في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف وَصَلت الحملة الفرنسية إلى مصر، وسُبل توطيد السلطة فيها، ومقاومة الشعب المصري للحملة الفرنسية حتى تمام الجلاء.
تعرَّفنا فيما سبق على ثقل مركز مصر سياسيًّا واقتصاديًّا، وعلاقة هذا المركز بالحركة الاستعمارية التي قامت بها أوروبا في أوائل القرن التاسع عشر، واستطعنا أن نستنتج أن قرار نابليون بونابرت بإرسال حملة عسكرية إلى مصر كان نتيجة الظروف التي وقعت بفرنسا بعد الثورة الفرنسية ١٧٨٩م.
وصول الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية
التجهيز للحملة: استند نابليون في خطته لغزو مصر على بعض التقارير التي دُوِّنت في عصر لويس السادس عشر، بعد أن أخرجها نابليون من أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية؛ حيث كانت الملاحظات المُهِمَّة التي وردت في التقارير عن محاربة المماليك بعضهم بعضًا، وعن التحصينات، وعن المواقع الإستراتيجية في مصر هي التي مكَّنت نابليون من السيطرة على مصر بسهولة.
وقد كان نابليون كثيرًا ما يجمع قوَّاده أثناء مفاوضاته مع ملوك أوروبا بعد الحرب التي خاضها ضدَّهم، ويصوِّر لهم فتح مصر باعتبارها مفتاح الشرق، ويحثُّهم على ضرورة اتخاذ هذه الديار قاعدة حربية للقضاء على سلطة بريطانيا في المنطقة.
وكان لا بدَّ لفرنسا من الأخذ بحجَّة تبرِّر بها حملتها على مصر، فرغم أن الدولة العثمانية لم تكن ضمن قائمة أعداء فرنسا، إلا أن وضع المماليك في مصر واستبدادهم وضعف الدولة العثمانية وعجزها عن التخلُّص منهم هو ما شجَّع نابليون أن يتعامل مع الوضع كأن مصر خارج أملاك الدولة العثمانية.
في نفس الوقت، كان على نابليون أن يقوم بمهادنة الدولة العثمانية ومجاملتها تحسُّبًا لأيِّ ردِّ فعل مفاجئ، فأعلن أنه صديق للعثمانيين، وقد كانت حجَّته في دخول مصر هي سوء معاملة المماليك للتجار الفرنسيين، وأنه جاء لمُساعَدة صديقه السلطان العثماني لردع هؤلاء المماليك المتمرِّدين على السلطان والمتطاوِلين على الفرنسيين.
كما سعى نابليون لجذب المصريين إلى صفِّه بإقناعهم أنه جاء للقضاء على هؤلاء المماليك الذين يستنزفون ثرواتهم ويظلمونهم، وأنه جاء ليدرِّبهم على إنشاء حكومة أهلية يكون الحكم فيها للمصريين دون غيرهم، ولم يتجاهل نابليون طبيعة الشخصية المصرية المتديِّنة، فأخبرهم أنه لم يأتِ ليُخرجهم عن دينهم، وأنه يحترم عقيدة المسلمين.
ولم يَنسَ نابليون أن يحذِّر الجميع من معاونة المماليك، وهدَّد بحرق المناطق التي تتعرَّض للقوات الفرنسية.
مثال ١: توطيد سلطة فرنسا على مصر
سلك نابليون سُبُلًا لتوطيد سلطة فرنسا على مصر، أهمُّها .
- التنكيل الشعب المصري
- التحالف مع المماليك
- مجاملة الدولة العثمانية
- التقرُّب من بريطانيا
الحل
الإجابة الصحيحة هي ج: «مجاملة الدولة العثمانية»؛ حيث اضطُرَّ نابليون لذلك تحسُّبًا لأيِّ ردِّ فعل مناوئ من قِبَل الدولة العثمانية.
الاختيار أ «التنكيل بالشعب المصري» خطأ؛ لأن تعريض الشعب المصري للتنكيل لم يكن من مصلحة نابليون حيث كان هدفه كسب الشعب المصري لصفه وليس التنكيل به.
