في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نَصِف طُرق تلويث المادة المشعَّة للبيئة.
التلوث نوع من أنواع خلط المواد. وعند حدوث التلوث، يَنتج خليطٌ نتيجة إضافة مادة لها خواص معيَّنة إلى مادة أخرى لها خواص أخرى مختلفة.
أما فيما يخص التلوث الإشعاعي، فالخاصية المختلفة للمواد المتضمَّنة هي المدى الذي تكُون هذه المواد عنده مشعة.
نقول إن المادة الأقل إشعاعًا تصبح ملوثة إشعاعيًّا عند خلطها بمادة أكثر إشعاعًا.
ويعرض الشكل الآتي مثالًا على التلوث الإشعاعي.
نحن نتذكَّر أن الجسم يعتبر مشعًّا إذا كان يحتوي على ذرة يمكن أن ينبعث منها إشعاع نووي.
هذا يخبرنا أن أي عملية ينتقل فيها جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة إلى موضع لا تُوجَد فيه أجسام أخرى بها ذرات غير مستقرة تعتبر مثالًا على التلوث الإشعاعي.
نتناول الآن مثالًا يتضمَّن تلوثًا إشعاعيًّا.
مثال ١: تعريف التلوث الإشعاعي
أيُّ العبارات الآتية تَصِف بطريقة صحيحة إذا ما كان جسم ملوَّثًا إشعاعيًّا أو لا؟
- يكون الجسم ملوَّثًا إشعاعيًّا إذا خالطتْه مادة مشعة.
- يكون الجسم ملوَّثًا إشعاعيًّا إذا امتصَّ إشعاعًا نوويًّا.
الحل
من المهم للغاية التمييز بين الذرات غير المستقرة والإشعاع النووي. الذرات غير المستقرة هي مصدر الإشعاع النووي.
يصبح الجسم مشعًّا إذا كان يحتوي على ذرات غير مستقرة. وهذا له نفس معنى قولنا إن الجسم مشعٌّ إذا كان مصدرًا للإشعاع النووي.
لكن أن يكون الجسم مصدرًا للإشعاع النووي لا يعني أن الجسم قد امتص إشعاعًا نوويًّا. إنهما معنيان متضادان.
فالتلوث الإشعاعي يحدث عندما تنتقل ذرات غير مستقرة من جسم مشع إلى جسم آخر. وهذا يجعل الأجسام التي تنتقل إليها الذرات مصدرًا للإشعاع النووي.
فمن الصحيح إذن أن نقول إن الجسم ملوث إشعاعيًّا إذا خالطتْه مادة مشعة.
عندما نقول «جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة»، يمكن أن نَصِف العديد من الأجسام الممكنة المختلفة.
فأيُّ جسم يحتوي على ذرة واحدة غير مستقرة على الأقل يُعَد مثالًا على جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة. وهذا قد يعني حتى ذرة واحدة غير مستقرة.
كل الأجسام المادية، أيًّا كان حجمها، تتكوَّن من ذرات. وهذا ينطبق على الأجسام في الحالة الصلبة، أو السائلة، أو الغازية. وأيُّ جسم من هذا القبيل قد يكون مثالًا على جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة.
نتناول الآن مثالًا آخر يتضمَّن تلوثًا إشعاعيًّا.
مثال ٢: وَصْف إحدى خواص الأجسام المُشِعَّة
أيُّ العبارات الآتية تَصِف وصفًا صحيحًا إحدى خواص الأجسام المُشِعَّة؟
- يُمكِن أن تكون هذه الأجسام أصغر من أن تراها العين البشرية.
- يجب أن تكون هذه الأجسام أصغر من أن تراها العين البشرية.
- يجب أن تكون هذه الأجسام أكبر من أن تراها العين البشرية.
الحل
من المهم للغاية التمييز بين الذرات غير المستقرة والأجسام المُشِعَّة.
الجسم المُشِع هو أي جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة. ويمكن أن يتكوَّن هذا الجسم من بضع ذرات فقط. وقد يكون هذا الجسم أيضًا جسمًا يحتوي على أعداد كبيرة من الذرات وأكبر حجمًا من الإنسان.
يمكن أن يكون الجسم المشع صغيرًا جدًّا، فلا يمكن أن تراه العين البشرية، أو يمكن أن يكون كبيرًا بدرجة كافية لأن تراه العين البشرية. فمن الخطأ أن نقول إن الجسم المشع يجب أن يكون أصغر من أن تراه العين البشرية، أو أنه يجب أن يكون كبيرًا بدرجة كافية لأن تراه العين البشرية.
