شارح الدرس: الغرويات والمعلقات الكيمياء • الصف الأول الثانوي

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف المعلَّقات والغرويات، ونفسِّر خواصها.

نفترض أن لدينا كوبين من الماء. نُضيف في أحدهما ملء ملعقة من السكر، ونُضيف في الآخر ملء ملعقة من الرمل. ما الفرق بين هذين الخليطين؟ ستذوب ملعقة السكر في الماء ليتكوَّن نوع من الخليط يُسمَّى محلولًا. تتفرق جزيئات السكر بواسطة جزيئات الماء، وتتوزَّع بالتساوي في جميع أجزاء المحلول.

من ناحية أخرى، لا يذوب الرمل في الماء. ويمكننا تقليب خليط الرمل لتوزيع الرمل، لكن بمرور الوقت، سيستقر الرمل في القاع. نُطلِق على هذا النوع من الخليط معلَّقًا.

ثمة نوع ثالث من الخليط يُسمَّى غرويًّا. الحليب أحد الأمثلة على الغرويات؛ حيث تنتشر كُريَّات من الدهون والبروتين بالتساوي خلال الماء. وهذه الجسيمات أكبر حجمًا من جزيء منفرد من السكر، لكنها أصغر من حبة الرمل. هيا نقارن بين أنواع المخاليط هذه من حيث تركيبها وحجم جزيئاتها واستقرارها.

طبقًا للتعريف، فالمعلَّق خليط غير متجانس، مثل الرمل في الماء؛ ما يعني أن له تركيبًا غير متناسق. وعلى الرغم من أنه يمكننا تقليب الخليط لنمنحه مظهرًا متجانسًا، فإنه بمرور الوقت، يترسَّب الرمل في قاع الوعاء. وتتكوَّن المعلَّقات من جسيمات كبيرة يبلغ حجمها 1‎ ‎000 nm تقريبًا أو أكثر.

أما المحاليل، مثل السكر المذاب في الماء، فهي مخاليط متجانسة طبقًا للتعريف؛ ما يعني أن المكوِّنات موزَّعة بالتساوي في المحلول. ونظرًا لأن جزيئات السكر تتفرَّق بعضها عن بعض وتتوزَّع بالتساوي عبر الماء، فإنه عند النظر الى أي منطقة من المحلول، نلاحظ أن لها نفس تركيب أي منطقة أخرى. ويظل السكر مذابًا في الماء ما لم نغيِّر درجة حرارة المحلول أو تركيزه أو أيًّا من خواصه. وعادةً ما تُوجَد الجسيمات في المحلول في صورة ذرات منفردة أو أيونات أو جزيئات. وهذه الجسيمات أصغر بكثير من الكتل أو الحبيبات الموجودة في المعلَّقات.

وبناءً على الطريقة التي ننظر بها إلى الغرويات، قد تبدو الغرويات متجانسة أو غير متجانسة. للوهلة الأولى، قد يبدو كوب من الحليب متجانسًا؛ فيكون للمادة لون وتركيب متناسقين في جميع أجزائها. ولكن، على المستوى المجهري، غالبًا ما يبدو تركيبها غير متجانس.

إذا نظرنا إلى الحليب باستخدام المجهر، فسنلاحظ أن بعض المناطق تحتوي على قُطَيْرات من الدهون والبروتين، ومناطق أخرى تحتوي على ماء فقط. وما لم يخضع الحليب لتغيَّر فيزيائي، مثل التسخين، أو تغيُّر كيميائي؛ كأن يفسد مثلًا، يظل الغروي مستقرًّا. ويتراوح حجم الجسيمات في الغروي بين 1–1‎ ‎000 nm، وتتكوَّن من جزيئات كبيرة أو من تجمُّعات من الجزيئات.

في الغرويات، تُعرَف الجسيمات العالقة باسم «الطور المنتشر». أما الطور أو الوسط الذي تنتشر خلاله الجسيمات، فيُسمَّى «وسط الانتشار».

وفي الحليب، يكون كلٌّ من الطور المنتشر ووسط الانتشار في الحالة السائلة، ولكن من الممكن أن يُوجَد الطور المنتشر أو وسط الانتشار أحدهما أو كلاهما في الحالة الصلبة أو السائلة أو الغازية.

وكما ذكرنا سابقًا، يمكن أن يُوجَد الطور المنتشر ووسط الانتشار لغروي في الحالة الصلبة أو السائلة أو الغازية. يوضِّح الجدول الآتي أسماء بعض الغرويات وأمثلة عليها في الحالات المختلفة لوسط الانتشار والطور المنتشر.

في وسط الانتشار الصلب، يمكننا تصنيع غروي باستخدام غاز منتشر لتكوين رغوة صلبة، وهي تشمل مواد خفيفة الوزن مثل رغوة البوليستيرين (ستايروفوم). ويمكن للسائل المنتشر خلال مادة صلبة أن ينتج مواد هلامية مثل الجيلاتين أو جيلي الآجار. تُعرَف المادة الصلبة المنتشرة خلال مادة صلبة باسم الغروي الصلب، وتشمل الزجاج الملوَّن.