الاختيار ب: «التحالف مع المماليك» خطأ؛ لأن الحملة الفرنسية ارتكنت في حجَّتها على تأديب المماليك، وليس التحالف معهم.
الاختيار د: «التقرُّب من بريطانيا» خطأ؛ لأن مقصد فرنسا كان القضاء على الإمبراطورية البريطانية في الشرق، وليس التقرُّب منها.
وقد عبَّر نابليون عن رؤيته هذه في منشور وزَّعه في مصر قبل وصول الحملة الفرنسية إلى الشواطئ المصرية في الشهر السادس من عام ١٧٩٨م.
هيَّا بنا نتعرَّف على بعض ما كتبه نابليون في هذا المنشور.
جاء في المنشور عن مهادنة الدولة العثمانية ما نصه: «ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبِّين مخلِصين لحضرة السلطان العثمانيِّ وأعداءَ أعدائِه، أدام الله ملكه».
وكتب عن معاملة المماليك للفرنسيين ما نصه: «يَعرف أهالي مصر جميعهم أن مِن زمان مديد الصناجق الذين يتسلَّطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملَّة الفرنساوية».
وكتب للمصريين عن نيته لتأديب المماليك ما نصه: «وقولوا للمفترين إنني ما قَدِمت إليكم إلا لأخلِّص حقكم من يد الظالمين».
وكتب عن نيته في تدريب المصريين على الحكم ما نصه: «ولكن بعونه تعالى، من الآن فصاعدًا لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية، وعن اكتساب المراتب العالية».
وكتب عن تخوُّف المصريين من استهداف الحملة لدينهم ما نصه: «قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم، فذلك كذب صريح، فلا تصدِّقوه».
وكتب في تهديد مَن يُعاون المماليك أو يتعرَّض للفرنسيين ما نصه: «الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا؛ فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص، ولا يبقى منهم أثر».
مثال ٢: أهداف منشور نابليون بونابرت
عبَّر نابليون بونابرت في منشور يونية ١٧٩٨م عن رغبته في.
- التخلُّص من المماليك بالاتفاق مع الدولة العثمانية
- استمالة المصريين بالأموال
- التخلُّص من المماليك وتدريب المصريين على الحكم
- إرهاب المصريين
الحل
الإجابة الصحيحة ج: «التخلُّص من المماليك وتدريب المصريين على الحكم»؛ حيث إن التخلُّص من المماليك كان من ضمن حُجَج الفرنسيين لدخول مصر، كما أن مصلحة الفرنسيين كانت تقتضي خلق كوادر مصرية تابعة لهم تُدير الحكم بدلًا من المماليك، وقد تضمَّن منشور يونية ١٧٩٨م السببين المذكورين.
أمَّا الاختيارات أ، التخلُّص من المماليك بالاتفاق مع الدولة العثمانية، ب، استمالة المصريين بالأموال ، د، إرهاب المصريين فهي خاطئة؛ حيث إن الفرنسيين لم يقوموا بالاتفاق مع الدولة العثمانية للتخلُّص من المماليك، بل جاءت الحملة الفرنسية بطريقة مفاجئة لم يَضَعها العثمانيون في الحسبان، كما لم يفكِّر الفرنسيون في استمالة المصريين بالأموال، ولا في إرهاب الشعب المصري.
خط سَيْر الحملة الفرنسية: سارت سُفن نابليون من ميناء طولون سرًّا، وقامت بالتوقُّف عند بعض الأماكن لتمويه الأسطول البريطاني الذي كان يتعقَّب السُّفن الفرنسية.
وقد تألَّفت الحملة من اثنين وثلاثين ألف جندي اختار لهم نابليون أمهر القادة، وصحب معه أرباب الصنائع والحِرَف والعلماء
وعند وصول الحملة إلى شواطئ الإسكندرية، قام نابليون بالسماح للقوات البحرية العثمانية المتواجِدة هناك بالانسحاب دون قتال، وذلك حفاظًا على علاقة الود مع الدولة العثمانية وعدم إثارتها ضدَّه.
مقاومة الحملة الفرنسية حتى تمام الجلاء
مقاومة أهالي الإسكندرية: وصلت الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية أوائل الشهر السابع من عام ١٧٩٨م، وقد بعث حاكم المدينة السيد محمد كريم بالرُّسُل إلى القاهرة ليستنجد بمراد بك وإبراهيم بك، ويَصِف لهما صعوبة الموقف.
