شارح الدرس: الغدة الدرقية وجارات الدرقية الأحياء • الصف الثالث الثانوي

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف وظيفة الغدَّة الدرقية وجارات الدرقية في جسم الإنسان، وأعراض الأمراض المتعلِّقة بهذه الغدد.

كل دقيقة تحدث ملايين التفاعلات الكيميائية في أجسامنا لتُمكِّن أجهزة الجسم من تأدية وظائفها بشكل طبيعي، وتساعدنا في حياتنا اليومية المفعمة بالنشاط. يمتلئ جهاز الغدد الصماء في أجسامنا بنواقل كيميائية تُسمَّى الهرمونات. تعمل الهرمونات في تناسق، وتؤثِّر على النمو والتمثيل الغذائي (الأيض) والمشاعر ودورات التكاثر، وأكثر من ذلك بكثير!

الغدد أعضاء موجودة في الجسم تُفرِز مواد تؤدي وظائف مختلفة في الجسم. على سبيل المثال، يُنتَج الحليب من الغدد الثديية، ويُفرَز اللعاب من الغدد اللعابية. تكون الغدد صماء أو خارجية الإفراز أو مختلطة بناءً على كيفية إفرازها لنواتجها. ولكن، لا تُنتَج الهرمونات إلا من خلال الغدد الصماء. والغدد الصماء مجموعة من الغدد التي تُفرِز هرمونات مباشرةً في مجرى الدم، وعادةً ما تؤدي وظيفتها في تناسق بينها. في هذا الشارح، سوف نتعرَّف على تراكيب الغدة الدرقية وجارات الدرقية، وهي غدد صماء، وسوف نتعرَّف أيضًا على وظائفها وأهميتها. في الشكل 1، يمكنك رؤية مواقع الغدد الصماء المختلفة في جسم الإنسان.

هيا نبدأ بتناول تركيب الغدة الدرقية.

تتكوَّن الغدة الدرقية من فصَّيْن، وتقع عند قاعدة الجزء الأمامي من الرقبة أسفل الحنجرة أو تفاحة آدم مباشرةً، ويقع كل فص من فصَّيْها على أحد جانبَي القصبة الهوائية، كما يمكنك أن ترى في الشكل 2. يُحاط الفصان بنسيج ضام، ويتصلان معًا بجزء من الأنسجة يُسمَّى البرزخ. عادةً ما يُقارَن شكل الغدة الدرقية بالفراشة أو بربطة العنق الفراشية الشكل. من المثير للاهتمام أنه في عام 1656 صاغ توماس وارتون اسم «الغدة الدرقية»، الذي يعود أصله إلى كلمة يونانية تَعني «الدرع»؛ وذلك نظرًا لأن شكل الغدة يُشبه أيضًا نوعًا من الدروع اليونانية القديمة!

يتكوَّن كل فص من فصَّي الغدة الدرقية من العديد من الوحدات الكروية الوظيفية والتركيبية تُسمَّى حويصلات الغدة الدرقية. يتكوَّن جدار كل حويصلة من خلايا مستطيلة الشكل تُسمَّى الخلايا الحويصلية، وهي تُحيط بتجويف، كما يمكنك أن ترى في الشكل 3. تُفرِز الخلايا الحويصلية هرمونًا من هرمونات الغدة الدرقية، عادةً ما ينتشر في الدم في صورة هرمون الثيروكسين وكميات صغيرة من هرمون الثيرونين الثلاثي اليود.

تَستقبل الغدة الدرقية شبكة غنية من الأوعية الدموية التي توفِّر المغذِّيات المهمة، مثل اليود، وتنقل الهرمونات التي تُنتجها الغدة عبر مجرى الدم إلى الخلايا المستهدَفة في أنحاء الجسم.

تحتوي الخلايا الحويصلية على مضخات تساعدها على امتصاص اليود الضروري لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. ويحتوي التركيب الكيميائي للجزيء الواحد من هرمون الثيروكسين على أربع ذرات من اليود. لهذا السبب، يُطلَق على الثيروكسين أحيانًا T4 أو الثيرونين الرباعي اليود. تُحوَّل نسبة كبيرة من هرمون T4 الذي يُنتَج في الغدة الدرقية إلى شكل أكثر نشاطًا يُسمَّى T3 (الثيرونين الثلاثي اليود) بواسطة أعضاء مثل الكبد وأنسجة أخرى. ومن ثَمَّ، من المهم للغاية أن يحصل المرء على كمية كافية من اليود في نظامه الغذائي من أجل استمرار أداء الغدة الدرقية لوظائفها بطريقة سليمة. إن نسبة تقريبًا من الهرمونات التي تُنتجها الغدة الدرقية تكون في صورة الهرمون T4، ونسبة تكون في صورة الهرمون T3.

