في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نفسِّر كيفية الحفاظ على جهد الراحة، ونَصِف التغيُّرات الكهربية والكيميائية التي تحدث أثناء جهد الفعالية.
يحتوي جسم الإنسان على أكثر من سبعة تريليونات عصب. يمكن أن تنتقل كل إشارة ترسلها هذه الأعصاب بسرعات كبيرة تصل إلى 120 مترًا (400 قدم تقريبًا) كل ثانية. يسمح لنا هذا النمو التطوري المذهل بالتفكير سريعًا والتصرف حتى دون تفكير، للاستجابة للبيئة والمساعدة في البقاء على قيد الحياة.
الخلية العصبية خلية متخصصة توجد داخل الجهاز العصبي. وظيفة الخلايا العصبية هي نقل المعلومات في صورة إشارات كهربية: سيالات عصبية.
يبدأ السيال العصبي من خلال مثير؛ أي تغيُّر في البيئة الداخلية أو الخارجية. يحفِّز هذا المثير أحد المستقبلات لإرسال سيال عصبي إلى الجهاز العصبي المركزي. ومن ثَمَّ، يعالج الجهاز العصبي المركزي، الذي يتكوَّن من المخ والحبل الشوكي، هذه المعلومات. بعد ذلك، تنتقل السيالات العصبية من الجهاز العصبي المركزي إلى أعضاء مختلفة، وهو ما يسمح لنا بالاستجابة للمثير بصورة مناسبة. على سبيل المثال، المثير الناتج عن لمس جسم ساخن يُنتج سلسلة من السيالات العصبية تسبِّب انقباض عضلات الذراع لسحب اليد بعيدًا.
تعريف: الخلية العصبية
الخلية العصبية خلية تختص بنقل السيالات العصبية.
نُلقي نظرةً على تركيب الخلية العصبية. للخلايا العصبية العديد من الأشكال والأحجام، لكن لمعظمها تركيب أساسي متشابه. يوضِّح الشكل (1) مثالًا لخلية عصبية.
يبدأ السيال العصبي أولًا عند الزوائد الشجيرية، ثم يصل إلى جسم الخلية الذي يحتوي على نواة الخلية العصبية. توضِّح الأسهم الحمراء في الشكل (1) المسار الذي يأخذه السيال العصبي من جسم الخلية، وعلى امتداد الجزء الذي يشبه الخيط من الخلية العصبية، والذي يُسمَّى المحور العصبي. بعض الخلايا العصبية، مثل تلك الموجودة في الشكل (1)، لها طبقة عازلة تحيط بالمحور العصبي تُسمَّى غلاف الميالين. توجد فجوات صغيرة في غلاف الميالين، تُسمَّى عُقد رانفييه، وتلعب دورًا هامًّا في زيادة سرعة السيال العصبي.
مصطلح رئيسي: المحور العصبي
المحور العصبي امتداد طويل خيطي الشكل للخلية العصبية يُنقَل عبره السيال العصبي.
لبدء السيال العصبي وانتشاره، لا بد أن تكون الخلية العصبية قابلة للاستثارة. ما الذي يجعل الخلايا العصبية قابلة للاستثارة كهربيًّا؟
إن سيتوبلازم الخلايا العصبية والحيز الخارجي المحيط بالخلية مائعان مختلفان لهما تركيبان كيميائيان مختلفان. ونتيجةً لذلك، لا يحتويان على المقدار نفسه من الأيونات المشحونة. عادةً ما يكون هناك فائض من الشحنات الموجبة في الحيز الخارجي المحيط بالخلية، كما سنوضِّح في هذا الشارح لاحقًا. وينتج عن ذلك تولُّد جهد كهربي بين جانبَي الغشاء، مع جذب الأيونات الموجبة الموجودة خارج الخلية بواسطة السيتوبلازم ذي الشحنة السالبة. في الفيزياء، يُسمَّى هذا النوع من القوة الكهربية الجهد. ويقال إن الغشاء مستقطب بسبب هذا الفرق في الجهد. إذا كان هناك فتحة أو قناة في الغشاء، فمن المحتمل أن تتحرَّك الأيونات الموجبة بحرية إلى الداخل حتى يصبح هناك توازن في تركيزها وشحنتها على جانبَي الغشاء.