فوجئ المماليك بأخبار نزول الحملة الفرنسية، وكانت قوتهم قد استُهلِكت في النزاعات الداخلية فيما بينهم، فلم يوجِّهوا اهتماماتهم إلى تحصين حدود البلاد لمواجهة أية أخطار.
وقد تحمَّل أهالي الإسكندرية المدنيُّون عبء مقاومة جنود الحملة الفرنسية بزعامة السيد محمد كريم الذي استبسل في الدفاع عنها.
مقاومة المماليك في موقعتَيْ شبراخيت وإمبابة
موقعة شبراخيت: واصلت القوات الفرنسية زحفها نحو القاهرة، فالْتقت بقوات مراد بك بالقرب من شبراخيت في البحيرة؛ حيث هُزِم مراد بك وتقهقر جنوبًا للدفاع عن القاهرة.
موقعة إمبابة: درج الفرنسيون على تسميتها في كتبهم باسم «موقعة الأهرام»، وذلك لامتداد الجيوش من منطقة إمبابة إلى الأهرام.
وقد نجحت القوات الفرنسية في هزيمة المماليك في هذه الموقعة أيضًا، ورغم أن أعداد المماليك بالاشتراك مع الأهالي كانت كبيرة إلا أنها لم تكن مُعَدَّة إعدادًا جيدًا، ولم تستطع مواجهة الأسلحة الحديثة التي استخدمها جنود الحملة، فتلقَّوْا هزيمة كبيرة.
وكان من نتيجة هذه المعركة هروب مراد بك إلى الصعيد، وإبراهيم بك والوالي العثماني إلى الشام، ودخل نابليون بونابرت القاهرة في الشهر السابع من عام ١٧٩٨م، بعد أن خَلَت القاهرة من أي قوة للدفاع عنها.
مثال ٣: هزائم المماليك أمام الفرنسيين
ما سبب هزائم المماليك المتوالية أمام الفرنسيين؟
- عدم مُساعَدة الشعب المصري لهم.
- استعدادهم لعقد صداقة مع فرنسا.
- عدم دفاعهم عن مصر.
- عدم أخذهم بأسباب التطوُّر الحضاري.
الحل
الإجابة الصحيحة هي د: «عدم أخذهم بأسباب التطوُّر الحضاري»؛ حيث فُوجئ المماليك بمدى تنظيم الجنود الفرنسية، وحداثة معدَّاتهم الحربية، وهو ما افتقده المماليك.
الاختيار أ: «عدم مُساعَدة الشعب المصري لهم» خطأ؛ لأن جزءًا من الشعب المصري كان يتعاون مع المماليك كأهل الصعيد.
والاختيار ب: «استعدادهم لعقد صداقة مع فرنسا» خطأ؛ لأن المماليك لم يفكِّروا في ذلك الوقت في عقد صفقات مع فرنسا.
والاختيار ج: «عدم دفاعهم عن مصر» خطأ؛ لأنهم دافعوا بالفعل عن مصر على قدر استطاعتهم.
موقعة أبي قير البحرية: كان الأسطول البريطاني يتتبع أخبار الحملة الفرنسية فوصل إلى الإسكندرية قبل وصول الحملة بأيام ليستفسر عن قدومها إلى مصر، ولكنه لم يعثر للفرنسيين على أثر فيها.
وبعد وصول الحملة الفرنسية إلى مصر بشهر واحد تمكَّن قائد الأسطول البريطاني نلسون من إغراق أسطول الحملة الفرنسية في موقعة «أبي قير البحرية»، وذلك في الشهر الثامن من عام ١٧٩٨م.
ومن أقسى نتائج موقعة أبي قير البحرية بالنسبة إلى الفرنسيين أنها قامت بالقضاء على آمالهم في بسط سيطرتهم على حوض البحر المتوسط وحرمانهم من إمدادات فرنسا لهم، فأصبحت الحملة بذلك حبيسة وادي النيل، فضمنت بريطانيا انهيارًا حتميًّا لجيش نابليون.
