شارح الدرس: مظاهر بناء الدولة الحديثة في عهد محمد علي باشا | نجوى شارح الدرس: مظاهر بناء الدولة الحديثة في عهد محمد علي باشا | نجوى

شارح الدرس: مظاهر بناء الدولة الحديثة في عهد محمد علي باشا التاريخ • الصف الثالث الثانوي

انضم إلى نجوى كلاسيز

شارك في حصص التاريخ المباشرة على نجوى كلاسيز وتعلم المزيد حول هذا الدرس من أحد مدرسينا الخبراء!

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نجح محمد علي باشا في بناء مصر الحديثة، من خلال التعرُّف على الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليم، وبناء القوة العسكرية.

منذ انفرد محمد علي باشا بحكم مصر، أدرك تأثُّر مصر بوقائع السياسة الأوروبية والتنافس الاستعماري بين القوى الأوروبية، وأن قوة السلطان العثماني وحدها لا تكفي للدفاع عن مصر أو لإنقاذها من الاحتلال الأوروبي، بل لا بدَّ لها من قوة ذاتية، تُدافع بها عن نفسها؛ لذلك عمل على بناء دولة قوية وفقًا للنظم الحديثة التي قامت عليها النهضة الأوروبية فشملت تحديثاته كافة نواحي الحياة حتى أضحت مصر في عهده محرِّكًا أساسيًّا للأحداث السياسية في شمال أفريقيا وغرب آسيا.

والآن سنتعرَّف على مظاهر بناء مصر الحديثة في عهد محمد علي باشا.

أولًا: الأحوال الاقتصادية

سبق أن تعرفنا على الأحوال الاقتصادية في مصر بعد خروج الحملة الفرنسية، وكيف ساءت خلال الفترة من عام ١٨٠١م وحتى عام ١٨١١م.

وعندما انفرد محمد علي باشا بالحكم تمامًا كان أول الأعمال التي قام بها في المجال الاقتصادي هي إلْغاء نظام الالتزام الذي وضعته الدولة العثمانية، وبدأ ينظِّم الاقتصاد المصري في الزراعة والصناعة والتجارة على نظام الاحتكار ليضمن منافسة الدول الأوروبية في سوق التجارة الدولية.

تعريف: سياسة الاحتكار

هي أن تقوم الحكومة ممثَّلة فى محمد علي باشا بالإشراف على الاقتصاد جملة وتفصيلًا من خلال تحديد نوع الغلَّات التى تُزرَع، ونوع المصنوعات التى تُنتَج، وتحديد أثمان شرائها من المُنتِجين وأثمان بيعها فى الأسواق.

والآن سنتعرَّف كيف طبَّق محمد علي باشا سياسة الاحتكار في كل مجال من مجالات الاقتصاد بشكل مفصَّل.

الزراعة: قام محمد علي باشا خلال ستة أعوام من ١٨٠٨ إلى ١٨١٤م بسلسلة من الإجراءات التي أدَّت إلى تغيير نظام الملكية والحيازة الزراعية، وكان أولها كما ذكرنا إلغاء نظام الالتزام ومصادرة أراضي الملتزمين وتسجيلها باسم الدولة، كما عمل على توفير أكبر قدر ممكن من الدخل القومي لمصر من الزراعة، ولتحقيق ذلك اتَّبع الأساليب الآتية:

  • إحلال أساليب زراعية جديدة لزيادة الإنتاج وتقليل الجهد، واستقدم المدرِّبين الماهرين من كلِّ مكان لتدريب الفلاحين على هذه الأساليب الحديثة.
  • الاهتمام بتحسين طُرق الرَّيِّ، وشقُّ التُّرَع، مثل ترعة المحمودية، وإنشاء القناطر الخيرية؛ لضمان توفير المياه طوال العام، فتحوَّلت الأراضي من ريِّ الحياض إلى الرَّيِّ الدائم؛ حيث كانت الزراعة في مصر تقوم على الطريقة التقليدية التي تُستخدَم فيها الآلات والمعدَّات البدائية وتعتمد على طريقة ريِّ الحياض.
    وتبعًا لهذه الطريقة من الري تزداد مساحة الأراضي الزراعية وتنقص حسب نسبة فيضان النيل، فإذا كان الفيضان عاليًا غمرت المياه الأراضي وكثرت الزراعة، وإذا كان منخفضًا قلَّت المحاصيل الزراعية وحدث الغلاء.
    ومن ثم كانت تُزرع الأراضي بالمحاصيل الشتوية فقط، ولا يُمكن زراعتها بالمحاصيل الصيفية إلَّا برفع المياه إلى الأراضي بالسواقي أو الشواديف؛ ومن ثَمَّ تعطُّل زراعة الأراضي لفترة طويلة من العام يُعَدُّ إسرافًا وتبديدًا لقيمتها الاقتصادية.
    القناطر الخيرية
    الشكل ١: القناطر الخيرية.
  • الاهتمام بالتعليم الزراعي، فأنشأ مدرسة الزراعة، واستقدَم خبراء زراعيين من الخارج.
  • إدخال أنواع جديدة من النباتات الزراعية، مثل أشجار التوت لتربية دودة القز، ونبات النيلة الهندية، واهتمَّ بتحسين زراعة القطن، حتى إنه في عام ١٨٢٨م أصبحت مصر أكثر دول العالَم تصديرًا للقطن، ومنذ ذلك الوقت أصبح القطن أحد الأعمدة الأساسية في الاقتصاد المصري.
    قطن مصري
    الشكل ٢: القطن المصري.

وكان محمد علي باشا قد بدأ في عام ١٨١٣م في إعادة مسح الأراضي الزراعية لتحديد المناطق الصالِحة للزراعة والمناطق التي يُمكن استصلاحها لتوسيع رقعة الأرض الزراعية في مصر.