وتُعرَف المادة الصلبة المنتشرة خلال سائل باسم الغروي، ويمكن استخدامها في إنتاج الطلاء والأحبار. أما المستحلب، فهو سائل ينتشر خلال سائل، ويشمل الحليب والمايونيز. يمكن أن يؤدي انتشار غاز خلال سائل إلى تكوين رغوة مثل رغوة الحلاقة والقشدة المنخفضة الكثافة.

وفي وسط الانتشار الغازي، يمكننا الحصول على مواد صلبة منتشرة في صورة هباء صلب، مثل الدخان، أو سوائل منتشرة في صورة هباء سائل، مثل الشبورة أو الضباب. ولا تُوجَد أي غرويات غازية-غازية؛ فلا يمكن لغازين أن يختلطا معًا على المستوى الذري أو الجزيئي لتكوين محاليل، فضلًا عن الغرويات.

إحدى الخواص المهمة التي تميِّز المحاليل والغرويات والمعلَّقات هو استقرارها. وبينما تظل الغرويات والمحاليل مختلطة معًا، تنفصل المعلَّقات في النهاية إلى المواد المكوِّنة لها. هيا نفكِّر في معلَّق الماء ومعلَّق الرمل اللذين ذكرناهما سابقًا. يمكننا تقليب الرمل لتوزيعه في جميع أجزاء الماء بصورة مؤقتة، لكن بمرور الوقت، يترسَّب الرمل في قاع الوعاء. وعلى النقيض من ذلك، فإن غرويًّا، مثل الطلاء، سوف يظل مستقرًّا.

فالغرويات، طبقًا لتعريفها، مخاليط مستقرة. ولكن، يمكننا التأثير على استقرار الغرويات من خلال تغيير بعض خواصها. ورغم وجود العديد من العوامل التي تسهم في الاستقرار، فإن العامل الأهم هو حجم الجسيمات. فكلما كَبُر حجم الجسيمات قل استقرارها وزاد احتمال انفصال بعضها عن بعض. على سبيل المثال، تسعى شركات منتجات الألبان إلى زيادة مدة صلاحية ألبانها؛ ولذلك، تُستخدم أحيانًا عملية تُدعى «المجانسة»، تُكسَّر فيها قُطَيرات الدهون إلى أحجام أصغر. فكلما صَغُر حجم الجسيمات، زاد استقرار الغروي وقلَّ احتمال تحوُّل الدهون إلى قشدة تطفو إلى السطح.

ثمة عامل آخر يُسهم في استقرار الغروي، وهو التفاعلات بين جسيمات وسط الانتشار. وتحديدًا، يمكن للتفاعلات القوية بين الجسيمات أن تُضعِف الاستقرار؛ فقد تتسبَّب في تجمُّع جسيمات الطور المنتشر وانفصالها. على سبيل المثال، تتضمَّن عملية صُنع الجبن من الحليب استخدام إنزيم يسمح للدهون والبروتينات بالترابط معًا بقوة تجاذب قوية. فعندما تندمج جسيمات الدهون والبروتين هذه معًا، تتكوَّن جسيمات أكبر حجمًا، تنفصل بعد ذلك عن الغروي في صورة قطع متخثِّرة من الجبن.

ويمكن أن تتغيَّر شدة التفاعلات بين الجسيمات في الغروي بتغيُّر درجة الحرارة أو الرقم الهيدروجيني أو تركيز المحلول. ولهذا السبب، عادةً ما تُصنَّع الغرويات وتُخزَّن بطرق معيَّنة للحفاظ على استقرارها.

العديد من الغرويات عبارة عن مخاليط متميعة (تُسال) بالرج. والخليط المتميع بالرج مادة تقل لزوجتها بالرج والتقليب. أحد الأمثلة الجيدة على ذلك هو الكاتشاب، الذي غالبًا ما يلتصق بقاع الزجاجة في صورة سائل لزج. وعند رج الزجاجة أو طرقها، فإن قوة الرج المؤثِّرة على الكاتشاب يمكن أن تقلِّل لزوجته؛ ما يتسبَّب في تميُّعه وتدفُّقه إلى خارج الوعاء.

وإذا صادفنا خليطًا مستقرًّا، فقد نتساءل كيف يمكننا تحديد إذا ما كان محلولًا أو غرويًّا. تعتمد إحدى الطرق على ما يُسمَّى بظاهرة تندال. تَصِف ظاهرة تندال تشتُّت الضوء عند مروره بغروي أو معلَّق مكوَّن من جسيمات دقيقة.

