في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نُوجِد طاقة الوضع، ونُوجِد التغيُّر فيها، وكيف نستخدمها لحل المسائل المختلفة.
تخيَّل جسمًا في حالة سكون على ارتفاع معيَّن من الأرضية، ثم تُرِك ليسقط. يتسارع الجسم أثناء سقوطه؛ حيث تزداد سرعته، وكذلك طاقة حركته.
لكننا نعلم أن الطاقة محفوظة. يعني هذا أن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدَث من العدم، ولكنها تتحوَّل من صورة إلى أخرى؛ أي إنه لكي تزداد طاقة حركة الجسم، لا بد أن تقل طاقة أخرى بمقدار الزيادة نفسه. وبالنسبة إلى الجسم الساقط، هذه الطاقة هي طاقة وضع الجاذبية.
كل الأجسام التي لها كتلة في الكون يجذب بعضها بعضًا. وتؤثِّر قوة الجاذبية على الأجسام التي لها كتلة وتدفعها للتحرُّك بعضها تجاه بعض، ما يزيد من سرعتها وطاقة حركتها.
هذا يعني أنه عندما تفصل مسافةٌ بين الأجسام، يمكننا القول إن لها طاقة وضع؛ وفي هذه الحالة تحديدًا، هي طاقة وضع الجاذبية. تُوجَد طاقة وضع الجاذبية في أيِّ نظام مكوَّن من أجسام ذات كتلة ومفصولة.
نفترض أن لدينا جسمًا يسقط على مستوًى مائل من النقطة إلى النقطة ؛ حيث الاحتكاك مُهمَل؛ ومن ثَمَّ، لا يؤثِّر على الجسم سوى قوة الجاذبية؛ أي وزنه، وهو يساوي .
وفقًا لمبدأ الشغل والطاقة، فإن التغيُّر في طاقة حركة الجسم الساقط من إلى يساوي الشغل المبذول بواسطة وزن الجسم من إلى :
بالنسة إلى إزاحة متناهية الصغر ، يمكن مكاملة باعتباره مسقط المتجه في اتجاه المتجه مضروبًا في ؛ حيث قيمة . ومن ثَمَّ، يساوي التكامل مجموع حواصل الضرب القياسي هذه؛ أي مسقط المتجه في اتجاه المتجه مضروبًا في (أي ). وبما أن متجه رأسي يشير للأسفل، إذن مسقط المتجه في اتجاه المتجه يُعاكِس التغيُّر في إحداثيات (يُطلَق عليه أيضًا الارتفاع) من إلى (بما أنه موجب — في اتجاه نفسه — عندما يقل الارتفاع). إذن يكون لدينا: حيث ، هما إحداثيا للنقطتين ، على الترتيب، التغيُّر في الارتفاع من النقطة إلى النقطة .
تقل طاقة وضع الجاذبية بالمقدار نفسه الذي تزداد به طاقة الحركة عندما يسقط جسم مُعرَّض لقوة وزنه فحسب؛ نظرًا لأن طاقة الجسم الكلية محفوظة. ومن ثَمَّ، بالنسبة إلى ؛ أي التغيُّر في طاقة الوضع، يكون لدينا: أي إن:
وهو ما يعني أن طاقة الحركة تقل بزيادة طاقة الوضع.
يوضِّح مثال قطار الملاهي هاتين الحالتين؛ فعندما يهبط لأسفل منحدر، تقل طاقة وضعه بما أن ارتفاعه يقل، ويكتسب طاقة حركة، وعندما يصعد لأعلى منحدر تالٍ، تقل طاقة حركته بما أن ارتفاعه يزداد (ومن ثَمَّ، تزداد طاقة وضعه).
تعتمد طاقة وضع الجسم على كتلته وارتفاعه، كما هو مُعرَّف في الآتي.
تعريف: طاقة وضع الجاذبية
طاقة وضع الجاذبية، ، لجسم كتلته يرتفع عن نقطة مرجعية بمقدار ، تُعطى بالمعادلة: حيث عجلة الجاذبية في منطقة وجود الجسم بقيمة تساوي تقريبًا ٩٫٨ م/ث٢.
نلاحظ هنا أن يمكن أن يمثِّل مقدار الارتفاع فوق أيِّ نقطة مرجعية نختارها. يمكننا اختيار سطح مبنًى أو قمة منحدر، وفي هذه الحالة تكون طاقة وضع الجاذبية التي نحسبها هي طاقة وضع الجسم بالنسبة إلى سطح المبنى أو قمة المنحدر. لكن النقطة المرجعية التي نختارها في معظم الأحيان هي الأرضية، وفي هذه الحالة يكون للأجسام الموجودة على الأرضية طاقة وضع جاذبية تساوي صفرًا.
نُلقي نظرة على بعض الأمثلة.
مثال ١: إيجاد طاقة وضع الجاذبية لجسم على ارتفاع معيَّن فوق سطح الأرضية
يرفع ونشٌ جسمًا كتلته ١٣٢ كجم من سطح الأرض لارتفاع ٢٠ م. أوجد الزيادة في طاقة وضع الجاذبية للجسم. اعتبر أن عجلة الجاذبية .
الحل
يخبرنا هذا السؤال أن ونشًا رفع جسمًا إلى ارتفاع ٢٠ م. لا يُحدِّد السؤال من أين بدأ الجسم، هذا يعني أنه ربما بدأ من الأرضية، أو ربما كان بالفعل موجودًا على ارتفاع معيَّن في مبنًى، لكن هذا لا يهم؛ لأنه يمكننا أن نفترض أن النقطة المرجعية تقع حيثما بدأ الجسم، ولسنا بحاجة الآن إلا إلى التفكير في مقدار ارتفاع الجسم بعد تحريكه، مقارنةً بارتفاعه قبل تحريكه؛ أي ٢٠ م.
يمكننا استخدام معادلة طاقة وضع الجاذبية:
والآن، نعوِّض بالقيم:
تكافئ وحدة كيلوجرام ⋅ متر مربع لكل ثانية مربعة (كجم⋅م٢/ث٢) وحدة نيوتن ⋅ متر (جول). إذن الزيادة في طاقة وضع الجاذبية للجسم تساوي ٢٥ ٨٧٢ جول.
مثال ٢: تحديد ارتفاع جسم عن الأرضية باستخدام طاقة وضع الجاذبية
جسم كتلته ٤ كجم، طاقة وضع الجاذبية له مقدارها ٢ ١٣٦٫٤ جول بالنسبة إلى الأرضية. أوجد ارتفاعه. اعتبر أن عجلة الجاذبية ٩٫٨ م/ث٢.
الحل
لحل هذا السؤال، يمكننا استخدام معادلة طاقة وضع الجاذبية:
بدايةً، نُعيد ترتيب المعادلة ليصبح في طرف بمفرده:
والآن، نعوِّض بالقيم:
إذن ارتفاع الجسم فوق الأرضية يساوي ٥٤٫٥ م.
مثال ٣: إيجاد الزيادة في طاقة وضع الجاذبية لجسم يصعد على مستوًى مائل
يصعد جسم كتلته ٨ كجم مسافة ٢٣٨ سم على خط أكبر ميل لمستوًى أملس يميل بزاوية على الأفقي. احسب الزيادة في طاقة وضع الجاذبية له. اعتبر أن عجلة الجاذبية .
الحل
سيكون من السهل حل هذه المسألة إذا رسمنا مخطَّطًا يمثِّل هذه الحالة أولًا.
نقيس هنا المسافة التي تحرَّكها الجسم أعلى الميل، والزيادة في ارتفاع الجزء السفلي الأيسر من الجسم، لكن، بما أن شكل الجسم لا يتغيَّر أثناء حركته، إذن يمكننا اختيار أي نقطة.
يتحرَّك الجسم مسافة قدرها ٢٣٨ سم أعلى الميل، لكن ما يعنينا هو فقط الزيادة في الارتفاع؛ لأن طاقة وضع الجاذبية للجسم تعتمد على ارتفاعه، وليس على المسافة التي يقطعها.
