في هذا الشارح، سوف نتعلَّم كيف نتعرَّف على فرق الجهد الكهربي، وكيف يمرُّ تيار ناتِج عن وجود فرق جهد كهربي عبر مكوِّن في دائرة كهربية.
فرق الجهد الكهربي (أو ببساطة «فرق الجهد») هو أحد أهم المفاهيم التي نستخدمها عند التحدُّث عن الطاقة الكهربية. ومن الضروري فهْم فرق الجهد إذا أردْنا وصْف آلية عمل الدوائر أو الأجهزة الكهربية.
ولفهْم فرق الجهد، علينا أن نُلقِي نظرة على كيفية تدفُّق الشحنة الكهربية في مواد معيَّنة. تعتمد الأجهزة الكهربية على تدفُّق الشحنة الكهربية عبر مكوِّناتها. ويُسمَّى تدفُّق الشحنة الكهربية هذا بالتيار الكهربي. أمَّا بالنسبة إلى المواد التي تسمح بمرور التيار الكهربي عبرها (مثل النحاس)، فتُعرَف باسم الموصِّلات.
دعونا نُلقِ نظرةً فاحِصة على آلية عمل الموصِّلات. يتكوَّن الموصِّل من نوًى ذرية موجبة الشحنة (موضَّحة باللون الأحمر)، وإلكترونات سالبة الشحنة (موضَّحة باللون الأزرق). والنوى الذرية ثابتة في موضعها.
لنتذكَّر أن الأجسام التي لها شحنات كهربية متضادَّة يجذب بعضُها بعضًا، بينما تتنافر الأجسام التي لها الشحنات الكهربية نفسها. وفي كثير من المواد، تنجذب الإلكترونات السالبة بقوة للنوى الموجبة، وهو ما يعني أن كلَّ إلكترون يظلُّ مرتبطًا بإحدى النوى الثابتة برابطة قوية. لكنَّ هذا لا ينطبق على الموصِّلات! تحتوي الموصِّلات على إلكترونات يُمكنها التحرُّك بحرِّية. بعبارة أخرى: عندما نقول إن تيارًا يمرُّ في الموصِّل، فإننا نعني أن الإلكترونات تتدفَّق عبره.
جميع الإلكترونات سالبة الشحنة، وهو ما يعني أنها متنافِرة بعضها من بعض. وهذا يعني أنها تميل إلى الانتشار والابتعاد بعضها عن بعض قدْر الإمكان.
نحن نعلم أن تدفُّق الإلكترونات أمرٌ ضروريٌّ للأجهزة الكهربية. لكنْ ما الذي يتسبَّب في تدفُّق الإلكترونات؟ لنتخيَّل أننا أضفْنا بعض الإلكترونات إلى الطرف الأيسر من الموصِّل.
والآن بعد أنْ أضفْنا عددًا من الإلكترونات، يُمكننا ملاحَظة أنها «تجمَّعت» ناحية اليسار. وبما أن جميع هذه الإلكترونات متنافِرة، فإنها تنتشر ليبتعد كلٌّ منها عن الآخَر. وعلى الرغم من أن الإلكترونات قد تتحرَّك كلُّ إلكترون بمفرده بأعداد مختلفة وفي اتجاهات مختلفة، فإن الإلكترونات تتدفَّق إجمالًا من اليسار إلى اليمين.
(يُمكننا أن نتذكَّر هنا أننا عادة ما نتحدَّث في الفيزياء عن «التيار الاصطلاحي». يُعرَّف التيار الاصطلاحي بأنه التيار الذي يسير في الاتجاه المعاكِس للتدفُّق الفعلي للإلكترونات. إذن يُخبرنا هذا المثال أن الإلكترونات تتدفَّق ناحية اليمين، وهو ما يعني أن اتجاه التيار الاصطلاحي يكون ناحية اليسار.)
لكن ما علاقة كلِّ هذا بفرق الجهد؟ حسنًا، عندما «تتجمَّع» الإلكترونات، لاحَظنا أنها تنتشر انتشارًا طبيعيًّا لملء الفجوات الموجودة بالتساوي. ونتيجة لذلك، تتحرَّك من اليسار إلى اليمين. وعندما تُدفَع الإلكترونات من نقطة إلى أخرى، يُمكننا القول إنه يتولَّد فرق جهد بين هاتين النقطتين. بعبارة أخرى: يُعبِّر فرق الجهد عن شدَّة اندفاع الإلكترونات من نقطة إلى أخرى.
ويُقاس فرق الجهد دائمًا بين نقطتين. وعندما يتولَّد فرق جهد بين نقطتين، تتدفَّق شحنة كهربية من إحدى النقطتين إلى الأخرى. في هذا المثال، «تجمُّع» الإلكترونات المتنافِرة يعني تولُّد فرق جهد بين الطرف الأيسر والطرف الأيمن من الموصِّل.
وفي هذه الحالة، بمجرد أن تتحرَّك الإلكترونات وتنتشر تلقائيًّا، لم يَعُدْ هناك ما يَدفَعها إلى التدفُّق في أيِّ اتجاه. وهذا يعني أنه بمجرد حدوث ذلك، أيْ تحرُّك الإلكترونات، لا يكون هناك فرق جهد بين طرفَيِ الموصِّل.
مثال ١: وصْف تأثيرات فرق الجهد داخل الموصِّل
توضِّح الصورة الإلكترونات والنوى الذرية في مقطع من سلك نحاسي. تمثِّل الدوائر الزرقاء الإلكترونات، وتمثِّل الدوائر الحمراء النوى الذرية.
طُبِّق فرق جهد كهربي بين الطرف الأيسر والطرف الأيمن للسلك. أيُّ العبارات الآتية تَصِف ما يحدث في السلك؟
- لن يحدث شيء.
- تتحرَّك الإلكترونات خارج السلك.
- تتحرَّك الإلكترونات في اتجاه مركز السلك.
- تتحرَّك الإلكترونات في اتجاه أحد طرفَيِ السلك.
الحل
أولًا: علينا الانتباه أن الأسلاك عبارة عن موصِّلات. هذا يعني أن الإلكترونات الموجودة في السلك تتحرَّك بحُرِّية عبرها.
بالنظر إلى الشكل، يُمكننا أن نلاحِظ أن الإلكترونات موزَّعة بالتساوي، إلى حدٍّ ما، عبر الموصِّل. هذا يعني أنه بالنظر إلى الشكل فقط، يُمكننا الافتراض أنه لن يحدث شيء.
لكن، في هذا السؤال، قيل لنا إن فرق جهد طُبِّق بين الطرف الأيسر والطرف الأيمن للموصِّل. ونحن لسنا بحاجة إلى معرفة سبب وجود فرق الجهد هذا. ولكنْ، للإجابة عن هذا السؤال، علينا معرفة كيفية تأثير فرق الجهد على الإلكترونات في الموصِّل.
دعونا نسترجع أن فرق الجهد يُقاس دائمًا بين نقطتين. وجود فرق جهد بين هاتين النقطتين يعني أن التيار سيتدفَّق من نقطة إلى أخرى، إنْ أمْكن.
تكفي حقيقة وجود فرق جهد بين الطرفين لأن نستنتج أن الإلكترونات تتدفَّق من أحد طرفَيِ السلك إلى الآخَر إذا تمكَّنَتْ من ذلك ولم يَمْنعْها شيء. إذن تتحرَّك الإلكترونات ناحية أحد طرفَيِ السلك، وهو ما يعني أن الاختيار (د) هو الصحيح.
مثال ٢: تحديد اتجاه التيار الناتِج عن فرق جهد
توضِّح الصورة الإلكترونات والنوى الذرية في مقطع من سلك نحاسي. تمثِّل الدوائر الزرقاء الإلكترونات، وتمثِّل الدوائر الحمراء النوى الذرية.
طُبِّق فرق جهد كهربي بين الطرف الأيسر والطرف الأيمن للسلك. أدَّى ذلك إلى مرور تيار كهربي فيه. أيُّ الأسهم يوضِّح اتجاه التيار المار في السلك؟
الحل
يُخبرنا هذا السؤال أن فرق جهد قد طُبِّق بين الطرفين الأيسر والأيمن للسلك الموضَّح. وجود فرق جهد بين نقطتين يعني أن الإلكترونات ستتدفَّق من نقطة إلى الأخرى. بعبارة أخرى: سيمرُّ تيار من إحدى النقطتين إلى الأخرى.
في هذه الحالة، بما أنه يُوجَد فرق جهد بين طرفَيِ السلك، فإننا نعلم أن هذا سيولِّد تيارًا يمرُّ من أحد طرفَيِ السلك إلى الطرف الآخَر. لكننا لا نعرف الاتجاه الذي سيتَّخِذه: اليمين أم اليسار.
وبالنظر إلى الاختيارات، نستنتج أنه يُمكننا استبعاد الاختيار «إلى اليسار». ومن ذلك نستنتج أن الإجابة الصحيحة هي الاختيار (۳): يتدفَّق التيار إلى اليمين.
يُقاس فرق الجهد بالفولت. ويُستخدَم الرمز لتمثيله في المعادلات. ويُشار إليه عادة بكلمة «الجهد» فقط.
يُوجَد بعض الأجهزة التي يُمكنها إنتاج فرق جهد. أحد الأجهزة الأكثر شيوعًا في الفيزياء هو البطارية. يُمكننا التفكير في البطارية باعتبارها جهازًا يَدفَع الإلكترونات خارج أحد الطرفين ويَجذِبها من الطرف الآخَر.
إذا وصَّلنا طرفَيْ بطارية بسلك موصِّل، كما هو موضَّح في مخطَّط الدائرة الكهربية الآتي، يتولَّد تيار كهربي يسير في الاتجاه الذي توضِّحه الأسهم.
يوضِّح الشكل الآتي الدائرة الكهربية نفسها بعد توصيلها بمصباح.
عند توصيل مصباح بهذه الدائرة الكهربية، يولِّد فرق الجهد بين طرفَيِ البطارية تيارًا يمرُّ عبر المصباح، فيُضيء المصباح.
عند تطبيق فرق جهد في أيِّ دائرة كهربية، تبذل البطارية شغلًا على الإلكترونات التي تمرُّ في الدائرة. هذا يعني أنه لا بدَّ أن تزوِّد البطاريةُ الإلكتروناتِ بطاقةٍ لكي تتحرَّك هذه الإلكترونات عبر الدائرة. يَصِف مقدار فرق الجهد، المَقيس بالفولت، كمية الطاقة المبذولة على كلِّ وحدة شحنة تتدفَّق عبر الدائرة.
يُمكن التعبير عن الفولت أيضًا في صورة جول (وحدة قياس الطاقة) لكلِّ كولوم (وحدة قياس الشحنة):
هذا يعني، على سبيل المثال، أن بطاريةً فرقُ الجهد بين طرفَيْها ٩ فولت تولِّد طاقة مقدراها ٩ جول لكلِّ شحنة كهربية متدفِّقة بالكولوم عبر الدائرة الكهربية. وكلما زاد فرق الجهد بين طرفَيِ البطارية، زاد الشغل الذي تبذله البطارية على كلِّ وحدة شحنة، وهو ما يعني زيادة قدْرتها على دفْع الإلكترونات، وهو ما يؤدِّي إلى زيادة شدَّة التيار المتولِّد عنها.
النقاط الرئيسية
- يُقاس فرق الجهد الكهربي دائمًا بين نقطتين. وهو يعبِّر عن شدَّة اندفاع الإلكترونات من نقطة إلى أخرى.
- تتحرَّك الإلكترونات بحُرِّية عبر الموصِّل. وإذا تولَّد فرق جهد بين نقطتين متَّصِلتين بموصِّل، تتدفَّق شحنة كهربية من إحدى النقطتين إلى الأخرى.
- يُقاس فرق الجهد بالفولت، ويُشار إليه بالرمز .
- يُمكننا أيضًا التفكير في فرق الجهد باعتباره كمية الطاقة اللازمة لتحريك شحنة كهربية مقدارها فولت بين نقطتين. حيث فولت واحد يُكافئ جول واحدًا لكل كولوم.