يُسمَّى الفرق في الجهد بين سيتوبلازم الخلية العصبية والحيز الخارجي المحيط بها باسم «جهد الغشاء».
مصطلح رئيسي: جهد الغشاء
جهد الغشاء، أو فرق الجهد، هو الفرق في الجهد الكهربي بين داخل الخلية العصبية وخارجها.
عندما لا تنقُل الخلية العصبية سيالًا عصبيًّا، يقال إنها في حالة راحة، ويكون للغشاء جهد راحة. ويوضِّح الشكل (2) الآلية التي يُحافَظ بها على جهد الراحة.
مصطلح رئيسي: جهد الراحة
جهد الراحة هو فرق الجهد عبر غشاء الخلية العصبية أثناء الراحة ( mV تقريبًا).
يمكن الحفاظ على جهد الراحة من خلال النقل النشط من قبل البروتينات الموجودة في غشاء الخلايا العصبية، التي تُسمَّى مضخات الصوديوم والبوتاسيوم. تنقُل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم أيونات الصوديوم () وأيونات البوتاسيوم () الموجبة الشحنة عبر الغشاء باستخدام طاقة الأدينين الثلاثي الفوسفات (ATP). وتحتاج هذه المضخة إلى طاقة؛ لأن الصوديوم والبوتاسيوم يُنقلان عكس تدرُّج تركيزَيْهما من منطقة منخفضة التركيز إلى منطقة عالية التركيز. لكل ثلاثة أيونات من الصوديوم تُضخ خارج الخلية العصبية، يُضخ أيونان من البوتاسيوم للداخل. وهذا يجعل الجهد في الحيز الخارجي المحيط بالخلية موجبًا أكثر من سيتوبلازم الخلية العصبية. كما أنه يزيد من تركيز أيونات البوتاسيوم داخل الخلية العصبية. وفي الواقع، يكون تركيز أيونات الصوديوم خارج الخلية العصبية أعلى بمقدار 10 أمثال إلى 15 مثل تركيزه بالداخل، ويكون تركيز البوتاسيوم داخل الخلية أعلى بمقدار 30 مثل تركيزه في الخارج.
يلعب النشاط المستقر لمضخات الصوديوم والبوتاسيوم دورًا مهمًّا في الحفاظ على قابلية الخلايا العصبية للاستثارة. يُستخدَم الأوباين، وهو أحد السموم المشتقة من النباتات، من آلاف السنين من قِبَل قبائل غرب أفريقيا لصنع أسهم سامة. الأوباين مثبِّط قوي لمضخة الصوديوم والبوتاسيوم؛ حيث يهاجم الجهاز العصبي، ويكفي سهم واحد سام لقتل أي حيوان صيد، حتى الفيل.
مصطلح رئيسي: مضخة الصوديوم والبوتاسيوم
تحافظ مضخة الصوديوم والبوتاسيوم على جهد الراحة لغشاء المحور العصبي بنقل ثلاثة أيونات من الصوديوم إلى خارج الخلية العصبية، وأيونين من البوتاسيوم إلى داخلها.
يؤدي نشاط المضخة إلى توزيع غير متزن لـ و عبر الغشاء، بتركيز أعلى لـ داخل الخلية العصبية مقارنةً بخارجها، وتركيز أعلى لـ بالخارج مقارنةً بالداخل. وفي حالة الراحة، يسمح الغشاء بحد أدنى من سريان هذه الأيونات، ويظل أكثر نفاذية بمقدار 40 مرة لـ مقارنةً بـ . ينتشر خلال فتحات تُسمَّى قنوات «التسريب» مخصَّصة لهذه الأيونات، بالحركة في اتجاه تدرُّج التركيز من منطقة مرتفعة التركيز للـ إلى منطقة منخفضة التركيز في الحيز الخارجي المحيط بالخلية.
وتكون قنوات «التسريب» مفتوحة دائمًا؛ لذا، يسمح الغشاء بنفاذية ، ويظل سريان أقل 40 مرةً. ويؤدِّي هذا السريان الكلي للأيونات في النهاية إلى تقليل جهد الغشاء؛ لأن السطح الخارجي للخلية يزداد شحنة موجبة.
مصطلح رئيسي: قنوات «التسريب»
قنوات «التسريب»، أو قنوات أيونات البوتاسيوم، مفتوحة دائمًا، وهو ما يجعل غشاء الخلايا العصبية يسمح بنفاذ أيونات البوتاسيوم.
كما أن هناك أيونات سالبة الشحنة، مثل الكلوريد، وبروتينات سالبة الشحنة توجد بتركيز أعلى داخل الخلية العصبية. وبفعل عمل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم وقنوات «التسريب»، يساهم ذلك في جعل الحيز الخارجي المحيط بالخلية العصبية أكثر شحنة موجبة من السيتوبلازم الموجود داخل الخلية العصبية. إن الغشاء في حالة استقطاب، ما يحقِّق جهد راحة يساوي mV تقريبًا.
مثال ١: وصف حالة قنوات الأيونات أثناء الحفاظ على جهد الراحة
عند الإبقاء على جهد الخلايا العصبية في وضع الراحة، هل تكون قنوات أيونات البوتاسيوم (قنوات التسريب) مفتوحة أم مُغلَقة؟
الحل
عندما تكون الخلية العصبية في حالة راحة، يكون للحيز الخارجي المحيط بالخلية شحنة موجبة أكثر من تلك الموجودة في سيتوبلازم الخلية العصبية. إن الغشاء في حالة استقطاب، وجهد الغشاء يساوي mV تقريبًا.
ويمكن الحفاظ على جهد الراحة بالأساس من خلال النقل النشط من قبل البروتينات الموجودة في غشاء الخلية العصبية، التي تُسمَّى مضخات الصوديوم والبوتاسيوم. تنقل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم أيونات الصوديوم () وأيونات البوتاسيوم () الموجبة الشحنة عبر الغشاء باستخدام الأدينين الثلاثي الفوسفات (ATP). وتحتاج هذه المضخة إلى طاقة؛ لأن و يُنقلان عكس تدرُّج تركيزَيْهما من منطقة منخفضة التركيز إلى منطقة عالية التركيز. لكل تُضخ خارج الخلية العصبية، يُضخ للداخل. وهذا يجعل الجهد في الحيز الخارجي المحيط بالخلية أكثر شحنة موجبة من سيتوبلازم الخلية العصبية. كما أنه يزيد من تركيز أيونات داخل الخلية العصبية.
ونتيجةً لارتفاع تركيز داخل الخلية العصبية، سيتسرب أيضًا عبر غشاء الخلية العصبية خارج السيتوبلازم إلى الحيز الخارجي المحيط بالخلية. وينتشر خلال فتحات تُسمَّى قنوات «تسريب» مخصصة لـ ، بالحركة في اتجاه تدرُّج التركيز من منطقةٍ يرتفع بها تركيزُ إلى منطقة منخفضة التركيز. وتكون قنوات «التسريب» مفتوحة دائمًا؛ لذا، يسمح الغشاء بنفاذية . وهذا يقلِّل من جهد الغشاء؛ حيث تزداد الشحنة الموجبة خارج الخلية؛ ومن ثَمَّ، يتحقَّق جهد راحة يساوي mV.
وبناءً عليه، عند الحفاظ على جهد الراحة، تظل قنوات أيونات البوتاسيوم (قنوات التسريب) مفتوحة.
وعندما لا تكون الخلية العصبية في حالة راحة، فإنها توصل سيالًا عصبيًّا يُسمَّى جهد الفعالية.
جهود الفعالية إشارات كهربية تنقل المعلومات من خلال حركة الأيونات المشحونة عبر غشاء الخلية العصبية أثناء مرور جهد الفعالية عبره. يؤدِّي هذا إلى تغيير مؤقت في فرق الجهد عند نقطة معيَّنة على الخلية العصبية حيث تتحرَّك الأيونات.
المراحل الرئيسية لجهد الفعالية هي:
- إزالة الاستقطاب
- إعادة الاستقطاب
- فرط الاستقطاب
- فترة جموح وجيزة لا يمكن خلالها توليد جهد فعالية آخر
يلخِّص الشكل (3) حركة الأيونات في مرحلتَي إزالة الاستقطاب وإعادة الاستقطاب.
مصطلح رئيسي: جهد الفعالية
جهد الفعالية هو التغيُّر المؤقت في فرق الجهد عبر غشاء الخلية العصبية عند تحفيزه ( mV تقريبًا).
نُلقي نظرة على عملية إزالة الاستقطاب أولًا.
تحدث عملية إزالة الاستقطاب عندما يتغيَّر جهد الغشاء عند نقطة ما على الخلية العصبية من سالب إلى موجب. ويحدث ذلك في البداية نتيجة تنشيط المستقبلات الكيميائية عند التشابكات العصبية التي تقع عند الزوائد الشجيرية للخلية العصبية. يحفِّز تنشيط هذه المستقبلات فتح قنوات المبوبة بفرق الجهد التي أغلقت من قبل، وهو ما يجعل الغشاء أكثر نفاذية لـ .
ينتشر إلى داخل سيتوبلازم الخلية العصبية؛ لأنه يكون أقل تركيزًا منه في الحيز الخارجي المحيط بالخلية نتيجةً لعمل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم. التركيز الزائد لـ يجعل سيتوبلازم الخلية العصبية أقل شحنة سالبة، كما هو موضَّح في الشكل (4). زيادة إيجابية جهد الغشاء تسبِّب فتح المزيد من قنوات المبوبة بفرق الجهد. وهذا يعني أن ينتشر داخل الخلية العصبية بمعدل أسرع، ويستمر حتى تصل قيمة جهد الغشاء إلى mV تقريبًا.
مصطلح رئيسي: إزالة الاستقطاب
إزالة الاستقطاب تغيُّر في جهد الغشاء عند نقطة ما على الخلية العصبية من سالب إلى موجب.
مصطلح رئيسي: قنوات الأيونات المبوبة بفرق الجهد
قنوات الأيونات المبوبة بفرق الجهد هي تلك التي تُفتَح وتُغلَق استجابة للتغيُّرات في جهد الغشاء للخلية، ونتيجةً لذلك، تسمح بتدفُّق الأيونات عبر الغشاء.
عندما يصل جهد الغشاء إلى mV، تُغلَق قنوات المبوبة بفرق الجهد وتُفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد. ولا يُعَد قادرًا على دخول الخلية العصبية. ويكون تركيز أعلى في سيتوبلازم الخلية العصبية من تركيزه في الحيز المحيط بها نتيجة لعمل مضخة البوتاسيوم والصوديوم؛ وبذلك يمكن الآن أن ينتشر للخارج. وهذا يقلِّل من جهد الغشاء، ويصبح سيتوبلازم الخلية العصبية مرةً أخرى أقل شحنة موجبة من الحيز الخارجي المحيط بالخلية. وهذا يُسمَّى إعادة الاستقطاب، كما ترى في الشكل (5).
مصطلح رئيسي: إعادة الاستقطاب
إعادة الاستقطاب تغيُّر في جهد الغشاء عند نقطة ما على الخلية العصبية من موجب إلى سالب مرة أخرى.
تنتشر كمية كبيرة من خارج الخلية العصبية عندما تفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد؛ حيث يصبح جهد الغشاء سالبًا أكثر من جهد الراحة بشكل مؤقت. يُسمَّى ذلك فرط الاستقطاب.
يسبِّب فرط الاستقطاب غلق قنوات المبوبة بفرق الجهد، وتعيد مضخة الصوديوم والبوتاسيوم الغشاء إلى جهد الراحة. يمكنك ملاحظة حدوث ذلك في المرحلة الأخيرة من الشكل (3). وتُسمَّى هذه الفترة الزمنية فترة الجموح، التي لا يمكن أن يتولَّد خلالها المزيد من جهود الفعالية؛ لأن قنوات المبوبة بفرق الجهد تظل مغلقة. تستمر فترات الجموح لفترة زمنية قصيرة جدًّا، عادةً من 0.001 إلى 0.003 ثانية.
مصطلح رئيسي: فرط الاستقطاب
فرط الاستقطاب تغيُّر في جهد الغشاء عند نقطة ما على الخلية العصبية إلى جهد سالب أكثر من جهد الراحة الأصلي.
مصطلح رئيسي: فترة الجموح
فترة الجموح فترة وجيزة تلي مباشرةً جهد الفعالية، ولا تستجيب خلالها الخلية العصبية لمزيد من التحفيز؛ ومن ثم لا يمكنها توليد جهد فعالية آخر.
مثال ٢: تحديد ترتيب مراحل جهد الفعالية
يوضِّح المُخطَّط المُبيَّن مراحل جهد الفعالية، ويُشار إلى كلِّ مرحلة برقم. اذكر الترتيب الصحيح للأرقام.
الحل
جهد الفعالية هو التغيُّر في الجهد الكهربي لغشاء الخلية العصبية خلال مرور السيال العصبي غبر الخلية العصبية. ومراحله الرئيسية هي: إزالة الاستقطاب وإعادة الاستقطاب وفرط الاستقطاب وفترة جموح وجيزة.
وتحدث إزالة الاستقطاب عندما تتغيَّر الشحنة الكهربية السالبة عند نقطة ما على غشاء الخلية العصبية إلى شحنة موجبة. ويرجع ذلك إلى تحفيز طاقة المثير لفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد لينتشر إلى سيتوبلازم الخلية العصبية. التركيز الزائد لـ يجعل سيتوبلازم الخلية العصبية أقل شحنة سالبة، وهو ما يسبِّب فتح المزيد من قنوات المبوبة بفرق الجهد. ينتشر داخل الخلية العصبية بمعدل أسرع حتى يصل جهد الغشاء إلى mV تقريبًا.
تُغلق الآن قنوات المبوبة بفرق الجهد ولا يُعَد قادرًا على دخول الخلية العصبية. تُفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد حتى يستطيع الانتشار خارج سيتوبلازم الخلية العصبية. وهذا يقلِّل من جهد الغشاء، ويصبح سيتوبلازم الخلية العصبية مرةً أخرى أقل شحنة موجبة من الحيز الخارجي المحيط بالخلية. وهذا يُسمَّى إعادة الاستقطاب.
تنتشر كمية كبيرة من خارج الخلية العصبية، حتى يصبح جهد الغشاء أكثر شحنة موجبة من جهد الراحة. يُسمَّى هذا فرط الاستقطاب، ويسبِّب غلق قنوات المبوبة بفرق الجهد. وتُعيد مضخة الصوديوم والبوتاسيوم الغشاء إلى جهد الراحة في فترة زمنية تُسمَّى فترة الجموح. خلال فترة الجموح، لا يمكن أن تتولَّد جهود فعالية؛ لأن قنوات المبوبة بفرق الجهد تظل مغلقة.
ومن ثَمَّ، فإن الترتيب الصحيح للأحداث في جهد الفعالية هو: 4، 2، 6، 1، 5، 3.
ننظر إلى التمثيل البياني في الشكل (6) الذي يوضِّح كيف يتغيَّر جهد الغشاء أثناء جهد الفعالية.
- في المرحلة 1، يُحافَظ على جهد الراحة في المرحلة 1؛ حيث تُحافِظ مضخة الصوديوم والبوتاسيوم وقنوات «التسريب» على جهد الغشاء عند mV تقريبًا.
- في المرحلة 2، تسبَّب المثير في فتح قنوات المبوبة بفرق الجهد في المرحلة 2؛ ممَّا يُزيل استقطاب الغشاء إلى mV.
- تُغلق قنوات المبوبة بفرق الجهد عند mV، وتُفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد. توضِّح المرحلة 3 إعادة استقطاب الغشاء؛ حيث ينتشر خارج المحور العصبي.
- توضِّح المرحلة 4 فرط استقطاب الغشاء، متجاوزًا جهد راحته. تعمل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم على إعادة جهد الراحة في فترة الجموح.
- وقد تمت إعادة جهد الراحة في المرحلة 5، ليعود جهد الغشاء إلى mV.
مثال ٣: وصف أحداث جهد الفعالية
يوضِّح التمثيل البياني الآتي كيفية تغيُّر فرق الجهد عبر غشاء المحور العصبي أثناء مسار جهد الفعالية. ماذا يحدث أثناء المرحلة 2؟
الحل
يُحافَظ على جهد الراحة في المرحلة 1؛ حيث تُحافِظ مضخة الصوديوم والبوتاسيوم على جهد الغشاء عند mV تقريبًا. سبَّب المثير فتح قنوات المبوبة بفرق الجهد؛ مما أدى إلى إزالة استقطاب الغشاء إلى mV. تُغلق قنوات المبوبة بفرق الجهد عند mV وتفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد. توضِّح المرحلة 3 إعادة استقطاب الغشاء؛ حيث ينتشر خارج المحور العصبي. وتوضِّح المرحلة 4 فرط استقطاب الغشاء، متجاوزًا جهد الراحة. بعد فترة الجموح، يُعاد جهد الراحة في المرحلة 5، ليعود جهد الغشاء إلى mV.
لذلك في المرحلة 2، حفَّز المثير فتح قنوات أيونات الصوديوم المبوبة بفرق الجهد، وأزالت أيونات الصوديوم استقطاب الغشاء.
مثال ٤: وصف أحداث جهد الفعالية
يوضِّح التمثيل البياني الآتي كيفية تغيُّر فرق الجهد عبر غشاء المحور العصبي أثناء مسار جهد الفعالية. ماذا يحدث أثناء المرحلة 3؟
الحل
يُحافظ على جهد الراحة في المرحلة 1؛ حيث تحافظ مضخة الصوديوم والبوتاسيوم على جهد الغشاء عند mV تقريبًا. سبَّب المثير فتح قنوات المبوبة بفرق الجهد؛ مما أدى إلى إزالة استقطاب الغشاء إلى mV. تُغلق قنوات المبوبة بفرق الجهد عند mV وتفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد. توضِّح المرحلة 3 إعادة استقطاب الغشاء؛ حيث ينتشر خارج المحور العصبي. وتوضِّح المرحلة 4 فرط استقطاب الغشاء، متجاوزًا جهد الراحة. في المرحلة 5، يعود جهد الغشاء إلى mV.
لذلك، في المرحلة 3، تفتح قنوات أيونات البوتاسيوم المبوبة بفرق الجهد، وتنتشر أيونات البوتاسيوم خارج المحور العصبي.
بعد ذلك، ينتشر جهد الفعالية من أحد طرفَي محور الخلية العصبية إلى الطرف الآخر، في اتجاه واحد فقط. ويُشار إلى هذا الانتشار بموجة إزالة الاستقطاب.
هذا لأنه عند إزالة استقطاب جزء واحد من غشاء المحور العصبي، تنتقل موجبة الشحنة إلى داخل سيتوبلازم المحور العصبي، كما ترى في الجزء الأخضر من المرحلة 1 في الشكل (7).
تُنَشَّط قنوات الصوديوم المبوبة بفرق الجهد المجاورة للموقع الابتدائي لإزالة الاستقطاب؛ حيث ينتشر الصوديوم عبر المحور العصبي لإزالة استقطاب الجزء التالي، كما يمكنك ملاحظته في المرحلة 2 في الشكل (8). وهذا يحفِّز فتح قنوات المبوبة بفرق الجهد في هذا الجزء التالي، ويُزال استقطاب الغشاء بالكامل عند هذه النقطة.
تنتقل موجة إزالة الاستقطاب في اتجاه واحد فقط؛ لأن الجزء الذي يقع خلف الجزء المزال استقطابه في المرحلة 3 يُعاد استقطابه، كما ترى في الشكل (9). تُفتح قنوات المبوبة بفرق الجهد، وينتشر خارج المحور العصبي، وهو ما يجعله أكثر شحنة سالبة من الحيز الخارجي المحيط بالخلية، ويحدث فرط استقطاب الغشاء. خلال فترة الجموح هذه، تبقى قنوات المبوبة بفرق الجهد مغلقة، وبذلك لا ينتقل أي إلى داخل المحور العصبي، ولا يمكن انتشار للخلف في موجة إزالة الاستقطاب.
تحدِّد قوة المثير إذا ما كان سيتولَّد جهد فعالية. إذا تجاوز المثير قيمة الحد الأقصى، فسيحفِّز دائمًا جهد الفعالية. وإذا لم يتجاوز المثير هذه القيمة، فلن يتولَّد أي جهد فعالية. وبناءً على ذلك، تُسمَّى جهود الفعالية باستجابة الكل أو لا شيء.
على الرغم من أن جهد الفعالية سيكون دائمًا له القيمة نفسها، فإنه إذا كان المثير أقوى، كان تردُّد جهود الفعالية أكبر، وبذلك يتولَّد المزيد لكل وحدة زمن.
مصطلح رئيسي: مبدأ الكل أو لا شيء
ينص مبدأ الكل أو لا شيء على أنه إذا كان المثير قويًّا بما يكفي لتجاوز قيمة الحد الأقصى، فسيتولَّد دائمًا جهد فعالية له القيمة نفسها. إذا لم تكُن قوة المثير كبيرة بما يكفي لتجاوز هذه القيمة، فلن يتولَّد أي جهد فعالية.
هناك ثلاثة عوامل تؤثِّر على سرعة انتقال جهد الفعالية.
عند درجات الحرارة الأعلى، تنتشر الأيونات بسرعة أعلى؛ حيث إن لها طاقة حركة أكبر. هذا يزيد من سرعة جهد الفعالية. ومع ذلك، عند درجات الحرارة الأعلى من ، تبدأ البروتينات مثل مضخة الصوديوم والبوتاسيوم في التشوه، وهو ما يتسبَّب في انخفاض معدل الانتقال.
يؤثِّر قطر المحور العصبي أيضًا على سرعة جهد الفعالية. كلما زاد القطر، زادت سرعة الانتقال؛ حيث تواجه الأيونات المنتشرة مقاومة أقل. يبدو الأمر كما لو أن الكثير من الناس حاولوا السير في مسار عريض، فسيكون ذلك أسهل بكثير من سير العدد نفسه من الأشخاص في مسار ضيق.
يؤثِّر أيضًا إذا ما كان المحور مياليني أو لا على سرعة الانتقال. توصِّل المحاور العصبية الميالينية السيالات العصبية أسرع من المحاور العصبية غير الميالينية. تكون سرعة الانتشار عبر المحور العصبي غير المياليني 12 مترًا لكل ثانية تقريبًا، في حين قد تصل سرعة الانتشار عبر المحور العصبي المياليني إلى 140 مترًا لكل ثانية.
توجد قنوات الأيونات المبوبة بفرق الجهد فقط في عقد رانفييه في المحاور العصبية الميالينية؛ ولذلك تحدث إزالة الاستقطاب عند هذه النقاط فقط. هذا يعني أن جهد الفعالية «يقفز» من عقدة إلى عقدة أخرى مجاورة، كما هو موضَّح بالأسهم الوردية في الشكل (10). تُسمَّى هذه العملية «التوصيل القفزي»، وهي تزيد من سرعة الانتقال؛ حيث يقل الوقت المستغرَق في فتح وغلق قنوات الأيونات.
وبالمقارنة، يُفتح الكثير من قنوات الأيونات ويُغلق في المحور العصبي غير المياليني في الشكل (10)؛ ومن ثَمَّ، فإن سرعة انتشار جهد الفعالية تكون أقل كثيرًا.
مصطلح رئيسي: التوصيل القفزي
يصف التوصيل القفزي كيفية انتشار جهود الفعالية عبر محور عصبي مياليني من خلال «القفز» من إحدى عُقد رانفييه إلى العقدة التالية، وهو ما يؤدي إلى زيادة سرعة التوصيل مقارنةً بالمحاور العصبية غير الميالينية.
نلخِّص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- تحدِّد حركة أيونات الصوديوم والبوتاسيوم عبر غشاء الخلية العصبية جهد الغشاء.
- يُحافَظ على جهد الراحة لغشاء الخلية العصبية من خلال مضخة الصوديوم والبوتاسيوم وقنوات «التسريب».
- ينقل جهد الفعالية المعلومات الكهربية عبر الخلية العصبية، ويتكوَّن من إزالة الاستقطاب وإعادة الاستقطاب وفرط الاستقطاب وفترة الجموح.
- تتأثَّر سرعة انتقال جهد الفعالية بدرجة الحرارة وقطر المحور العصبي وإذا ما كان المحور مياليني أو لا.
- ينص مبدأ الكل أو لا شيء على أنه إذا تجاوز المثير قيمة الحد الأقصى، فسيتولَّد دائمًا جهد فعالية.