
ما تحته خط في الجُمل السابقة خبر للأفعال الناسخة الواردة فيها؛ ففي جملة «سأجتهد في حياتي ما دُمتُ حيًّا»، وجملة «ما زال العلماء نشيطين لاكتشاف الدواء النافع»، نُلاحِظ أن الخبر نوعه مفرد، وهو «حيًّا» و«نشيطين».
وفي جملة «ما بَرِحَ الوالدان يجدَّان في تربية أبنائهما»، الخبر جملة فعلية، وهو «يجدَّان».
وفي جملة «ما فَتِئَ المُعلِّم عطاؤه عظيم»، الخبر جملة اسمية، وهو «عطاؤه عظيم».
وفي جملة «ما انفكَّت الطيور في أعشاشها خوف الأمطار»، الخبر شبه جملة «جار ومجرور»، وهو «في أعشاشها».
وفي جملة «أمسيتُ بين أهلي بعد سفر طويل»، الخبر شبه جملة «ظرف ومضاف إليه»، وهو «بين أهلي».
مثال ٥: تحديد نوع خبر الفعل الناسخ
يقول الشاعر:
لو كان صبري باقيًا ... ما كان وعدي ساءني
في البيت خبران لـ «كان»، فما نوع كلٍّ منهما على الترتيب؟
- جملة اسمية، جملة فعلية.
- جملة اسمية، مفرد.
- مفرد، مفرد.
- مفرد، جملة فعلية.
الحل
الإجابة الصحيحة هي «مفرد، جملة فعلية»؛ لأننا إذا تأمَّلْنا البيت، وجدنا أن كلمة «باقيًا» في قول الشاعر: «لو كان صبري باقيًا» خبر «كان» مفرد، وجملة «ساءني» في قوله: «ما كان وعدي ساءني» خبر «كان» جملة فعلية.
ويُدرِّبنا السؤال الآتي على أنواع الخبر؛ فهيا نُحاوِل الإجابة عنه.
مثال ٦: تمييز الخبر المفرد للفعل الناسخ
«يظل العلم ». أكمل الجملة السابقة بخبر مفرد.
- في سبيل تقدُّم البشرية
- سبيل تقدُّم البشرية
- سبيله تقدُّم البشرية
- يُقدِّم سبيل تقدُّم البشرية
الحل
الإجابة الصحيحة هي «سبيل تقدُّم البشرية»، ولا يَصِحُّ أن تكون الإجابة «في سبيل تقدُّم البشرية»؛ لأن الخبر معها يكون «شبه جملة»، ولا يَصِحُّ أن تكون «سبيله تقدُّم البشرية»؛ لأن الخبر معها يكون «جملة اسمية»، ولا يَصِحُّ أن تكون «يُقدِّم سبيل تقدُّم البشرية»؛ لأن الخبر معها يكون «جملة فعلية».
وممَّا يحدث—وقد لا نلتفت إليه—أن خبر الفعل الناسخ قد يتقدَّم على الاسم، فيكون الخبر تاليًا للفعل الناسخ، ويأتي الاسم بعده.
ويتقدَّم الخبر جوازًا إذا كان الاسم معرفة والخبر شبه جملة، مثل: «أمسى بيننا أخي»؛ فكلمة «بيننا» خبر «أمسى» مُقدَّم جوازًا، ونوعه «شبه جملة»، و«أخي» اسم «أمسى» مؤخَّر.
ويتقدَّم الخبر على الاسم وجوبًا في مواضع عدة، منها:
- إذا اشتمل الاسم على ضمير يعود على بعض الخبر، مثل: «كان في المدرسة طلابها»؛ فشبه الجملة «في المدرسة» في محل نصب خبر «كان» مُقدَّم، وحُكم التقديم واجب؛ لأن الاسم اشتمل على ضمير يعود على بعض الخبر.
- إذا كان الاسم نكرة والخبر شبه جملة، مثل: «أضحت في بيتنا سعادةٌ»؛ فشبه الجملة «في بيتنا» في محل نصب خبر «أضحت» مُقدَّم، وحُكم التقديم واجب؛ لأن الاسم نكرة «سعادة»، والخبر شبه جملة.
ويتقدَّم الخبر على الفعل الناسخ نفسه وجوبًا إذا كان الخبر من الأسماء التي لها الصدارة، كأسماء الاستفهام مثلًا، كما في قولنا: «أين كان أخوك؟»؛ فـ «أين» اسم استفهام مبني في محل نصب خبر «كان» مُقدَّم؛ لأنه من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام.
مثال ٧: تحديد حُكم تقديم خبر الفعل الناسخ على اسمه
«أضحت بين أيدينا مشروعات، وأمسى على تنفيذها شبابنا الأكْفاء».
في العبارة السابقة خبران لفعلين ناسخين، فما حُكم تقديم كلٍّ منهما على الترتيب؟
- واجب، جائز.
- واجب، واجب.
- جائز، جائز.
