في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نستخدم «إنَّ وأخواتها» في الجملة الاسمية استخدامًا صحيحًا.
تتكوَّن الجملة الاسمية من ركنَيْنِ أساسيَّيْنِ هما المبتدأ والخبر، وحُكمهما الرفع، ويدخُلُ على الجملة أحيانًا ما يؤدِّي إلى تغيير حُكم الرفع هذا؛ كالحروف والأفعال الناسخة.
وتُعَدُّ «إنَّ وأخواتها» من الحروف التي تدخُلُ على الجملة الاسمية فتؤثِّر فيها، وسنتعرَّف معًا في هذا الشارحِ الحروفَ الناسخةَ، وما تُحدِثه من تغيير في الجملة الاسمية.
تعريف: إنَّ وأخواتها
«إنَّ وأخواتها» حروف ناسخة تدخُلُ على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ ويُسمَّى اسمها، ويبقى الخبرُ مرفوعًا ويُسمَّى خبرها.
وأخوات «إنَّ» هي «أنَّ»، و«كأنَّ»، و«لكنَّ»، و«لعلَّ»، و«ليتَ».
ومن الضروري أنْ نتعرَّفَ معانيَ هذه الحروفِ؛ فـ «إنَّ» و«أنَّ» تُفِيدانِ التأكيد، و«كأنَّ» تُفِيد التشبيه، و«لكنَّ» تُفِيد الاستدراك، وهو رفع توهُّمٍ حصَل من كلام سابق، و«لعلَّ» تُفِيد الترجي أو طلب المُمكِن، و«ليتَ» تُفِيد التمني أو طلب المستحيل.
ولنتأمَّل الأمثلة الآتية لتوضيح هذا التعريف:
المجموعة الأولى | المجموعة الثانية |
---|---|
الاهتمامُ بنظافة الشوارع مظهرٌ حضاري. | إنَّ الاهتمامَ بنظافة الشوارع مظهرٌ حضاري. |
أساسُ التقدُّم بِناءُ فكر الإنسان. | أُوقِنُ أنَّ أساسَ التقدُّم بِناءُ فكر الإنسان. |
الكلمةُ الطيبة مِفتاحُ القلوب. | كأنَّ الكلمةَ الطيبة مِفتاحُ القلوب. |
تدُلُّنا المجموعتان السابقتان على تأثير الحروف الناسخة في الجملة الاسمية؛ فما تحته خط في المجموعة الأولى يدُلُّ على ركنَي الجملة الاسمية؛ المبتدأ والخبر، وإذا تأمَّلْناها بعد دخول الحروف الناسخة عليهما «إنَّ، أنَّ، كأنَّ» في أمثلة المجموعة الثانية، نُلاحِظ أن المبتدأ في الجُمل الثلاث صار منصوبًا بعد أنْ كان مرفوعًا، ولا نُطلِق عليه اسم «مبتدأ»، وإنما يصير اسمًا للحرف الناسخ؛ فكلمة «الاهتمامَ» في جملة «إنَّ الاهتمامَ بنظافة الشوارع مظهرٌ حضاري» اسم «إنَّ»، وكلمة «أساسَ» في جملة «أُوقِنُ أنَّ أساسَ التقدُّم بِناءُ فكر الإنسان» اسم «أنَّ»، وكلمة «الكلمةَ» في جملة «كأنَّ الكلمةَ الطيبة مِفتاحُ القلوب» اسم «كأنَّ».
وهذا التغيُّر الذي يحدث لاسم الحروف الناسخة هو السبب في تسميتها بالحروف الناسخة؛ لأنها تنسخ—أيْ: تُغيِّر—حُكمَ اسمها من الرفع إلى النصب.
أمَّا الخبر فقَدْ بَقِيَ مرفوعًا في المجموعة الثانية كما كان في أمثلة المجموعة الأولى، وصار خبرًا للحروف الناسخة؛ فكلمة «مظهرٌ» خبر «إنَّ»، وكلمة «بِناءُ» خبر «أنَّ»، وكلمة «مِفتاحُ» خبر «كأنَّ».
والسؤال الآتي يُساعِدنا على تعرُّف الحرف الناسخ.
مثال ١: تعرُّف الحرف الناسخ
أيُّ الجمل الآتية تحوي حرفًا ناسخًا؟
- إن تجتهد تنجح.