تعتمد ظاهرة تندال على حقيقة أن الجسيمات الموجودة في الغرويات لها أحجام تساوي تقريبًا الأطوال الموجية للضوء المرئي، التي تبلغ تقريبًا مئات النانومترات. هذا التشابه في الحجم يعني أن الضوء ذا الأطوال الموجية الأقصر يصطدم بالجسيمات أكثر من مرة ويكون أكثر تشتُّتًا مقارنةً بالضوء ذي الأطوال الموجية الأطول. وفي المحاليل، تكون الجسيمات صغيرة للغاية؛ فلا يمكنها أن تسبِّب انحراف الضوء.

يمكن ملاحظة تشتُّت الضوء في ظاهرة تندال بطريقتين رئيسيتين. أولًا، بما أن الغرويات تشتِّت الضوء في جميع الاتجاهات، فيمكن رؤية شعاع الضوء في الغروي نفسه. ولا يمكن رؤية شعاع الضوء المار خلال محلول إلا على الأسطح التي يسقط عليها شعاع الضوء. النمط المرئي الثاني لظاهرة تندال هو تلوُّن الضوء. فنظرًا لأن الضوء ذا الطول الموجي الأقصر، مثل الضوء الأزرق، يكون أكثر تشتُّتًا، يظهر الضوء المشتَّت على جانب شعاع الضوء بمسحة خفيفة من اللون الأزرق. على النقيض من ذلك، نظرًا لأن الضوء ذا الطول الموجي الأطول، مثل الضوء الأحمر، يكون أقل تشتُّتًا، يظهر الضوء الذي يمر مباشرةً خلال الغروي بمسحة خفيفة من اللون الأحمر.

من بين الأمثلة الواقعية على ظاهرة تندال شعاع ضوء مصابيح السيارات الأمامية في الضباب. رغم أن لون هذا الضوء لا يمكن رؤيته بوضوح، يمكننا أن نلاحظ أن غروي الماء المعلَّق في الهواء يشتِّت الضوء لجعل شعاع الضوء مرئيًّا. عند مرور شعاع الضوء خلال محلول الهواء، لا يكون الشعاع مرئيًّا إلا من المصابيح مباشرةً أو على الأسطح التي يسقط عليها.

مثال ٤: التعرُّف على المحلول من خلال سلوك الضوء الذي يمر خلاله

أيُّ الأشكال الآتية يوضِّح كأسًا زجاجية بها محلول؟

الحل

يطلب منا هذا السؤال تحديد الشكل الذي يوضِّح الضوء المار خلال محلول. يتمثَّل الاختلاف بين الصور الثلاث في إمكانية رؤية شعاع الضوء في الكأس الزجاجية. للإجابة عن هذا السؤال، علينا فهم ظاهرة تندال.

تتحدث ظاهرة تندال عن تشتُّت الضوء عند مروره خلال غروي أو معلَّق مكوَّن من جسيمات دقيقة. فعندما يتشتَّت الضوء، يصبح شعاع الضوء داخل الغروي مرئيًّا. وعندما يمر الضوء خلال محلول، لا تحدث ظاهرة تندال؛ ما يعني أن شعاع الضوء يظل غير مرئي في المحلول.

الصورة التي توضِّح أن شعاع الضوء غير مرئي عند مروره خلال محلول هي الاختيار (أ)، إذن الإجابة الصحيحة هي (أ).

تُوجَد العديد من الطرق لإنتاج الغرويات. وتندرج هذه الطرق إلى حدٍّ كبير تحت فئتين: الانتشار والتكثيف.

تتضمَّن طريقة الانتشار تكسير الجسيمات الأكبر حجمًا إلى جزيئات أصغر يتراوح قطرها بين 1 و1‎ ‎000 nm، لتكوين الغروي. حرق الأخشاب لإنتاج دخان، وطحن الذرة لإنتاج نشا الذرة وإضافته إلى الماء، وطحن الأصباغ وخلطها لصنع الدهانات جميعها أمثلة على تكوين الغرويات بطريقة الانتشار.

على الجانب الآخر، تعتمد طريقة التكثيف على تكبير الجسيمات الصغيرة، عادةً باستخدام جسيمات يصغر حجمها عن 1‎ ‎000 nm. من بين الأمثلة على طريقة التكثيف تكوُّن الضباب أو السحب. فقُطَيرات الماء الصغيرة تتجمَّع في الهواء لتكوين جسيمات أكبر تُكَوِّن بدورها غرويًّا مرئيًّا.

وفي المختبرات أو المصانع، تُستخدم العديد من الطرق لصنع الغرويات. لصنع الغرويات باستخدام طريقة الانتشار، قد تستخدم العملية الصناعية تيارًا كهربيًّا أو عامل تحويل إلى غروي لفصل الجسيمات الكبيرة وتوزيعها.

ولصنع غروي باستخدام طريقة التكثيف، قد تُغيِّر العملية الصناعية حالة المادة بطريقة محكمة ودقيقة. ويمكن أيضًا إجراء تفاعل كيميائي تَنتج عنه تجمُّعات من الجزيئات.

من الأمثلة الشائعة على ذلك صنع الكبريت الغروي باستخدام طريقة التكثيف. والمعادلة الكيمائية لهذه العملية هي: