في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نشرح الشك باعتباره إحدى مهارات التفكير الفلسفي.
تبدأ الفلسفة بطرح الأسئلة، مثل «هل الأشياء في الحقيقة مثلما تبدو عليه في الظاهر؟» و«ما الذي نعرفه؟»
الشك هو رفض اعتبار ما نعتقده أمرًا مسلَّمًا به. ويتطلَّب التفكير الفلسفي التدقيق في أسباب معتقداتنا، والتخلِّي عن هذه المعتقدات إذا لم نجد أسبابًا صائبة وكافيةً لتأييدها.
مثال ١: الأسباب
ما الذي يجب علينا فعله عندما لا نجد أسبابًا صائبة وكافية لتأييد معتقداتنا؟
- يجب أن نتخلَّى عنها.
- يجب أن نتجاهل الأسباب التي لا تؤيِّدها.
- يجب أن نُصِرَّ على أنها صحيحة.
- يجب أن نتظاهر بأن الأمر لا أهمِّية له.
- يجب أن ننتقد أيَّ أسباب لا تؤيِّد معتقداتنا دون تمييز.
الحل
يتضمَّن التفكير الفلسفي تصديق ما هو مستنِدٌ إلى أسباب. وهذا يتطلَّب منا أن نجد أسبابًا لتأسيس معتقداتنا عليها، حتى وإن تطلَّب الأمر التخلِّي عن هذه المعتقدات إذا لم نجد أسبابًا صائبة وكافية لهذا التأسيس.
عندما نصرُّ على أن معتقداتنا صحيحة حتى إذا لم تكُن مستندة إلى أسباب، أو نتظاهر بأنه من غير المهم أن ترتكز معتقداتنا على أسباب، فإننا لم نَعُد نفكِّر تفكيرًا عقلانيًّا.
بدلًا من ذلك، فإننا نختار، على نحو انتقائي، تجاهل الأسباب المناقضة لمعتقداتنا، أو تجاهل افتقار معتقداتنا إلى الأساس العقلاني.
سنصبح لا عقلانيِّين كذلك إذا تجاهلنا الأسباب المناقضة لمعتقداتنا أو هاجمناها بلا تمييز.
إذن الإجابة الصحيحة هي أ.
هناك نوعان من الشك يهتمُّ بهما الفلاسفة: الشك المطلق والشك المنهجي.
الشك المطلق موقفٌ فلسفي؛ أي إنه معتقد يعتنقه الإنسان ويدافع عنه باستخدام الحجج. يتكوَّن هذا الموقف من الاعتقاد بأننا لا نعرف أيَّ شيءٍ على الإطلاق.
مصطلح رئيسي: الموقف الفلسفي
الموقف الفلسفي اعتقادٌ يعتنقه شخصٌ ما ويدافع عنه باستخدام الحجج.
مصطلح رئيسي: الشك المطلق
الشك المطلق هو الاعتقاد بأننا لا نعرف أيَّ شيءٍ مطلقًا.
قلَّةٌ من الفلاسفة عبر التاريخ يوافقون على هذا النوع من الشك. بدلًا من ذلك، يدافع معظم الفلاسفة عن الاعتقاد بأن المعرفة ممكنة.
والشك المنهجي أداةٌ يستخدمها الفلاسفة بهدف الوصول إلى المعرفة والتغلُّب على الشك المطلق.
يستخدم الفلاسفة الشك إستراتيجيًّا للتأكُّد من أن كل شيءٍ يدَّعُون معرفته يقينيٌّ مطلقًا.
مصطلح رئيسي: الشك المنهجي
الشك المنهجي هو الاستخدام الإستراتيجي للشك للتأكُّد من أن كلَّ ما ندَّعي معرفته يقينيٌّ مطلقًا.
استخدم رينيه ديكارت، أبو الفلسفة الحديثة، الشك من أجل التخلِّي عن المعتقدات غير اليقينية، وتأسيس الفلسفة على أساسٍ سليم. احتجَّ ديكارت بأنه قبل أن نقيم أيَّ دعوى، علينا أن نشرح كيف نعرف أنها صحيحة بيقين مطلق.
شخصية رئيسية: رينيه ديكارت
يُعَدُّ رينيه ديكارت أبا الفلسفة الحديثة؛ لأنه احتجَّ بأنه قبل أن نقيم أيَّ دعوى، علينا أن نشرح كيف نعرف أنها صحيحة بيقين مطلق.
مثال ٢: ديكارت واليقين المطلق
لماذا ادَّعى ديكارت أنه من المهم التأكُّد من أنَّ أيًّا من معتقداتنا ليس مغلوطًا؟
- لأن معتقداتنا يعتمد بعضها على بعض
- لأن ديكارت كان يكره أن يكون مخطئًا
- لأن المعتقدات المغلوطة تؤدِّي إلى استخفاف الناس بنا
- لأن الخطأ عادة سيئة
- لم يدَّعِ ديكارت ذلك، بل لم يُمانِع أن يكون بعض معتقداتنا مغلوطًا.
الحل
ادَّعى ديكارت بالفعل أن من المهم التأكُّد من أن أيًّا من معتقداتنا ليس مغلوطًا.