- علمتُ أن الكلمة الطيبة صدقة.
- عليك أن تستذكر دروسك باستمرار.
- أشار القائد إلى الجندي أن انطلِق.
الحل
الإجابة الصحيحة هي جملة «علمتُ أن الكلمة الطيبة صدقة»؛ فقد اشتملت على الحرف الناسخ «أنَّ».
ولم تشتمل البدائل الأخرى على أيٍّ من الحروف الناسخة؛ فجملة «إن تجتهد تنجح» نُلاحِظ أنها اشتملت على «إنْ»، وهو حرف شرط جازم، و«أنْ» في جملة «عليك أن تستذكر دروسك» حرف ناصب للفعل المضارع، و«أن» في جملة «أشار القائد إلى الجندي أن انطلِق» مُفسِّرة لِمَا قبلها.
مثال ٢: تعرُّف دلالة الحرف الناسخ
«الجو بارد لكنَّ السماء صافية». ماذا يُفِيد الحرف الناسخ في الجملة السابقة؟
- الاستدراك.
- النفي.
- العطف.
- الإضراب.
الحل
الحرف الناسخ في جملة «الجو بارد لكنَّ السماءَ صافيةٌ» هو الحرف «لكنَّ» الذي يُفِيد الاستدراك، ومعناه أنَّ المُتكلِّم أثبت كلامًا قبل الأداة، وهو برودة الجو، ثم استدرك باستخدام «لكنَّ»، وأتى بجملة «السماء صافية» ليمنع السامع من أنْ يتوهَّمَ شيئًا غير مقصود؛ ولذلك فالإجابة الصحيحة هي «الاستدراك».
ومن الأمور التي يجب أن ننتبه إليها الفرق بين الحرف الناسخ «لكنَّ» وحرف العطف «لكنْ»، ومن خلال المثالين الآتيين نستطيع معرفة ذلك.
- السماءُ مُمطِرةٌ لكنَّ الجوَّ حارٌّ.
- لا أحب الضوضاءَ لكن الهدوءَ.
نُلاحِظ في المثالين السابقين أنَّ كلًّا من الحرفين «لكنَّ» و«لكنْ» يُفِيد الاستدراك لمنع وقوع فَهْمٍ خطأٍ لا يقصده المُتكلِّم، والفرق بينهما أنَّ «لكنَّ» حرف ناسخ تأتي بعده جملة اسمية؛ فكلمة «الجوَّ» اسم «لكنَّ» منصوب، وكلمة «حارٌّ» خبر «لكنَّ» مرفوع.
أمَّا حرف العطف «لكنْ» فلا بد أنْ يسبِقَه نفي أو نهي، ويأتي بعده اسم مفرد معطوف على ما قبله؛ فكلمة «الهدوء» اسم معطوف منصوب، والمعطوف عليه كلمة «الضوضاء».
بعد أنْ تعرَّفْنا معانيَ «إنَّ وأخواتها»، وعملها في الجملة الاسمية، نتعرَّف الآن صورَ اسمها وخبرها، ولنبدأ باسمها، وتُساعِدنا الأمثلة الآتية على معرفة صور اسم الحرف الناسخ.
- إنَّ سيفًا طالبٌ متفوقٌ
- لعلَّ المحصولَ وفيرٌ هذا العام.
- علمتُ أنَّ الطالبتين فازتا بالمركز الأول.
- كأنَّ المحاربين أُسود.
- قال الأبُ لأبنائه: «إني فخور بالانتماء إلى وطني، وإننا جميعًا نعتز به، وعلينا العمل على نهضته وتقدُّمه؛ لأنه وطننا، وإنكم الأمل في رفعة شأنه بين الأمم».
نُلاحِظ في الأمثلة السابقة، في الكلمات التي تحتها خط أنَّ اسم «إنَّ وأخواتها» يأتي عَلَمًا، مثل: «سيفًا»، أو اسمًا ظاهرًا مفردًا، مثل: «المحصول»، ويأتي مثنى، مثل: «الطالبتين»، أو جمعًا، مثل: «المحاربين»، ويأتي ضميرًا من ضمائر النصب المتصلة، مثل: ياء المُتكلِّم في «إني»، و«نا» المفعولين في «إننا»، وهاء الغيبة في «أنه»، وكاف الخطاب في «إنكم».