قبل أن نبدأ بالتعرُّف على وظائف هرمونات الغدة الدرقية، علينا أن نفهم كيف تُحَفَّز الغدة الدرقية. كما ذكرنا سابقًا، تعمل الغدد الصماء في تناغم وتناسق؛ حيث تتشارك الإشارات الكيميائية وتحافظ على الاستقرار داخل الجسم. لعلك سمعت عن الغدة النخامية الموجودة في الدماغ، التي تُعرَف باسم «سيدة الغدد»؛ نظرًا لأنها تتحكَّم في وظائف العديد من الغدد الأخرى، ومنها وظائف الغدة الدرقية. يُطلِق الفص الأمامي من الغدة النخامية هرمونًا مهمًّا يُسمَّى الهرمون المنبِّه للغدة الدرقية (TSH)، ينتقل في مجرى الدم إلى الغدة الدرقية محفِّزًا إياها على إفراز هرموناتها. وهذا موضَّح في الشكل 4.

والآن، هيا نتناول التأثيرات المختلفة لهرمونات الغدة الدرقية على الجسم، ونتعرَّف على سبب أهميتها.

هرمونات الغدة الدرقية ضرورية لنمو وتطوُّر الجسم، ولا سيما الدماغ. وجود هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود) يُحفِّز ويُنظِّم إنتاج العديد من عوامل النمو المهمة التي تعزِّز النمو الطبيعي للخلايا وانقسامها وتمايُزها. لعوامل النمو تأثير على الخلايا يُشبه تأثير الهرمونات؛ ولكنها تختلف عن هرمون النمو الذي تُفرِزه الغدة النخامية في أن إنتاجها يتم عبر أنواع عديدة من الخلايا ليست بالضرورة غددًا صماء. على سبيل المثال، يمكن أن يُفرَز عامل نمو البشرة (EGF) من خلايا الجلد لشفاء الجروح.

هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود) ضرورية أيضًا لتطور الدماغ في المرحلة الجنينية؛ فهي تساعد على تحفيز انقسام وتمايُز الخلايا العصبية لتعزيز تكوين التشابكات العصبية والأغلفة الميالينية. وهذه الهرمونات ضرورية أيضًا لكي يعمل الدماغ بشكلٍ طبيعي مدى الحياة.

علاوةً على ذلك، تلعب هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود) دورًا في التمثيل الغذائي (الأيض). يشتمل التمثيل الغذائي (الأيض) على التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم لدعم الحياة والحفاظ عليها. هيا نتتبع تأثير هرمونات الغدة الدرقية على التمثيل الغذائي (الأيض) بدايةً من المستوى الخلوي، ونتعرَّف على النتائج المترتبة عليه.

لعلك تتذكَّر أننا قد عرفنا أنه في كل خلية تكون الميتوكوندريا مسئولة بشكلٍ أساسي عن التنفس الخلوي. يُكسِّر التنفس الخلوي جزيئات مثل الجلوكوز لإطلاق طاقة كيميائية مخزَّنة في صورة جزيء أدينوسين ثلاثي الفوسفات.

تُحفِّز هرمونات الغدة الدرقية إطلاق الطاقة في الميتوكوندريا. تحدث هذه العملية في جميع الخلايا، ما يعني أن الخلايا تبدأ في امتصاص المزيد من الجلوكوز لتحرير المزيد من الطاقة. يرفع ذلك معدل الأيض الأساسي، وهو معدل استهلاك الجسم للطاقة، عندما يكون في حالة راحة، لأداء أنشطة ضرورية مثل التنفس ودوران الدم والهضم، بالإضافة إلى الوظائف الطبيعية للدماغ والكليتين والكبد، بالإضافة إلى أعضاء أخرى مهمة. وبما أن الخلايا تمتص المزيد من الجلوكوز، فإن هرمونات الغدة الدرقية تساعد أيضًا على زيادة امتصاص الجلوكوز، وهو سكر أحادي، في الأمعاء. تُساعد وظائف هرمونات الغدة الدرقية (الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود) هذه في المحافظة على استقرار واتزان التمثيل الغذائي (الأيض) داخل الجسم.

