شارح الدرس: أنواع التكاثر العلوم • الصف الثالث الإعدادي

في هذا الشارح، سوف نتعلم كيف نصف السمات المميِّزة للتكاثر الجنسي واللاجنسي، ونقارن بين التباين الوراثي للنسل الناتج.

توجد العديد من الصفات المشتركة بين جميع الكائنات الحية، بدءًا من أصغر الكائنات المجهرية مثل البكتيريا إلى أطول الأشجار. يستهلك كل كائن حي صورة من صور الطعام، ويستخدم هذا الطعام وقودًا لإنتاج الطاقة، ومن ثم النمو. ويُعَد التكاثر كذلك أحد أهم العمليات الحيوية لبقاء أي نوع. ما هو التكاثر وما سبب أهميته؟

التكاثر هو العملية التي تنتج بها الكائنات الحية نسلاً من نفس النوع، وتنقل إليه جيناتها وصفاتها. يصبح العديد من الأفراد في كل جيل من أجيال النوع آباءً لمجموعة من النسل، وهو ما يُكوِّن الجيل التالي، كما نرى في الشكل ١. ينمو هذا الجيل الجديد وينضج، ثم يتكاثر ليُعطي جيلًا جديدًا آخر، وتستمر العملية!

دعونا نفكر في سبب أهمية التكاثر. بدون عملية التكاثر، ما كانت أنواع الكائنات الحية التي وُجِدَت منذ مئات السنين لتظل موجودة حتى يومنا هذا. ويتمثل الهدف النهائي لكل كائن حي في ضمان استمرار نوعه في البقاء على قيد الحياة عبر الأجيال، دون أن تتعرض للزوال أو الانقراض. وهذا بالضبط سبب تكاثر كل كائن حي - ضمان استمرار النوع!

توجد العديد من الطرق المختلفة التي يمكن للكائنات الحية أن تتكاثر من خلالها، ولكن يمكن تصنيف هذه الطرق إلى فئتين رئيسيتين: التكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي.

في عملية التكاثر اللاجنسي، يوجد فرد أبوي واحد فقط، وهو كائن حي وحيد قادر على إنتاج نسل مماثل له. عادةً ما تتكاثر الكائنات الوحيدة الخلية مثل البكتيريا والخميرة لا جنسيًّا، رغم وجود بعض الأمثلة المثيرة للاهتمام لنباتات وحيوانات تستخدم هذه الطريقة أيضًا!

توجد عدة طرق مختلفة يمكن للكائنات التكاثر لا جنسيًا من خلالها. لنتعرف على هذه العملية من خلال مثال على أحد أنواع البكتيريا.

البكتيريا كائنات وحيدة الخلية يمكن أن تسبب الأمراض في بعض الأحيان. تتكاثر بعض البكتيريا لا جنسيًا، من خلال طريقة تسمى الانشطار الثنائي.

كلمة «ثنائي» تعني «اثنين»، وتُستخدَم كلمة «انشطار» لوصف عملية الانقسام. في الانشطار الثنائي، تنقسم الخلية البكتيرية الأصلية إلى خليتين جديدتين، تسمى كل واحدة منهما بالخلية البنوية. يمكنك رؤية مخطط لهذه العملية في الشكل ٢.

يُنتِج الانشطار الثنائي خليتين متماثلتين. وهذا يعني أنه في كل مرة تتكاثر فيها البكتيريا، تكون الخليتان البكتيريتان الجديدتان متماثلتين تمامًا مع بعضهما البعض ومع الخلية الأصلية.

البكتيريا هي كائنات بدائية النوى، مما يعني أنها لا تحتوي على نواة في خلاياها. من ناحية أخرى، تحتوي الكائنات الحقيقية النوى على نواة مُحكمة التنظيم في كل خلية.

في بعض الخلايا الحقيقية النوى، يمكن أيضًا استخدام الانشطار الثنائي باعتباره أحد أشكال التكاثر اللاجنسي من فرد أبوي واحد. على سبيل المثال، في الأميبا المتقلبة «Amoeba proteus»، وهي كائن حقيقي النواة وحيد الخلية، يمكن إنتاج خليتين بنويتين متماثلتين من خلية أبوية واحدة.

في حقيقيات النوى، يمكن أن يحدث التكاثر اللاجنسي أيضًا من خلال نوع من الانقسام الخلوي يسمى الانقسام الميتوزي، الذي يُنتج خليتين بنويتين متماثلتين من خلية أبوية واحدة. لهذا السبب، نقول إن التكاثر اللاجنسي، في كل من بدائيات النوى وحقيقيات النوى، ينتج دائمًا «نسائل»، أو مُستنسخات، من الفرد الأبوي.

التكاثر اللاجنسي عملية شديدة السرعة ولا تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة. في الواقع، قد يحدث الانشطار الثنائي في بعض البكتيريا خلال فترة زمنية قصيرة مدتها ٢٠ دقيقة!