هذا بالإضافة إلى الأراضي التي صادرها من الملتزمين وأراضي المماليك، وعمل على إعادة ملكية الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين من ٣ إلى ٥ فدادين لكلِّ فلاح بحسب أفراد أسرته ملكية انتفاع، ما داموا يُحسنون استغلالها، ويؤدُّون الضرائب المقرَّرة عليها؛ حتى إذا ما توانَوا، انتزعها منهم، وأعطاها لمَن يشاء.

وقد طبَّق سياسة الاحتكار في الزراعة على النحو الآتي:

  • تزويد الفلاحين باحتياجات الزراعة من بذور ومواشٍ وأدوات تُخصم قيمتها من قيمة المحصول عند تسليمه.
  • إلْزام الفلاحين بزراعة ما تقرِّره الحكومة من الحاصلات الزراعية.
  • شراء المحصول من الفلاحين بالسعر الذي تحدِّده الحكومة.

مثال ١: زراعة القطن في مصر

ماذا فعل محمد علي باشا لتحسين زراعة القطن في مصر؟

  1. الاستعانة بخبراء أجانب.
  2. الاهتمام بالتعليم الزراعي.
  3. إدخال أنواع جديدة من النباتات.
  4. تحسين طُرق الرَّيِّ.

الحل

الإجابة الصحيحة (د) «تحسين طُرق الرَّيِّ.» ويرجع السبب في ذلك إلى أن نظام الرَّيِّ الذي كان مُتَّبَعًا في مصر قبل تولِّي محمد علي باشا حكم البلاد هو نظام ريِّ الحياض، وهذا النظام قد عطَّل الأراضي الزراعية فترات طويلة؛ لأنه يقوم على الزراعة في فترة فيضان النيل فقط.

أمَّا الخيارات الثلاثة الأخرى (أ) «الاستعانة بخبراء أجانب» و(ب) «الاهتمام بالتعليم الزراعي» و(ج) «إدخال أنواع جديدة من النباتات»، فهي من مظاهر اهتمام محمد علي باشا بالزراعة بشكل عامٍّ، وليس القطن بشكلٍ خاصٍّ.

الصناعة: لم تكن الصناعة أحسن حالًا من الزراعة؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين الإنتاج الزراعي وقيام الصناعات الحديثة.

وكان التأخُّر الزراعي وقلَّة الفنيين، بالإضافة إلى استخدام الآلات والمعدَّات البدائية، من الأسباب الرئيسية لتدهور الصناعة؛ لذلك اقتصر الإنتاج الصناعي حتى أوائل القرن التاسع عشر على الصناعات الصغيرة اليدوية.

ولقيام صناعة حديثة متطوِّرة كان لا بدَّ من توافر عدَّة عوامل، منها وفرة رءوس الأموال، والموارد الطبيعية، والتنظيم، وحسن الإدارة، والأيدي العاملة الفنية المُدرَّبة، بالإضافة إلى توافر الأسواق الداخلية والخارجية لتصريف المنتَجات بها.

فقد كان محمد علي باشا يهدف إلى بناء جيش وأسطول قويَّيْن، ومثل هذا النوع من الصناعات الموجودة في البلاد لا يتلاءم مع حاجة الجيش والأسطول؛ لذلك قرَّر تطبيق سياسة الاحتكار في الصناعة أيضًا لتحقيق أهدافه من بناء القوة الذاتية للدولة وتوفير كلِّ العوامل السابق ذكرها، وخاصة الموارد الطبيعية، حتى إنْ تطلَّب الأمر القيام بفتوحات عسكرية خارجية لتحقيق هذا الهدف.

ولكن كيف طبَّق محمد على باشا سياسة الاحتكار في الصناعة؟

طبَّق محمد علي باشا سياسة الاحتكار في الصناعة من خلال:

  • إمداد الصُّنَّاع بالمواد الخام اللازمة للصناعة بالثمن الذي تحدِّده الحكومة؛ حيث كانت مسألة توفير الموارد الطبيعية، وخاصة الحديد، من المسائل التي شغلت أذهان محمد علي باشا والخبراء الأجانب الذين استعان بهم لتطوير الصناعة، وكانت توسُّعات محمد علي باشا في بلاد الشام بابًا للحصول على تلك الموارد.
  • رفع أسعار بيع المواد الخام للصُّنَّاع وخفض أسعار شراء مُنتَجاتهم لتحقيق الربح المناسب، فقد نجح محمد علي باشا في استغلال مناجم سوريا ولبنان للحصول على كميات وفيرة من الفحم والحديد، وكذلك قطع أشجار الصفصاف وعمل الفحم منها.
  • تحديد سعر بيع المُنتَجات الصناعية في الأسواق.
  • توفير مصادر الطاقة اللازمة للصناعات الحديثة، ومنها محاولة استغلال مساقط المياه في شلالات أسوان لتوليد طاقة كهربية يُمكن استخدامها في إدارة مصانع الغزل والنسيج، وكذلك استغلال حركة الرياح في إدارة الآلات؛ ولذلك قام بإنشاء ٣٠ طاحونة هواء.