بعض الإجابات المقترحة قد تصلح أسبابًا للتأكُّد من أن أي معتقدٍ من معتقداتنا ليس مغلوطًا، لكنها غير معنيَّة بالهدف الدافع لديكارت. كان ديكارت معنيًّا بالتأكد من أن كل معتقداتنا مستندة إلى أسباب، وأن هذه المعتقدات يقينيَّة على نحوٍ مطلق.
قد يكره شخصٌ ما أن يكون مخطئًا، في حين قد يتحمَّل شخصٌ آخر أن يكون على خطأ. لكن شعور شخصٍ ما إزاء كونِه مخطئًا لا يخبرنا إذا ما كان من الضروري التأكُّد من أن أيًّا من معتقداتنا ليس مغلوطًا.
وبالمثل، فإن وجود معتقدات مغلوطة لدينا قد يجعل الناس لا يأخذوننا بالجدية الكافية، لكن هذا الأمر ليس بخطورة غيره من البدائل.
قد يكون صحيحًا أن الاستمرار في الخطأ عادةٌ سيئة ويجب أن تُتجنَّب لهذا السبب. ومع ذلك، لم يكُن هذا هو السبب في دعوى ديكارت بوجوب تجنُّب المعتقدات المغلوطة.
بحسب ديكارت، فإن السبب في أن علينا التأكد من أن أيًّا من معتقداتنا ليس مغلوطًا هو أن معتقداتنا يعتمد بعضها على بعض. إذا كان أحد معتقداتنا مغلوطًا، فإن المعتقدات التي تعتمد على صدق ذلك المعتقد ستُصبح مغلوطة كذلك.
إذن الإجابة الصحيحة هي أ.
استخدَم ديكارت القياس ليقيم قضيته. افترِض أن لديك برميلًا من التفاح. يجب أن تتأكَّد أنه لا توجد تفاحة متعفِّنة؛ لأن العفونة تنتشر.
المعتقدات مماثلة لذلك: إذا لم تكُن متأكِّدًا أن أيًّا من معتقداتك ليس مغلوطًا، فلن يمكنك الاعتماد على أيٍّ منها. هذا لأن معتقداتنا يعتمد بعضها على بعض.
فمثلًا، إذا كنتَ تعتقد أن هناك شجرةً ما في الخارج، فقد يرجع السبب في هذا الاعتقاد إلى أن بإمكانك أن تطل من النافذة وترى الشجرة؛ وكذلك لأنك تعتقد أن رؤية شيءٍ ما سببٌ صائبٌ للإقرار بوجوده.
إذا لم تكُن متيقنًا من أن رؤيةَ شيءٍ ما دليلٌ صحيح للاعتقاد بوجود ذلك الشيء، فلن تكون متيقنًا كذلك من وجود شجرةٍ في الخارج.
الاعتماد المتبادل بين معتقداتنا هو السبب في أن ديكارت أيَّد الشك المنهجي. لمنع انتشار العفونة، تحتاج إلى تفريغ البرميل بأكمله على الأرض، وإعادة التفاح الخالي من التعفُّن فقط. وبالمثل، فقد احتجَّ ديكارت بأننا نحتاج إلى أن نشك في جميع معتقداتنا، حتى نتيقَّن تمامًا من أن كل معتقداتنا صحيحة.
مثال ٣: الشك المنهجي
هناك فرق بين الشك المنهجي والشك المطلق. أيٌّ من الآتي يُعرِّف الشك المنهجي؟
- تعريض الاعتقادات السابقة للشك لتحديد اليقيني منها
- الإقرار باستحالة المعرفة على الإطلاق
- مطالبة الآخرين بتبرير اعتقاداتهم
- إنكار وجود إله
الحل
كلُّ إجابة من الإجابات تَصِف وجهًا من أوجه الشك.
إنكار إمكان أيِّ معرفة على الإطلاق هو الموافقة على موقف الشك المطلق.
مطالبة أشخاص آخرين بتسويغ معتقداتهم، هو تطبيق الشك على معتقدات الآخرين، دون النظر إلى كون الشخص يطبِّق الشك منهجيًّا على معتقداته الخاصة كذلك.
إنكار وجود الله هو صورة من صور الشك التي تقتصر على الشك في الاعتقاد بالله.
تعريض المعتقدات السابقة للشك لتحديد ما يمكن معرفته على وجه اليقين، هو استخدام الشك منهجيًّا للتأكُّد من أن جميع معتقداتك صحيحة. إذن الإجابة الصحيحة هي أ.
هيا نلخِّص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- الشك هو رفض اعتبار ما نعتقده أمرًا مسلَّمًا به. يمكن تقسيم الشك إلى نوعين مختلفين: الشك المطلق والشك المنهجي.
- الشك المطلق هو موقف فلسفي يتكوَّن من الاعتقاد بأننا لا نعرف أيَّ شيء على الإطلاق.
- الشك المنهجي هو استخدام إستراتيجي للشك للتأكُّد من أن كل ما ندَّعي معرفته يقينيٌّ مطلقًا.