الفطريات هي مجموعة كبيرة من الكائنات الحية، بعضها يتكاثر لا جنسيًا. وبعض الفطريات أحادي الخلية، مثل الخميرة. أحد أنواع الخميرة التي قد تكون سمعت عنها، والتي تُستخدم للمساعدة في انتفاخ الخبز، تسمى خميرة الخباز. تتكاثر خلايا الخميرة لا جنسيًا من خلال عملية تسمى التبرعم.

يمكن أن تَستخدم الفطريات الأخرى، مثل الفطريات التي تسبب عفن الخبز، تركيبات خاصة تسمى الجراثيم لكي تتكاثر لا جنسيًّا.

يمكن للنباتات في بعض الأحيان أن تتكاثر لا جنسيًا من خلال التكاثر الخضري، حيث تنمو نباتات جديدة من الأجزاء الخضرية للنبات التي تشمل أوراقها وساقها وجذورها. على سبيل المثال، تحتوي نباتات البريوفيلوم على تركيبات خاصة تسمى براعم الأوراق على حواف أوراقها، كما موضح في الصورة أدناه، والتي يمكن أن تؤدي إلى ظهور نبات جديد.

يتضمن التكاثر الجنسي دائمًا أبوين من نفس النوع، أحدهما ذكر والآخر أنثى. تندمج خلية واحدة من كلا الأبوين، وتُسمَّى جاميت أو خلية جنسية، معًا في عملية تسمى الإخصاب لتكوين زيجوت. ينمو هذا الزيجوت ويتغير بمرور الوقت ليُصبح كائنًا حيًا كامل النمو.

يمكن أن يحدث التكاثر الجنسي أيضًا بعدة طرق مختلفة. في معظم الثدييات، بما في ذلك البشر، يحدث الإخصاب والنمو داخل جسم الأم، ويولد نسل حي أو صغار أحياء. من ناحية أخرى، تضع الطيور وبعض الزواحف بيضًا بعد الإخصاب، حيث يفقس بعد فترة من النمو ويخرج منه النسل.

وعلى الرغم من أن بعض النباتات تتكاثر لا جنسيًا، إلا أن عدة أنواع من النباتات تستخدم أيضًا التكاثر الجنسي. العضو التناسلي في النباتات هو الزهرة. وفي النباتات، توجد الجاميتات الذكرية في حبوب اللقاح، التي تنتقل إلى البويضة، أو الجاميت الأنثوي، الموجودة داخل الزهرة، كما هو موضح في الشكل ٢. وهنا تندمج الجاميتات من خلال الإخصاب، ثمَّ تكوِّن البذور التي تنمو لتُعطي نباتات جديدة.

في الشكل ٤، يمكنك رؤية مخططات للتكاثر الجنسي في النباتات والحيوانات.

نظرًا لأن التكاثر الجنسي يتطلب أبوين، يجب على الكائن الحي أن يجد زوجًا من الجنس الآخر من أجل التكاثر.

توجد عمليتان رئيسيتان تدخلان في التكاثر الجنسي: تكوين الجاميتات واندماج هذه الجاميتات، أو الإخصاب. تتكون الجاميتات من خلال نوع من الانقسام الخلوي يسمى الانقسام الميوزي. عندما تنقسم الخلايا عن طريق الانقسام الميوزي، تتكون أربع خلايا جديدة، يحتوي كل منها على نصف المادة الوراثية التي كانت تحتوي عليها الخلية الأصلية. يوضح الشكل ٥ عملية تكوين الجاميتات عن طريق الانقسام الميوزي.

النسل الناتج عن التكاثر الجنسي له مجموعة من الصفات المختلفة وبالتالي لا يكون مماثلًا للأبوين.

الآن بعد أن انتهينا من تناول أساسيات كل من التكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي، يمكننا الإشارة إلى بعض الاختلافات بين هاتين العمليتين.

أحد الاختلافات الواضحة بين الاثنين، كما لاحظنا، هو أن التكاثر اللاجنسي لا يتطلب سوى أحد الأبوين، في حين أن التكاثر الجنسي يتطلب وجود الأبوين معًا.

وكما ذكرنا سابقًا، يعد التكاثر اللاجنسي عملية سريعة وفعالة، ولا تتطلب سوى القليل من الطاقة. وهو ما يعني أن الكائنات الحية التي تتكاثر لا جنسيًا يمكن أن تنتج عددًا كبيرًا من النسل في فترة زمنية قصيرة.