ممَّا سبق نستنتج أن اسم «إنَّ وأخواتها» يكون اسمًا ظاهرًا عَلَمًا، مفردًا، مثنى، جمعًا، ويكون ضميرًا متصلًا ظاهرًا.
مثال ٣: تحديد اسم الحرف الناسخ
قال الشاعر:
وعين الرضا عن كلِّ عيب كليلة ... ولكنَّ عين السخط تُبدِي المساويا
حدِّد اسم «لكنَّ» في الشطر الثاني من البيت السابق.
- ضمير مستتر تقديره «هي».
- السُّخْط.
- عَين.
- المساويا.
الحل
الإجابة الصحيحة هي كلمة «عَين»؛ فهي اسم «لكنَّ» منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وكلمة «السُّخْط» مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وأمَّا خبر «لكنَّ» المُتمِّم لمعنى الجملة مع اسمها فهو جملة «تُبدِي المساويا»، وتُعرَب جملة فعلية في محل رفع خبر «لكنَّ»، وكلمة «المساويا» إعرابها مفعول به منصوب.
تعرَّفْنا صور اسم «إنَّ وأخواتها»، فماذا عن خبرها؟
إنَّ أنواع خبر «إنَّ وأخواتها» لا تختلف عن أنواع خبر المبتدأ، فيكون خبرها مفردًا، أو جملة (فعلية أو اسمية)، أو شبه جملة (الظرف أو الجار والمجرور)، والأمثلة الآتية تأخذ بأيدينا لتوضيح هذه المسألة.
- ليت العالَمَ آمِنٌ من الحروب وويلاتها.
- إنَّ العلماءَ حُصونُ كلِّ حضارة.
- ليت الشبابَ يعودُ يومًا.
- إنَّ المدينة أفنيتها واسعة.
- لعلَّ السعادةَ في إسعاد الآخَرين.
- أشعُرُ مع أصدقائي كأنَّني بين أهلي.
ما تحته خط في الجُمل السابقة خبر للحروف الناسخة الواردة فيها؛ ففي جملة «ليت العالَمَ آمِنٌ من الحروب وويلاتها»، وجملة «إنَّ العلماءَ حُصونُ كلِّ حضارة»، نُلاحِظ أن الخبر نوعه مفرد، وهو «آمِن»، و«حصون».
وفي جملة « ليت الشبابَ يعودُ يومًا» الخبر جملة فعلية، وهو «يسود»، وفي جملة «إنَّ المدينة أفنيتها واسعة» الخبر جملة اسمية، وهو «أفنيتها واسعة»، ولعلَّكَ لاحظتَ في الجملتين وجود الرابط في جملة الخبر الذي يعود على اسم الحرف الناسخ ويُطابِقه في النوع والعدد.
وفي جملة «لعلَّ السعادةَ في إسعاد الآخَرين»، الخبر شبه جملة «جار ومجرور»، وهو «في إسعاد».
وفي جملة «أشعُرُ مع أصدقائي كأنَّني بين أهلي» الخبر شبه جملة «ظرف ومضاف إليه»، وهو «بين أهلي».
وفي السؤال الآتي تدريب على تعيين اسم الحرف الناسخ ونوع خبره.
مثال ٤: تعيين اسم الحرف الناسخ وخبره
«لستُ من المسئولين، لكنَّني مُتطوِّع في تنظيم المسابقة».
حدِّد اسمًا لحرف ناسخ في العبارة السابقة، وبيِّن نوع خبره.
- ضمير مستتر «تقديره أنا»، وخبره شبه جملة.
- ضمير متصل «تاء الفاعل»، وخبره شبه جملة.
- ضمير متصل «ياء المُتكلِّم»، وخبره مفرد.
- ضمير متصل «ياء المُتكلِّم»، وخبره شبه جملة.
الحل
الإجابة الصحيحة هي «ضمير متصل «ياء المُتكلِّم»، وخبره مفرد»؛ فقد اشتملت الجملة على الحرف الناسخ «لكنَّ»، واسمه ضمير متصل هو «ياء المُتكلِّم»، وخبره «مُتطوِّع»، ونوع الخبر مفرد.
أمَّا جملة «لستُ من المسئولين» فإنَّها تشتمل على الفعل الناسخ «لستُ»، واسمه تاء الفاعل في «لستُ»، وخبره شبه الجملة «من المسئولين».