ومن الصحيح أن نقول إن الجسم المشع يُمكِن أن يكون (لكن يجب ألَّا يكون) أصغر من أن تراه العين البشرية.
بعض الأجسام تتحرَّك بسهولة عن غيرها.
في المثال المتعلِّق بالتلوث الإشعاعي الموضَّح في بداية هذا الشارح، يمكن أن يتدفَّق السائل المشع؛ ومن ثَمَّ يمكن سكبه. ويمكن أن تنتشر قطرات السائل المشع بسهولة في السائل غير المشع.
هيا نقارن ذلك بمثال يتضمَّن جسمين صلبين. هذا موضَّح في الشكل الآتي.
عند وضع الجسمين متلامِسين لا يجعل ذلك أيَّ جزء من الجسم المشع ينتقل إلى الجسم غير المشع. ولا يحدث أيُّ تلوث إشعاعي.
ومع ذلك، نفترض أن الجسم المشع قد تحرَّك وظل ملامسًا للجسم غير المشع؛ ومن ثَمَّ تسبَّب في خدشه. هذا موضَّح في الشكل الآتي.
نلاحظ أن جزءًا من الجسم الصلب المشع قد ترسَّب في صورة بقايا على الجسم غير المشع. وبذلك يكون الجسم الصلب غير المشع قد تلوث إشعاعيًّا بواسطة الجسم الصلب المشع.
يمكن أن يكون الجسم الصلب مصنوعًا من مواد تتفكَّك أو تتقشَّر بسهولة كبيرة.
في هذه الحالة، فحتى التلامس البسيط مع مثل هذا الجسم، مثل التلامس الذي يحدث مع تيارات الهواء المتدفِّقة، قد يؤدي إلى سقوط شظايا صغيرة من الجسم. وقد تكون هذه الشظايا صغيرة للغاية، لدرجة أن تيارات الهواء المارة تستطيع رفعها وحملها بعيدًا.
نتناول الآن مثالًا آخر يتضمَّن تلوثًا إشعاعيًّا.
مثال ٣: توضيح السبب في كون الأجسام المشعة الصغيرة أكثر خطورة من الأجسام المشعة الكبيرة
أيُّ العبارات الآتية تشرح شرحًا صحيحًا سبب كون الأجسام المُشِعَّة الصغيرة جدًّا أكثر خطورة من الأجسام المُشِعَّة الأكبر؟
- من المُرجَّح حمل الأجسام الصغيرة جدًّا عن طريق الجو أو التيارات المائية عن الأجسام الأكبر.
- تنبعث من الأجسام الصغيرة جدًّا أنواع من الأشعة النووية أكثر خطورة من الأجسام الأكبر.
الحل
لا تُوجَد علاقة عامة بين حجم الجسم المشع وأنواع الإشعاع النووي التي يمكن أن تنبعث منه. تعتمد أنواع الإشعاع النووي المنبعثة من جسم على العناصر التي تمثِّل ذراتها الذرات غير المستقرة في الجسم.
الأجسام المشعة الصغيرة جدًّا ليست أكثر خطورة بسبب أنواع الإشعاعات النووية التي يمكن أن تنبعث منها، أو كمية الإشعاعات النووية التي تنبعث منها.
بل يكمن خطر الأجسام المشعة الصغيرة للغاية في أن هذه الأجسام يمكن أن تلوث الأجسام الأخرى بسهولة أكبر من الأجسام المشعة الأكبر. يرجع ذلك إلى أنه لكي يحدث التلوث يجب أن ينتقل المُلوِّث إلى الجسم الذي يلوِّثه. فالأجسام الصغيرة جدًّا قد تنتقل بسهولة أكبر من الأجسام الأكبر حجمًا.
بذلك نكون قد عرفنا ما المقصود بالتلوث الإشعاعي وبعض الطرق التي يمكن أن يحدث بها.
نتناول الآن حالات التلوث الإشعاعي الناتجة عن النفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية.
تتكوَّن النفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية من:
- وقود مشع مستهلك.
- أجسام تعرَّضت للتلوث الإشعاعي.
من المهم للغاية أن نلاحظ أن جزءًا من النفايات عبارة عن أجسام تم تلويثها إشعاعيًّا.
وهذا يوضِّح أن الجسم الذي تعرَّض لتلوث إشعاعي قد يقوم بدوره بتلويث أجسام أخرى إشعاعيًّا.
لعلنا نتذكَّر أن الجسم الملوَّث إشعاعيًّا قد انتقلت إليه ذرات غير مستقرة. إذن يحتوي هذا الجسم الآن على ذرات غير مستقرة؛ ومن ثَمَّ أصبح هو الآن جسمًا مشعًّا.