يمكننا استخدام حساب المثلثات لإيجاد الزيادة في الارتفاع، ، للجسم: ، وهو ما يساوي ١١٩ سم، أو ١٫١٩ م. في هذه العملية الحسابية، نستخدم وحدة متر حتى نحصل على الطاقة بالجول.
والآن، يمكننا استخدام معادلة طاقة وضع الجاذبية:
نعوِّض بالقيم، ونحصل على:
ومن ثَمَّ، فإن الزيادة في طاقة وضع الجاذبية للجسم تساوي ٩٣٫٢٩٦ جول.
مثال ٤: إيجاد التغيُّر في طاقة وضع الجاذبية لطائرة مروحية تهبط رأسيًّا
هبطت طائرة مروحية كتلتها ٢ ٦٣٠ كجم رأسيًّا من ارتفاع ٢٥٠ م إلى ارتفاع ١٥٠ م. أوجد الفقد في طاقة وضع الجاذبية. افترض أن عجلة الجاذبية ، واكتب إجابتك بالصيغة العلمية.
الحل
لإيجاد مقدار الفقد في طاقة وضع الجاذبية للمروحية، علينا إيجاد الفرق بين طاقتَي وضع الجاذبية للمروحية عند الارتفاعين. يمكن التعبير عن ذلك جبريًّا على الصورة: حيث يمثِّل الارتفاع الأكبر، ويمثِّل الارتفاع الأصغر. نعوِّض بالقيم، لنحصل على:
هكذا تكون الإجابة بوحدة جول، ويمكن التعبير عنها بالصيغة العلمية هكذا ، أو لأقرب منزلة عشرية.
ناقشنا إلى الآن أمثلةً على طاقة وضع الجاذبية التي تُسبِّبها قوة الجاذبية. ثمة قوى أخرى تؤدِّي إلى طاقة وضع؛ مثل قوة المرونة في الزنبرك (تؤدِّي إلى طاقة وضع المرونة)، أو القوة الكهربية المؤثِّرة على شحنة موضوعة في مجال كهربي (تؤدِّي إلى طاقة وضع كهربية). تُسمَّى هذه القوى جميعها قوى محافظة؛ لأن شغلها لا يعتمد على المسار المتبع؛ ومن ثَمَّ، إذا تحرَّك الجسم في مسار مغلق، فإن الشغل الكلي يساوي صفرًا.
كما رأينا بالأعلى، فيما يخص قوة الجاذبية، يتحقَّق هذا، على سبيل المثال، عندما تكون القوة ثابتة؛ نظرًا لأن الضرب القياسي لإزاحة متناهية الصغر يتناسب طرديًّا مع مسقط المتجه في اتجاه متجه ثابت (متجه القوة). ومن ثَمَّ، يكون التكامل المُستخدَم لإيجاد شغل القوة عندما ينتقل الجسم من نقطة إلى أخرى غير معتمد على المسار المتبع، بل على موضعَي البداية والنهاية فحسب.
امتدَّ مفهوم طاقة الوضع إذن ليشمل أي قوة محافظة، وفيما يلي تعريف لتغيُّر طاقة الوضع الناتج عن تأثير قوة محافظة.
تعريف: التغيُّر في طاقة الوضع نتيجة قوة محافظة
التغيُّر في طاقة الوضع، ، لجسم تؤثِّر عليه قوة محافظة، ، تُحرِّك الجسم من النقطة إلى النقطة ، يساوي سالب الشغل المبذول بواسطة القوة بين النقطتين:
نرى مثالًا نحتاج فيه إلى إيجاد طاقة وضع جسم يتحرَّك تحت تأثير قوة ثابتة.
مثال ٥: إيجاد التغيُّر في طاقة الوضع بفعل قوة ثابتة
يتحرَّك جسم تحت تأثير القوة الثابتة ؛ حيث ، متجها وحدة متعامدان. عند الزمن ثانية؛ حيث ، يُعطى متجه موضع الجسم بالنسبة إلى نقطة ثابتة بالعلاقة . أوجد التغيُّر في طاقة وضع الجسم في أول ٩ ثوانٍ.