مثال ٥: تحديد نوع خبر الحرف الناسخ
«إن الداعين إلى نشر السلام لهم رسالة عظيمة يعملون على تحقيقها». حدِّد خبر الحرف الناسخ ونوعه في الجملة السابقة.
- «لهم رسالة»، خبر جملة اسمية.
- «إلى نشر السلام»، خبر شبه جملة.
- «رسالة عظيمة»، خبر مفرد.
- «يعملون»، خبر جملة فعلية.
الحل
إذا تأمَّلْنا جملة «إنَّ الداعين إلى نشر السلام لهم رسالة عظيمة يعملون على تحقيقها»، نُلاحِظ أنها اشتملت على الحرف الناسخ «إنَّ» واسمه «الداعين»، ولتحديد خبره علينا أن نُعيِّنَ الجزء الذي يتمُّ به معنى الجملة.
وعندما نقول: «إنَّ الداعين إلى نشر السلام»، نُلاحِظ أن الإخبار بشبه الجملة «إلى نشر السلام» لم يتم به معنى الجملة. وعندما نقول: «إنَّ الداعين إلى نشر السلام لهم رسالة»، نُلاحِظ أن الإخبار بالجملة الاسمية «لهم رسالة» تمَّ به معنى الجملة، وتتكوَّن جملة الخبر من «لهم» شبه جملة في محل رفع خبر مُقدَّم، و«رسالة» مبتدأ مؤخر مرفوع، وأمَّا كلمة «عظيمة» فهي نعت مرفوع.
وعندما نقول: «إنَّ الداعين يعملون على تحقيقها»، نُلاحِظ أن الإخبار بالجملة الفعلية «يعملون على تحقيقها» لم يتم به معنى الجملة، وهي جملة نعت لكلمة «رسالة».
إذن، الإجابة الصحيحة هي «لهم رسالة»، خبر جملة اسمية.
وممَّا يحدث—وقد لا نلتفت إليه—أن خبر الحرف الناسخ قد يتقدَّم على اسمه، فيكون الخبر تاليًا للحرف الناسخ، ويأتي الاسم بعده.
ويتقدَّم الخبر جوازًا إذا كان الاسم معرفة والخبر شبه جملة، مثل: «إنَّ في التأني السلامة»؛ فـ «في التأني» خبر «إنَّ» مُقدَّم جوازًا، ونوعه «شبه جملة»، و«السلامة» اسم «إنَّ» مؤخَّر.
ويتقدَّم الخبر على الاسم وجوبًا في مواضع عدة، نذكر منها:
- إذا اشتمل الاسم على ضمير يعود على بعض الخبر، مثل:
«لعلَّ في المنزل أصحابَه»؛ فشبه الجملة «في المنزل» في محل رفع خبر «لعلَّ» مُقدَّم، وحُكم التقديم واجب؛ لأن الاسم «أصحابَه» اشتمل على ضمير يعود على بعض الخبر. - إذا كان الاسم نكرة والخبر شبه جملة، مثل: «ليت في السفر راحةً»؛ فشبه الجملة «في السفر» في محل رفع خبر «ليت» مُقدَّم، وحُكم التقديم واجب؛ لأن الاسم «راحةً» نكرة، والخبر شبه جملة.
مثال ٦: تحديد حُكم تقديم خبر الحرف الناسخ على اسمه
«إنَّ للوطن أبطالَهُ». تقدَّمَ خبر الحرف الناسخ على اسمه في الجملة السابقة، فما حُكم هذا التقديم؟ وما سببه؟
- جائز؛ لأن اسم «إنَّ» نكرة وخبرها شبه جملة.
- جائز؛ لأن اسم «إنَّ» معرفة وخبرها شبه جملة.
- واجب؛ لأن خبر «إنَّ» من الأسماء التي لها الصدارة.
- واجب؛ لاشتمال اسم «إنَّ» على ضمير يعود على بعض الخبر.
الحل
تقدَّمَ خبر «إنَّ» وهو «للوطن» على اسمها «أبطالَهُ»، وفي الاسم ضمير يعود على بعض الخبر، وهذه من الحالات التي يتقدَّمُ فيها الخبر على الاسم وجوبًا.
إذن، الإجابة الصحيحة هي «واجب؛ لاشتمال اسم «إنَّ» على ضمير يعود على بعض الخبر».