وقد ساعَد في نجاح هذه السياسة الإجراءات التي اتَّخذها محمد علي باشا لتطوير الإنتاج الصناعي، وهي:

  • إقامة مصانع حكومية تتبع الدولة مباشرة لتوفير الصناعات المطلوبة، كمصانع حلج القطن ومصانع عصر الزيوت وإنتاج السُّكَّر وتكريره، على أن تكون كلُّ هذه المصانع تحت سيطرة الدولة وتوجيه الحكومة دون غيرها.
  • استقدام خبراء من الخارج لتصنيع آلات الغزل والنسيج وآلات الترسانة الحربية والبحرية عن طريق تقليد الأنماط المستوردة.
  • حرص محمد علي باشا على أن تضمَّ مصانع الدولة وِرَشًا خاصة مُجهَّزة لصيانة الآلات والمعدَّات وإصلاح ما يُصيبها من أعطال فنية.
  • إجبار مشايخ الحارات على جمع الصِّبْية للعمل فى مصانع الدولة، فأصبحت بمثابة مدارس صناعية.
  • تخصيص بعثات للخارج منذ عام ١٨٠٩م لدراسة فنون الصناعة المختلفة وترجمة الكتب الصناعية.

ويُمكن تقسيم الصناعات التي قامت خلال تلك الفترة إلى نوعين هما:

  • الصناعات التحويلية: التي لها ارتباط وثيق بالمُنتَجات الزراعية، وعلى رأسها صناعات الغزل والنسيج والسُّكَّر.
  • الصناعات الحربية: التي تقوم أساسًا على إمداد الجيش والبحرية بالأسلحة والمعدَّات اللازمة، وعلى رأسها صناعة الأسلحة والذخيرة في ترسانة القلعة.

التجارة: تقدَّمت التجارة الخارجية في عهد محمد علي باشا بسبب الزيادة في إنتاج المحاصيل الزراعية، ونجاح سياسة الاحتكار التي طبَّقها في المجالَيْن الداخلي والخارجي.

كما نجح محمد علي باشا في تصريف فائض الحاصلات الزراعية في البلاد التي قام بفتحها، وأنشأ ديوانًا مستقلًّا للتجارة، وجعل مقرَّه الإسكندرية، ثم أنشأ ديوان «التجارة المصرية والأمور الإفرنجية».

وقد خضعت التجارة أيضًا لسياسة الاحتكار، وذلك على النحو الآتي:

  • فى مجال التجارة الداخلية: احتكر محمد علي باشا تسويق جميع الحاصلات الزراعية من خلال إجبار الفلاحين على بيعها للحكومة بالأسعار التي تحدِّدها الدولة، وكذلك أسعار الشراء.
  • فى مجال التجارة الخارجية: اهتمَّ محمد علي باشا بالبيع للتُّجَّار الأجانب فى الداخل والخارج، واحتكر تجارة الواردات، وكان لا يشجِّع الاستيراد كثيرًا؛ لأنه كان يرى أن الدولة القوية هى التى تزيد صادراتها على وارداتها، وكان القطن هو أهم السلع في تجارة الصادرات، يليه القمح.

ونتيجة للسياسات السابقة نشطت التجارة نشاطًا واسعًا خلال حكم محمد علي باشا، حين أصبحت الحكومة هي المتحكِّم الرئيسي بها، وحرَّمت على الفلاحين الاتصال بالتُّجَّار الأجانب.

وبذلك أصبحت التجارة موردًا ثابتًا من الموارد الأساسية التي يعتمد عليها دخل حكومة محمد علي باشا.

النقل والمواصلات: ارتبط ازدهار النقل والمواصلات بتسهيل الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري، وذلك من خلال:

  • تمهيد الطُّرق البرِّية.
  • بناء أسطول فى البحرين الأحمر والمتوسط وإصلاح الموانئ، خاصة ميناء الإسكندرية.
  • تطهير البحر الأحمر من القرصنة؛ ولذلك فضَّلت بريطانيا استخدام طريق البحر الأحمر لمرور التجارة، بدلًا من الدوران حول أفريقيا.

وقد ترتَّب على اهتمام محمد علي باشا بالتجارة العناية بوسائل النقل المختلفة، فتأسَّست عام ١٨٤٥م شركة للملاحة في البحر الأبيض المتوسط بين الإسكندرية والأستانة، وشركة للملاحة في النيل عام١٨٤٦م.

اتساع نفوذ مصر وأملاكها في آسيا وأفريقيا، وسيطرة محمد علي باشا على طُرق المواصلات الرئيسية بين الشرق والغرب عبر سوريا والبحر الأحمر، أثار حفيظة بريطانيا، فسَعَت إلى تقويض نفوذه؛ خوفًا من نشوء دولة قوية في الشرق الإسلامي، تهدِّد مصالحها الإمبراطورية.

مثال ٢: استفادة مصر من التجارة الدولية

استفادت مصر من إيراد الملاحة العالَمية في عصر محمد علي باشا نتيجة اهتمامه بـ.

  1. البحر الأحمر
  2. حفر قناة السويس
  3. إنشاء أسطول في البحرين الأحمر والمتوسط
  4. إنشاء ميناء الإسكندرية

الحل

الإجابة الصحيحة (أ) «البحر الأحمر»، فقد ترتَّب على تطهير محمد علي باشا للبحر الأحمر من القراصنة عودة حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر مرَّة أخرى بعد أن كانت الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا تفضِّل استخدام طريق رأس الرجاء الصالح، فأصبحت البضائع الأوروبية تَصِل إلى موانئ البحر المتوسط، ثم تُنقَل برًّا حتى تَصِل إلى البحر الأحمر، ثم تُحمَل مرَّة أخرى على السُّفن.

أمَّا الاختيار (ب) «حفر قناة السويس»، فهو خطأ؛ لأن قناة السويس لم تُحفَر في عهد محمد علي باشا، وأمَّا الاختياران (ج) «إنشاء أسطول في البحرين الأحمر والمتوسط» و(د) «إنشاء ميناء الإسكندرية»، فهما خطأ؛ لأنهما مرتبطان بنشاط التجارة المصرية الداخلية والخارجية، وليس حركة الملاحة الدولية.

ثانيًا: الأحوال الاجتماعية وتطوُّرها

كان لسياسة محمد علي باشا الاقتصادية أثرها في تشكيل وبناء القوى الاجتماعية في مصر؛ حيث انتهت قوًى كانت بارزة في ظلِّ الحكم العثماني المباشِر، وظهرت قوًى جديدة استفادت من نظام محمد علي باشا ومشروعاته.

والمخطَّط الآتي يوضِّح البناء الاجتماعي في مصر خلال حكم محمد علي باشا.

الشكل ٣: مخطَّط البناء الاجتماعي للمجتمع المصري في عهد محمد علي باشا.

مثال ٣: طبقات المجتمع المصري

بمَ تأثَّرت طبقة العلماء اجتماعيًا في عصر محمد علي باشا؟

  1. الاهتمام بالتعليم الأزهري.
  2. إرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا.
  3. الاستعانة بالخبراء الأجانب.
  4. إنشاء المدارس المختلفة.

الحل

الإجابة الصحيحة (د) «إنشاء المدارس المختلفة.» فقد ترتَّب على إنشاء المدارس المختلفة ظهور طبقة جديدة في المجتمع، هي طبقة خرِّيجي المدارس الحديثة، وبدأت بمرور الوقت هذه الطبقة تحلُّ محلَّ طبقة علماء الأزهر في المجتمع، خاصة مع عدم اهتمام محمد علي باشا بالتعليم الأزهري.

أمَّا الاختيار (أ) «الاهتمام بالتعليم الأزهري.» فهو خطأ؛ لأن محمد علي باشا لم يهتمَّ بالتعليم الأزهري بقدر اهتمامه بالتعليم النظامي الحديث، أمَّا الاختياران (ب) «بإرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا.» و(ج) «بالاستعانة بالخبراء الأجانب.»، فهما خطأ؛ لأنهما من مظاهر اهتمام محمد علي باشا بتطوير التعليم في مصر، وليس لهما علاقة بتأثُّر طبقة العلماء اجتماعيًّا.

ثالثًا: التعليم ودوره في بناء الدولة الحديثة

احتاجت الدولة الحديثة التي أنشأها محمد علي باشا إلى توفير قيادات وقدرات، عجز التعليم القائم في ذلك الوقت عن تخريجها، فلجأ محمد علي باشا إلى وضع نظام تعليمي جديد اقترن في عهده بأهدافه العسكرية.

لقد كان في حاجة إلى الضباط والفنيين من أطباء وصيادلة ومهندسين وغيرهم، قدر حاجته إلى المرافق والمدارس والإدارات اللازمة لتدريب أهل البلاد وتوجيههم الوجهة التي تقتضيها الحياة الجديدة.

ورغم ذلك آثر محمد علي باشا أن يبتعد عن الأزهر كلية؛ خشية إثارة علمائه، واستثارة المشاعر الدينية؛ ولذلك أنشأ إلى جانب التعليم القديم، تعليمًا حديثًا يُماشي النسق الأوروبي، وعاش النوعان معًا؛ بل ظلَّ التعليم الديني بالمعاهد والكتاتيب والأزهر ودراساته ورجاله أحرارًا، بعيدًا عن رقابة الدولة وسلطانها، ومن أبرز مظاهر اهتمام محمد علي باشا بالتعليم:

  • البعثات التعليمية: خلال الفترة من ١٨١٣ إلى ١٨٤٧م، أوفد محمد علي باشا بعثات من طلاب الأزهر إلى إيطاليا وفرنسا وبريطانيا للتعليم، ولاكتساب الخبرات اللازمة، ولدراسة الفنون العسكرية، وبناء السفن والملاحة، وتعلُّم الهندسة والميكانيكا وأصول الري والصرف، ودراسة القانون والسياسة.
    وفي عام ١٨٢٦م كان رفاعة رافع الطهطاوي إمامًا لطلاب أول بعثة كبيرة إلى فرنسا، وقد استفاد كثيرًا من الثقافة الفرنسية، وأدرك قيمة الاطلاع على علوم ومعارف المجتمعات الأوروبية.
    وعندما عاد اقترح على محمد علي باشا تأسيس مدرسة الألسن عام ١٨٣٦م لتدريس اللغات الأوروبية والترجمة، وكان لها الفضل في نقل كثير من معارف الغرب إلى مصر.
    ولم يكتفِ محمد علي باشا بإرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا، بل استعان بكثير من الخبراء الأجانب في مختلف قطاعات التعليم لإدارة التعليم في مصر، وكان أغلبهم في البداية من إيطاليا، حتى إن أول لغة أجنبية دُرِّست في مصر كانت اللغة الإيطالية.
    ورغم ذلك أدرك محمد علي باشا أن من الخطورة الاستمرار في الاعتماد على هؤلاء الأجانب، الذين قد يُعرقِلون مصالح الحكومة.
    كما أن المؤسسات التعليمية، لكي تكون دائمة ومستمرَّة، يجب أن تُصبَغ بالصبغة الوطنية.
    بالإضافة إلى أن هؤلاء الأجانب يَجهَلون لغة البلاد، ويتقاضَوْن مرتَّبات ضخمة، كانت تمثِّل عبئًا ثقيلًا على خزينة الدولة.
  • المدارس: خلال الفترة من ١٨١٦ إلى ١٨٣٩م أقام محمد علي باشا مدارس تخدم النظام الاقتصادي والعسكري، مثل مدرسة المهندسخانة والطب والصيدلة والبيطرة، ومدارس لتعليم أصول المحاسبة والفنون والصنايع والزراعة.
    القاهرة
    الشكل ٤: بيمارستان القاهرة ١٨٣٨م، وهو عبارة عن مستشفًى ومدرسة لتعليم الطب.
    درس في علم التشريح
    الشكل ٥: درس في التشريح في بيمارستان بالقاهرة.
    وكان يلتحق بهذه المدارس في البداية تلاميذ الأزهر والكتاتيب الذين حصلوا على قسط معقول من التعليم، ثم أصبحت المدارس عامة ومدنية الطابع.
    وقد أوجد هذا النوع من التعليم ثقافة مدنية تختلف عن الثقافة الدينية السائدة في ذلك الوقت، ومن هنا كانت ازدواجية الفِكر والثقافة إحدى مشكلات الثقافة والتفكير في مصر، وهي مشكلة بدأت جذورها منذ أيام الحملة الفرنسية.
    ولمَّا تعدَّدت المدارس واتَّسع نطاقها أنشأ محمد علي باشا ديوان المدارس عام ١٨٣٧م، فكانت أول وزارة للتعليم.
    ومن الجدير بالذكر أن محمد علي باشا لم يكن يَلقَى من المصريين خلال الفترة الأولى قبولًا على الانتظام في المدارس، خاصة أن فكرة التعليم ارتبطت في أذهانهم بنظام التجنيد الذي اتبعته الحكومة. ذلك لأن الأطفال كانوا يُؤخَذون قسرًا من أُسَرهم ويُزَجُّ بهم في المدارس، ويُطبَّق عليهم النظم الداخلية، ولا يعودون إلا بعد فترة طويلة، إلى جانب تطبيق النظم العسكرية في التعليم، وقد ينتهي ذلك بالانخراط في سلك الجيش ضباطًا أو جنودًا.

مثال ٤: البناء التعليمي في عهد محمد علي باشا

اهتمَّ محمد علي باشا بالبناء التعليمي لتحقيق كلِّ الأغراض الآتية، ما عدا .

  1. بناء النظام الاقتصادي
  2. بناء المجتمع
  3. بناء القوة العسكرية
  4. توسيع الحدود السياسية

الحل

الإجابة الصحيحة (ب) «بناء المجتمع»؛ لأن الهدف الرئيسي لمحمد علي باشا من الاهتمام بالتعليم هو خدمة أهدافه السياسية والعسكرية، وسعيه في تحقيق حلمه بأن يكوِّن إمبراطورية عربية تخضع لحكمه، وبمرور الوقت تحلُّ محلَّ الدولة العثمانية، ولكن المجتمع المصري استفاد من النظام التعليمي الذي وضعه محمد علي باشا دون أن يقصد هو ذلك، أمَّا باقي الخيارات (أ) «بناء النظام الاقتصادي»؛ و(ج) «بناء القوة العسكرية»؛ و(د) «توسيع الحدود السياسية»؛ فهي من الأغراض الرئيسية للبناء التعليمي في عهد محمد علي باشا.

رابعًا: الأحوال السياسية وتطوُّرها

أبقى محمد علي باشا على النظام السياسي الذي كان سائدًا في مصر بعد خروج الحملة الفرنسية القائم على وجود ثلاث سلطات، هي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، ولكنه أدخل عليه بعض التعديلات التي تُمكِّنه من فرض سيطرته على مقاليد الحكم.

السلطتان التنفيذية والتشريعية: قام نظام الحكم فى عهد محمد علي باشا على قاعدة الحكم الفردي المطلق، مثلما كان أيام العثمانيين والمماليك، ولكنه أقام مجموعة من الدواوين والمجالس تتماشى مع فكرة الدواوين الاستشارية التي أقامتها الحملة الفرنسية فى مصر.

والمخطَّط الآتي يوضِّح أهم هذه الدواوين.

الشكل ٦: مخطَّط مكوِّنات نظام الحكم والإدارة في عهد محمد علي باشا.
  • الديوان العالي: تأسَّس عام ١٨٢٤م برئاسة نائب أو وكيل الباشا، وله سلطة واسعة في شئون الحكومة كافة، وكانت مهمة الديوان بحث أعضائه الشئون المتعلِّقة بالحكومة، قبل الشروع في تنفيذها.
  • مجلس المشورة: تأسَّس عام ١٨٢٩م ، ويتألَّف من كبار موظفي الحكومة والعلماء والأعيان، وينعقد مرَّة واحدة في السَّنَة لاستشارته في مسائل الإدارة والتعليم والأشغال العمومية.
  • المجلس العالي: تأسَّس عام ١٨٣٤م ، وهو يُماثِل مجلس الوزراء في وقتنا الحالي، ويتألَّف من نُظَّار الدواوين ورؤساء المصالح، وضمَّ إليه اثنين من الأعيان عن كلِّ مديرية، واثنين لشئون الحسابات.
  • الدواوين السبعة: في عام ١٨٣٧م أصدر محمد علي باشا ما يُعرَف بـ «القانون الأساسي»، لتنظيم العلاقة بين سبعة دواوين حكومية وتحديد اختصاصاتها، وهذه الدواوين هي: الديوان الخديوي؛ المسئول عن شئون الحكومة الداخلية والعامة، وديوان الإيرادات، وديوان الجهادية، وديوان البحر للأسطول، وديوان المدارس، وديوان الأمور الإفرنجية والتجارة المصرية، وديوان الفابريقات.
  • المجلس المخصوص: تأسَّس عام ١٨٤٧م، ويختص بالنظر في الشئون الكبرى للحكومة، وتشريع اللوائح والقوانين، وإصدار تعليمات لجميع المصالح.
  • المجلس العمومي: تأسَّس عام ١٨٤٧م، للنظر في شئون الحكومة كافة، وهو يختلف عن المجلس المخصوص؛ فهو أشبه بجمعية عمومية.