- جائز، واجب.
الحل
إذا تأمَّلْنا جملة «أضحت بين أيدينا مشروعات»، نُلاحِظ أن الخبر شبه جملة والاسم نكرة، وفي هذه الحالة يتقدَّم الخبر على الاسم وجوبًا، وإذا تأمَّلْنا جملة «أمسى على تنفيذها شبابنا الأكْفاء»، نُلاحِظ أن الخبر شبه جملة والاسم معرفة، وفي هذه الحالة يتقدَّم الخبر على الاسم جوازًا.
إذن، الإجابة الصحيحة هي «واجب، جائز».
ونتعرَّض الآن لـ «كان وأخواتها» من حيث الجمود والتصرُّف؛ فبعض هذه الأفعال يلزم صورة الماضي فقط، مثل: «ليس»، «ما دام».
وبعضها يلزم صورتَي الماضي والمضارع، مثل: «ما زال - ما يزال»، «ما برح - ما يبرح»، «ما فتئ - ما يفتأ»، «ما انفكَّ - ما ينفكُّ».
وسائر الأفعال الأخرى يُمكِن أن نأتي منها بالماضي والمضارع والأمر، فنقول في «كان»: «يكون، كُنْ»، ونقول في «أصبح»: «يُصبِحُ، أَصْبِحْ»، ونقول في «أضحى»: «يُضْحِي، أَضْحِ»، ونقول في «أمسى»: «يُمْسِي، أَمْسِ»، ونقول في «بات»: «يبيت، بِتْ»، ونقول في «صار»: «يصير، صِرْ»، ونقول في «ظلَّ»: «يَظَلُّ، ظَلَّ أو اظْلَلْ».
هيَّا نتدرَّب في السؤال الآتي على جمود الأفعال الناسخة وتصرُّفها.
مثال ٨: تعرُّف الفعل الناسخ من حيث الجمود والتصرُّف
أيُّ الأفعال الناسخة الآتية فعل جامد؟
- أصبح.
- بات.
- صار.
- ما دام.
الحل
الإجابة الصحيحة هي الفعل «ما دام»؛ فهو فعل جامد يلزم صورة الماضي، وأمَّا سائر الأفعال الأخرى «أصبح، بات، صار» فهي أفعال مُتصرِّفة، ويُمكِن أنْ نأتيَ منها بالماضي والمضارع والأمر.
«كان وأخواتها» أفعال ناقصة، فما معنى ذلك؟
«كان وأخواتها» أفعال ناقصة؛ لأنها لا تدُلُّ على حدث، ولا تكتفي بمرفوعها الاسم، بل تحتاج إلى الخبر المنصوب لإتمام المعنى، فإذا قلنا: «صار الماء ثلجًا»، نُلاحِظ أن الفعل «صار» لا يدُلُّ على حدث مُعيَّن، وإنَّما يدُلُّ على التحوُّل فقط، فضلًا عن أن الفعل لم يكتفِ بمرفوعه «الماء»، واحتاج إلى خبر منصوب «ثلجًا» ليتمَّ معنى الجملة.
وما قلناه آنِفًا لا يعني أن «كان وأخواتها» تظل أفعالًا ناقصة؛ فقَدْ تأتي «كان» أو «إحدى أخواتها» تامَّةً تكتفي بمرفوعها «الفاعل»، وللتمييز بين الفعل الناقص والفعل التام، نتأمَّل المثالين الآتيين:
- كان المطرُ غزيرًا.
- تجمَّع السحاب فكان المطرُ.
فالفعل «كان» في جملة «كان المطرُ غزيرًا» فعل ناقص ناسخ لا يكتفي بمرفوعه «المطر»، وإنَّما يحتاج إلى خبر مُتمِّم للمعنى «غزيرًا»، وإذا حاولنا حذف الخبر «غزيرًا»، نُلاحِظ أن الجملة غير مُكتمِلة المعنى.
أمَّا الفعل «كان» في الجملة الثانية فهو فعل تام غير ناقص ولا ناسخ، بمعنى «حَدَثَ» أو «وَقَعَ»، وفي هذه الحالة يكتفي بمرفوعه «المطرُ»، ويُعرَب فاعلًا مرفوعًا.
ومن الملاحظات المهمة في سياق حديثنا عن تمام الأفعال الناسخة ونقصانها أن نعلمَ أنَّ مِن بين هذه الأفعال ما يُستخدَم ناقصًا دائمًا، وهو: «ما زال، ما فتئ، ليس».