تُلحِق النفايات المشعة الضرر بالكائنات الحية، ولهذا يجب التخلُّص منها لتجنُّب تعريض الكائنات الحية لها.
يوضِّح الشكل الآتي جزءًا من منشأة لتخزين النفايات المشعة.
يتم تشييد منشآت تخزين النفايات عميقًا تحت الأرض وفي مواقع بعيدة عن المناطق السكنية.
من الصعب التأكُّد من أن النفايات التي تم التخلُّص منها لا تلوِّث منشأة التخزين إشعاعيًّا.
إذا أصبحت منشأة التخزين ملوثة إشعاعيًّا، فإنها تصبح مشعة. ومن ثَمَّ، يمكن أن تقوم منشأة التخزين بتلويث ما يحيطها إشعاعيًّا، ومن ذلك الهواء والماء المحيطان بها.
يمكن أن ينتشر الماء والهواء الملوَّثان إلى مسافات كبيرة، ويصلان إلى أماكن يمكن أن يتعرَّض فيها كثير من الناس لهما.
تتطلَّب محطات توليد الطاقة النووية ومنشآت تخزين النفايات النووية بشرًا يعملون بها. هؤلاء العمال عُرضة لخطر التلوث الإشعاعي.
يَستخدم العمال المعرَّضون لخطر الإشعاع النووي ملابس واقية. هذا موضَّح في الشكل الآتي.
تمنع الملابس الواقية الأجسام المشعة من ملامسة بشرة العمال، أو هي تَحُول دون استنشاقها.
لكن بعض الأجسام المشعة ينبعث منها إشعاع نووي يمكنه اختراق الملابس الواقية؛ ومن ثَمَّ فإن الحماية التي توفِّرها الملابس محدودة.
نتناول الآن مثالًا يتضمَّن تلوثًا إشعاعيًّا بواسطة نفايات نووية.
مثال ٤: مقارنة الأخطار الناتجة عن النفايات المشعة
ما الذي يُمثِّل الخطر الأكبر عندما يتعرَّض له مُعظَم الناس في العالم جرَّاء وجود كتلة كبيرة من النفايات النووية؛ الإشعاع النووي المُنبعِث من الكتلة أم التلوُّث النووي الناتج عن الكتلة للبيئات المحيطة بها؟
- التلوُّث النووي الناتج عن الكتلة للبيئات المحيطة بها
- الإشعاع النووي المُنبعِث من الكتلة
الحل
افترض أن شخصًا قد وقف بالقرب من كتلة النفايات. من المحتمل أن يؤدي الضرر الناجم عن الإشعاع النووي المنبعث مباشرةً من الكتلة إلى قتل هذا الشخص في وقت أقرب بكثير من الضرر الناجم عن الإشعاع النووي الناتج عن التلوث الإشعاعي بفعل الكتلة.
لكن السؤال لا يتمحور حول شخص واحد يقف بالقرب من كتلة النفايات، بل حول معظم البشر حول العالم.
معظم البشر حول العالم لن يكونوا أبدًا في أي مكان بالقرب من كتلة النفايات هذه، ولن يمتصوا أبدًا أي إشعاع نووي ينبعث من الكتلة. ومع ذلك، يمكن أن تلوِّث كتلة النفايات محيطها. بذلك قد يصبح محيط هذه الكتلة مشعًّا، وينشر المزيد من التلوث حول العالم. وهذا قد يؤثِّر على كثير من الناس حول العالم.
هيا نلخِّص الآن ما تعلَّمناه في هذا الشارح.
النقاط الرئيسية
- التلوث الإشعاعي ليس المقصود به امتصاص الإشعاع النووي.
- تتعرَّض المادة الأقل إشعاعًا إلى التلوث الإشعاعي عند خلطها مع مادة أكثر إشعاعًا.
- أي عملية يتحرَّك فيها جسم يحتوي على ذرات غير مستقرة إلى مكان ليس به جسم آخر يحتوي على ذرات غير مستقرة، تُعَد مثالًا على التلوث الإشعاعي.
- المواد التي يسهل خلطها مع غيرها من المواد، تستطيع تلويث المواد الأخرى بسهولة أكبر.
- يمكن أن تعمل الأجسام المشعة الصغيرة باعتبارها ملوِّثات بسهولة أكبر مقارنةً بالأجسام الأكبر.
- الجسم الذي يتعرَّض للتلوث الإشعاعي يصبح مشعًّا وبمقدوره تلويث غيره من الأجسام.
- تنتج محطات الطاقة النووية نفايات مشعة يجب منعها من تلويث المرافق التي تخزَّن فيها.