من النِّقاط المهمة ذات الصلة بموضوع «إنَّ وأخواتها» اتصال «ما الزائدة الكافَّة» بها، وقراءتنا للأمثلة الآتية تُساعِدنا على فَهْم عملها وتأثيرها في الجملة.
- إنَّما الحقُ واضحٌ.
- إنَّما المُصلِحونَ هادفون إلى خير الناس.
- علمتُ أنَّما النجاحُ ثمرةُ الاجتهاد.
- الطريق شاقٌّ، لكنَّما النجاحُ عظيمٌ.
- لعلَّما الأسعارُ رخيصةٌ.
في الأمثلة السابقة، نجد أن الحروف الناسخة «إنَّ، أنَّ، لكنَّ، لعلَّ» قد اتصلت بها «ما»، فكفَّتْها عن العمل؛ ولذلك تُسمَّي «ما الزائدة الكافَّة»، وتُعرَب «إنَّ وأخواتها» بعد اتصال «ما الكافَّة» بها كافة ومكفوفة لا محل لها من الإعراب، ويُعرَب ما بعدها مبتدأً وخبرًا؛ فإعراب كلمة «الحق» في جملة «إنَّما الحقُ واضحٌ» مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وكلمة «واضح» خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
وإعراب كلمة «المصلحون» في جملة «إنَّما المُصلِحونَ هادفون إلى خير الناس» مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو، وكلمة «هادفون» خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو.
وإعراب كلمة «النجاح» في جملة «الطريق شاقٌّ، لكنَّما النجاحُ عظيمٌ» مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وكلمة «عظيم» خبر المبتدأ مرفوع.
وتتَّصِل «ما الزائدة الكافة» بـ «ليت»، فيجوز إعمالها، ويجوز أن تكُفَّها «ما» عن العمل مثل باقي أخوات «إنَّ»، مثل: «ليتما الصحة دائمةٌ فأعمل طوال عمري»؛ فكلمة «الصحة» يجوز أن تُعرَب مبتدأً مرفوعًا باعتبار «ليت» مُهمَلة لا عمل لها، ويجوز أن تُعرَب اسم «ليت» منصوبًا باعتبار «ليت» عاملة.
ولا يقتصر دور «ما الزائدة الكافَّة» على إبطال عمل «إنَّ وإخواتها»، بل تجعلها صالحة للدخول على الجملة الفعلية، مثل: «إنَّما ينجي الصدق صاحبه».
ومن خلال تأمُّلِنا للأمثلة السابقة، نجد أنَّ «ما الزائدة» تُقوِّي معنى الجملة وتؤكِّدها.
قاعدة: اتصال «ما الزائدة الكافَّة» بـ «إنًّ وأخواتها»
تتَّصِل «ما الزائدة الكافَّة» بـ «إنَّ» أو إحدى أخواتها، فتُبطِل عملها، وتجعلها صالحةً للدخول على الجملة الفعلية، ما عدا «ليت»، فيجوز لنا أن نجعلها ناسخة عاملة أو غير عاملة.
وعلينا أن نُفرِّق في هذا السياق بين «ما» الكافة التي تكُفُّ «إنَّ» أو إحدى أخواتها عن العمل، و«ما» الموصولة أو المصدرية؛ فإنَّ «ما» الموصولة أو المصدرية لا تكُفُّ «إنَّ وأخواتها» عن العمل، ولنتأمَّل الأمثلة الآتية:
- إنَّما السماءُ تُمطِر.
- إنَّ ما قلتَهُ صوابٌ.
- إنَّ ما فعلتَ جيدٌ.
لعلَّنا نُلاحِظ أنَّ «ما» في جملة «إنَّما السماءُ تُمطِر» كافة زائدة، والاسم بعدها «السماءُ» مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة.
و«ما» في جملة «إنَّ ما قلتَهُ صوابٌ» موصولة بمعنى «الذي»، وتُعرَب اسمًا موصولًا مبنيًّا على السكون في محل نصب اسم «إنَّ»، وخبر «إنَّ» كلمة «صواب».
و«ما» في جملة «إنَّ ما فعلتَ جيدٌ» مصدرية، وتؤول هي والجملة الفعلية بعدها بمصدر تقديره «فِعْلك» في محل نصب اسم «إنَّ».
وممَّا يُساعِدنا على التفريق بينهما أن «ما» الكافة تكون متصلة بـ «إن» أو إحدى أخواتها، وأمَّا «ما» الموصولة أو المصدرية فتكون مفصولة عنها.