هل يمكنك التفكير في التأثيرات الأخرى المترتبة على زيادة معدل الأيض؟ نعلم أن القلب مسئول عن ضخ الدم، الذي يحتوي على الأكسجين والمغذِّيات، إلى أنسجة الجسم. إذا زاد معدل تنفس الخلايا، فسيضخ القلب الدم بسرعة أكبر لإمداد الخلايا، بشكل فعال، بالجلوكوز والأكسجين اللذين تحتاج إليهما. من ثَمَّ، هناك تأثير آخر لهرمونات الغدة الدرقية، وهو الحفاظ على معدل ضربات القلب وضغط الدم واستقرارهما.

بزيادة كمية الطاقة المتاحة للجسم، تلعب هرمونات الغدة الدرقية دورًا أيضًا في الحفاظ على درجة حرارة الجسم، بالتعاون مع منطقة تحت المهاد في الدماغ. وتساعد هرمونات الغدة الدرقية أيضًا في الحفاظ على صحة الشعر والجلد. قد تتسبَّب المستويات المنخفضة من هرمونات الغدة الدرقية في جفاف وتقشُّر الجلد، بالإضافة إلى تقصُّف الشعر أو جعله عرضةً للتقصُّف. يوضِّح الشكل 5 ملخَّصًا لبعض الوظائف المهمة للغدة الدرقية.

ثمة هرمون مهم آخر تُفرِزه الغدة الدرقية، وهو هرمون الكالسيتونين. كما هو موضَّح في الشكل 3، توجد خلايا بجانب الخلايا الحويصلية تُسمَّى الخلايا الجارحويصلية. يُطلَق على هذه الخلايا أيضًا الخلايا C؛ نظرًا لأنها تُفرِز هرمون الكالسيتونين. يعمل هرمون الكالسيتونين على تقليل مستوى الكالسيوم في الدم عن طريق منع إطلاقه من العظام؛ وذلك بهدف الحفاظ على تركيز كالسيوم صحي وطبيعي. يُعَد هرمون الكالسيتونين جزءًا من نظام تنظيم الكالسيوم في الجسم، ويعمل بالتنسيق مع الغدد جارات الدرقية، كما سنتعلَّم لاحقًا في هذا الشارح.

والآن، بعد أن تعرَّفنا على الوظائف الطبيعية للغدة الدرقية، يمكننا أن نبدأ بالتعرُّف على تأثير وجود كمية غير كافية أو مفرطة من هرمون الغدة الدرقية في الجسم.

قصور الغدة الدرقية حالة تُنتِج فيها الغدة الدرقية كميات غير كافية من هرمونات الغدة الدرقية. كلمة «قصور» تعني «انخفاض». وكما ذكرنا سابقًا، يُعَد اليود ضروريًّا لإنتاج الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود. إذن قد يحدث قصور الغدة الدرقية نتيجةً لنقص اليود في النظام الغذائي. وقد يحدث قصور الغدة الدرقية أيضًا بسبب أحد أمراض المناعة الذاتية يُسمَّى داء هاشيموتو. أمراض المناعة الذاتية عبارة عن أمراض يُهاجِم فيها جهاز المناعة أنسجة الجسم عن طريق الخطأ، وفي هذه الحالة، يُهاجِم جهاز المناعة الغدة الدرقية.

عندما تُنتج الغدة الدرقية كميات غير كافية من هرمونات الغدة الدرقية، مثل الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود، فإن هذا يتسبَّب في تضخُّم الغدة الدرقية، مثل التضخُّم البسيط الموضَّح في الشكل 6. تختلف أسباب التضخُّمات وفقًا لنوع التضخُّم. من بين أسباب حدوث التضخُّم، تراكُم هرمونات الغدة الدرقية في الخلايا الحويصلية للغدة الدرقية. وقد يحدث التضخُّم أيضًا بسبب نقص اليود، وهو ما يترتَّب عليه عدم إمكانية تحويل سلائف هرمونات الغدة الدرقية إلى هرمونات غدة درقية نشطة؛ ومن ثَمَّ، تتضخَّم الغدة الدرقية في محاولة لتعويض نقص اليود وامتصاص المزيد منه.

يمكن علاج قصور الغدة الدرقية بمكمِّلات اليود، ولكن إذا تُركت هذه الحالة دون علاج، فإنها قد تُسبِّب العديد من الآثار السلبية.

في الرُّضع والأطفال، يمكن أن يُسبِّب قصور الغدة الدرقية الخلقي (أي الموجود منذ الولادة) مشكلات تتعلَّق بالنمو والتطور البدني، ما قد يؤدي إلى قِصَر القامة وتأخُّر تطوُّر الصفات الجنسية الثانوية. ونظرًا لأن هرمونات الغدة الدرقية ضرورية لتطوُّر الدماغ، فإن نقص إفراز الغدة الدرقية في الرُّضع قد يؤدي إلى إعاقات ذهنية نتيجةً لقصور التطور العصبي. قد يحدث قصور الغدة الدرقية الخلقي في الرُّضع إذا لم تحصل الأم على كمية كافية من اليود في نظامها الغذائي خلال فترة الحمل، ما يؤدي إلى قصور الغدة الدرقية. ومن ثَمَّ، قد يُولَد الطفل بمتلازمة تُسمَّى «متلازمة نقص اليود الخلقية» (كانت تُعرَف سابقًا باسم «القماءة»).

في البالغين، قد يُسبِّب قصور الغدة الدرقية الحاد حالة تُسمَّى المكسيديما. نعلم أن هرمونات الغدة الدرقية تلعب أدوارًا مهمَّة تتعلَّق بالحفاظ على عملية التمثيل الغذائي (الأيض)، ومعدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، وصحة الجلد والشعر. ونظرًا لأن حالة المكسيديما تحدث نتيجةً للنقص الشديد في هرمونات الغدة الدرقية، مثل الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود، فمن ضمن أعراضها جفاف البشرة وشحوبها، وتساقط الشعر، وزيادة الوزن، وانخفاض معدل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وانخفاض معدل الأيض الأساسي. كما يصعب على مرضى المكسيديما تحمُّل برودة الطقس، وغالبًا ما يعانون من الإرهاق. قد تتسبَّب هذه الحالة أيضًا في انخفاض القدرات العقلية، ويشمل ذلك بطء وصعوبة التركيز. حاليًّا، يمكن الوقاية من نقص اليود عن طريق تناول الملح المدعم باليود، ويمكن علاج قصور الغدة الدرقية طبيًّا باستخدام صورة مصنَّعة من هرمونات الغدة الدرقية.

على الرغم من أن مستويات هرمونات الغدة الدرقية المنخفضة قد تكون خطرة، فإن المستويات المرتفعة من هذه الهرمونات قد تسبِّب مشكلات صحية عديدة أيضًا. الزيادة المفرطة في إفراز هرمون الغدة الدرقية عن المستوى المطلوب تُسمَّى فرط نشاط الغدة الدرقية. كلمة «فرط» تعني «زيادة».

يمكن أن يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية بفعل مرض مناعي ذاتي آخر يُسمَّى مرض جريفز؛ حيث يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية ويحفِّزها على إفراز هرموناتها بصورة مفرطة. تشمل الأسباب الأخرى لفرط نشاط الغدة الدرقية وجود عُقَد صغيرة في الغدة الدرقية وسرطان الغدة الدرقية.

يؤدي مرض جريفز إلى التحفيز المفرط للغدة الدرقية؛ الأمر الذي يؤدي إلى تضخُّمها. وفي هذا النوع من فرط نشاط الغدة الدرقية، يُسمَّى التضخُّم بالتضخُّم الجحوظي. في هذا الاضطراب، يُهاجِم جهازُ المناعة عن طريق الخطأ الأنسجةَ الموجودة خلف وحول العينين أيضًا، ما يؤدي إلى التهابها وبروزها. يُعرَف اضطراب المناعة الذاتي للعينين هذا باسم «اعتلال العين». ومن ثَمَّ، وبالإضافة إلى تضخُّم الغدة الدرقية، فإن هذا النوع من التضخُّم يصاحِبه أيضًا بروز وجحوظ بالعينين، كما يمكنك أن ترى في الشكل 7. يُطلَق على بروز العينين هذا جحوظ العينين؛ فكلمة «جحوظ» تعني «بروزًا»، وكلمة «العينين» تُشير إلى «مُقَل الأعين».

هيا نتناول أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية باستخدام الوظائف الطبيعية لهرمونات الغدة الدرقية مرجعًا. بما أن هرمونات الغدة الدرقية مسئولة عن تنظيم التمثيل الغذائي (الأيض)، فإن فرط إنتاج هذه الهرمونات سيؤدي إلى ارتفاع كبير للغاية في معدل الأيض الأساسي، بالإضافة إلى فقدان الوزن وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم. وقد يتسبَّب فرط نشاط الغدة الدرقية في سرعة الانفعال والقلق.

وعادةً ما يُعالَج فرط نشاط الغدة الدرقية بالاستئصال الجراحي للجزء المصاب منها. ويمكن علاج سرطان الغدة الدرقية، في بعض الحالات، باستخدام اليود المشع. تعلَّمنا سابقًا في هذا الشارح أن اليود ضروري لإنتاج الثيروكسين والثيرونين الثلاثي اليود. تحتوي الخلايا الحويصلية للغدة الدرقية على مضخات خاصة تمكِّنها من امتصاص اليود. عند استخدام اليود المشع، تمتصه الخلايا الحويصلية للغدة الدرقية، التي ستموت لاحقًا بسبب النشاط الإشعاعي لمركب اليود؛ ما يؤدي إلى تدمير الخلايا التي يُشتبه بأنها سرطانية.

هيا نتناول الآن الغدد جارات الدرقية. ثمة أربع غدد جارات درقية في جسم الإنسان. وهي غدد صغيرة في حجم حبة البازلاء توجد على السطح الخلفي للغدة الدرقية. كما يمكنك أن ترى في الشكل 8، توجد غدتان من الغدد جارات الدرقية خلف كل فص من الغدة الدرقية.

تُفرِز الغدد جارات الدرقية هرمون الباراثورمون. يعمل هذا الهرمون جنبًا إلى جنب مع هرمون الكالسيتونين، الذي تعرَّفنا عليه سابقًا. يلعب هذان الهرمونان معًا دورًا مهمًّا للغاية في تنظيم مستوى الكالسيوم في الجسم.

ويُخفِّض الكالسيتونين مستويات الكالسيوم في الدم عن طريق منع إطلاقه من العظام، فإن هرمون الباراثورمون له تأثير عكسي. عندما ينخفض مستوى الكالسيوم في الدم، يحفِّز هرمون الباراثورمون ارتشاف العظام، وهي عملية تكسير العظام لإطلاق الكالسيوم إلى مجرى الدم.

الكالسيوم هو المعدن الأساسي في العظام، ويُسهِم في زيادة كتلة العظام وصلابتها. ولكن وجود أيونات الكالسيوم في مجرى الدم ضروري أيضًا؛ فهي تساعد في تجلُّط الدم وانقباض العضلات ونقل الإشارات داخل الجهاز العصبي. لهرمونَي الكالسيتونين والباراثورمون وظيفتان متعاكستان من أجل التحكُّم في مستويات الكالسيوم في الدم والعظام بدقة، كما هو موضَّح في الشكل 9.

ومثلما هي الحال مع هرمونات الغدة الدرقية، فإن الإنتاج المفرط أو غير الكافي من هرمون الباراثورمون قد يكون خطرًا أيضًا. قد يحدث قصور الغدد جارات الدرقية، أو المستويات المنخفضة من هرمون الباراثورمون، نتيجةً لحدوث إصابة أو ضرر في هذه الغدد. وبدون هرمون الباراثورمون، ينخفض مستوى الكالسيوم في الدم، ما يتسبَّب في فرط إثارة الجهاز العصبي. وقد يتسبَّب ذلك في حدوث نوبات وتشنُّجات عضلية.

على النقيض من ذلك، فرط نشاط الغدد جارات الدرقية هو فرط إنتاج هرمون الباراثورمون بسبب فرط نشاط غدة واحدة أو أكثر من الغدد جارات الدرقية. قد يحدث ذلك نتيجةً لورم في الغدة أو زيادة حجمها. عند وجود كميات كبيرة من هرمون الباراثورمون في الجسم، فإن ذلك قد يتسبَّب في حدوث ارتشاف أكبر للعظام، وهو ما يؤدي إلى زيادة مستويات الكالسيوم في الدم، وهو ما يُسمَّى فرط كالسيوم الدم. ونتيجةً لذلك، تفقد العظام كتلتها وتصبح هشة وقابلة للالتواء والكسر. وقد تُسبِّب المستويات العالية من الكالسيوم في الجسم حصوات في الكُلى نتيجةً لترسُّب الكالسيوم في أنابيب الكُلى.

هيا نلخِّص ما تعلَّمناه في هذا الشارح عن الغدد الدرقية وجارات الدرقية.