الحل
بما أن هذه قوة ثابتة، إذن هذا يعني أنها قوة محافظة. وبالنسبة إلى القوى المحافظة، يُعطى التغيُّر في طاقة وضع الجسم، ، بالمعادلة: حيث الشغل المبذول. يمكننا إيجاد الشغل المبذول باستخدام: حيث القوة المؤثِّرة على الجسم، إزاحته.
وبما أن القوة محافظة، إذن لن يكون المسار الذي يقطعه الجسم مهمًّا عند حساب الشغل المبذول. وكل ما علينا التفكير فيه هو الفرق بين النقطتين الابتدائية والنهائية في مسار الجسم. ومن ثَمَّ، فإن الإزاحة تساوي ببساطة متجه موضع الجسم النهائي، ، ناقص متجه الموضع الابتدائي، :
يمكننا الآن استخدام المعادلة السابقة لحساب الشغل المبذول بواسطة القوة:
وبذلك، نستنتج أن التغيُّر في طاقة الوضع يساوي:
نتناول مثالًا ختاميًّا عن القوة المحافظة.
مثال ٦: إيجاد المركبة المجهولة لقوة مؤثِّرة على جسم بمعلومية التغيُّر في طاقة وضعه
يتحرَّك جسم في خط مستقيم من النقطة إلى النقطة تحت تأثير القوة . إذا كان التغيُّر في طاقة وضع الجسم يساوي ٢ جول، وكانت الإزاحة مقيسة بالمتر، فأوجد قيمة الثابت .
الحل
في هذا السؤال، نعلم أن هناك قوةً تؤثِّر على جسم أثناء حركته في مسار معيَّن. تبذل القوة شغلًا على الجسم، وقيمة الشغل المبذول على الجسم تساوي سالب التغيُّر في طاقة وضعه.
يمكننا استخدام معادلة الشغل المبذول على جسم لإيجاد تعبير يتضمَّن الثابت المجهول :
نُوجِد أولًا ؛ أي إزاحة الجسم. نفترض أن الإحداثيات مُعطاة بوحدة متر. ومن ثَمَّ، يمكننا تمثيل النقطتين ، في صورة المتجهين ، بالمركبتين ، . إذن تُعطى الإزاحة، ، بالمعادلة:
والآن، نعوِّض بتعبيرَي القوة والإزاحة، وكذلك قيمة الشغل المبذول، في معادلة الشغل:
وهكذا، نجد أن قيمة تساوي ، .
نتناول أخيرًا حالة جسم تؤثِّر عليه قوة محافظة، وقوة أخرى تؤثِّر عكس القوة المحافظة؛ بحيث تزداد طاقة الوضع، مثلما يحدث عندما ترفع رافعةٌ جسمًا، أو عندما يضغط شخصٌ زنبركًا أو يُمدِّده. إذا افترضنا أن الجسم بدأ حركته من السكون ووصل إلى موضعه النهائي بسرعة تساوي صفرًا، فلن يكون هناك تغيُّر في طاقة حركة الجسم بين الموضعين. ووفقًا لمبدأ الشغل والطاقة، نعلم أن مجموع شغل القوى المؤثِّرة على الجسم كلها يساوي التغيُّر في طاقة الحركة. إذن لدينا هنا: حيث يُشير إلى الشغل الذي تبذله القوة المحافظة، ويُشير إلى الشغل الذي تبذله القوة الأخرى. وبما أن ، إذن نستنتج أن الشغل الذي تبذله القوة الأخرى يساوي التغيُّر في طاقة الوضع:
إذن، عندما يُرفَع جسمٌ بواسطة قوة، تبذل هذه القوة شغلًا موجبًا يزيد من طاقة وضعه، في حين يبذل الوزن شغلًا سالبًا.
النقاط الرئيسية
- طاقة وضع الجاذبية، ، لجسم كتلته يرتفع عن الأرض بمقدار ، تُعطى بالمعادلة: حيث عجلة الجاذبية في منطقة وجود الجسم، وقيمتها تساوي ٩٫٨ م/ث٢ تقريبًا.
- بالنسبة إلى القوى المحافظة، فإن التغيُّر في طاقة وضع الجسم، ، يساوي سالب الشغل المبذول، ، بواسطة القوة المؤثِّرة على الجسم: