في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف تركيب الكروموسومات في الخلايا الحقيقية النوى، ونفسِّر دَوْر الهستونات والنيوكليوسومات في تكوين الكروموسومات.
كم يبلغ طولك؟ هل طولك يساوي طول الحمض النووي (DNA) الموجود في خلية ثنائية الصيغة الصبغية داخل جسمك؟
يبلغ طول الجينوم البشري المفرد (الأحادي الصيغة الصبغية) ثلاثة مليارات نيوكليوتيدة تقريبًا. وبما أن معظم خلايا الجسم ثنائية الصيغة الصبغية، فهذا يعني أن النواة في معظم الخلايا تحتوي على ستة مليارات زوج من القواعد. يبلغ طول كل نيوكليوتيدة نحو 0.34 نانومتر، وهو ما يعني وجود مترين تقريبًا من الحمض النووي المُكثَّف داخل كل خلية ثنائية الصيغة الصبغية!
قد تتذكَّر أن حقيقيات النوى، مثل البشر، تحتوي على عضيَّات محاطة بأغشية، ومنها النواة، لاحتواء الحمض النووي. هذا الحمض النووي منظم للغاية ومضغوط بإحكام داخل النواة في صورة كروموسومات. في الإنسان، يُوجَد 46 كروموسومًا، ويتكوَّن كل كروموسوم من جزيء مفرد وطويل للغاية من الحمض النووي (DNA) المزدوج الشريط. يتكثَّف هذا الحمض النووي ليُعطي في النهاية التركيب المألوف الذي يأخذ شكل حرف X، والذي يُعرَف بالكروموسوم، كما نلاحظ في الشكل الثلاثي الأبعاد الآتي.
مصطلح رئيسي: حقيقيات النوى
حقيقيات النوى هي كائنات تتكوَّن من خلايا تحمل مادتها الوراثية داخل نواة محاطة بغشاء.
تعريف: الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين (DNA)
الحمض النووي (DNA) هو الجزيء الذي يحمل المعلومات الوراثية للحياة. ويتكوَّن من شريطين من النيوكليوتيدات يلتف كلٌّ منهما حول الآخر لتكوين لولب مزدوج.
مصطلح رئيسي: الكروموسوم
الكروموسوم تركيب منظم يتكوَّن من الحمض النووي (DNA) والبروتينات المرتبطة به، ويحتوي على المعلومات الوراثية للكائن الحي في صورة جينات.
مثال ١: طول الحمض النووي في الخلايا البشرية
إذا أمكن فك التفاف كروموسومات خلية جسدية واحدة في جسم الإنسان، ومُدَّت بحيث تتصل في خط مستقيم، فما طول هذا الشريط من الحمض النووي (DNA) تقريبًا؟
- سنتيمتران
- متران
- ملليمتران
- نانومتران
- 20 مترًا
الحل
ينتظم الحمض النووي (DNA) في الخلايا الحقيقية النوى داخل تراكيب تُسمَّى الكروموسومات. يُوجَد في الإنسان 23 زوجًا من الكروموسومات، أو 46 كروموسومًا إجمالًا. تتكثَّف هذه الكروموسومات بإحكام لتُعطي هذا التركيب، وتحتوي على كمية كبيرة من الحمض النووي.
يبلغ طول الجينوم البشري المفرد (الأحادي الصيغة الصبغية) ثلاثة مليارات نيوكليوتيدة تقريبًا. معظم خلايا أجسامنا ثنائية الصيغة الصبغية؛ ما يعني وجود كمية من الحمض النووي تُقدَّر بنحو ستة مليارات نيوكليوتيدة في 46 كروموسومًا. يبلغ طول كل نيوكليوتيدة نحو 0.34 نانومتر. بضرب 0.34 نانومتر في ستة مليارات، نحصل على 2 040 000 000 نانومتر، أو نحو مترين من الحمض النووي. إذن، إذا مددنا جميع الحمض النووي الموجود داخل 46 كروموسومًا دون تكثيف، فسيبلغ طوله مترين تقريبًا.
ومن ثَمَّ، فإن طول هذا الشريط من الحمض النووي يساوي (ب): متران.
لا ينضغط الحمض النووي دائمًا في صورة كروموسومات مكثَّفة، كما هو موضَّح في الشكل السابق. في الواقع، لا يتخذ الحمض النووي هذا الشكل إلا عندما تستعد الخلية للانقسام. في هذه المرحلة، تكون هذه هي الصورة الأكثر تكثيفًا للحمض النووي. عندما لا تكون الخلايا في مرحلة الاستعداد للانقسام، تختلط الكروموسومات الـ 46 معًا في صورة تُسمَّى الكروماتين. وهذه صورة مكثَّفة للغاية أيضًا، لكنها تُعَد أقل تكثيفًا إذا ما قُورِنت بالتركيب المكثَّف للكروموسوم.
إلى جانب النواة، يُوجَد حمض نووي (DNA) داخل الميتوكوندريا والبلاستيدات الخضراء. تؤدِّي هذه العضيَّات وظائف مهمة لإمداد الخلية بالطاقة، وتُوجَد جينات هذه العمليات داخل DNA للعضيَّات. والجدير بالذكر أن الأحماض النووية في الميتوكوندريا والبلاسيتدات الخضراء ذات تركيب دائري.
إذن، كيف يمكن تكثيف الحمض النووي من لولب مزدوج طوله متران؛ بحيث يتسنَّى استيعابه داخل نواة خلية صغيرة؟
يمر الحمض النووي بعدة مستويات من التكثيف. بدايةً، يلتف اللولب المزدوج حول بروتينات متخصصة تُسمَّى الهستونات لتكوين نيوكليوسومات. بعد ذلك تلتف هذه النيوكليوسومات مرة أخرى لتكوين الكروماتين. وكما ذكرنا، تتوقَّف الخلايا التي لا تمر بمرحلة انقسام عند هذه الخطوة، ولكن إذا كانت الخلية تستعد للانقسام، ينشأ مستوًى آخر من التكثيف لتكوين التركيب المكثَّف للكروموسوم. هذه الخطوات موضَّحة في الشكل 2، وسنشرحها بمزيد من التفصيل في هذا الشارح.
يتضمَّن تكثيف الحمض النووي مجموعة من البروتينات التي يمكن تقسيمها إلى بروتينات هستونية وغير هستونية.
الهستونات بروتينات تركيبية متخصِّصة قادرة على التفاعل مع الحمض النووي بصورة وثيقة. ويرجع هذا التفاعل إلى أن الهستونات والحمض النووي يحملان شحنتين متعاكستين. تحمل الهستونات شحنة موجبة؛ لأنها تحتوي على العديد من الأحماض الأمينية الموجبة الشحنة، مثل الأرجنين والليسين. ويمكن أن ترتبط هذه الأحماض الأمينية الموجبة الشحنة الموجودة في الهستونات بمجموعات الفوسفات السالبة الشحنة الموجودة في هيكل السكر والفوسفات في الحمض النووي.
تعريف: الهستون
الهستون بروتين متخصِّص يدخل في عملية تكثيف الحمض النووي (DNA).
تُوجَد أيضًا بروتينات غير هستونية تتضمَّن بعض البروتينات التركيبية التي تلعب دورًا في التنظيم الفراغي للحمض النووي داخل النواة، بالإضافة إلى بروتينات تنظيمية تشارك في التعبير الجيني. وتحدِّد هذه البروتينات التنظيمية أنواع البروتينات والإنزيمات الناتجة من الحمض النووي.
يلتف الحمض النووي بإحكام حول مجموعة من بروتينات الهستون، لتكوين تركيب يُسمَّى النيوكليوسوم. كل نيوكليوسوم يحتوي على 8 بروتينات هستونية ونحو 146 زوجًا من قواعد الحمض النووي. عند فحصها باستخدام مجهر عالي القدرة، تُشبه النيوكليوسومات والحمض النووي حبَّات من الخرز متصلة بخيط.
تعريف: النيوكليوسوم
النيوكليوسومات هي الوحدات الفرعية من الكروماتين. وهي عبارة عن تراكيب تحتوي على حمض نووي مُكثَّف وملتف حول بروتينات هستونية.
مثال ٢: فهم دور البروتينات في تكثيف الحمض النووي
في المراحل الأوَّليَّة لتكوُّن الكروموسومات، يلتف الشريط المزدوج للحمض النووي (DNA) حول بروتينات مُتخصِّصة. ماذا تُسمَّى هذه البروتينات؟
- الهرمونات
- الأشكال المتماثلة
- السنتروميرات
- الهستونات
- النيوكليوسومات
الحل
يُوجَد 46 كروموسومًا في الخلايا البشرية، إذا وضعنا هذه الكروموسومات على امتدادها، فسيبلغ طولها نحو مترين! لذا، من الواضح أنه لا بد من تكثيف هذه الكمية من الحمض النووي حتي يتم استيعابها داخل نواة الخلية.
البروتين الذي يلعب دورًا رئيسيًّا في عملية تكثيف الحمض النووي يُسمَّى الهستون. يلتف الحمض النووي حول مجموعات مكوَّنة من ثمانية هستونات لتكوين نيوكليوسوم. يمكن بعد ذلك تكثيف هذا النيوكليوسوم في صورة كروماتين، ثم أخيرًا في صورة كروموسوم.
نُلقي نظرةً على الإجابات المختلفة لتحديد أفضل وصف للبروتين الذي يلتف حوله الحمض النووي.
الإجابة (أ)، «الهرمونات» غير صحيحة. الهرمونات نواقل كيميائية تؤثِّر وظائفها على أنسجة الجسم المختلفة. ولا علاقة لهذه المواد بتكثيف الحمض النووي.
الإجابة (ب)، «الأشكال المتماثلة» غير صحيحة. الأشكال المتماثلة صور مختلفة من بروتين واحد تؤدِّي وظائف متشابهة، ولها تتابع مشابه من الأحماض الأمينية.
الإجابة (ج)، «السنتروميرات» غير صحيحة أيضًا. السنتروميرات أجزاء متخصِّصة من الكروموسومات؛ حيث يرتبط كروماتيدان شقيقان.
الإجابة (د)، «الهستونات» صحيحة. الهستونات هي البروتينات المتخصِّصة التي يلتف حولها الحمض النووي ليُكوِّن في النهاية كروموسومات.
أما الإجابة (هـ)، «النيوكليوسومات»، فهي غير صحيحة. يمكن أن تتكوَّن النيوكليوسومات بعد التفاف الحمض النووي حول الهستونات، لكن النيوكليوسوم في حد ذاته ليس بروتينًا.
ومن ثَمَّ، يمكننا استنتاج أن البروتينات المتخصِّصة تُسمَّى «هستونات».
يمكن أن تتجمَّع النيوكليوسومات مرة أخرى لتشكيل المستوى التالي من التكثيف، الذي يُسمَّى الكروماتين. يحتوي الكروماتين، متضمِّنًا البروتينات الهستونية وغير الهستونية، على المقدار نفسه من الحمض النووي والبروتينات. الكروماتين هو الصورة التي يتكثَّف بها الحمض النووي في نوى الخلايا التي لا تمر بمرحلة انقسام، ويمكنك ملاحظة ذلك في الشكل الثلاثي الأبعاد الآتي، الذي يوضِّح الكروماتين داخل النواة؛ حيث يُوجَد كل كروموسوم في حالة غير مُكثَّفة وبألوان مختلفة. في هذه الصورة، الكروموسومات غير مكثَّفة ومختلطة معًا. يحدث تغير في بنية الكروماتين مما يتيح للبروتينات والإنزيمات اللازم تفاعلها مباشرة مع DNA، مثل البروتينات المشاركة في عملية تضاعف DNA أو التعبير الجيني، الوصول له.
مصطلح رئيسي: الكروماتين
الكروماتين مركب منظم للغاية يتكوَّن عندما يُربَط الحمض النووي ببروتينات هستونية.
تحت المجهر، لا يمكن تمييز كل كروموسوم عندما يكون في صورة كروماتين غير مكثَّف. وفي المرحلة الأخيرة من تكثيف الحمض النووي، يلتف الكروماتين مرة أخرى لتكوين التركيب المكثَّف للكروموسوم. في هذه المرحلة فقط يمكننا تمييز الكروموسومات المنفردة.
لا يتكثف الكروماتين إلا خلال الطور التمهيدي للانقسام الميتوزي. يوضِّح الشكل 4 الآتي صورة عامة للانقسام الميتوزي. لاحظ صورة الكروماتين التي يتخذها الحمض النووي خلال الطور البيني (حيث يحتوي على 46 كروموسومًا، تختلط جميعها معًا)، والتي تتكثَّف لتُعطي كروموسومات منفردة خلال الطور التمهيدي. أثناء انقسام الخلايا، يجب أن يتوزَّع الحمض النووي بالتساوي في الخليتين البنويتين، ويسهُل حدوث ذلك عندما يتكثَّف الكروماتين في صورة كروموسومات منظمة.
علاقة: تكثيف الحمض النووي في حقيقيات النواة
مثال ٣: فهم خطوات تكثيف الحمض النووي
يلتف الحمض النووي (DNA) حول البروتينات، ويتجمَّع في حلقات لتكوين الكروماتين. عند أيِّ مرحلة يتكثَّف الكروماتين لتكوين كروموسومات مرئية؟
- بعد تكوُّن الكروماتين مباشرةً
- عند تحفيز الخلايا بنواقل كيميائية
- بعد اكتمال الانقسام الخلوي بوقت قصير
- عندما تُصبِح الخلايا مُخصَّبة
- عند استعداد الخلية للانقسام الخلوي
الحل
يُوجَد 46 كروموسومًا في الخلايا البشرية، وإذا وضعناها على امتدادها، فسيبلغ طولها نحو مترين! لذا، من الواضح أنه لا بد من تكثيف هذه الكمية من الحمض النووي لكي يتسنَّى استيعابها داخل نواة خلية.
يتكوَّن كل كروموسوم في النواة من جزيء واحد من الحمض النووي. ولكي يُكثَّف هذا الحمض النووي، يجب أن يرتبط أولًا ببروتينات متخصِّصة تُسمَّى الهستونات. يلتف الحمض النووي حول مجموعة من الهستونات لتكوين نيوكليوسوم. بعد ذلك يلتف هذا النيوكليوسوم مرةً أخرى لتكوين الكروماتين. والكروماتين هو صورة الحمض النووي المكثَّفة في الخلايا التي لا تمر بمرحلة الانقسام. أما في الخلايا التي تستعد للانقسام، فيتكثَّف الكروماتين مرةً أخرى لتكوين كروموسوم. يُمكنك أن ترى خطوات هذه العملية ككلٍّ موضَّحة في الآتي.
إذن الإجابة هي (هـ): يتكثَّف الكروماتين لتكوين كروموسومات مرئية عند استعداد الخلية للانقسام الخلوي.
يمكن استخدام تكثيف الحمض النووي في تنظيم كيفية تضاعف الحمض النووي، أو كيفية التعبير عن الجينات المحمولة على الكروموسومات. يُمكِن «إغلاق» جينات معيَّنة عن طريق تكثيف الحمض النووي حولها؛ بحيث لا تصل إليها الإنزيمات المشاركة في التعبير عن الجين. يجب أن يكون هذا الحمض النووي في صورة أقل تكثُّفًا لتتمكَّن الإنزيمات من التأثير عليه، للسماح بحدوث عملية التعبير الجيني.
أحد الأمثلة على ذلك هو تعطيل كروموسوم X في الإناث. قد تتذكَّر أن الذكور يحملون نسخة واحدة من كروموسومَي X وY، وتحمل الإناث نسختين من كروموسوم X. لا بد من تعطيل هذه النسخة الثانية من كروموسوم X؛ لأن وجود نسختين فعالتين من كروموسوم X؛ أي ضعف النواتج الجينية، قد يؤدِّي إلى موت الخلية. لذا، يمكن للخلية أن تُعطِّل نشاط نسخة واحدة من كروموسوم X عن طريق تكثيفه بإحكام؛ بحيث لا يُمكن الوصول إليه لإجراء التعبير الجيني.
نلخِّص بعض النقاط الرئيسية التي تناولناها في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- الكروموسومات صور مكثَّفة للغاية من الحمض النووي (DNA).
- يُكثَّف الحمض النووي باستخدام بروتينات هستونية في صورة نيوكليوسومات، تتكثَّف مرةً أخرى لتكوين كروماتين، ثم يتكثَّف الكروماتين لتكوين الكروموسومات.
- لا تُصبح الكروموسومات مرئية إلا أثناء استعداد الخلية للانقسام.