ونستطيع هنا أن نخمِّن مشاعر المصريين عندما وجدوا شواطئهم عُرضة لمعارك أناس غرباء عنهم، فلم يستطيعوا وقتها أن يتفهَّموا الأبعاد السياسية لتلك المعارك، وذلك لانعزالهم عن المجتمع الدولي آنذاك.
ثورة القاهرة الأولى: كان نابليون بونابرت يخطِّط لتقوية أواصر العلاقة الطيبة مع المصريين وإظهار الاحترام لتقاليدهم وعاداتهم، إلا أن إقدام نابليون على إعدام حاكم الإسكندرية محمد كريم في الشهر التاسع من عام ١٧٩٨م، بتهمة التعاون مع المماليك أثار الشعب المصري على نابليون، وهو ما أفشل هذا المخطَّط.
كما ثار الشعب المصري ضدَّ حكم نابليون بصفة عامة، خاصة بعد زيادة الضرائب وترامى خبر هزيمة الأسطول الفرنسي في أبي قير، فقاد الأزهر الشريف لواء المقاومة ضدَّ الاحتلال الفرنسي في القاهرة، وقَتل الحاكم الفرنسي للمدينة، وعُرفت هذه الأحداث باسم ثورة القاهرة الأولى، التي وقعت في الشهر العاشر من عام ١٧٩٨م.
كما اشتعلت الثورة في الأقاليم المجاوِرة، واستخدمت القوات الفرنسية القمع والإرهاب، وأعدمت الكثير من الثائرين، ودخل الفرنسيون الجامع الأزهر بخيولهم، وهو ما استفزَّ العاطفة الدينية لدى المصريين.
مقاومة أهالي الصعيد: اتَّجه نابليون بونابرت إلى الصعيد للقضاء على المماليك لخطورة ذلك على الملاحة في نهر النيل، ورفض قائد المماليك مراد بك التسليم للفرنسيين مقابل حكمه لصعيد مصر تحت إشراف الفرنسيين، وقد استطاع نابليون أن ينتصر عليه هناك.
لم تَحسِم هزيمة مراد بك على يد الفرنسيين المعركة؛ حيث إن روح المقاومة الوطنية اشتعلت في نفوس أهالي الصعيد، واستطاع أهالي الصعيد إنهاك قوة الفرنسيين، واستمرَّت هذه المقاومة ما يقرب من عشرة أشهر. وفشل الفرنسيون في إخضاعهم لعدَّة أسباب.
- طول وادي النيل: حيث تسبَّب طول المسافة بين القاهرة والأقاليم الجنوبية للبلاد وتربُّص أهالي الصعيد بكتائب الحملة المارَّة بالقرى والمدن على طول الطريق إلى خَوَر قوة جنود الحملة وفشلهم في السيطرة على الأمور هناك.
- تعاون بعض قوات المماليك مع الأهالي.
- انضمام قوة من الجزيرة العربية إلى أهالي الصعيد.
- اعتماد أهالي الصعيد على حرب المناوشات والمعارك المتفرِّقة.
مثال ٤: ثورات المصريين ضدَّ الحملة الفرنسية
عبَّرت ثورة القاهرة الأولى وما أعقبها من أحداث عن .
- عدم تخلِّي المصريين عن المقاومة
- تمسُّك المصريين بحكم المماليك
- تخلِّي المصريين عن ميلهم للفرنسيين
- تمسُّك المصريين بحكم العثمانيين
الحل
الإجابة الصحيحة هي أ: «عدم تخلِّي المصريين عن المقاومة»؛ حيث أثبت الشعب المصري رفضه للخنوع، ورَفَع شعار المقاومة في كل الأقاليم المصرية بدءًا من الإسكندرية مرورًا بالقاهرة إلى أقصى مُدن الصعيد.
والاختيار ب: «تمسُّك المصريين بحكم المماليك» خطأ؛ حيث كانت علاقة الشعب المصري بالمماليك آنذاك علاقة تعاون للقضاء على الحملة الفرنسية الدخيلة على البلاد، ولم يكن لتمسُّك المصريين بحكم المماليك أو عدم تمسُّكهم دخل بأحداث ثورة القاهرة الأولى وما أعقبها.