لم تكن المجالس والدواوين التي استحدثها محمد علي باشا إلا هيئات تنفيذية لإدارته في الحكم، ولا تعني إنشاء نظام دستوري نيابي.

ويُمكن القول إن الحكم المطلق الفردي الذي اعتمده محمد علي باشا حقَّق له المشروعات التي خطَّط لها، وإن ظروف المجتمع المصري ومرحلة الاضطرابات الأمنية والصراع على السلطة التي كانت سائدة في مصر منذ خروج الحملة الفرنسية لا تسمح بغير هذا النوع من الحكم.

التقسيم الإداري: كانت مصر في العهد العثماني مُقسَّمة ١٦ مديرية، وقد أعاد محمد علي باشا تقسيمها إلى سبع مديريات (محافظات) متساوية المساحة، ومتساوية فى الضرائب المفروضة، وجعل على كلِّ مديرية مديرًا (محافظًا).

قسَّم المديريات إلى مراكز، وجعل على كلِّ مركز مأمورًا، وقسَّم كلَّ مركز إلى أقسام، وعلى كلِّ قسم ناظرًا، وقسَّم كلَّ قسم إلى نواحٍ وقرًى، وعلى كلِّ ناحية أو قرية شيخ بلد أو عُمدة.

كان يتولَّى الأتراكُ كلَّ الوظائف الإدارية، ما عدا الوظائف المالية، ومنصب شيخ البلد أو العمدة، ولكنْ بعد ضَعْف نفوذ محمد علي باشا بدأت سياسته في إحلال المصريين تدريجيًّا، حتى مُصِّر كلُّ الوظائف مع نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر، ما عدا الجيش الذي ظلَّت الرُّتَب الكبيرة فيه حكرًا على العناصر التركية والشركسية.

السلطة القضائية: استمرَّ محمد علي باشا في تطبيق النظام القضائي المعمول به منذ الحكم العثماني والحملة الفرنسية، وقد استمرَّت المحاكم الشرعية في رعاية الأحوال الشخصية وانتقال الملكية، إلا أنه أَدخل بعضَ التعديلات على هذا النظام، وقد تمثَّلت جهوده في القضاء على النحو الآتي:

  • أضاف إلى الديوان الخديوي بعض الاختصاصات القضائية.
  • أنشأ هيئة قضائية جديدة، باسم «جمعية الحَقَّانية» عام ١٨٤٢م، تختصُّ بمُحاكَمة كبار الموظفين، وكانت محكمة جنايات وجُنَح.
  • أنشأ محكمة تجارية عُرِفت بمجلس التجارة للفصل فى المنازعات التجارية بين المصريين، وبينهم وبين الأجانب؛ ولذلك دخل الأجانب فى تشكيلها.
  • أنشأ مجالس أقاليم، تفصل في المسائل المدنية والتجارية.

مثال ٥: نظام الحكم في عهد محمد علي باشا

تَشابَه نظام الحكم في عصر محمد علي باشا مع نظام الحكم في عصر المماليك في .

  1. الاعتماد على الطبقة الوسطى
  2. تطبيق نظام الشورى في الحكم
  3. الاعتماد على الأتراك
  4. عدم فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية

الحل

الإجابة الصحيحة (د) «عدم فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية»؛ فقد اعتمد كلٌّ منهما على نظام المركزية في الحكم، وأن يكون الوالي هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في كلِّ شيء، ورغم ما قام به محمد علي باشا من إنشاء دواوين ومجالس وغير ذلك، فقد ظلَّ نظام الحكم حكمًا فرديًّا مطلقًا.

أمَّا الإختيار (أ) «الاعتماد على الطبقة الوسطى»، فقد طُبِّق في عصر المماليك فقط، وأمَّا الاختيار (ب) «تطبيق نظام الشورى في الحكم»، فلم يُطبَّق في أيٍّ من العصرين. أمَّا الاختيار (ج) «الاعتماد على الأتراك»، فقد طُبِّق في عهد محمد علي باشا فقط.

خامسًا: بناء القوة العسكرية

كان محمد علي باشا رجلًا عسكريًّا، ومحاربًا يُدرك أهمِّية القوة العسكرية، فكان لا بدَّ من وجود قوة تحمي النظام الجديد، وتكفل له الاستقرار، وتدافع عن الأقاليم، التي كوَّن منها محمد علي باشا إمبراطوريته في بلاد العرب والسودان والشام.

فأنشأ جيشًا وطنيًّا، مُدرَّبًا وفقًا للنظام الأوروبي الحديث، وعُرِف الجيش الجديد باسم «النظام الجديد».

الجيش: كان الجيش محور سياسة محمد علي باشا في بناء الدولة الحديثة، وأداةً لتقدُّم مصر بجانب مهمَّته العسكرية؛ حيث إن إصلاحات محمد علي باشا كانت تابعة للجيش؛ فمثلًا قام بإنشاء مدرسة الطب لإعداد أطباء للجيش، والمهندسخانة لإعداد خبراء في الصناعات الحربية لخدمة الجيش.

إعداد الضباط: قام محمد علي باشا بمحاولتين لإعداد الضباط للجيش المصري النظامي الذي كان يطمح إليه، وهما:

  • المحاولة الأولى عام ١٨١٥م: لم يكن في البداية يُهِمُّ محمد علي باشا النوعية التي تتكوَّن منها قوَّاته الحربية بقدْر ما كان يُهِمُّه نوع التدريب الذي يتلقَّاه الجنود، وقد ظهر ذلك واضحًا حينما أمر بتدريب فرقة من الجنود الأتراك الذين اشتركوا في الحروب الوهابية على النظم الحربية الأوروبية الحديثة.
    ولكن أفرادها رفضوا التدريب وتآمَروا لخلعه، وتراجَع عن فكرته بشكلٍ مؤقَّت، فعندما أمر محمد علي باشا الجنود الأتراك بالخروج إلى الميدان قُبَيْل الفجر للتعلُّم على طُرق التدريب الأوروبية الحديثة، أخذوا في إثارة الفوضى وإطلاق النيران المتواصِلة والمتتابِعة كالرَّعد، وعادوا إلى المدينة.
    وقاموا بإثارة الشغَب، والاعتداء على أموال وممتلكات الناس، والإخلال بالنظام، وقاموا كذلك بأعمال السلب والنهب للدكاكين والمتاجر في الأسواق، وداسوا على الناس بخيولهم، وبعد ذلك قاموا بتدبير مؤامرة للتخلُّص من محمد علي باشا.
    تلك المؤامرة تكشَّفت خيوطها حينما قُبِض على عابدين بك، أحد قادة الأتراك، فتمكَّن محمد علي باشا بحكمة من مُعالَجة تلك المؤامرة وإخمادها، وتعويض الأهالي عمَّا لحق بهم من جرَّاء عمليات السلب والنهب، ولم يهدأ المتآمِرون إلا حينما أخذهم محمد علي باشا باللِّين، ووعدهم بألَّا يغيِّر النظام الذي نَشَئوا عليه.
  • المحاولة الثانية عام ١٨٢٠م: بالرغم من الصعوبات التي واجهت محمد علي باشا فإنه لم يتراجع عن فكرته، فقد كان مؤمنًا بأهمِّية أن ينظِّم الجيش تنظيمًا حديثًا، حتى يُمكن مجابهة القوة بالقوة إذا اضطرته الظروف إلى ذلك، واتَّخذ من الجيش الفرنسي مثالًا يُحتذَى به.
    وفي عام ١٨٢٠م استعان محمد علي باشا بعدد من جنرالات نابليون بونابرت الذين فقدوا أماكنهم بعد سقوط إمبراطورية نابليون، وكان على رأسهم الجنرال جوزيف إنثلم سيف، المعروف تاريخيًّا بسليمان باشا الفرنساوي، وعَهِد إليه بتأسيس مدرسة حربية في أسوان لإعداد ضباط عسكريين من أبناء المماليك وكبار تلاميذ القلعة وبعض غلمانه وغلمان كبار موظفي الدولة على النمط العصري الحديث.
    محمد علي
    الشكل ٧: محمد علي بجانب سليمان باشا.
    وبعد ثلاث سنوات من التدريب، نجحت التجربة، وتخرَّجت تلك المجموعة ليكون هؤلاء الضباط النواة التي بدأ بها الجيش النظامي المصري، ويرجع السبب في اختيار محمد علي باشا لمدينة أسوان لتكون مركزًا للمدرسة العربية إلى الأسباب الآتية:
    • لبُعد مدينة أسوان عن الدسائس والمؤامرات التي تُحاك ضدَّه.
    • لتكون بعيدة عن الانظار، فيكون الأمر في سِرِّية، دون أن يَلفت إليه أنظار الناس.
    • حتى لا يكون تعليم التلاميذ على يد ضابط أوروبي مثارًا لهياج الناس، خاصة بين الجنود غير النظاميين الذين كانوا ينفرون من كلِّ نظام جديد.
    • حتى يكون التلاميذ بعيدين عن أماكن اللهو والمرح، فلا يُفسد عليهم الأخلاق الحربية.

إعداد الجنود: رفض محمد علي باشا تجنيد الأتراك والأرناءود والألبان، بسبب طبيعتهم المتمرِّدة، كما رفض تجنيد المصريين لحاجته الضرورية لهم في فلاحة الأراضي الزراعية.

وفي عام ١٨٢٠م تبلورت في ذهن محمد علي باشا ضرورة فتح السودان، لاستخدام السودانيين في تكوين جيشه النظامي، وبالفعل جُنِّد أكثر من عشرين ألف سوداني للالتحاق بنظامه الجديد، لكن سرعان ما ظهرت خطورة الاعتماد عليهم، وباءت المحاولة بالفشل الذريع، لأسباب كثيرة، منها عدم ملاءمة جوِّ البلاد للسودانيين، فارتفعت بينهم نسبة الوفيات، وكذلك إصابتهم بالأمراض المختلفة، وعدم قُدرتهم على العمل بالجيش لنفورهم من تلك الأنظمة العسكرية.

اضطُرَّ محمد علي باشا إلى تجربة الاعتماد على المصريين، ولم يَجِد الطريق أمامه سهلًا، بل واجهتْه صعوبات كثيرة، تمثَّلت في إعراض المصريين عن الانخراط في سلك العسكرية بعيدًا عن حياتهم المدنية التي أَلِفوها. واستمرَّ هذا الوضع حتى نجحت التجربة، وتخرَّج أول جيل من الجنود المصريين عام ١٨٢٤م، وحقَّقوا نتائج عظيمة في ميادين القتال الخارجية، خاصة في حرب اليونان.

ولمَّا اتَّسعت دائرة التجنيد، استقدم محمد علي باشا عددًا أكبر من الضباط الأوروبيون ليُعاونوه في تنظيم الجيش، كما أرسل عددًا من الشبان المصريين إلى أوروبا لإتمام دراساتهم الحربية، وعندما عادوا إلى مصر حلُّوا محلَّ المعلِّمين الأجانب في المدارس الحربية.

مثال ٦: تجنيد المصريين

ما سبب ابتعاد محمد علي باشا عن تجنيد المصريين في بداية تكوين الجيش؟

  1. طبيعتهم المتمرِّدة.
  2. رفضهم الخضوع للتدريب الحديث.
  3. تجنُّب لاحتمال ثورتهم ضدَّه.
  4. ضعف قُدْرتهم البدنية.