مثال ٧: بيان تأثير «ما» الكافة على الحرف الناسخ
يقول الشاعر:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإنْ هُمُ ذهبَتْ أخلاقُهُمْ ذهبوا
ما إعراب ما تحته خط في البيت السابق؟
- خبر «إنَّ» مرفوع.
- اسم «إنَّ» منصوب.
- مبتدأ مرفوع.
- خبر مُقدَّم مرفوع.
الحل
الإجابة الصحيحة هي «مبتدأ مرفوع»، ولعلَّنا نُلاحِظ دخول «ما» الكافة الزائدة على «إنَّ»، وعندما تتَّصِل «ما» الزائدة الكافة بـ «إنَّ» أو إحدى أخواتها، تُبطِل عملها، ويُعرَب ما بعدها مبتدأً.
وقد يَلْحَق باسم «إنَّ» أو خبرها ما يُعرَف بـ «لام الابتداء» أو «اللام المُزحلَقة»، وهي حرف توكيد لا يؤثِّر في إعراب ما بعده، وسُمِّيَ بـ «لام الابتداء» لأن الأصل فيه أن يدخُلَ على المبتدأ، كما في قولنا: «لأبي صادق»، وسُمِّيَ بـ «اللام المُزحلَقة» لأنها تُزحلَق من موضعها «اسم إنَّ» إلى موضع آخَر «خبر إنَّ»، فنقول: «إنَّ أبي لصادقٌ»؛ فاللام في كلمة «لصادقٌ» هي المُزحلَقة، وهي حرف توكيد، و«إنَّ» حرف توكيد، ولا يجتمع في أول الجملة مؤكِّدان؛ ولذلك زُحلِقَت من اسم «إنَّ» إلى خبرها.
وقد تدخل «اللام المُزحلَقة» على اسم «إنَّ» بشرط أن يكون مُتأخِّرًا، كما في قولنا: «إنَّ في المستقبل لأملًا»؛ فاللام في كلمة «لأملًا» هي المُزحلَقة، ودخلت على الاسم لأنه جاء مُتأخِّرًا عن الخبر.
مثال ٨: تمييز اللام المُزحلَقة
صواب أم خطأ: اللام في كلمة «لوطني» في جملة «إنني لن أُقدِّمَ لوطني إلَّا كلَّ غالٍ ونَفيسٍ» هي اللام المُزحلَقة؟
- خطأ.
- صواب.
الحل
الإجابة هي «خطأ»؛ لأن اللام في كلمة «لوطني» حرف من حروف الجر، وأمَّا «اللام المُزحلَقة» فتدخُلُ على اسم «إنَّ» المؤخَّر أو خبرها.
النقاط الرئيسية
- «إنَّ وأخواتها» حروف ناسخة تدخُلُ على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ ويُسمَّى اسمها، ويبقى الخبرُ مرفوعًا ويُسمَّى خبرها.
- أخوات «إنَّ» هي «أنَّ»، و«كأنَّ»، و«لكنَّ»، و«لعلَّ»، و«ليتَ».
- اسم «إنَّ وأخواتها» يكون اسمًا ظاهرًا مفردًا أو مثنى أو جمعًا، ويكون ضميرًا متصلًا ظاهرًا.
- أنواع خبر «إنَّ وأخواتها» لا تختلف عن أنواع خبر المبتدأ، فيكون خبرها مفردًا، أو جملة «فعلية أو اسمية»، أو شبه جملة «الظرف أو الجار والمجرور».
- تتَّصِل «ما» الزائدة الكافة بـ «إنَّ» أو إحدى أخواتها، فتُبطِل عملها، وتجعلها صالحةً للدخول على الجملة الفعلية، ما عدا «ليت»، فيجوز لنا أن نجعلها ناسخة عاملة أو غير عاملة.
- يَلْحَق باسم «إنَّ» أو خبرها ما يُعرَف بـ «لام الابتداء» أو «اللام المُزحلَقة»، وهي حرف توكيد سُمِّيَ بـ «لام الابتداء» لأن الأصل فيه أن يدخُلَ على المبتدأ، وسُمِّيَ بـ «اللام المُزحلَقة» لأنها تُزحلَق من موضعها «اسم إنَّ» إلى موضع آخَر «خبر إنَّ».