من ناحية أخرى، فالتكاثر الجنسي يستغرق وقتًا أطول بكثير ويتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة. حيث يُنتج نسل أقل عددًا وأكبر حجمًا من خلال التكاثر الجنسي. فعلى سبيل المثال، كما نعلم، تمر الأم البشرية بفترة حمل مقدارها ٩ شهور ينمو خلالها الطفل ويكبر. وتحمل الأفيال الأفريقية صغارها طوال فترة مقدارها ٢٢ شهرًا قبل الولادة وهو ما يقرب من سنتين!

وضحنا من قبل في هذا الشارح كيف أن النسل الناتج عن التكاثر اللاجنسي عبارة عن نسخة من الفرد الأبوي، بينما ينتج عن التكاثر الجنسي نسل ذو مزيج من الصفات من كلا الأبوين. يمكننا وصف أوجه التشابه والاختلاف هذه من خلال مفهوم يسمى التباين الوراثي.

ينخفض التباين الوراثي في الكائنات الحية التي تتكاثر لا جنسيًا، في حين أن الكائنات الحية التي تتكاثر جنسيًا تتمتع بمستوى عالٍ من التباين الوراثي. من خلال التباين الوراثي، تعطي مجموعات الجينات من كل من الأبوين مجموعة فريدة من الصفات لكل كائن حي جديد.

يوضح مخطط فِن في الشكل أدناه الاختلافات بين التكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي والسمات المشتركة بينهما.

التباين الوراثي مفهوم شديد الأهمية في علم الأحياء التطوري. دعونا نرى ما يعنيه هذا من خلال مثال.

العثة المفلفلة «Biston betularia»، هي نوع من العث ذو شكل مُرقط باللونين الأبيض والأسود. يوجد نوعان من هذه العثة: أحدهما ذو جسم فاتح اللون والآخر ذو جسم داكن اللون، كما نرى في الصور أدناه.

في إنجلترا، في وقت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، أظهر العث المُفلفل مثالًا رائعًا على فوائد التباين الوراثي.

قبل ذلك، كان العث ذو الجسم الداكن شديد الندرة، وكان العث ذو الجسم الفاتح أكثر شيوعًا. لكن خلال العقود الأولى للثورة الصناعية، تغيرت الأرقام: بدأ العث ذو الجسم الداكن يظهر بأعداد أكبر وأكبر، متجاوزًا عدد العث ذي الجسم الفاتح! كيف حدث هذا التحول ولماذا؟

خلال الثورة الصناعية، بدأت عدة مدن في إنجلترا بحرق الفحم لتشغيل مصانعها. أدى ذلك إلى زيادة تلوث الهواء في هذه المدن لدرجة أن الشوارع والمباني والأشجار غُطيت بالسخام. وكما تتخيل، تسبب الارتفاع في مستويات التلوث في إصابة الناس بالعديد من المشكلات الصحية. وكذلك، سببت الأسطح السوداء أيضًا مشكلات للعثة المفلفلة!

قبل أن يتحول لونها إلى اللون الأسود بفعل السخام والتلوث، كانت جذوع الأشجار تزود العث ذا الأجسام الفاتحة بخلفية مثالية للتمويه، مما يحميه من الحيوانات المفترسة مثل الطيور. وعندما استقرت هذه العثة ذات الجسم الفاتح على جذوع الأشجار السوداء، ظهرت بوضوح، مما جعلها فريسة سهلة!

تُظهر الصورة أدناه اثنين من العث المفلفل ذي الجسم الفاتح على الجانب الأيسر واثنين من العث المفلفل ذي الجسم الداكن على الجانب الأيمن. كما نرى، تتموه العثة ذات الجسم الداكن بشكل جيد مع السطح الغامق، في حين تظهر العثة ذات الجسم الفاتح بوضوح.

دعونا نتخيل موقفًا افتراضيًا. إذا كان العث المفلفل يتكاثر لا جنسيًا، فهل كان سينجو من الثورة الصناعية؟ ينتج التكاثر اللاجنسي نسائل من الكائن الأم. لذلك، سيستمر العث ذا الجسم الفاتح في إنتاج المزيد من العث ذي الجسم الفاتح، مما يعرض النوع بأكمله لخطر الانقراض بسبب الافتراس!

بدلاً من ذلك، من خلال التكاثر الجنسي، أصبح الجين الخاص بالجسم الداكن أكثر انتشارًا، لأنه مكّن العث من التموّه على الأسطح السوداء والنجاة من الافتراس. وفي حين تم افتراس العث المفلفل ذي الجسم الفاتح، نمت أعداد العث المفلفل ذي الجسم الداكن بسرعة، مما أدى إلى إنقاذ تجمُّع العث المفلفل من الانقراض بشكل فعال!

يشير هذا المثال بوضوح إلى الفوائد التي يمكن أن يتميز بها التباين الوراثي من حيث توفير أداة لتقديم المزيد من الاحتمالات لتكيف نوع ما مع التغيرات البيئية من أجل الازدهار، على الرغم من الظروف غير المواتية.

لنلخِّصْ بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الشارح.