الحل

الإجابة الصحيح الاختيار (ج) «تجنُّب احتمال ثورتهم ضدَّه.» رأى محمد علي باشا في البداية عدم الاعتماد على المصريين في التجنيد حتى لا يثوروا عليه، لعدم اعتيادهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية، هذا إلى جانب حرصه على استخدامهم في تنفيذ مشروعاته الواسعة في الزراعة والصناعة والري؛ حتى لا تتعطَّل أداة الإنتاج الرئيسية في مجتمع عماد اقتصاده قائم على الزراعة؛ لذلك اتَّجه إلى تجنيد السودانيين حتى لا تتوقَّف عجلة الإنتاج.

أمَّا الاختياران (أ) «طبيعتهم المتمرِّدة.» والثاني (ب) «رفضهم الخضوع للتدريب الحديث.» فينطبقان على الجنود الأتراك والأرناءود. الاختيار (د) «ضَعْف قُدرتهم البدنية.» فينطبق على الجنود السودانيين.

الأسطول: عندما شرع محمد علي باشا في حرب الوهابيين، اقتضت الحاجة إلى بناء سُفن لنقل الجنود عبر البحر الأحمر، وبدأ يفكِّر في بناء أسطول قوي؛ لذلك قام بالآتي:

  • أنشأ ترسانة فى بولاق عام ١٨١٠م لتصنيع السُّفن، ثم نُقِلت القِطَع على ظهور الجمال إلى السويس، لتُجَمَّع هناك. وقد اقتصر دَوْر هذا الأسطول في البداية على نقْل الإمدادات والتموين طوال سنوات الحملة، وبعد أن أسَّس الجيش النظامي المصري، وجد أنه من الضروري تأسيس أسطول حربي قوي يُعاونه على بسط نفوذه.
    محمد علي
    الشكل ٨: محمد علي باشا يتفقَّد الأسطول المصري.
  • في عام ١٨٢٩م ، أمر محمد علي باشا بإنشاء ترسانة الإسكندرية لصناعة السُّفن الحربية والتجارية، وعَهِد بإدارتها إلى مهندس فرنسي، وقامت الترسانة بمهمة إعادة بناء الأسطول على الأنماط الأوروبية الحديثة، وقد بلغ عدد السُّفن الحربية التي صُنِعت في تلك الترسانة خلال ثمانية أعوام ٢٨ سفينة حربية، من بينها ١٠ سُفن كبيرة، كلٌّ منها مُسلَّح بمائة مدفع، فاستغنت مصر عن شراء السُّفن من الخارج. ومن شدَّة اهتمام محمد علي باشا بإنشاء هذه الترسانة كان يَزورها باستمرار، وكان يستحثُّ العُمَّال على العمل، ويحضر حفلات تدشين السُّفن الجديدة.
  • أنشأ معسكراً لتعليم البحَّارة من الجنود الأعمال البحرية.
  • أنشأ مستشفًى ومدرسة بحرية لإعداد ضباط الأسطول.
  • أرسل ضباطًا بحريين إلى فرنسا وبريطانيا لإتمام علومهم على ظهر السُّفن الحربية الأوروبية.

مصانع الأسلحة والذخيرة: رأى محمد علي باشا أنه لكي يضمن الاستقلالية، وحتى لا يصبح تحت رحمة الدول الأجنبية، عليه إنشاء مصانع للأسلحة في مصر، ومنها:

  • تأسيس مصنع الأسلحة والمدافع في القلعة عام ١٨٢٧م، وكان يُنتِج ما بين ٦٠٠ و٦٥٠ بندقية، وبين ٣ و٤ مدافع في الشهر الواحد، كما كان يصنع سيوف الفرسان، ورماحهم، وحمائل السيوف، وحقائب الجنود، وحلية الخيل من اللُّجُم والسروج.
  • أقام مصنعين للبارود، واحد بالحوض المرصود بحي السيدة زينب بالقاهرة، والآخَر بالمقياس بجزيرة الروضة.

النقاط الرئيسية

  • ازدهرت الأحوال الاقتصادية، من زراعة وصناعة وتجارة في عصر محمد علي باشا، بعد تطبيق سياسة الاحتكار.
  • تغيَّرت الأحوال الاجتماعية في عصر محمد علي باشا؛ حيث ظهرت طبقات اجتماعية جديدة، كما اختفت طبقات كانت موجودة من قبلُ.
  • احتاجت الدولة الحديثة، التي أنشأها محمد علي باشا، إلى توفير قيادات وقُدرات، عجز التعليم القائم عن تخريجها فلجأ محمد علي باشا إلى وضع نظام تعليمي جديد.
  • قام نظام الحكم فى عهد محمد علي باشا على قاعدة الحكم الفردي المطلق، ولكنه أقام مجموعة من الدواوين والمجالس الاستشارية.
  • أعاد محمد علي باشا تقسيم مصر إلى سبع مديريات (محافظات) متساوية المساحة ومتساوية فى الضرائب المفروضة، وجعل على كلِّ مديرية مديرًا (محافظًا).
  • كان الجيش محور سياسة محمد علي باشا في بناء الدولة الحديثة، وأداة لتقدُّم مصر.

انضم إلى نجوى كلاسيز

شارك في الحصص المباشرة على نجوى كلاسيز وحقق التميز الدراسي بإرشاد وتوجيه من مدرس خبير!

  • حصص تفاعلية
  • دردشة ورسائل
  • أسئلة امتحانات واقعية

تستخدم «نجوى» ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة على موقعنا. اعرف المزيد عن سياسة الخصوصية