والاختيار ج: «تخلِّي المصريين عن ميلهم للفرنسيين» خطأ؛ لأن المصريين لم يميلوا للفرنسيين منذ البداية.
والاختيار د: «تمسُّك المصريين بحكم العثمانيين» خطأ؛ فلم يكن تمسُّك المصريين بحكم العثمانيين من أسباب الثورة وما أعقبها من أحداث.
التحالف العثماني البريطاني الروسي: كان نابليون بونابرت يعتزم استمرار الصداقة مع الدولة العثمانية، بينما تأهَّبت الدولة العثمانية لإنهاء الوجود الفرنسي بمصر بالتحالف مع بريطانيا وروسيا، فاتَّفقوا على إرسال حملتين إحداهما برِّية قادمة من الشام، والأخرى بحرية متجهة إلى الإسكندرية.
ولنتعرَّف سويًّا ما كان ردُّ فعل نابليون بونابرت إزاء هذا التحالف.
عندما علم نابليون مخطَّط الدول المتحالِفة قرَّر أن يتبع مبدأ «الهجوم خير وسيلة للدفاع»، فقرَّر أن يُسارع هو نفسه بالهجوم، وألَّا ينتظر دخولهم مصر، فخرج بحملة عسكرية إلى الشام، لكنه فشِل في اقتحام مدينة عكا بسبب حصانتها، واستبسال أهلها في الدفاع عنها بقيادة حاكمها أحمد باشا الجزار، بالإضافة إلى قيام الأسطول البريطاني بمعاونة أهالي عكا وإمدادهم بالمؤن والعتاد.
وقد اكتفى نابليون بوصوله عكا وتوقُّفه عندها، وعاد أدراجه إلى القاهرة.
وما إنْ عاد نابليون إلى القاهرة حتى جاءه نبأ نزول الأسطول العثماني شواطئ أبي قير في يوليو ١٧٩٩م. هذا الأسطول الذي يمثِّل الحملة البحرية المتَّفَق عليها بين الدول المتحالِفة فتوجَّه إليهم وهزمهم، وبهذا استطاع نابليون مواجهة المتحالِفين الثلاث ووقف الحملتين البرِّية والبحرية.
مثال ٥: تحالُف القوى الدولية ضدَّ فرنسا
ما النتيجة المباشرة لتحالُف القُوى الدولية ضدَّ الحملة الفرنسية؟
- هزيمة فرنسا في معركة أبي قير البرِّية.
- مُساعَدة بريطانيا للمقاومة المصرية بالداخل.
- إرسال روسيا حملة بحرية إلى أبي قير.
- إرسال نابليون حملة عسكرية إلى الشام.
الحل
الإجابة الصحيحة هي د: «إرسال نابليون حملة عسكرية إلى الشام»؛ حيث كان البديل الأفضل لدى نابليون هو الهجوم على المتحالِفين قبل أن يدخلوا مصر بدلًا من انتظارهم.
الاختيار أ: «هزيمة فرنسا في معركة أبي قير البرية». خطأ؛ لأن هزيمة فرنسا في أبي قير لم تحدث بعد تحالُف القوى الدولية مباشرة.
والاختيار ب: «مُساعَدة بريطانيا للمقاومة المصرية بالداخل» خطأ؛ حيث لم يتَّفق الحلفاء على هذه الفكرة من الأصل.
والاختيار ج: «إرسال روسيا حملة بحرية إلى أبي قير» خطأ؛ حيث إن الأسطول الذي أُرسِل إلى أبي قير كان أسطولًا للدولة العثمانية.
تولِّي القائد كليبر قيادة الحملة: قرَّر نابليون العودة سرًّا إلى فرنسا لمواجهة المتاعب التي تعرَّضت لها الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت، تاركًا قيادة الحملة لنائبه كليبر في أغسطس ١٧٩٩م الذي رأى صعوبة بقاء الحملة في مصر بسبب:
- تناقص أعداد الجنود.
- استمرار حملات الدولة العثمانية ضدَّ الفرنسيين في مصر.
- تجدُّد مقاومة المماليك.
- تجدُّد ثورات المصريين.
