شارح الدرس: انحراف الضوء نتيجة مروره بمنشور الفيزياء • الصف الثاني الثانوي

في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نحدِّد تأثير شكل منشورٍ ومعامل انكساره على المسار الذي تتبعه أشعة الضوء.

عندما يمرُّ شعاع ضوء عبر منشور، فإنه ينكسر مرَّتين: مرَّة عند دخول المنشور، ومرَّة أخرى عند الخروج منه. يعمل هذان الانكساران على حرف الشعاع عن مساره الأصلي. ومن خلال بعض التحليلات الهندسية الدقيقة، سنتعرَّف على كيفية اشتقاق معادلة تُمكِّننا من إيجاد الزاوية التي ينحرف بها شعاع الضوء أثناء مروره عبر منشور. وسنعرف ما الذي تعتمد عليه هذه الزاوية، وسنعرف أيضًا كيف يُمكننا أن نجعل هذه الزاوية أصغر ما يُمكِن.

لنبدأ بتسمية هذه الزاوية. سنُطلِق عليها .

في هذا الشكل، مددنا خطَّيِ الشعاع الساقط والشعاع الخارج بخطَّيْن متقطِّعين لكي نتمكَّن من توضيح الزاوية المحصورة بينهما.

لنلقِ نظرةً عن قُرْب على ما يحدث عند مرور شعاع ضوء عبر منشور زجاجي. سنبدأ بتعريف زاوية الرأس على أنها الزاوية عند قمة المنشور.

وسنفترض أيضًا أن المنشور مُحاط بالهواء، وأن معامل انكساره، ، أكبر من معامل انكسار الهواء. تذكَّر أن ؛ ومن ثَمَّ نقول: إن . وينطبق هذا على المنشورات الزجاجية عامَّةً.

عندما يدخل شعاع الضوء المنشور، ويتعرَّض لاختلاف في معامل الانكسار، فإنه ينحرف أو ينكسِر. يُمكننا وصْف انكسار شعاع الضوء بدلالة العمود المُقام على سطح المنشور؛ أي الخط المستقيم المرسوم عموديًّا على سطحه.

تحديدًا، ينكسر الضوء مُقتربًا من العمود المُقام؛ لأن معامل الانكسار يزداد عند دخول الضوء المنشور.

لكنْ عند خروج الضوء من المنشور، يقلُّ معامل الانكسار. وهذا يعني أنه ينكسِر مُبتعدًا عن العمود المُقام عند نقطة خروجه.

يُمكننا أن نلاحِظ أن الانحراف الكلي لشعاع الضوء يرجع لانكسارين: انكسار عند دخوله المنشور، وانكسار عند خروجه منه. وتكون الزاوية الكلية للانحراف، ، هي الزاوية بين المسار الذي تبعه الشعاع قبل دخوله المنشور، والمسار الذي يتبعه الشعاع بعد خروجه من المنشور. إنَّ هدفنا في الجزء الأول من هذا الشارح هو اشتقاق صيغة لـ بدلالة زاوية الرأس وبعض الزوايا الأخرى.

في البداية، هناك أربع زوايا علينا تعريفها:

• : زاوية السقوط عند دخول الشعاع إلى المنشور.
• : زاوية الانكسار عند دخول الشعاع إلى المنشور.
• : زاوية السقوط عند خروج الشعاع من المنشور.
• : زاوية الانكسار عند خروج الشعاع من المنشور.

وفقًا لاصطلاحنا، فإن يُشير إلى زوايا السقوط، و يُشير إلى زوايا الانكسار. ويُشير العدد 1 إلى النقطة التي يدخل عندها الضوء إلى المنشور، ويُشير العدد 2 إلى النقطة التي يخرج منها الضوء من المنشور.

تذكَّر أن زاويتي السقوط وزاويتي الانكسار تُقاسان من العمود المُقام على السطح.

لدينا الكثير من التفاصيل هنا، لكنْ يُمكننا ملاحَظة أن الخطوط التي رسمناها قد كوَّنت مثلثًا في منتصف المنشور يتكوَّن من خطٍّ وردي متَّصِل وخطَّيْن متقطِّعين باللون الوردي. سنركِّز على هذا المثلث. دعونا ننظر إليه عن قُرْب.

بالنظر إلى الزوايا الداخلية للمثلث المتكوِّن هنا، نجد أن لدينا طريقة للتعبير عن الزاوية ألفا بدلالة الزوايا الأخرى التي عرَّفناها. في البداية، يُمكننا أن نلاحِظ أن الزاوية ، والزاوية الداخلية عند قمة المثلث تشكِّلان خطًّا مستقيمًا. هذا يعني أن قياس الزاوية الداخلية عند قمة المثلث لا بدَّ أن يساوي .

والآن دعونا نلقِ نظرةً على الزاوية الداخلية على يسار هذا المثلث. يُمكننا إيجاد تعبير لهذه الزاوية بالعودة إلى زاويتي السقوط والانكسار عند نقطة دخول شعاع الضوء إلى المنشور (، ).

هي الزاوية المحصورة بين الشعاع الساقط والعمود المُقام. يُمكننا كتابة هذه الزاوية داخل المنشور أيضًا.

عند القيام بذلك، يُمكننا ملاحَظة أن الزاوية الداخلية على يسار المثلث تساوي الفرق بين ، ؛ أيْ تساوي . والآن، بعد أنْ أوجدنا تعبيرًا لهذه الزاوية، يُمكننا التفكير في الزاوية الداخلية الأخيرة لهذا المثلث الواقعة على اليمين. سنعود إلى زاويتي السقوط والانكسار عند نقطة خروج الشعاع من المنشور (، ).

هي الزاوية المحصورة بين الشعاع المنكسر والعمود المُقام عند نقطة خروج الشعاع من المنشور. مرَّة أخرى، يُمكننا كتابة هذه الزاوية داخل المنشور.

والآن يُمكننا ملاحَظة أن الزاوية الداخلية المتبقِّية من المثلث تساوي .

بعد أنْ توصَّلنا إلى تعبيرات لهذه الزوايا، يُمكننا الربط بينها بملاحَظة أن مجموع الزوايا الداخلية في المثلث يساوي دائمًا °180. وهذا يعني أن:

يُمكننا تبسيط هذه المعادلة بطرح من طرفَيِ المعادلة ثم إعادة ترتبيها لجعل في طرف بمفرده:

هذه نتيجة مُهِمَّة؛ لأنها تربط بالزوايا الأخرى التي تنشأ عن انتقال الضوء عبر المنشور. لكنْ تذكَّر أننا نريد التعبير عن بدلالة هندسة المنشور نفسه، وتحديدًا زاوية الرأس . ولفعل ذلك، علينا التفكير في شكلٍ آخَر.

دعونا نفكِّر في الشكل الرباعي الناتج عن الْتقاء العمودين المُقامين مع أجزاء من أوجه المنشور.

مرَّة أخرى، سنفكِّر في الزوايا الداخلية لهذا الشكل. الزاوية في الأعلى هي زاوية رأس المنشور، . كما نعرف أيضًا أن الزاويتين الداخليتين على اليسار واليمين متساويتان، وكلًّا منهما قياسها يساوي ؛ وذلك لأن هاتين الزاويتين ناشئتان من الْتقاء أوجه المنشور بالخطوط العمودية على هذه الأوجه. بهذا يصبح لدينا زاوية واحدة مجهولة، وهي الزاوية الداخلية أسفل الشكل الرباعي. نُسمِّي هذه الزاوية .

يُمكننا تكوين علاقة بين هاتين الزاويتين بتذكُّر أن مجموع الزوايا الداخلية في الشكل الرباعي يساوي دائمًا °360. إذن:

بطرح من طرفَيِ المعادلة، نحصل على:

تذكَّر أن هدفنا هنا هو التعبير عن زاوية الانحراف بدلالة زاوية الرأس . ولفعل ذلك، علينا أن نكون قادرين على التعبير عن بدلالة بعض زوايا السقوط والانكسار؛ أي بدلالة بعض من ، ، ، التي عبَّرنا عن بدلالتها من قبلُ.

يُمكننا فعل ذلك بالتعبير عن بدلالة زاويتَيِ السقوط والانكسار. ولعمل ذلك، يُمكننا تقسيم هذا الشكل الرباعي إلى مثلثين والعودة إلى شعاع الضوء الساقط على المنشور.

بالنظر إلى الزاويتين الداخليتين في المثلث السُّفلي، نَجِد أننا قد أسمَيْنا الزاويتين الأخريَيْن غير . على اليسار، لدينا زاوية الانكسار عند دخول شعاع الضوء إلى المنشور، وهي الزاوية ، وعلى اليمين، لدينا زاوية السقوط عند خروج شعاع الضوء من المنشور، وهي الزاوية .

مرَّة أخرى، يُمكننا استخدام حقيقة أن مجموع الزوايا الداخلية في المثلث يساوي ، لكتابة المعادلة:

بجعْل في طرف بمفرده، نحصل على: ، لقد حصلنا على تعبير لـ يُمكننا التعويض به في المعادلة: التي أوجدناها من قبلُ.

بإجراء التعويض، نحصل على:

والآن نكون قد وصلنا إلى هدفنا تقريبًا. علينا فقط التعويض بهذا التعبير عن زاوية الرأس، ، في التعبير الأصلي لزاوية الانحراف :

لإجراء هذا التعويض، علينا أولًا إعادة ترتيب الحدود لتصبح:

بعد ذلك، نأخذ العامل المُشترَك من الحدَّيْن الأخيرين:

نلاحِظ الآن أن الحدَّيْن داخل القوسين يطابقان تعبير زاوية الرأس . هذا يعني أنه بإمكاننا التعويض عنهما بـ :

وبذلك، نكون قد حقَّقنا هدفنا، وهو التعبير عن زاوية الانحراف، ، بدلالة زاوية الرأس، ، وأيضًا زاوية السقوط عند دخول الشعاع إلى المنشور، ، وزاوية الانحراف عند خروج الشعاع من المنشور، .

مثال ١: تحديد الزوايا الناشئة عن مرور شعاع ضوئي عبر منشور زجاجي

يوضِّح الشكل مسار شعاع ضوئي يمرُّ بمنشور ثلاثي. قياس زاوية رأس المنشور . ما قياس الزاوية ؟ قرِّب إجابتك لأقرب درجة.

الحل

للإجابة عن هذا السؤال، سنستخدم الطريقة الهندسية نفسها التي استخدمناها لاستنتاج معادلة زاوية انحراف المنشور. في هذا السؤال، زاوية رأس المنشور تُسمَّى ، ولدينا أيضًا زاوية أخرى تُسمَّى . تَنتُج هذه الزاوية من تقاطع العمودين المُقامين على سطح المنشور عند نقطتَيْ دخول الشعاع الضوئي إلى المنشور وخروجه منه. يمثَّل هذان العمودان المُقامان على الشكل بخطَّيْن متقطِّعين.

للإجابة عن هذا السؤال، نعرف أولًا أن الخطَّيْن المتقطِّعين عموديان على سطح المنشور. وهذا يعني أن كلًّا منهما يصنع زاوية قياسها على الشكل.

في هذا الشكل، يُمكننا أن نرى شكلًا رباعيًّا يَنتُج من الْتقاء العمودين المُقامين بالجزء العُلوي من المنشور.

يُمكننا الإجابة عن السؤال بتذكُّر أن مجموع الزوايا الداخلية لأيِّ شكلٍ رباعي يساوي . وهذا يُتيح لنا كتابة معادلة تتضمَّن الزوايا الداخلية للشكل الرباعي الموضَّح باللون الأصفر؛ حيث:

يُمكننا تبسيط المعادلة، وإعادة ترتيبها لجعْل في طرف بمفرده:

كلُّ ما علينا فعله الآن هو التعويض بـ ، وهو ما نعرفه من المُعطيات، فنحصل على:

بعد ذلك، دعونا نلقِ نظرةً على كيفية إيجاد تعبير لزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف، ، التي يُسبِّبها المنشور. توضِّح لنا المعادلة التي اشتققناها أن يعتمد على ، ، :

زاوية رأس المنشور الواحد ثابتة. وهذا يعني أن يُعَدُّ ثابتًا في هذه المعادلة. بالإضافة إلى ذلك، يربط معامل انكسار المنشور، ، بين زاوية الانكسار النهائية، ، وزاوية السقوط الابتدائية، . وهذا يعني أنه بالنسبة إلى المنشور الواحد، فإن المتغيِّر الوحيد الذي تعتمد عليه هو زاوية السقوط الابتدائية .

بعبارة أخرى: يُمكننا الحصول على المدى الكامل لقِيَم المحتملة بتغيير زاوية السقوط عند دخول الشعاع إلى المنشور. يُمكننا تخيُّل أننا نغيِّر زاوية السقوط هذه ، ونرسم زاوية الانحراف الناتجة على تمثيل بياني. يَنتُج عن ذلك منحنًى مثل هذا.

يُمكننا ملاحَظة أن زاوية الانحراف، ، تَصِل إلى أصغر قيمة لها عند قيمة معيَّنة لـ . يُمكننا أن نُسمِّي زاوية الانحراف الصُّغرى هذه زاوية النهاية الصُّغرى للانحراف، ، ويُمكننا أن نُسمِّي زاوية السقوط المقابِلة لزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف .

من إحدى خصائص شعاع الضوء الذي ينحرف بزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف أثناء مروره بالمنشور هو أن هذا الشعاع يكون موازيًا لقاعدة المنشور أثناء مروره به.

لنلقِ نظرةً الآن على زاوية السقوط الابتدائية وزاوية الانكسار النهائية. لقد أسمَيْنا هاتين الزاويتين من قبلُ بـ ، ، ولكنَّنا هنا سنُسمِّيهما ، ، للإشارة إلى أنهما تتوافقان مع وضْع النهاية الصُّغرى للانحراف.

بما أن المنشور متماثِل والشعاع داخل المنشور موازٍ لقاعدة المنشور، نستنتج أن ، متساويان:

يُمكننا الآن كتابة حالة خاصة من المعادلة التي أوجدناها من قبلُ:

تنطبق هذه المعادلة تحديدًا على الحالة التي ينحرف فيها شعاع الضوء بزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف.

في هذه الحالة تحديدًا، سنعوِّض بـ ، ، في المعادلة السابقة. هذا يعطينا:

بمعرفة أن ، متساويان، يُمكننا التعويض عن بـ :

بإعادة ترتيب المعادلة لجعْل في طرف بمفرده، نحصل على:

مثال ٢: تحديد زاويتي السقوط والانكسار في حالة انحراف شعاع ضوئي بزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف

يوضِّح التمثيل البياني كيفية تغيُّر زاوية انحراف المنشور الثلاثي الموضَّح في الشكل مع زاوية سقوط الأشعة الضوئية عليه.

1. إذا كانت ، زاوية الانحراف، لها أصغر قيمة، فأيٌّ من الزوايا في الشكل يساوي الزاوية ؟
2. إذا كانت ، زاوية الانحراف، لها أصغر قيمة، فأيٌّ من الزوايا في الشكل يساوي الزاوية ؟

الحل

الجزء الأول

في هذه المسألة، مطلوبٌ منَّا التفكير في الحالة الخاصة المُسمَّاة بالنهاية الصُّغرى للانحراف؛ أيْ عندما يكون لـ أصغر قيمة. ولكي نُجيب عن هذا السؤال، علينا أولًا أن نتذكَّر أنه عند انحراف الشعاع الضوئي بزاوية النهاية الصُّغرى للانحراف، فسيكون الشعاع موازيًا لقاعدة المنشور عند مروره به.

وفي الواقع، هذا يعني أن مسار الشعاع متماثِل حول خطِّ تماثلٍ رأسي في منتصف المنشور. بمعرفة ذلك، يُمكننا حلُّ هذا السؤال مباشرة.

في الجزء الأول من السؤال، نريد إيجاد الزاوية التي تساوي الزاوية ، التي نلاحِظ أنها زاوية السقوط عند دخول الشعاع إلى المنشور. بمعرفة أن الشكل متماثِل في وضْع النهاية الصُّغرى للانحراف، يُمكننا أن نلاحِظ أن هذه الزاوية لا بدَّ أن تساوي زاوية الانكسار عند خروج الأشعة من المنشور، .

الجزء الثاني

مرَّة أخرى، يُمكننا الإجابة عن هذا السؤال بمعرفة أن المنشور والشعاع الضوئي متماثِلان في وضْع النهاية الصُّغرى للانحراف. وبملاحَظة ذلك، نجد أن لا بدَّ أن تساوي الزاوية المقابِلة على يمين المثلث. وهي زاوية الانكسار عند نقطة خروج الشعاع من المنشور، .

ثمَّة معادلة مُفيدة أخرى تعبِّر عن معامل انكسار المنشور، ، بدلالة زاوية النهاية الصُّغرى للانحراف، ، وزاوية الرأس، . إن معامل الانكسار يَصِف مدى انكسار الشعاع عند دخوله وسطًا أو خروجه منه وصفًا تامًّا؛ ومن ثَم يُمكِن اشتقاق هذه المعادلة باستخدام قانون سنل، لكنَّنا لن نفكِّر في هذا الاشتقاق هنا. وإليكم المعادلة:

في بعض الحالات، يُمكننا استخدام صورة مبسَّطة لهذه المعادلة. تحديدًا، إذا كانت زاوية الرأس صغيرة؛ أيْ إنْ كان المنشور رقيقًا، يُمكننا استخدام المعادلة الآتية:

دعونا نلقِ نظرةً على بعض الأمثلة التي يُمكن حلُّها باستخدام هاتين المعادلتين.