قد تعرَّفْنا معاني «كان وأخواتها» إذا كانت أفعالًا ناقصة ناسخة، فماذا عن معاني «كان وأخواتها» التي قد تكون تامة؟
إذا تحوَّل الفعل الناسخ إلى فعل تامٍّ، فمعناه يتغيَّر بالتأكيد؛ فالفعل «كان» في قولنا: «ما شاء اللهُ كان، وما لم يشأ لم يكن» بمعنى «حصَل ووقَع»، والفعل «أَصْبَحَ» في قولنا: «أصبحَ الصباحُ والشمس مُشرِقة» بمعنى «دخول وقت الصبح»، ومثل هذا يُقال في «أضحى، بات، أمسى»، والفعل «ظلَّ» في قولنا: «انصرف الطلاب وظلَّ المُعلِّم» بمعنى «بَقِيَ»، والفعل «صار» في قولنا: «المسألة المُعقَّدة يصير أمرُها إلى المُعلِّم» بمعنى «يرجع ويعود»، والفعل «بَرِحَ» في قولنا: «لا أبرح مكتبي حتى أنتهي من عملي» بمعنى «أذهب أو أترك»، والفعل «انفكَّ» في قولنا: «ما انفكَّ الزحام حتى التزم الجميعُ قواعدَ المرور» بمعنى «حُلَّ»، والفعل «دامَ» في قولنا: «الحق منتصر ما دامت السمواتُ والأرضُ» بمعنى «بَقِيَت».
وإذا تأمَّلْنا جميع هذه الأمثلة، نُلاحِظ أن ما جاء بعد الفعل فيها لم يكن خبرًا منصوبًا، وإنَّما هو فاعل؛ لأن جميعها أفعال تامَّة.
ويُساعِدنا السؤال الآتي على استيعاب فكرة نقصان «كان وأخواتها» وتمامها.
مثال ٩: تعرُّف الفعل الناسخ من حيث التمام والنقصان
أيُّ الجمل الآتية لا تحوي فعلًا تامًّا؟
- بات الحارس ساهرًا طَوال الليل.
- بالتفكير السليم تنفكُّ عُقَد المشكلات.
- ما زال الأمل عن قلوبنا أبدًا.
- لا يبرح الطائر عُشَّه مساءً.
الحل
الإجابة الصحيحة هي جملة «بات الحارس ساهرًا طَوال الليل»؛ لأن الفعل «بات» فيها فعل ناقص ناسخ لا يكتفي بمرفوعه، وهو اسمه «الحارس»، ويحتاج إلى خبر منصوب ليتمَّ معنى الجملة، وهو «ساهرًا».
وسائر البدائل الأخرى قد تضمَّنت أفعالًا تامَّة؛ فجملة «بالتفكير السليم تنفكُّ عُقَد المشكلات» اشتملت على الفعل «تنفكُّ» الذي اكتفى بمرفوعه «عُقَد».
وجملة «ما زال الأمل عن قلوبنا أبدًا» اشتملت على الفعل «ما زال» المنفي، وهو هنا ليس ناسخًا؛ فهو من «زال يَزُول» لا «زال يَزال». وجملة «لا يبرح الطائر عُشَّه مساءً» اشتملت على الفعل «لا يبرح» المنفي الذي اكتفى بمرفوعه الفاعل، وهو «الطائر»، والفعل هنا بمعنى «لا يترك».
مثال ١٠: تعرُّف الفعل الناسخ من حيث التمام والنقصان
«مَن كان ذا علم ومعرفة فلا يقلق على أيِّ شيء كان». ما نوعا «كان» من حيث النقصان والتمام في العبارة السابقة على الترتيب؟
- تامة، تامة.
- تامة، ناقصة.
- ناقصة، ناقصة.
- ناقصة، تامة.
الحل
الإجابة الصحيحة هي «ناقصة، تامة»؛ لأن «كان» في جملة «كان ذا علم» ناقصة ناسخة اسمها ضمير مستتر تقديره «هو»، وخبرها «ذا»، و«كان» في جملة «فلا يقلق على أيِّ شيء كان» تامة بمعنى «حدث».
النِّقاط الرئيسية
- «كان وأخواتها» أفعال ناسخة ناقصة تدخُلُ على الجملة الاسمية فيُسمَّى المبتدأ اسمها ويبقى مرفوعًا، ويُسمَّى الخبرُ خبرها ويصير منصوبًا.
- أخوات «كان» هي «أصبح»، و«أضحى»، و«أمسى»، و«بات»، و«صار»، و«ظلَّ»، و«ليس»، و«ما دام»، و«ما بَرِحَ»، و«ما فَتِئَ»، و«ما انفكَّ»، و«ما زال، من الفعل زال يزال وليس زال يزول».
- اسم «كان وأخواتها» يكون اسمًا ظاهرًا مفردًا أو مثنى أو جمعًا، ويكون ضميرًا متصلًا ظاهرًا، ويكون ضميرًا مستترًا.
- أنواع خبر «كان وأخواتها» لا تختلف عن أنواع خبر المبتدأ، فيكون خبرها مفردًا، أو جملة «فعلية أو اسمية»، أو شبه جملة «الظرف أو الجار والمجرور».
- كان وأخواتها أفعال ناقصة؛ لأنها لا تدُلُّ على حدث، ولا تكتفي بمرفوعها الاسم، بل تحتاج إلى الخبر لإتمام المعنى.