معاهدة العريش ١ ٨٠٠م: لمَّا كانت رؤية كليبر تقضي بأن الحملة تتعرَّض لكثير من الصعوبات قرَّر أن يتفاوض على الرحيل من مصر، فعرض كليبر على السلطان العثماني وقائد الأسطول البريطاني خروج الحملة الفرنسية من مصر على نفقة الدولة العثمانية، فيما عُرف بمعاهدة العريش يناير ١٨٠٠م، ولكن تعثَّر الوصول إلى اتِّفاق مُرضٍ.
و لعلك تتساءل لماذا أخفق اتفاق معاهدة العريش ١٨٠٠م؟
كان رفض حكومة بريطانيا شروط الاتفاقية وإصرارها على استسلام القوات الفرنسية كأسرى حرب سببًا في فشل المعاهدة؛ حيث رفض كليبر أن يَقبل استسلام الفرنسيين على الإطلاق، فقام بمُهاجَمة القوات العثمانية وطردها من مصر إلى الشام.
ثورة القاهرة الثانية ومقتل كليبر: انتهز المصريون معاناة ومتاعب القوات الفرنسية المتمثِّلة في حصرهم داخل حدود مصر وتحالف القوى الخارجية ضدَّهم، فقاموا بمُهاجَمة معسكرات الفرنسيين، فيما عُرف بثورة القاهرة الثانية، إلا أن القوات الفرنسية قامت بإخماد الثورة في الوجه البحري في نفس الوقت الذي اتفقوا فيه مع مراد بك على إخضاع مقاومة أهالي الصعيد مقابل أن يحكم مراد بك تلك المنطقة.
وقد قُتِل القائد الفرنسي كليبر على يد شابٍّ سوري يُدعَى سليمان الحلبي في يونية ١٨٠٠م ليتولَّى مينو قيادة الحملة.
تولِّي القائد مينو قيادة الحملة: أراد مينو الذي تولَّى قيادة الحملة الفرنسية خلفًا لكليبر أن يحوِّل مصر إلى مُستعمَرَة فرنسية كبرى، كما كان ينوي الإقامة فيها، فقام بوضع خطة إصلاحية في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والصحة والقضاء، ونلاحِظ هنا أن تطلُّعات مينو السياسية اختلفت تمامًا عن سلفه كليبر.
جلاء الحملة الفرنسية عن مصر
وقد تحطَّمت أمنيات القائد مينو أمام أطماع كلٍّ من بريطانيا والدولة العثمانية والمماليك وتصميمهم على خروج الفرنسيين من مصر، فأرسلت بريطانيا أسطولًا جديدًا إلى أبي قير في فبراير عام ١٨٠١م، وانضمَّ إليها الجيش العثماني وبعض زعماء المماليك، ونجحوا في دخول القاهرة فاستسلمت الحملة الفرنسية وغادرت مصر في ١٨ سبتمبر ١٨٠١.
النقاط الرئيسية
- قام نابليون بونابرت بالتجهيز للحملة الفرنسية على مصر قبل وصولها إلى الإسكندرية بتحديد خط سيرها وإرسال منشور للأهالي الإسكندرية لإخطارهم بأسباب الحملة.
- لم يَفتُر المصريون عن مقاومة الحملة الفرنسية منذ وصولها حتى تمام جلائها.
- وقع بعض المعارك بين المماليك والفرنسيين، مثل شبراخيت وإمبابة، انتهت بانتصار الفرنسيين.
- لم يتوانَ البريطانيون عن متابعة تحرُّكات الأسطول الفرنسي، فحدثت بينهم موقعة أبي قير البحرية التي انتهت بإغراق الأسطول الفرنسي.
- استطاع العثمانيون التحالُف مع بريطانيا وروسيا لإخراج الفرنسيين من مصر.
- رحل القائد نابليون بونابرت وأوكل أعمال الحملة إلى سلفه كليبر.
- رأى كليبر صعوبة بقاء الحملة في مصر فدعا إلى معاهدة العريش ١٨٠٠م.
- عُيِّن القائد مينو الذي كانت له تطلُّعات سياسية تدعو إلى الاستقرار في مصر.
- رحلت الحملة الفرنسية عن مصر في سبتمبر١٨٠١م.